fbpx

“فاتيما” الإيرانية نجت من زواج مبكر… ماذا عن الأخريات؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أبطلت المحكمة الجعفرية الإيرانية، تحت ضغط منظمات المجتمع المدني، زواج الطفلة فاطيما (9 سنوات) من الشاب العشريني ميلاد، وذلك على إثر الصدمة التي أحدثها الفيديو الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي عن عقد قرانهما.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في أقل من 24 ساعة، أبطلت المحكمة الجعفرية الإيرانية، تحت ضغط منظمات المجتمع المدني، الذي استدرج طلباً رسمياً من مساعدة رئيس الجمهورية الإيرانية الشيخ حسن روحاني لشؤون المرأة والأسرة معصومة ابتكار، زواج الطفلة فاطيما (9 سنوات) من الشاب العشريني ميلاد، وذلك على إثر الصدمة التي أحدثها، الفيديو الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، عن عقد قرانهما وسط فرحة الأهل والأطفال.

القانون الإيراني بعد الثورة الإسلامية عام 1979، حدّد سن الزواج لدى الفتيات بـ 13 عاماً، والسلطة الدينية، تتساهل في تزويج من هنّ دون هذه السن، بل تشجع، بحجة مراعاة الشرع والعرف. في العام 2015، على سبيل المثال، سجلت المحاكم الجعفرية في إيران، زواج 28 ألف فتاة قاصر، أعمارهن تتراوح ما بين 10 و14عاماً.

بناء على ما يتيحه أو يبيحه الشرع والعرف، جاز لأهل فاطيما تزويجها في سنّ التاسعة، ولم يجد الشيخ الذي عقد القران، حرجاً في ذلك، وفي بعض ردود أقاربها، على العاصفة التي هبّت عليهم، إثر انتشار الفيديو، استياء من تدخل من لا دخل له في شؤونهم العائلية، مذكرين المعترضين أنهم يطبقون السنة النبوية الشريفة.

ذلك أن المجتمع الريفي الإيراني يتبنى الرواية الدينية في تزويج القاصرات، ويعتبر أن سن البلوغ الشرعي 9 سنوات – سنّ زواج السيدة عائشة من النبي محمد – هو المعيار الوحيد لزواج الفتاة، وأن العلامة التي تشير إلى بلوغها هي العادة الشهرية، وحدوثها يعني استعداد الفتاة الجسدي للعلاقة الجنسية مع الرجل.

القانون الإيراني بعد الثورة الإسلامية عام 1979، حدّد سن الزواج لدى الفتيات بـ 13 عاماً، والسلطة الدينية، تتساهل في تزويج من هنّ دون هذه السن

لكن توخياً للدقة، ليس المجتمع الريفي الإيراني وحده من بين المجتمعات الإسلامية، السنية والشيعية، مبتلى بآفة تزويج القاصرات، فالمجتمعات الإسلامية، على اختلاف مذاهبها، تكاد لا تتفق إلا على هذا الموضوع.

فقد اتفق الفقهاء سنة وشيعة على جواز العقد على الصغيرة (القاصر) ولو كان ذلك قبل بلوغها، عملاً بالسنة النبوية، حيث أن النبي محمد عقد على السيدة عائشة وهي بنت ست سنوات، وقد ذكرت كتب التراث الفقهي، أن النبي تزوج عائشة وهي بنت ست سنوات وبنى بها (مارس الجنس معها) وهي بنت تسعة، وبناء عليه أجازت المذاهب السنية الأربعة، زواج الصغيرة، واشترطت “الوطء” ببلوغها التسعة.

الأحاديث التي تدعم زواج الطفلات عديدة، فقد وأورد الإمام شمس الدين السرخسي في كتاب المبسوط، في باب النكاح: قال الإمام أحمد بن حنبل: تدخل المرأة على زوجِها وهي بنت تسع سنين؛ اتباعاً لحديث عائشة، وقال أبو حنيفة: نأخذ بالتسع، غير أننا نقول: إن بلغتها ولم تقدر على الجماع، كان لأهلها منعها، وإن لم تبلغ التسع وقويت على الرجال، لم يكن لهم منعها من زوجها. وقال مالك بن أنس: “لا نفقةَ لصغيرة حتى تدرك وتطيق الرجال، وقال الإمام الشافعي: إذا قاربت البلوغ وكانت جسيمة تحتمل الجماع، فلزوجها أن يدخل بها، وإن كانت لا تحتمل الجماع، فلأهلها منعها حتى تحتمل الجماع”.

