fbpx

في وثائق بارادايز: الاسرائيلي دان غرتلر “شريك الجمهورية” في الكونغو ومموّل مستعمرات في الضفة الغربية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

قد تكون المعلومات التي كشفتها “وثائق بارادايز” عن علاقة شركة السلع العملاقةغلنكور بشريكها رجل الأعمال الإسرائيلي دان غرتلر هي القصة الأكثر جدلية من بين القصص التي نشرتها تحقيقات التحالف الدولي للصحافيين الاستقصائيين. فالكلام هنا ليس عن مجرد تهرب من الضرائب بل عن شبكة فساد محكمة استمر نشاطها على مدى عقود،وتورطت فيها، بأشكال متفاوتة، مباشرة وغير مباشرة، شركات وهيئات وحتى حكومات جنت مليارات الدولارات عبر الاستفادة من الموارد الطبيعية لجمهورية الكونغو الديمقراطية التي يعتبر شعبها من الأكثر فقراً على الرغم من كونها من اغنى دول العالم…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عليا ابراهيم وحازم الأمين

قد تكون المعلومات التي كشفتها “وثائق بارادايز” عن علاقة شركة السلع العملاقة غلنكور بشريكها رجل الأعمال الإسرائيلي دان غرتلر هي القصة الأكثر جدلية من بين القصص التي نشرتها تحقيقات التحالف الدولي للصحافيين الاستقصائيين. فالكلام هنا ليس عن مجرد تهرب من الضرائب بل عن شبكة فساد محكمة استمر نشاطها على مدى عقود،وتورطت فيها، بأشكال متفاوتة، مباشرة وغير مباشرة، شركات وهيئات وحتى حكومات جنت مليارات الدولارات عبر الاستفادة من الموارد الطبيعية لجمهورية الكونغو الديمقراطية التي يعتبر شعبها من الأكثر فقراً على الرغم من كونها من اغنى دول العالم…فمن هو دان غرتلر؟ وكيف تمكن حتى الأن، وعلى الرغم من عشرات التحقيقات الدولية ومئات التحقيقات الصحافية من أن يتجاوز الملاحقات القضائية؟ وما علاقة إسرائيل بكل ذلك؟في مطلع العام 2017 أصدرت وزارة العدل الأميركية تقريراً أُتبع بحكم على شركة “أوش زيف” الأميركية بسبب خرقها قانون مكافحة الفساد خلال نشاطها التجاري في جمهورية الكونغو الديمواقراطية (الزائير سابقاً). الشركة اعترفت بخرقها القانون ودفعت مبلغ 412 مليون دولار للخزانة الأميركية كتسوية. لكن تقرير وزارة العدل الأميركية تضمن تحقيقات واسعة أشارت إلى عمليات فساد يشترك فيها مسؤولون في الكونغو وأصدقاء لهم من دون أن تسميهم. استبدل تقرير الوزارة الأميركية الأسماء بأوصاف، فتحدث عن المسؤول رقم واحد في الكونغو والمسؤول رقم إثنان، وأطلق التقرير اسماً آخر على شخص غير كونغولي ضالع في هذه العمليات هو “شريك الجمهورية”. ووصف التقرير ما يجري في الجمهورية بـ”الرشوة بأنقى أشكالها… لقد كان فساداً سهلاً وبسيطاً”.لكن مديرة “منظمة رايد”  وهي منظمة حقوقية بريطانية، أنيك فان وندربيرغ، قررت كشف أسماء من أوردهم تقرير وزارة العدل، فقالت في مقابلة مع “آي سي آي جي” أن المسؤول رقم واحد هو الرئيس الكونغولي جوزيف كابيلا والمسؤول الثاني هو وزيره كاتومبا موانكي (وهو قضى في حادث سقوط طائرة في العام 2012)، أما “شريك الجمهورية” فما هو إلا رجل الأعمال الاسرائيلي دان غرتلر. والتقرير الأميركي كان يتحدث طبعاً عن مناجم الماس والنحاس وعن حقول النفط. وقالت ويندربيرغ: “عندما نظرت إلى المعلومات في التقرير وعلى المعلومات عن الأموال التي تم دفعها كرشاوى شعرت بحزن كبير، ذاك أنني زرت عدد كبير من القرى التي يجري فيها التنقيب في الكونغو ورأيت بنفسي الفقر في هذه المناطق ومعاناة سكانها. الآن صرت متأكدة أن هناك عدد قليل من الأشخاص حققوا ثروات هائلة كان يمكن أن تحسن حياة هؤلاء السكان، لكنهم لم يحصلوا على شيء… لا بل هم يعانون بسبب هذه الثروات”.
