fbpx

هل تشهد مصر انقلاباً على الانقلاب؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

كل الشروط متوافرة لكي ينخرط الشارع المصري بحركة احتجاج من الصعب تحديد حجمها الآن. فالوضع الاقتصادي ضاغط على نحو لم تشهده مصر في تاريخها الحديث، وضاعفت من تأثيره ظاهرة القصور الرئاسية التي كشفها محمد علي فيما قُضي على الحريات العامة بمختلف مظاهرها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هل صحيح أن المقاول محمد علي هو من أشعل الشارع المصري، عشية مغادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن؟ هل صحيح أننا أمام أبو عزيزي مصري؟ هذا الاحتمال لا ينفي ما ترافق من تفسيرات حول ضلوع جهات أمنية رسمية في حركة الاحتجاج، وتوظيفها في حال الاحتقان الذي يعيشه الشارع المصري في مشهد انتفاضة على النظام. فبو عزيزي التونسي نقِّيت صورته، كمشعلٍ للثورة لضرورات أملتها الحاجة إلى شرارة انطلاقة حركة الاحتجاج على نظام زين العابدين بن علي. وفي المقابل، فإن محمد علي ابن النظام والفار من مصر تحول بدوره إلى محطة يومية ينتظرها المصريون. فيديواته انتشرت على نحو واسع، وردّ السيسي عليها أعطاها دفعاً مضاعفاً، وفي هذا الوقت انتشرت فيديوات لآخرين مثل مسعد أبو فجر ابن محافظة سيناء، وهو عرض معلومات أخطر من تلك التي عرضها محمد علي، ووائل غنيم أيقونة ثورة 25 يناير، الذي استيقظ بعد سبات تسبب به الانقلاب على الثورة.

القول إن تضافر هذه العوامل ليس مصادفة، وإن ثمة “انقلاباً على الانقلاب” يتم التحضير له، يكتسب المزيد من الصدقية، إلا أنه لا ينفي حال احتقان كبيرة في الشارع يبدو أن هناك من يسعى لتوظيفه. فثمة مؤشرات كثيرة غير مفسرة لما حصل في الأمس. ثمة مناطق احتجاج لم تتعرض لها الشرطة، وموقع الجيش ما زال غامضاً، وتوقيت الاحتجاج في يوم مغادرة السيسي البلاد يرفع منسوب الشكوك. ناهيك بمشهد في ساحة التحرير تمثل بعبور سيارة بين حشد عائد من مباراة الأهلي والزمالك، أطلق من في السيارة هتافاً ضد السيسي فلقي تجاوباً من العابرين فتحول الحشد إلى نقطة احتجاج غادرت على إثرها السيارة التي أطلقت شرارة الاحتجاج.

 

يبقى أن مؤشرات الانقلاب ما زالت غير ثابتة، ولا معلومات أكيدة حول موقع المؤسسة العسكرية من الحدث المصري. لكن في الساعات والأيام القليلة المقبلة، ستشهد مصر ما يُجلي الصورة، والأكيد أن ما بعد “غزوة الفيديوات” ليس كما قبلها.

 

كل الشروط متوافرة لكي ينخرط الشارع المصري بحركة احتجاج من الصعب تحديد حجمها الآن. فالوضع الاقتصادي ضاغط على نحو لم تشهده مصر في تاريخها الحديث، وضاعفت من تأثيره ظاهرة القصور الرئاسية التي كشفها محمد علي فيما قُضي على الحريات العامة بمختلف مظاهرها. السلطة بأجهزتها الأمنية والقضائية تم توظيفها لخنق الحريات. معارضو الخارج أُسكتوا عبر تهديد أهلهم المقيمين في الداخل. وائل غنيم اعتقل شقيقه أخيراً، ومحمد علي جيء بوالده إلى التلفزيون لكي يقول ان ابنه يعاني من انهيار واختلال عقلي. كل هذا كان يحصل تحت أنظار المصريين، وفي ظل عمل وسائل التواصل الاجتماعي. والقول إن الشارع في مصر اكتوى من التجارب الدموية لحركات الاحتجاج والتظاهر، يملك صدقية، إلا أن خللاً في النظام الأمني ووجود أجنحة في المؤسسة العسكرية والأمنية تشعر بأن تغييراً في رأس النظام حان وقته، يعززان الاعتقاد بأن ثمة ما يحصل في مصر، يجب أن ننتظره ربما قبل عودة الرئيس من رحلته إلى واشنطن.  

لكن وبالعودة إلى فيديوات محمد علي، وهي الشرارة التي أطلقت موجات شكوك كبرى بالنظام وبرأسه، ورد عليها الرئيس على نحو أكد المعطيات التي تضمنتها، فإن لحظة من هذا النوع تبدو فرصة كبيرة لأي راغب في دفع الشارع إلى المواجهة، وهذا احتمال بدأ الكثير من المراقبين تداوله. وهذه تجربة كانت اختبرتها مصر عندما أقدم الجيش على توظيف غضب الشارع على الإخوان المسلمين، للإطاحة بالرئيس المنتخب في حينها محمد مرسي. ويبدو أن المسألة اليوم لا تحتاج إلى مشهد بحجم تلك التي حصلت في 3 تموز/ يوليو 2013… كما من المستبعد أن تترافق مع موجة قمع دموية في حال تفاقم مشهد الشارع بغياب الرئيس، مع ضرورة أن يلاحظ المرء أن طبيعة الجيش المصري تختلف عن قرينيه في سوريا وليبيا، لجهة ارتباطه بتوازنات أهلية تحد من احتمالات مواجهته الشارع، لا سيما أن فزاعة الإخوان المسلمين غير حاضرة في الوقت الراهن.

يبقى أن مؤشرات الانقلاب ما زالت غير ثابتة، ولا معلومات أكيدة حول موقع المؤسسة العسكرية من الحدث المصري. لكن في الساعات والأيام القليلة المقبلة، ستشهد مصر ما يُجلي الصورة، والأكيد أن ما بعد “غزوة الفيديوات” ليس كما قبلها.

السيسي “رئيسي” ..