fbpx

إيران تزيد من شهية مسؤولي الدفاع الإسرائيلي، لدعم ميزانيتها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

رغم تعهد وزارته قبل عامين بعدم طلب أموالٍ إضافيةٍ، يرغب أفيغدور ليبرمان في ميزانية أكبر، للتعامل مع وجود نظام إسلامي في سوريا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

رغم تعهد وزارته قبل عامين بعدم طلب أموالٍ إضافيةٍ، يرغب أفيغدور ليبرمان في ميزانية أكبر، للتعامل مع وجود نظام إسلامي في سوريا.
الأمر الجوهري الذي يجب توضيحه في البداية، أن النقاش حول ما يمكن أن تفعله إسرائيل بما تحصل عليه من فائض الضرائب، لا يعدو كونه نقاشاً نظرياً بحتاً. الحكومة لا تملك حقيقةً 10 مليارات شيكل إضافيةً، وهي في أحسن الأحوال، تواجه عجزاً في الميزانية، يقل بقليل عما كان متوقعاً.
يمكن لوزارة المالية أن تقرر إبقاء العجز عند حده الأصلي، 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي. ويمكن أن توظف هذه الهبة غير المتوقعة، الناجمة عن الضرائب المفروضة على صفقة موبيلي، وعما يسمى بشركات المحافظ، أي تلك التي يملكها أفراد من ذوي الدخل المرتفع  لحماية رواتبهم من مدفوعات الضرائب، لخفض الضرائب أو خفض الدين القومي. وإذا أرادت الوزارة زيادة النفقات، وهذا أمر آخر بالفعل، تحتاج في هذه الحالة، إلى تغطية كامل النفقات، أو العثور على مصادر إيرادات إضافية، مثل الأرباح المستخلصة من الشركات المملوكة للحكومة، أو بيع الأصول الحكومية، أو يمكنها ببساطة نقل الأموال من بند في الميزانية إلى بندٍ آخر.
في هذا الصدد، ثمة شعور بأن ما تقوم به وزارة المالية ووزير المالية موشي كاهلون، مرتبط بدوافع خاصة بهما. فعندما يُعلن وزير المالية أن هناك فائضاً في العائدات الضريبية، فهو يزيد في الواقع من شهية الوزراء الآخرين، والقطاعات التي تطلب منحها الأموال، بما في ذلك المواطنين، الذين يعانون من أوضاعٍ معيشيةٍ صعبة، وضباط الشرطة والمعلمين والجامعات، من دون أن ننسى بطبيعة الحال، تلك الجهة الفاعلة المعروفة برغبتها الدائمة في الحصول على المزيد، ثم المزيد. نقصد بذلك، مؤسسة الدفاع.
وما فتئ وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان يلمح، منذ أشهر، إلى أن ميزانية الدفاع تحتاج إلى 4.5 مليار شيكل إضافية، وتبريره لذلك، هو أن على إسرائيل أن تستعدّ وتجهز نفسها للتهديدات المنبثقة عن الوجود الإيراني في سوريا، بعد أن استفادت إسرائيل لسنوات عدة من ضعف النظام في سوريا، الناجم عن الحرب الأهلية الدائرة منذ سنوات. لكن الوضع قد تغير، وقد عزز الرئيس بشار الأسد حكمه، من خلال التدخل الروسي والإيراني، بما يهدد أمن إسرائيل. في الواقع، لا يشكل بشار الأسد في حد ذاته تهديداً لإسرائيل، خصوصاً بعد سنوات من الحرب الأهلية وإراقة الدماء. لكن الوجود الإيراني في سوريا، يسبب إزعاجاً كبيراً للمؤسسة الدفاعية الإسرائيلية، ولرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي حذر من “لبننة سوريا”، أي تحويلها إلى لبنان أخرى.
هناك إجماع في إسرائيل على أن سوريا تتحول شيئاً فشيئاً إلى قاعدة إيرانية، ما يغير من الوضع الاستراتيجي، وهو الأمر الذي يستعمله ليبرمان ذريعةً لتبرير طلبه بمزيد من التمويل لوزارته. وللعلم كانت وزارتي المالية والدفاع اتفقتا، قبل عامين، على ميزانية دفاع ثابتة على مدى خمس سنوات. وكانت مؤسسة الدفاع قد وعدت في حال الموافقة على الميزانية، بأنها لن تقدم طلبات أخرى. وفي تلك الأثناء، اتخذت قوات الدفاع الإسرائيلية تدابير تمهيدية، مثل تجميد آلاف المناصب في صفوف الجيش الدائم، وغلق بعض الوحدات، وتقليص الفائض الذي تراكم على مدى العقد الماضي. وكان الهدف من الاتفاقية المبرمة هو ضمان تحصيل رضا مؤسسة الدفاع وضمان استقرارها، فضلاً عن تحسين صورتها في عيون المواطنين، بعد أن تلطخت سمعتها، باعتبارها الوحش المبدد للأموال، في حين تعاني قطاعات الخدمات الاجتماعية من الحرمان.
السؤال المطروح الآن، ماذا حدث من شأنه أن يفسر مطالبة المؤسسة الدفاعية فجأةً بملياراتٍ أخرى؟ هل يقف الجيش الإسرائيلي ورئيس أركانه، غادي إيسنكوت، وراء هذه المطالب؟ يقول كبار الموظفين العموميين، إن إيسنكوت نفسه غير مرتاح لهذه المطالب، نظراً للاتفاق المبرم قبل عامين.
