fbpx

“جمّال ترست بنك” اللبناني على لائحة العقوبات الأميركية… ما التالي؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يقف المواطن اللبناني لا سيما إذا كان مثلاً عميلاً لدى “جمّال ترست بنك”، أمام أسئلة من قبيل: ما مصير أموالي؟ ماذا عليّ أن أفعل؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ليس خبراً عابراً أن يدرج مصرف لبناني على لائحة العقوبات الأميركية.

ففي بلد صغير مفتوح على كل الأزمات ويعاني اقتصادياً، إذ حذّر البنك الدولي من أن النمو في لبنان هو في أدنى مراحله، بينما الدين العام ينمو بشكل لافت والعجز يستمر، يأتي خبر وضع مصرف محلي معروف على لائحة العقوبات الدولية بمثابة ضغط هائل إضافي.

بحسب الاتهام الأميركي فقد أتى إدراج “جمّال ترست بنك” والشركات التابعة له في لبنان على لائحة “أوفاك” لتسهيله الأنشطة المالية لـ”حزب الله” بحسب اتهام وزارة الخزانة الأميركية. يحصل ذلك وسط تصاعد تحرك دولي ضد إيران وجماعاتها، لا سيما “حزب الله”، ما يمنح القرار بعداً سياسياً أمنياً، ربما يتجاوز أبعاده المالية أو الاقتصادية. وكان لبنان الرسمي أعلن وقوفه خلف “حزب الله” حسبما عبّر رئيس الجمهورية ميشال عون ومجلس الدفاع الأعلى، في بيانهما الأخير.   

وإذ يبدو القلق سيد المشهد، لا سيما أنّ هناك حديثاً جدياً عن ضلوع مصارف لبنانية أخرى بتغطية نشاطات “حزب الله” المالية، وهي مرشحة للانضمام إلى لائحة “أوفاك” أيضاً، يقف المواطن اللبناني لا سيما إذا كان مثلاً عميلاً لدى “جمّال ترست بنك”، أمام أسئلة من قبيل: ما مصير أموالي؟ ماذا عليّ أن أفعل؟ هل أوقف التعامل مع المصارف من الآن وصاعداً؟ وقد نشرت أخبار عن شكاوى مواطنين عملاء في “جمّال ترست بنك” لعدم صرف رواتبهم، بسبب امتثال المصرف للإجراءات الأميركية. علماً أن نتائج هذه الخطوة لا تقتصر على بنك الجمال ومودعيه فقط، بل هي تطاول مجمل النظام المصرفي والمالي اللبناني.

تفاصيل القرار

وجاء في القرار أن “المؤسسات الفاسدة مثل جمال ترست بنك تشكّل تهديداً لصدقية القطاع المالي في لبنان. جمال ترست بنك قدّم الدعم والخدمات للمجلس التنفيذي لحزب الله ومؤسسة الشهيد، وموّل عائلات المفجرين الانتحاريين”. وأضافت الوزارة أنها ستواصل العمل مع مصرف لبنان لمنع حزب الله من الولوج إلى النظام المالي العالمي، و”هذه الخطوة بمثابة تحذير لكل من يقدّم خدمات للمجموعات الإرهابية”.

يتهم البيان الأميركي المصرف بأنه “ساعد ورعى أو وفّر الخدمات المالية والمادية والدعم التكنولوجي أو التمويل أو أي خدمات أخرى لحزب الله“.

ويأتي قرار وزارة الخزانة الأميركية هذا، بعيد سقوط طائرتين إسرائيليتين في الضاحية الجنوبية في بيروت، وبعيد تهديدات أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله بالرد على القصف الإسرائيلي في سوريا إنما من لبنان، والتوعّد بإسقاط أي طائرة معادية في الأجواء اللبنانية. وأيضاً وسط التصعيد العسكري المستمر في العراق ومحاولة ضرب إيران ممثلة بـ”قوات الحشد الشعبي”. وهو تصعيد يبدو أنه بدأ يترافق مع تصعيد التضييق المالي لتجفيف منابع إيران و”حزب الله”.

