fbpx

السبب الحقيقيّ وراء عدم شن ترامب هجوماً على إيران

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في الحالة الراهنة، من المرجَّح أنْ تعمل المصالح النفطيّة على منع نشوب الحرب، لا إشعالها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هناك اعتقاد عام بأنَّ إيران هي المسؤولة عن قصف المملكة العربيّة السعوديّة في 14 أيلول/ سبتمبر، إذ استهدفت طائرات مُسيَّرة مع سلسلة من الهجمات الصاروخيّة منشأتَين نفطيّتَين مهمّتَين تابعتَين لشركة “أرامكو”، ما تسبَّب في إيقاف قرابة 5.7 مليون برميل يوميّاً من إجمالي إنتاج النفط في البلاد، وتقليص إمدادات النفط العالميّة بنسبة 5 في المئة. وفي حال قررت إدارة ترامب تنفيذَ ضربة عسكريّة ردّاً على هذه الهجمات، فسوف توصف المواجهة التي ستعقب ذلك على الأغلب بأنّها “حرب نفطيّة” أميركيّة ثانية في الشرق الأوسط، لكن ذلك سيكون وصفاً خاطئاً للغاية. ففي الحالة الراهنة، من المرجَّح أنْ تعمل المصالح النفطيّة على منع نشوب الحرب، لا إشعالها.

إذ قد تزعزع حرب جديدة في الخليج العربي استقرار النظام النفطي العالمي بشدة. وإنْ حدَث وضربَت إدارة ترامب إيران -سواء بمفردها أو بالتعاون مع السعوديّة- واستهدفَت المنشآتِ النفطيّة الإيرانيّة، فستؤثر هذه الهجمات في مزيدٍ من الإمدادات النفطيّة وستؤدِّي في النهاية إلى إيقافها. فعلى رغم انخفاض الإنتاج النفطيّ الإيرانيّ بشكلٍ ملحوظ، بعدما فرضَت الولايات المتّحدة عقوباتٍ جديدة في 2018، لا تزال إيران تنتج أكثرَ من مليوني برميل نفط يوميّاً، وتصدّر أيضاً نحو نصف مليون برميل يوميّاً من المنتجات البتروليّة والغاز النفطيّ المُسال لمجموعةٍ متنوّعة من الزبائن. ستؤدِّي الهجمات إلى سحب هذه الإمدادات من السوق، في الوقت الذي تُكافِح الدول الأخرى المنتجة للنفط من أجل تعويض خسائر الإمدادات السعوديّة.

هدَّدت إيران أيضاً بالردِّ على الهجمات العسكريّة سواء كانت أميركيّة أو سعوديّة. وربَّما يُوقِف الإيرانيون الإنتاج في مرافق أخرى إضافيّة أو يعطلون الإصلاحات الجارية في منشأتَي بقيق وهجرة خُرَيص، وذلك إذا ما قرروا استهداف المنشآت النفطيّة السعوديّة، علماً أنّ الهجمات الأوّليّة على تلك المنشآت، أدّت إلى أضرارٍ بالغة فاقت توقعات كثرٍ من المحللين في القطاع النفطيّ، واستهدفت مرافق المعالجة الرئيسيّة -بما في ذلك أبراج التثبيت ومستودعات التخزين- بدقة عالية. حتى لو كانت طهران غير مسؤولة مباشرةً عن تلك الهجمات، فإنّ المسؤولين السعوديّين على يقينٍ من أنّ المنفّذين استخدَموا أسلحة إيرانيّة. وإذا ثبتت دقة هذه المزاعم، فمعنى هذا أنّ طهران لديها القدرة على إلحاق أضرار إضافيّة كبيرة بالقطاع النفطيّ السعوديّ. ورغم أنّ السعوديّة ربَّما تكون قد عزّزت نظامَ دفاعها الجوّيّ بعد وقوع تلك الهجمات، فقد باتت قدرة المملكة على حماية منشآتها النفطيّة المهمّة، من هجمات الطائرات المُسيَّرة والصواريخ التي تحلِّق على ارتفاعاتٍ منخفضة، محلَّ شكٍّ.