أما الفقهاء الشيعة، فقد ذهبوا أبعد من إخوانهم السنة، حيث أجاز بعضهم “مفاخذة” الرضيعة، أي الاستمتاع الجنسي بجسد الطفلة الرضيعة، ضماً وتقبيلاً ومداعبة، بشرط عدم الإضرار، والإضرار هنا يعني العلاقة الجنسية الكاملة.

وكان أول من أثار هذه المسألة هو الإمام السيد محمد كاظم اليزدي في كتاب “العروة الوثقى”، وتبعه كثيرون، وصولاً إلى الإمام روح الله الخميني قائد الثورة الإسلامية، الذي أفتى في الجزء الثاني من رسالته العلمية المعروفة باسم “تحرير الوسيلة”، بما يلي: “لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين، دواماً كان النكاح أو منقطعاً، وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة”، مع الإشارة إلى أنه لا يوجد إجماع لدى أعلام الشيعة الاثني عشرية، في مسألة مفاخذة الرضيعة.

أما الفقهاء الشيعة، فقد ذهبوا أبعد من إخوانهم السنة، حيث أجاز بعضهم “مفاخذة” الرضيعة، أي الاستمتاع الجنسي بجسد الطفلة الرضيعة

بعودة سريعة إلى القانون الإيراني في حقبة الملكية، كان قد نجح رضا شاه بهلوي، في فرض جملة من الإصلاحات الاجتماعية والثقافية على المجتمع الإيراني، مع بداية العام 1934، مستلهماً تجربة جاره مصطفى كمال أتاتورك العلمانية، فسنّ قانوناً مدنياً للأحوال الشخصية، تضمنت المادة 1041 منه، تحديد سن زواج الفتيات بـ 15 عاماً والفتيان بـ 18 عاماً.

إقرأ أيضاً: “زواج على الصورة”: فتيات سوريات ضحايا خطابات في تركيا
وفي عهد ابنه محمد رضا شاه بهلوي، سنّ البرلمان الملكي، أول قانون مدني لحماية الأسرة، في تاريخ إيران، تضمن تعديلاً على قانون سنّ الزواج، فرفعه لدى الفتيات إلى 18 عاماً، ولدى الفتيان إلى 20 عاماً.
ألغت الثورة الإسلامية، بطبيعة الحال، قانون حماية الأسرة “البهلوي”، لمخالفته الشرع الإسلامي، وأُحيلت المادة 1041، على مجلس خبراء القيادة (رجال الدين) لدراستها، ومن ثم على مجلس تشخيص مصلحة النظام، فأبطلا العمل بها، وأفتيا بالنص الشرعي التالي: “إن عقد النكاح للفتاة دون 13 سنة وللفتى دون 15 عاماً، يجوز بشرط إقرار ولي الأمر بوجود مصلحة في ذلك، ويحق للمحكمة الدينية وحدها، تفسير هذه المصلحة”.

في المشهد الأخير من الفيلم المصري “شيء من الخوف”، يخرج القرويون إلى الطريق وهم يرددون “جواز عتريس من فؤادة باطل”، لأنه تم بالإكراه، وهذا رأي شرعي معمول به، أما زواج فاطيما من ميلاد، الباطل، فلا يعني أن كل زواج مثله سيكون باطلاً، سواء تم بالإكراه أو بالموافقة، فالصدفة (التصوير) التي خدمت فاطيما وأنقذتها، ربما لن تتوفر لغيرها، وسيظل هناك، يومياً، آلاف القاصرات المسلمات يتم تزويجهن قصراً، ما لم يخرج أحدٌ على هذا القانون.

أنا التي أكلها ذئب المحكمة الجعفرية