fbpx

إيران: أطفال السجينات أيضاً محكومون بالحبس

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في الأيام الأخيرة، تم تداول خبر عن إمكان نقل السجينات ممن لديهنّ أطفال (دون السادسة) إلى سجون مفتوحة، إذ أعلنت معصومة ابتكار نائب رئيس الجمهورية لشؤون المرأة والأسرة عن متابعة خطة تسهّل ظروف السجينات الأمّهات وأطفالهنّ.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في الأيام الأخيرة، تم تداول خبر عن إمكان نقل السجينات ممن لديهنّ أطفال (دون السادسة) إلى سجون مفتوحة، إذ أعلنت معصومة ابتكار نائب رئيس الجمهورية لشؤون المرأة والأسرة عن متابعة خطة تسهّل ظروف السجينات الأمّهات وأطفالهنّ.

لسنوات عدة، أصبحت مسألة وجود أطفال في أجنحة النساء في السجون موضوعاً للمناقشة، وشاركت فيه مؤسّسات وأفراد، مثل “منظمة الطفل”، و”منظمة الرعاية الاجتماعية”، و”مؤسسة السجون”، و”الجمعية الخيرية لحماية السجناء”، وعلماء النفس، وعلماء الاجتماع، ونواب في البرلمان.

“لا أعرف ماذا أفعل. من جهة، أريد لفلذة كبدي أن تكون إلى جانبي، لكن في الوقت ذاته، لا أريد لها أن تترعرع في هذه البيئة، مذ ولدت ابنتي وجاءت إلى هذا العالم، لم تر سوى نساء سجينات، وهنّ بطبيعة الحال ليسن في عمرها، وهي إلى الآن لم تذهب إلى حديقة، عالمها هو هذه الجدران وهذه القضبان”. هذه الكلمات لزهرة وهي أم سجينة.

طبقاً للقانون الإيراني، فإنّ الطفل وحين بلوغه العامين يتم تحويله إلى قسم الرعاية الاجتماعية، حيث ينصّ القانون التنفيذي لمنظمة السجون في المادة 69 في في حالة واحدة أن تبقي السجينات أطفالهنّ إلى جانبهنّ لمدة عامين، ومع ذلك وبسبب عدم وجود الرقابة اللازمة على السجون، لا تتم مراعاة هذا القانون. فوفقاً لتقرير لنادي الصحافيين الشباب لعام 2013، فإنّ هناك أطفالاً تتراوح أعمارهم بين 3 و6 سنوات في السجن أيضاً.

تقول معصومة جنكي مديرة سجن النساء في إقليم خراسان الجنوبي شرق إيران: “في حدود عام 2000، كان هناك بعض الأطفال بعمر 12 سنة في السجون أيضاً. للأسف، لا إحصاءات رسمية حول أعداد هؤلاء الأطفال”.

طبقاً للقانون الإيراني، فإنّ الطفل وحين بلوغه العامين يتم تحويله إلى قسم الرعاية الاجتماعية، حيث ينصّ القانون التنفيذي لمنظمة السجون في المادة 69 في في حالة واحدة أن تبقي السجينات أطفالهنّ إلى جانبهنّ لمدة عامين

“مؤسّسة السجون” ترفض تقديم إحصاءات دقيقة، لكن محمد نفريه من مديرية شؤون الأطفال والشباب في منظمة الرعاية الاجتماعية والإصلاح في إيران كان صرّح بأنّ حوالى 430 طفلاً موجودون في السجون، ومع ذلك، فإنّ محمد جواد فتحي، وهو النائب عن “التيار الإصلاحي” وممثل العاصمة طهران في مجلس الشورى الإسلامي، قال في حزيران/ يونيو 2017 أنّ عدد الأطفال أكثر من 2000.

وصف فتحي وجود هذا العدد من الأطفال في السجون بالكارثي والذي تنبغي إعادة النظر فيه، ودعا مؤسّسة السجون إلى تقديم إحصاء شفاف عن عدد النساء السجينات مع أبنائهنّ، وأضاف: “إخفاء الإحصاءات لا يحلّ المشكلة، وكيفما كان الأمر، فإنّ الرقم أعلاه مؤسف”.

الوضع في إيران والتجارب العالمية

من البديهي أن يكون وجود الأطفال الرضّع أو حين الولادة في بيئة مثل السجن العام للنساء مع السجينات الأخريات، مؤثراً في سلامتهم وصحتهم الجسدية والنفسية. في أحوال كهذه وفي بعض البلدان، فإنّه يتم تقديم حلول لهؤلاء الأمهات السجينات، بحيث يضعونهنّ بعيداً من السجن العام وبيئته.