قد يردُّ الإيرانيّون أيضاً على الهجمات الأميركيّة والسعوديّة من خلال محاولة قطع الطريق أمام عمليات نقل النفط. إذ أعربت القوات البحريّة التابعة للحرس الثوريّ الإيرانيّ عن استعدادها لاحتجاز ناقلات النفط الأجنبيّة التي تمر في الخليج العربيّ ومصادرتها، مثلما فعلت يوم الإثنين 16 أيلول وفي شهر تموز/ يوليو الماضي. قد تشل تلك القوات أيضاً حركة ناقلات النفط من خلال استخدام الألغام البحريّة وغيرها من المتفجِّرات، في محاكاةٍ للهجمات التي وقعت في وقتٍ سابق من هذا العام.

وأخيراً، ربَّما تحاول إيران إغلاقَ مضيق هرمز، فهي تهدِّد بذلك منذ أشهر. وفي حين أنّ القوات البحريّة الإيرانيّة ربَّما ليست قادرة على وقف عمليّات النقل بالكامل، أو حتى مواصلة إغلاق الممرّ على المدى الطويل، فإنَّ المحاولة في حدِّ ذاتِها قد تُعكّر صفو أسواق النفط العالمية. فقد ارتفعت بالفعل أسعار التأمين على ناقلات النفط التي تمر عبر المضيق بمقدار عشرة أضعاف بين شهرَي أيار/ مايو وأيلول. وقد تساهِم أي محاولات لإغلاق المضيق في ارتفاعٍ حادٍّ آخر. يمكن أيضاً أنْ تشهَد أسعارُ النفط نفسُها ارتفاعاً كبيراً، نتيجة زيادة المخاطر الجيوسياسيّة.

ربَّما يضرّ تصاعُد الصراع في الخليج العربيّ بمصالح الكثير من الدول في قطاع الطاقة. وسوف تتأثّر المملكة العربيّة السعوديّة على جبهات عدة، نتيجةً لهذا الصراع الخليجيّ المكثّف. إذ ستتكبد منشآتها النفطيّة أضراراً مادّيّة جديدة، إضافة إلى خسارة المزيد من إيرادات مواردها الطبيعيّة بسبب مبيعات النفط المُعلَّقة. والأهمّ من ذلك كلِّه هو أنَّ سُمعةَ شركة النفط المملوكة للدولة (شركة الزيت العربيّة السعوديّة، أرامكو السعوديّة)، باعتبارها مورّداً نفطيّاً موثوقاً، قد تتلقى ضربةً موجعةً أخرى.

من شأنِ تصاعُد حدّة الصراع في الخليج أنْ يُهدِّد أيضاً أمنَ الطاقة في الصين وأوروبا. إذ تُعَدّ المملكة العربيّة السعوديّة أكبرَ مورِّد للنفط إلى الصين حالياً

بدأ المسؤولون السعوديّون بالفعل في محاولةٍ جاهدة لاستعادة الثقة في شركة النفط الوطنيّة بعد الهجمات التي وقعت نهايةَ الأسبوع الماضي. فقد أكّد أمين حسن الناصر، رئيس وكبير الإداريّين التنفيذيّين في أرامكو السعوديّة، يومَ الثلاثاء الماضي أنّ الشركة ستستعيد كاملَ قدراتها الإنتاجيّة التي توقّفت في وقتٍ سابقٍ على خلفيّة الهجمات التخريبيّة على معاملها في بقيق وهجرة خُرَيص نهايةَ الشهر الحالي، وأنّ الطرْحَ العام الأولي للشركة الذي طال انتظارُه، سيمضي كما هو مُخطَّط له. ومع ذلك، حامَ شكوك كثيرة حول هذا الأمر، فضلاً عن أنّ حدوثَ المزيد من الاضطرابات سيُلحِق ضرراً كبيراً بتقييم الشركة وبمخطّطاتِ القائد السعوديّ محمد بن سلمان، الراميةِ إلى استخدام عائدات الطرح العام الأولي للشركة من أجل تمويل التنوّع الاقتصاديّ في البلاد. بيد أنّ الخوف من عدم الاستقرار يحدّ من قدرة الرياض على المناوَرة. وقد أشار روبن ميلز -الزميل السابق غير المقيم لشؤون الطاقة في مركز “بروكنغز الدوحة”، ومؤسِّس شركة قمر للطاقة- إلى أنه “سيكون من المستحيل المضي قدماً في عملية الطرح العام الأولي للشركة إذا ما استمرّت الهجمات على هذا النحو”.