يُعتبر كهلون مقرباً من إيسنكوت، ومثل هذا الطلب قد يزيد التوتر بينهما، وسبق أن أشاد إيسنكوت بكاهلون، لاستعداده للاستماع إلى احتياجات جيش الدفاع الإسرائيلي. يشار إلى أن طلب الحصول على هذه الأموال لم يقدمه الجيش الإسرائيلي بنفسه، إنما جاء عن طريق رئيس المخابرات، هرتسل هاليفي، من خلال الضغط على نتنياهو. ومعروف أن نتنياهو لا يطيق المخاطر الأمنية، وهو على استعداد لاستثمار المليارات، للتصدي لهذه المخاطر.
لم يكن ليبرمان طرفاً في اتفاقية الموازنة قبل عامين، ويستبعد أن يشكل مثل هذا التفصيل عنصراً كافياً لإقناع وزارة المالية بإعادة فتح الاتفاق، والدخول في صراعات مع الوزارات الأخرى، والبحث عن مصادر أخرى لتوفير المليارات التي يطالب بها ليبرمان.
يَعرِف كاهلون طبيعة التهديدات الاستراتيجية الجديدة في سوريا، لكنه لا يزال غير متحمسٍ لمناقشة زيادة ميزانية الدفاع. ومعروف أن للمؤسسة الدفاعية طرقها الخاصة، في إثارة المخاوف للتخفيف من حدة معارضة وزراء المالية. ومثل هذه الوسائل المتميزة، تحدث دائماً في غرف تضيق جدرانها بخرائط مخترقة بالكثير من الأسهم، وسيناريوهات مرعبة، قادرة على أن تجعل أي شخص عاقل يهرع إلى إخراج بطاقاته الائتمانية، وعرضها على المسؤولين لاقتطاع المال، مساهمةً منه في دفع الخطر والتهديد المحدق.
والسؤال المطروح إزاء هذا الموقف، هو إذا ما كان لأي من المطالبات الأخرى المتعلقة بالميزانية، وهناك الكثير، حظاً من هذه الزيادة.
ثم هناك شخصية كاهلون نفسه، الذي لم يعد يثق كثيراً بنتنياهو، في أعقاب قضية البث العام، التي أظهرت أن نتنياهو كان على استعداد للتوجه إلى الانتخابات في ضوء هذه القضية. ومذاك، تصرف كاهلون هو أيضاً، كما لو أنه يستعد لخوض الانتخابات. ورأينا ذلك جلياً من خلال خطته الخاصة بالضرائب، التي صاغها نيتو ميشباشا بشكلٍ عشوائي، والتي كان يفترض أن تزيد من حجم الأموال المتاحة للطبقة الوسطى، فضلاً عن حملة العلاقات العامة الواسعة، التي أحاطت ببرنامج مهر ليميشتاكين للسكنات منخفضة الكلفة.
يرأس كاهلون أحد الأحزاب الستة في الائتلاف، وهو ليس عضواً في حزب الليكود برئاسة نتنياهو أو حزب ليبرمان، إسرائيل بيتنا. إلى جانب ذلك، كان سخياً جداً في صفقة الدفاع قبل عامين، التي تعرّض بسببها للانتقاد. وقد تجتمع هذه العوامل، لتجعل من الصعب على المؤسسة الدفاعية، الضغط لتنتزع منه المزيد من المال. ولهذا السبب، ولو جزئياً، طلب رئيس مكتب نتنياهو يواف هورويتز، والمدير العام لوزارة المالية شاي باباد، من الصندوق القومي اليهودي، تقديم الأموال الحكومية التي تراكمت في حساباته، نظراً لـ”التهديدات الأمنية الجديدة”، في إشارة، على الأرجح،  إلى مطالب مؤسسة الدفاع. لكن تبدو صيغة “نحن في حاجة إليها للعاجزين” غير مقنعة، ومن دون بعد صهيوني.
هذه خدعة أخرى تستخدمها المؤسسة الدفاعية، عند طرحها احتياجات دفاعية غير واضحة، لا يعلم عن تفاصيلها وبشكل دقيق، سوى عدد قليل من المسؤولين، ومع ذلك، تخلق دوماً ما يبدو وكأنه مفاضلة  بين “حياة الإسرائيليين نفسها”، مقابل نوعية الحياة الإسرائيلية فحسب.
بصفة عامة، يتغلب  الشعور بالأهمية والاستعجال الذي تثيره مطالب المؤسسة الدفاعية، على الأجواء الأقل إلحاحاً، التي تلازم الاحتياجات الأخرى. والشخص الذي يمكنه أن يغير هذا الوضع، هو كهلون نفسه. كونه مطلعاً بشكل تام على تفاصيل الموضوع، ويقول البعض إنه يميل إلى مغادرة القاعة والتنصل، كلما انتقلت المناقشة إلى التهديد الإيراني الجديد في سوريا، وما يصاحبه من مطالب نقدية، وقد عبر عن ذلك أحد كبار الموظفين العموميين، بالقول: “لا يريد سماع ذلك”.
والسؤال في نهاية المطاف: كم من الوقت سيصمد كاهلون أمام الضغوط الممارسة عليه؟. يحتفظ لنفسه بأفكار أخرى أفضل، حول كيفية استخدام احتياطي الميزانية البالغ 3.5 مليار شيكل. من المقرر تحديد أوجه تخصيص هذا المبلغ في الشهر المقبل؛ في الوقت الذي بلغ فيه حجم المطالب قدراً لا يقل عن ثلاثة أضعاف المبلغ المتاح. لننتظر إذن، ونرى إذا كان هناك أي شيء يمكن أن يهزم مهارة مؤسسة الدفاع في التهام كل شيكل من الميزانية المتاحة.

هذا المقال مترجم  عن موقع هآرتس.
لقراءة المقال بالإنكليزية على الرابط التالي.
[video_player link=””][/video_player]