أما رجل الأعمال الاسرائيلي دان غرتلر فقال في مقابلة مع بلومبرغ أنه يستحق جائزة نوبل للسلام بسبب الدور الذي لعبه في الكونغو.وغرتلر كان شريك لـ”أوش زيف” في الكونغو، وأحد التهم التي وجهتها وزارة العدل الأميركية للشركة هي تلكؤها في مراقبة أعمال غرتلر غير الشرعية هناك. أما مكتب المحامات الذي يمثل غرتلر فقال لـ”آي سي آي جي” أن التسوية مع السلطات الأميركية تمت من دون علمه أو قبوله ومن دون تدخله بأي شكل من الأشكال”.”شريك الجمهورية” دان غرتلر المولود في العام 1973 هو سليل عائلة تعمل في الألماس. جده هو مؤسس بورصة الألماس في تل أبيب، لكن حياة الحفيد لا يبدو أنها كانت امتداداً لسيرة العائلة. فهو حفيد موشي شنترز المهاجر الروماني، وترعرع في حي غني في تل أبيب لوالدان علمانيان، والده كان لاعب كرة قدم ويعمل في حك الماس وأمه مديرة اذاعة متخصصة في موسيقى البوب. لكن دان قرر منذ مراهقته أن يتحول إلى يهودي أرثوذكسي متدين.وغرتلر الذي من المرجح أن قصة فيلم “بلود دايمندز” استوحي من قصته، لا يشبه الممثل ليوناردو دي كابريو بشيء. فغرتلر أسمر البشرة، وممتلئ الجسم بعض الشيء. كما انه يرفض وبقوة أي كلام عن فساد، او استغلال لموارد الكونغو، التي نشأت بينه وبينها “علاقة حب” كما يسميها، لا تزال مستمرة بعد مرور أكثر من عقدين على بدايتها، يوم اشترى في العام ١٩٩٧ اول منجم للتنقيب عن الماس فيها.عمر غرتلر اليوم أقل من 44 عاماً، وهو متزوج وله 11 أبناً وابنة، يعيشون في مبنى مؤلف من خمسة طوابق في ضاحية بنأي براك في تل أبيب ويغلب على سكان هذه الضاحية المتدينون الأرثوذكس. وفي منزله يُمنع استعمال التلفزيون والكومبيوتر انسجاماً مع “أخلاقه الأرثوذكسية”.لكن يبدو أن تدين غرتلر ساعده أيضاً على بناء نفوذه في الكونغو، ففي العام 1996 بدأ بالتردد على دول الماس الأفريقية بعد أن كان أسس شركة “دي جي آي” في تل أبيب. وفي العام 1997 وكان عمره لا يتجاوز الـ24 عاماً اشترى منجماً ضخماً لاستخراج الماس، وفي ذلك العام أطاح لوران كابيلا الرئيس الكونغولي سيسيكو موبوتو وعين نفسه رئيساً وعين  ابنه جوزيف قائداً للجيش. وبعد ذلك بأيام قام حاخام اليهود الكونغوليين شلومو بن توليلا بتقديم غرتلر إلى قائد الجيش الجديد في فندق أنتركونتينونتال في كنشاسا. الكوشر (طعام المتدينين اليهود) جمع بين الرجلين، أي غرتلر والحاخام شلومو، ذاك أن متعقب سيرتي الرجلين ستصادفه دائماً وقائع مرتبطة بالكوشر. ذات يوم عثرت الشرطة الاسرائيلية في مطار بن غريون على مبلغ من المال غير مصرح عنه في حوزة غرتلر من بينها 20000 دولار، قال أن شلومو أعطاه إياها ليشتري له كوشر من اسرائيل.