ومع ذلك فقد ذكر تقرير صدر أخيراً أثناء زيارة إلى سجن “قرتشك” للنساء والذي يقع في صحراء في شرق طهران، أنّ الأطفال كانوا يفرّون حين رؤية زائرين رجال، ويختبئون في الزوايا، لأنّهم حين يكبرون في كنف أمهاتهم السجينات في ظروف غير طبيعية ولا يرون سوى جنس واحد، فمن الطبيعي أن يؤثّر ذلك في سلوكهم، وبعض هؤلاء الأطفال لم ير سيارة في حياته، ويضطربون كثيراً ويخافون من الركوب فيها.

في كتابه “منهج حقوق الإنسان لإدارة السجون” يقول آندرو كويل: “في الحالة التي سيقبع فيها الطفل مع الأم في السجن، يجب أن يكونا في وحدة أو مكان يمكنهما فيه العيش معاً. وطيلة مدة وجود الطفل في السجن مع أمّه، يجب أن تكون تربيته طبيعية قدر الإمكان، ولا ينبغي على الطفل أن ينمو مقيّداً بسبب سجن أمّه”. بالنظر إلى ذلك، يعتبر البعض أنّ إنشاء رياض أطفال خارج السجن، يعدّ حلاً بديلاً من الاستمرار في السجن العام.

وقال مصطفى محبي، المدير العام السابق لسجون طهران، في مقابلة حيال ذلك: “بما أنّ القانون، باستثناء بعض الحالات الخاصة والمحدودة، لا يسمح للسجينات بالخروج من السجن، لذا فإنّه لا يمكن بناء رياض أطفال خارج السجن ونقل الأم إلى خارج السجن لزيارة الطفل، لذا يجب أن تُبنى رياض أطفال داخل السجن”.

إلا أنّه ثمة مشكلات في إنشاء رياض أطفال داخل السجن أيضاً، منهت شروط الرعاية فيها، إذ يتطلب إنشاء روضة، وجود 10 أطفال على الأقلّ، ومن ناحية أخرى، فحتى مديرية الرفاه الاجتماعي لا تملك إحصاءات دقيقة حول أعداد الأطفال في السجون، ومن الصعب عملياً التحقّق من عدد الأطفال والامتثال لمتطلبات الرعاية من دون إحصاءات.

روضة أطفال داخل السجن

والسؤال الذي يمكن طرحه هنا هو: إلى أيّ مدى يمكن أن تكون السجون الإيرانية والتي لا تستوفي الحدّ الأدنى من المعايير للمحتجزين مناسبة لرعاية الأطفال؟ يرى نشطاء في حقوق الطفل أنّ بناء روضة أطفال داخل السجن أمر غير مجدٍ، كما يرى النشطاء أنّه ينبغي عزل الأم والطفل خارج أجنحة السجن العامة بشكل كامل، ومنحهم ساعات بعيداً من قلق السجن واضطراباته.

ووصف نائب رئاسة شؤون المرأة والأسرة شهيندخت مولاوردي ظروف أطفال السجون قاسية، وأضاف: “يتم الاحتفاظ بهؤلاء الأطفال في الحجر الصحي عند دخول الحضانة ومراكز الرعاية ويعانون الكثير من الأضرار في نموّهم وشخصياتهم”.

“في الحالة التي سيقبع فيها الطفل مع الأم في السجن، يجب أن يكونا في وحدة أو مكان يمكنهما فيه العيش معاً. وطيلة مدة وجود الطفل في السجن مع أمّه، يجب أن تكون تربيته طبيعية قدر الإمكان، ولا ينبغي على الطفل أن ينمو مقيّداً بسبب سجن أمّه”.

تقول فريبا بياباني وهي تعمل حاضنة أطفال في سجن مدينة ري: “إنّ تحويل الأطفال بعد بلوغهم السنتين إلى الرعاية له مشكلاته أيضاً، فهو قد يبعث القلق والاضطراب وخوف الانفصال لدى هؤلاء الأطفال”.

يقول حامد فرمند أحد ناشطي حقوق الطفل: “من بين 6 رياض أطفال تم إنشاؤها في السجون، ثمة واحدة فقط تحظى بالرعاية، لكن لا يستطيع المرء حتى التأكد من المعايير المتبعة لرعاية هؤلاء الأطفال، ويتم الحديث عن إنشاء رياض أطفال أخرى في السجون، تتحدث عنها نشرات الأخبار، لكنّها لا تزال مجرد أخبار”.

التغذية والسلامة

إن سوء التغذية أو التغذية غير المناسبة، من القضايا المثيرة للقلق في ما يخصّ هؤلاء الأطفال في بيئة السجن، وغالباً ما يتمّ التغاضي عن أهميتها للأمهات الحوامل والمرضعات أيضاً، إذ يؤدي نقص الفيتامينات، وسوء التغذية، وقلة التعرّض للضوء، وساعات الخروج إلى الهواء المحدودة، إلى بروز مشكلات جسدية، تؤدي أحياناً إلى الكآبة والضمور عند الأمهات والأطفال.