من شأنِ تصاعُد حدّة الصراع في الخليج أنْ يُهدِّد أيضاً أمنَ الطاقة في الصين وأوروبا. إذ تُعَدّ المملكة العربيّة السعوديّة أكبرَ مورِّد للنفط إلى الصين حالياً، حيث تمدّها بما يقرب من 17 في المئة، من وارداتها من النفط الخام، فيما لا يزال المستهلكون الصينيّون مستمرّين في شراء كمياتٍ صغيرة من النفط الخام الإيرانيّ، إضافة إلى منتجات بتروليّة أخرى، على رغم العقوبات الأميركيّة. في المقابل، أوقفت الدولُ الأوروبيّة شراءَ النفط من إيران، ولكنها أقل اعتماداً على النفط السعوديّ. غير أنّ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبيّ ما زالت تستورد أكثر من 13 في المئة من احتياجاتها من الدول المنتجة للنفط في الخليج. ومن شأن اشتدادِ الصراع الإقليمي أن يُهدّدَ قدرةَ الأوروبيين على الوصول إلى هذه الإمدادات، ويُجبرَهم على دفع أسعار أعلى، ويقوّض جهودهم الديبلوماسيّة المستمرة، لإعادة النفط الخام الإيرانيّ إلى سوق النفط العالميّة.

ليس من المستغرب أنْ يتبنّى المسؤولون الصينيّون والأوروبيّون موقفاً حذِراً في التعامل مع الأزمة. فعلى رغم إدانة وزارة الخارجيّة الصينيّة الهجومَ، نصحَت هوا تشان ينغ، المتحدِّثة الرسميّة باسم الوزارة، جميعَ الأطراف المعنيّة بالأزمة “بتجنّب اتّخاذ إجراءاتٍ من شأنها أنْ تؤدي إلى تصعيد التوترات الإقليميّة”، وفضَّلَت عدمَ توجيه أصابع الاتهام أو إسناد المسؤولية عن الهجمات إلى جهة معينة. في حين طالبَت المستشارةُ الألمانيّة أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطانيّ بوريس جونسون بردٍّ دوليّ على الهجمات. ومع ذلك شددا على “أهمّيّة تفادي زيادة تصعيد التوتّرات في المنطقة”. ونظراً إلى هذا التحفّظ، يبدو جلِيّاً أنه إنْ كانت الولايات المتّحدة راغبةً في شنِّ هجومٍ انتقاميّ على إيران، فسيكون لِزاماً عليها أنْ تتحرَّك بمفردِها.

غير أنَّ إدارةَ ترامب لديها أيضاً دوافع قويّة لتجنّب تصعيد الصراع. فعلى رغم أنّ الولايات المتّحدة صارت الآن أكبرَ منتج للنفط في العالم، كما أشار ترامب أخيراً، فإنّ البلادَ ليست في مأمنٍ من عدم الاستقرار، إذ إنَّ سوقَ النفط سوقٌ عالميّة، ولهذا فحتّى إذا ما حقّقَت الولايات المتّحدة الاكتفاءَ الذاتي من النفط، فإنها بلا شكّ ستظل متأثرةً بارتفاع الأسعار في هذه السوق العالميّة، وستدفع المصافي الأميركيّة مبالغَ أكبر مقابلَ النفط الخام، بغضِّ النظر عن مصدره. وعندما تنتقل هذه الزيادة في الأسعار إلى العملاء، سيتكبَّد الأميركيّون هذا الفارق، وسيضطرّون إلى دفع المزيد في محطّات الوقود.