ويعني إدراج أي مصرف على لائحة “أوفاك” تصفيته، لأنه سيكون عاجزاً عن التواصل مع مكاتب البنوك المراسلة في العالم، والتي كلها مرتبطة بالولايات المتحدة والدولار الأميركي. وبالتالي تتوقف تحويلات المصرف  بين لبنان والخارج ويمنع من فتح اعتمادات للتجار، أو سواها من الأنشطة المصرفية. 

في المقابل، أصدر “جمّال ترست بنك” بياناً نفى فيه الاتهامات الموجهة إليه، مشدداً على التزامه القواعد المصرفية اللبنانية والدولية.

وشدّد على أنّه “سيتخذ كل الإجراءات المناسبة لتبيان الحقيقة كما سيتقدم بطلب استئناف القرار أمام (أوفاك) والمرجعيات المعنية”، لافتاً الى أنه سيعمل بالتنسيق مع مصرف لبنان ولجنة التحقيق الخاصة والهيئات الأخرى ذات الصلة في هذا الصدد لحماية مصلحة المودعين وعملاء جمال ترست بنك”.

في هذا السياق، طمأن المصرف المركزي المودعين في “جمّال ترست بنك” إلى أنّ أموالهم بأمان وستعود إليهم، ذلك أن لدى المصرف المذكور احتياطاً كافياً لدى المركزي، الذي أكد ثقته بالقطاع المصرفي اللبناني. وأكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أنّ “البنك المركزي يتابع عن كثب قضية جمال ترست بنك بعد إدراجه على لائحة أوفاك”، موضحاً، أنّ “الودائع الشرعية للمصرف مؤمنة في وقت استحقاقاتها حفاظاً على مصالح المتعاملين معه”.

إلاّ أنّ المسألة ليست بهذه البساطة، إذ على المودع أن ينتظر فترة غير محددة، وفق الخبير الاقتصادي سامي نادر، الذي يوضح لـ”درج” أن “هناك إجراءات غير سهلة على البنك المركزي اتباعها لمعالجة قضية جمّال ترست بنك، إذ عليه أن يتسلّم زمام أموره لفترة، ثمّ يعرضه للبيع ويجد من يشتريه، وهي ليست مسألة بسيطة، لا سيما في ظل الظروف الراهنة، والوضع الاقتصادي والمالي المعقّد”.

 “على المعنيين إدراك خطورة الوضع، فليس خبراً عابراً أن يدرج مصرف لبناني على لائحة العقوبات الأميركية، فيما البنك الدولي يحذّر ويقول إن النمو صفر في المئة، بينما الدين ينمو بشكل لافت والعجز يستمر، ولا خطط واقعية للإنقاذ”.

سيناريو “اللبناني الكندي”

السيناريو ذاته كان شهده “البنك اللبناني الكندي” قبل سنوات، إثر اتهامه بتبييض أموال لمصلحة “حزب الله”، وفرضت وزارة الخزانة الأميركية وقتها عقوبات، أدت إلى تصفية المصرف ودمجه مع بنك “سوسيتيه جنرال”، الذي تعرّض لضغوطات وتضييق بسبب قراره شراء المصرف.

وتختلف حالة “جمّال ترست بنك” عن سابقه، لأنه متهم بتوفير خدمات مالية ومصرفية لمؤسسات تابعة لــ”حزب الله” مثل القرض الحسن ومؤسسة الشهيد والمجلس التنفيذي للحزب. أي أن التهمة تتعلق بعمليات مصرفية وليس بتبييض أموال كحالة “البنك اللبناني الكندي”. 

كما أن المشهد اليوم، بطبيعة الحال أكثر تعقيداً من عام 2011 تاريخ حادثة “البنك اللبناني الكندي”، وتبدو عملية شراء أو دمج “جمّال ترست بنك” مع أي مصرف آخر مشوبة بالمزيد من الأعين المفتوحة والضغوطات الداخلية والدولية. هذا مع العلم أن “أبسط متأمّل في المشهد يتوقّع أن يكون لدى حزب الله شبكة مالية متكاملة لا تُختصر بجمّال ترست بنك، ما يرجّح ربما تورّط مصارف أخرى في قضايا تمويل حزب الله أو تسهيل أموره”، وفق نادر.