شروط رعاية هؤلاء الأطفال تسبب مشكلات عدة متعلّقة بالنمو الطبيعي، وبخاصة في السنوات الأولى والحاسمة في تربيتهم، إضافة إلى مشكلات متعلّقة بالارتباط الآمن بهؤلاء الأطفال.

سيتأثر هؤلاء الأطفال بمعظمهم بعد دخولهم إلى المدرسة، وسيصابون بمشكلات متعلقة بالتنفس، ويمكن أن تظهر مشكلات ترافقهم طيلة حياتهم. فقد أظهر تقرير نشر في موقع “همشهري أونلاين” عام 2017، بناء على دراسة أجريت عام 2003 على الأطفال الذين كبروا في السجون ارتفاعاً في الأمراض الجسدية والنفسية بين أطفال السجون.

ووفقاً للدراسة ذاتها، فإنّ 33 في المئة من أطفال السجون يعانون من مشكلات سلوكية وأخرى متعلّقة بالنطق، كما يعاني ثلث هؤلاء الأطفال من اضطرابات نفسية من خفيفة إلى شديدة الحدة. من ناحية أخرى، فإنّ بعض الأمراض كالتهاب المسالك البولية شائعة بين هؤلاء الأطفال.

وشوهدت علامات سوء معاملة هؤلاء الأطفال بنسبة 13 في المئة، ومن القضايا الأخرى التي تؤكد أهمية إبقاء هؤلاء الأطفال في بيئة منفصلة تماماً عن الجناح العام، الاعتداء الجسدي والجنسي المحتمل في السجون من قبل السجّانين للضغط على السجينات.

وأشار علي أكبري مدير مكتب التدابير التعليمية والأمنية في مؤسسة السجون في مقابلة، إلى أنّ الكثير من أطفال السجون تعرّضوا للأذى، ما يُشير إلى انعدام الأمن الكافي للأطفال في سجون النساء. ويقول الدكتور محمد رضا إسلامي، طبيب نفسي مختصّ بالأطفال والمراهقين: “يعتاد الأطفال الرضّع على التفاعل الشخصي والاجتماعي، ويُظهرون حساسية متزايدة تجاه البيئة الخارجية والقدرة على التواصل مع مقدّمي الرعاية، لذلك فإنّ الفصل المبكر للرضّع عن أمهاتهم له تأثير سلبي شديد في النمو العاطفي وذكاء الطفل، ويتعرّض الأطفال المولودون لأمهات مسجونات لخطر عدم الاستقرار والتواصل بسبب فقدان الأمان. وتزداد فرصة الإصابة بمجموعة متنوعة من الاضطرابات النفسية والعاطفية والسلوكية في الطفولة. ويعدّ الاضطراب وفرط النشاط وأحياناً عدم التركيز، والنقص في التواصل الاجتماعي والقلق والاكتئاب، علامات على المشكلات النفسية، تحدث عند الأشخاص الذين يعيشون في بيئة غير آمنة. كذلك فإنّ الروابط الشخصية والنشوء في مجموعات كالسجينات يخلق مشكلات في المستقبل كالعلاقات الزوجية والأسرية”.

لا غنى عن صحة الإحصاءات التي قدمتها “منظمة السجون”، باعتبارها المصدر الوحيد للتخطيط لهؤلاء الأطفال، وبالنظر إلى الظروف الحالية، تشمل الحلول المقترحة النظر في شروط تسهيل خروج الأمهات من السجن، وزيادة ساعات الخروج إلى الهواء وإطالة الإجازات، والنظر في برامج التغذية المخصّصة لاحتياجات الأمهات والأطفال، والأهم من ذلك النظر في فرض عقوبات بديلة على السجينات من الأمهات.

على أمل تطبيق نظام “السجون المفتوحة”

يوفّر مقترح “السجون المفتوحة” شروطاً من شأنها مراقبة السجين خارج السجن عن طريق أساور إلكترونية وأساليب أخرى، وكذلك خلق بيئة مناسبة لهؤلاء الأطفال. الآن يجب أن نرى ما إذا كان القضاء سوف يمتثل لهذه الخطة أم لا، كما في الوعود السابقة.

يقول الدكتور النفسي محمد رضا إسلامي: “إنّ إدارة السجون مُلزمة بتزويد الأمهات ممن يرافقهنّ أطفالهنّ أو السجينات الحوامل بمرافق منفصلة بناء على القدرات البدنية المتاحة حتى لا تتعرّض صحة هؤلاء الأطفال الأبرياء للخطر ويذهبوا جريرة أمهاتهم”.

ترجمة عباس علي موسى

هذا الموضوع تمت ترجمته من موقع راديو زمانه وللاطلاع على المادة الاصلية زوروا الرابط التالي

إيران: اعتقال امرأة بسبب حمالة صدر!