لا تحظى عملية ارتفاع أسعار البنزين بشعبيّةٍ على الإطلاق، ومع ذلك، فإنها تُشكِّل خطورةً مهمة في العام المُقرَّر أنْ تُعقَد فيه الانتخابات. ومن شأن تعرُّض الموارد المالية والمصالح الاقتصادية الأميركية لصدمةٍ من هذا القبيل أنْ يقوِّض على الفور دعم إعادة انتخاب ترامب. ويُمكن أنْ يدفع الارتفاعُ المستمر في أسعار النفط البلادَ إلى الركود، وهو الأمر الذي من شأنه أنْ يُلحق أشدَّ الضرر بطموحاته الاقتصاديّة.

يُمكن تقليص هذا الخطر إذا استطاعَت إدارةُ ترامب إقناعَ الناخبين الأميركيّين بأنّ حماية تدفق النفط في الخليج هي مصلحة جوهرية للأمن القومي الأميركي. بيد أن هذه المهمة ستكون شاقة للغاية. ففي الآونة الأخيرة، لا يُبدي الأميركيّون اهتماماً كبيراً بإهدار المال والأرواح لدعم أيٍّ من حكومات الشرق الأوسط. ومن غير المرجَّح أنْ يَلقَى النظام السعودي، خصوصاً، دعماً شعبياً، بسبب العداوة طويلة الأمد التي أثارها تورُّط مواطنين سعوديّين في هجمات 11 أيلول الإرهابيّة، فضلاً عن النهج الذي تتّبعه الدولة في التعامل مع قضايا المرأة، إضافة إلى حالة الاشمئزاز العام التي سادت إثر مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي. ولأنّهم استشعروا وجود فرصة سياسية سانحة للمعارضة، سارع خصومُ ترامب إلى التعبير عن رفضهم قيام الولايات المتّحدة بأيّ عملٍ عسكريّ. وقد ظهر ذلك جليّاً في تصريح أحد هؤلاء المعارضين، وهو السيناتور الديموقراطيّ عن ولاية فرجينيا تيم كين، أنّ القتالَ من أجل الدفاع عن النفط السعوديّ سيكون “خطأً فادحاً”.

يبدو أنّ إدارة ترامب أدركت تدريجيّاً الثمن السياسيّ الذي قد تدفعه جرّاء تصعيد الصراع. على رغم أنّ استجابة الرئيس للهجمات في السعوديّة، كانت في البداية من خلال التغريد قائلاً إنّ الولايات المتّحدة “على أتمّ الاستعداد” للقيام بضربة عسكريّة بحلول يوم الاثنين، إلّا أنّه كان يرفض اتّهام إيران بشكلٍ قاطع وحاسم. وقد أخبر ترامب الصحافيّين أيضاً أنّه كان يرغب في تجنّب المزيد من الحروب وأنّه إنْ أراد السعوديّون الحصولَ على دعمٍ أميركيّ، فمن الأفضل أنْ يكونوا على استعدادٍ لدفع تكاليف ذلك الدعم. وعلى رغم أنّ دعوات اليوم إلى توقيع عقوباتٍ أقوى تكون رادعة لإيران، إلّا أنّها لا ترقَى إلى مستوى العمل العسكريّ.

هذا التردّد الجماعي في الانتقام، من جانب الولايات المتّحدة والاتّحاد الأوروبيّ والصين والمملكة العربيّة السعوديّة، يعني أنّ أيّاً كان مَن ارتكَبَ الهجمات على بقيق وهجرة خُرَيص قد يُفلِت من العقاب. إنّ اعتماد الدول الأخرى على مصادر النفط وأرباحها قد غلّ أيديها، لأنّ تصعيد الصراع الحالي قد يهدّد مصالحها الأساسيّة في قطاع الطاقة.

تلك القيود تمنح طهران حرية استثنائية في العمل والحركة. وفيما قد لا تكون إيران مسؤولةً عن تلك الهجمات، فإنّ الأخيرة دفعَت عدداً من مصالِحَها إلى الأمام. بدايةً، أضرّت عمليّات القصف بالمملكة العربيّة السعوديّة، خصم إيران في اليمن ومنافستها في منطقة الخليج. وكشفت تلك الهجمات عن حساسية قطاع النفط في المملكة وضعفه، ومثّلت تهديداً للطرْح العام الأوّليّ الذي طال انتظارُه لشركة “أرامكو” السعوديّة. ثانياً، إذا قرّرت إدارة ترامب الثأرَ للهجمات، من جانبٍ أحاديّ أو بالتعاون مع المملكة، فإنّ هذا سيزيد من العزلة الديبلوماسيّة للولايات المتّحدة. ثالثاً، بزيادة علاوة الخطر الجيوسياسيّ المرتبطة بأسعار النفط، فإنّ عمليّات القصف قد تُقنِع مستهلِكي النفط بأنّه قد يكون من الآمَن رفع العقوبات الدوليّة، لإتاحة عودة النفط الإيرانيّ إلى الأسواق ولتقليص ما قد يدفع البلاد إلى مهاجمة المنشآت النفطيّة لجيرانها.