11 مصرفاً

قبل فترة ليست ببعيدة وبعد إصدار الكونغرس الأميركي قانون تجفيف منابع تمويل “حزب الله”، واجه 11 مصرفاً لبنانياً دعوى تقدم بها 26 إسرائيلياً، مطالبين بتعويضات عن خسائر لحقت بهم في حرب تموز 2006. كما واجهت المصارف ذاتها دعوى أخرى تقدّمت بها 252 أسرة أميركية، قُتِل أفراد منها أو جرحوا خلال المشاركة في قوات الاحتلال الأميركي للعراق (2003 – 2011)، مطالبة المصارف الـ11 بدفع تعويضات مالية عن الخسارة التي لحقت بها، متهمة المصارف بـ«التآمر مع حزب الله». والمصارف الـ11 هي سوسيتيه جنرال، فرنسبنك، الشرق الأوسط وأفريقيا، بلوم، بيبلوس، عوده، بنك بيروت، لبنان والخليج، اللبناني ــــ الفرنسي، بيروت والبلاد العربية، إضافة إلى جمّال ترست بنك. ويبدو السؤال مشروعاً في ظل هذه المستجدات عن تورّط هذه المصارف أو سواها في منظومة “حزب الله” المالية وتداعيات ذلك على لبنان و”حزب الله”، وإيران والحروب التي تشارك فيها وتموّلها من سوريا إلى العراق وصولاً إلى اليمن.

يقول نادر: “لا نستطيع ألا نربط الأمور ببعضها، حتى وإن بدا ذلك غريباً، لكن ما يحصل أشبه بمسلسل محلي وإقليمي، وسط صعوبات اقتصادية ومادية تجعل لبنان مكبّلاً غير قادر على التحرّك، لا سيما أن القطاع المصرفي يعاني من أزمة ثقة حقيقية، فلا استثمارات ولا من يحزنون وسط أسعار فائدة مرشحة للارتفاع”. ويضيف: “على المعنيين إدراك خطورة الوضع، فليس خبراً عابراً أن يدرج مصرف لبناني على لائحة العقوبات الأميركية، فيما البنك الدولي يحذّر ويقول إن النمو صفر في المئة، بينما الدين ينمو بشكل لافت والعجز يستمر، ولا خطط واقعية للإنقاذ”.

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في تغريدة له على موقع “تويتر” قال إن “تصنيف مصرف جمال ترست بنك يعكس عزمنا على محاربة نشاطات حزب الله غير الشرعية والإرهابية في لبنان وسنستمر باستهداف أشخاص ومؤسسات ضالعة في تمويل وتقديم الدعم للحزب”.

“جمعية مصارف لبنان” أصدرت بياناً في محاولة لامتصاص الصدمة، إذ أسفت “لإدراج وزارة الخزانة الأميركية مصرف جمال ترست بنك على لائحة العقوبات “أوفاك”، مؤكدة أن “هذا الإجراء لن يؤثر في القطاع المصرفي بأي شكلٍ كان”.
وشددت الجمعية على “سلامة أموال المودعين لدى جمّال تراست بنك، منوهةً بـ”قدرة مصرف لبنان على اتخاذ كل التدابير اللازمة لمعالجة الوضع، مثلما حصل في مواقف سابقة”.

يبقى أن جمال بنك يعد من المصارف الأساسية التي تحتضن رؤوس أموال شيعية باتت مهددة وملاحقة، فهل سيتطور الأمر ليشمل حلفاء آخرين للحزب في الفترة المقبلة وهل ستتحمل الحاضنة الشيعية كل هذا الضغط الاقتصادي على حزب الله ؟؟ 

السؤال مفتوح على احتمالات كثيرة في المرحلة المقبلة.

هل تستعد اسرائيل لتكرار تجربة حرب الـ67؟