وكانت علاقة غرتلر بكابيلا الإبن الذي صار رئيساً لاحقاً مقدمة للثروة والنفوذ اللذين حققهما “تريكون” الماس الإسرائلي. ففي ذلك اللقاء عرض الجنرال على غرتلر إعطاءه حصرية بيع الماس الكونغولي مقابل 20 مليون دولار، تدفع لكابيلا. لكن مستشار كابيلا المالي نتاندا نكينغي كشف لاحقاً أن الاتفاق قضى أيضاً أن يقوم خبراء عسكريون اسرائيليون بتدريب قوة كنغولية خاصة كان لها دوراً كبيراً في الحرب لصالح كابيلا. الحكومة الكنغولية نفت هذه التصريحات في اليوم التالي، ويقبع اليوم نكينغي في الاقامة الجبرية لأسباب لم يعلن عنها. أما غرتلر فقال لـ”جيروزاليم بوست”  أن ما قام به “هو إعطاء أسماء بعض الخبراء العسكريين الاسرائيليين لكابيلا ولا شيء ترتب على هذا الأمر فيما بعد”..بعد الاتفاق مع جوزيف كابيلا على حصرية بيع الماس، عاد غرتلر إلى اسرائيل ليحتفل بنجاحه في الاتفاق، وفيما هو يحتفل اتصل به كابيلا وقال له أنه يريد الأموال بسرعة. وبحسب الـ”واشنطن بوست” قام غرتلر فوراً بتسييل إرثه من العائلة وبيع بعض العقارات والاقتراض من أحد المصارف، وحول المبلغ إلى حساب دولة الكونغو في أحد المصارف السويسرية. كانت الخطوة مقامرة فعلية، ذاك أنه راهن فيها على رئيس “في منتصف حرب” على ما وصفته الصحيفة الأميركية.يحفل تقرير وزارة العدل الأميركية بالمعلومات المقرونة بوثائق عن رشاوى دفعها “شريك الجمهورية” لمسؤولين وقضاة كونغوليين بلغت قيمتها نحو مئة مليون دولار من أجل الحصول على أذونات وتسعيرات خاصة في قطاع التنقيب، وينسب التقرير لغرتلر قوله أنه يدفع رشاوى بالغة من أجل التأكد من أن “الأعمال ستجني ثمارها”.منظمة “رايد” كشفت عن أن غرتلر أسس شركة لورا انتربرايز في الكونغو ومهمتها دفع الرشاوى للتأكد من أن المناجم ستبقى تحت سيطرة غرتلر، والمؤسسات التي يديرها. وقالت مديرة المنظمة أنه وفي أعقاب التقرير الأميركي صار بإمكاننا التأكد من أن حجم أرباح الشركات الأجنبية في الكونغو يبلغ مليارات لم يصل منها شيئاً إلى الشعب الكونغولي.علماً أن “آي سي آي جي”  (التحالف الدولي للصحافيين الاستقصائيين) أرسلت أسئلة للرئيس الكونغولي جوزيف كابيلا تستوضحه رأيه في هذه الأقوال، إلا أن كابيلا لم يجب حتى الآن.لكن الغريب هو أن تقرير وزارة العدل الأميركية الذي كشف كل هذه الانتهاكات كانت مهمته فقط استرداد الخزانة الأميركية أموالها  وهي استعادتها وبلغت قيمتها أكثر من 400 مليون دولار، أما المعلومات المتعلقة بمليارات من الدولارات ربحتها الشركات ولم يستفد منها الشعب الكونغولي، فلم يترتب عليها أي تحرك قضائي. وتقول مديرة “رند” في هذا السياق: “بكل بساطة انه الغرب المتوحش”.لكن الأمر لا يقتصر على الحكومة والقضاء الأميركيان، اذ أن تقرير وزارة العدل أورد أيضاً اسم شركة مدرجة على بورصة تورنتو الكندية بصفتها شركة قامت بدفع رشاوى، وهي كاتانغا مايننغ ومقرها في مقاطعة يوكن الكندية وتأتي مراسلاتها من سويسرا. وقالت رئيسة منظمة “رند”: ” على القضاء الكندي أن يتحرك في ضوء هذه المعلومات… يجب أن يكون هناك متابعة في كندا. أنا متأكدة أن السلطات الكندية لا ترغب في أن يتم استخدام بورصة تورنتو من أجل تسهيل فساد لا يقدم شيئاً لشعب الكونغو”.