يُمكن تقليص هذا الخطر إذا استطاعَت إدارةُ ترامب إقناعَ الناخبين الأميركيّين بأنّ حماية تدفق النفط في الخليج هي مصلحة جوهرية للأمن القومي الأميركي.

سيكون المسؤولون الأميركيّون متردّدين في الإحجام عن الانتقام، فضلاً عن تخفيف العقوبات على إيران، إذ قد تمثّل تلك التنازلاتُ مكافأةً مقابل ما بَدَا عدواناً على نطاق دوليّ. إلّا أنّ قصف إيران أو تعزيز العقوبات على قطاع النفط لن يحلّ المشكلة. ما دامت هناك عقوبات يتم تنفيذها، فإنّ الأزمة الاقتصاديّة الإيرانيّة ستدوم. ومع اشتداد الأزمة سيصبح النظام الإيرانيّ أكثر يأساً. ستتوقّف طهران عن اعتبار اعتماد الدول الأخرى على النفط فرصةً للاستغلال من خلال ضربات محدودة ومدروسة بعناية، وعَوِضاً عن ذلك -ومع زيادة التضييق عليها- سيكون لديها دافع للمخاطرة بكلّ شيء.

وقد رأينا ذلك المسارَ ذاته، عام 1990، عندما دفعَت الأزمة الاقتصاديّة العراقيّة المتصاعِدة، والتي تفاقَمَت مع تراجُع عائدات النفط، الرئيسَ العراقيّ صدام حسين إلى غزو الكويت. وعلى النقيض من التفسيرات الشائعة لذلك الصراع، فإنّ الرئيسَ العراقيّ الأسبق لم يعتقد أنّ الولايات المتّحدة لن تردَّ على عدوانه، وإنّما افترَضَ أنّ إدارةَ جورج بوش الأب قد تردُّ اقتصاديّاً وعسكريّاً. نبع هذا الاعتقاد من إيمانه العميق بأنّ الولايات المتحدة كانت عازِمةً على تدمير العراق والإطاحة به. غزا صدّام الكويت لاعتقادِه بأنّ الاستيلاء على نفط الكويت يمثّل سبيلَه الوحيد المُتاح للبقاء.

إذا حُشِر النظام الإيرانيّ في الزاوية، فمن الأرجح أنْ يتّخذَ قراراً مشابِهاً. ولقناعته بأنّ الولايات المتّحدة دولة مُعادِية بلا هوادة، ومع التهديدات الحالية لبقائه، فإنّ النظام الإيرانيّ سيلجأ إلى عمليّاتٍ من العدوان الدوليّ، على رغم آفاقِه المحدودة في تعزيز إيران سياسيّاً أو اقتصاديّاً. ومن الراجح أنْ يكون هذا الاعتداء اليائس أقلَّ تمييزاً وأكثر تدميراً، ممّا شهدناه في العمليّات الأخيرة. بناءً على هذا، وفيما تُحجِم إدارة ترامب بشكلٍ متفهَّم عن التصالُح مع المعتدي المحتمَل (إيران)، فربّما ليس لديها خيارٌ آخر. وإلى أنْ تُصبح الدول الأخرى أقلّ تقييداً ومحدوديّة بسبب اعتمادِها على مصادر النفط وعائداتِه، فإنّ طهران ستكون لها اليد الطُولَى عليها.

هذا المقال مترجَم عن foreignpolicy.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.

استهداف “بقيق” السعودية: إنه أوان تحديد مستقبل الشرق الأوسط!

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!