من الصعب فصل علاقة غرتلر بقادة الدولة الكونغولية عن علاقة مسؤولين رسميين في اسرائيل بها. فالقضاء الاسرائيلي لم يحرك ساكناً عندما ورد اسم رجل الأعمال الاسرائيلي في تقرير وزارة العدل الأميركية بصفته “شريك الجمهورية” على رغم ما تضمنه التقرير من أدلة على تورطه بعمليات فساد. مع الإشارة إلى أن للجيش الاسرائيلي تاريخ طويل من العلاقة مع السلطات في الكونغو. فخبراء عسكريون اسرائيليون هم من تولى تدريب الجيش هناك في عهد الرئيس سيسيكو موبوتو، ولاحقاً تولى غرتلر مهمة شبه رسمية في الكونغو تمثلت في قيامه كمبعوث خاص للرئيس جوزيف كابيلا بزيارات إلى واشنطن ولقائه وزيرة خارجيتها آنذاك كوندليسا رايس، والطلب إليها التدخل من أجل إنهاء الحرب في الكونغو.ويبدو أن موقع غرتلر هذا أتاح له منافسة الحكومة الكونغولية في المشاريع، فتقول “واشنطن بوست” أنه ربح في إحدى صفقاته أكثر من 500 في المئة، ورد على سؤال للصحيفة حول هذه الصفقة: ” نحن نقوم بعملنا بطريقة أفضل من أي جهة. ونحن نعرف كيف نضاعف أعمالنا. اذا كانت الحكومة تريد أن تستفيد من خدماتي من أجل مضاعفة قيمة مشاريعها يجب أن تتحدث معي. لا مشكلة في ذلك”.وغرتلر الذي يُعتقد أن فيلم “بلود دايمون” قد استوحي من سيرته، والذي تقول “الواشنطن بوست” أنه يسيطر على 9,6 من انتاج مادة الكوبالت في العالم، وهو بحسب الصحيفة كان يستيقظ في الساعة الخامسة صباحاً عندما كان طفلاً ليتعلم حك الماس وعندما صار مراهقاً أصبح يستيقظ في الرابعة صباحاً ليقرأ التوراة، هو بحسب الـ”كريستشين ساينس مونيتير” وراء شركتي “غرين بارك” و”غرين ماونت” اللتان تمولان مشاريع بناء مستوطنات في الضفة الغربية. وتقول “هآرتس” أن دان مقرب جداً من وزير الدفاع الاسرائيلي الحالي أفيغدو ليبرمان، والأخير كان عرضة لتحقيقات في قضايا فساد وسوء استخدام للسلطة وتبييض أموال، واحدة من هذه القضايا تتعلق بعلاقته بغرتلر.في محيط غرتلر عدد من الشخصيات القريبة من ليبرمان، وأحد هؤلاء شارون شالوم، وكان يعمل مع غرتلر في أفريقيا ثم انتقل للعمل مع ليبرمان في وزارة الخارجية.القضاء الاسرائيلي بدوره لم يتحرك في ضوء تقرير وزارة العدل الأميركية عن الانتهاكات والفساد في الكونغو، هذا في حين كان هذا القضاء قد غرم غرتلر مبلغ ألفي دولار أميركي عندما عثر في طائرته الخاصة على مبلغ 38 ألف دولار لم يصرح عنها.            [video_player link=”https://youtu.be/jLt5u6MZT-0″][/video_player]

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!