fbpx

السيسي : عن والدته وعن الاحتجاجات ضدّه… ما القصة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الطابع المُلْهِي للمعارك الكلاميّة المستعرة بين السيسي وأعوانه من جهة ومعارضيه من جهة أخرى، لا يمكنه إخفاء حقيقة أن الأوضاع في مصر تكاد تصل إلى نقطة الغليان. كيف ذلك؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كلمات حملت بين طياتها الكثير من التوبيخ والعتاب لجميع المصريين الذين شاركوا في الاحتجاجات الصاخبة الأخيرة، قال فيها “ألا تشعرون بالخوف على جيشكم؟ ألا تشعرون بالقلق من مدى صدمة الضباط الصغار عندما يقول الناس إن قادتهم ليسوا أشخاصاً صالحين؟ ألا تعرفون طبيعة الجيش؟ فالجيش مؤسسة مغلقة، وشديدة الحساسية إلى أقصى حد لأي سلوك غير لائق، بخاصة في ما يتعلق بالقادة”.

أكد الرئيس أن مستشاريه وكبار الضباط في أجهزة الدولة توسلوا إليه ألا يرد علناً على اتهامات الفساد التي وجهها إليهم الممثل والمقاول محمد علي في سلسلة من مقاطع الفيديو، التي انتشرت في الآونة الأخيرة على “يوتيوب” و”تويتر”. لكنه رفض الأخذ بتلك النصيحة، وقال: “أخبرتهم أن العلاقة بيني وبين الناس مبنية على الثقة التامة ببعضنا بعضاً… ومن غير المعقول أن يأتي شخص ما ويقول للناس، إن الشخص الذي تثقون به غير أمين، وهذا هو أخطر شيء في العالم، بخاصة عندما يُقال عن القيادات العسكرية”.

لم تنكسر الثقة التي أشار إليها السيسي عندما نزل آلاف المصريين إلى شوارع القاهرة والإسكندرية والسويس ومدن أخرى، مطالبين بإسقاطه. بل بدأت تتصدّع في الواقع، بعد فترة وجيزة من تولي الرئيس السلطة في تموز/ يوليو عام 2013، حين بدأ تنفيذ سياسة القبضة الحديدية التي تعتمد على ممارسات القمع والتهديد ضد خصومه السياسيين. فضلاً عن أنه لم يوجه صراعه ضد جماعة الإخوان المسلمين فحسب، على رغم إطاحته بالرئيس المنتخب ديموقراطياً محمد مرسي المحسوب على الجماعة في انقلاب عسكري، وتصنيفها بأنها منظمة إرهابية.

 

لا بد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريز -الذي سبق واتهمته شائعات روَّجها اليمين الإسرائيلي بأن أمه عربية- يبتسم الآن في قبره. إذ لم يعد الزعيم الوحيد الذي تُحرجه أمه بسبب انتسابها لدولة معادية.

المثير هنا هو أن الحكومة المغربية دحضت هذا الادعاء رسمياً ونفت صحة هذه الوثائق. لكن هذا لم يعد مهماً، فقد تحولت الشائعات إلى حقائق. 

 

فقد تعرض في عهده عشرات الأكاديميين والصحافيين والنشطاء السياسيين والحقوقيين والشعراء الساخرين والفنانين وطلاب الجامعات، للحبس والتنكيل أو واجهوا دعاوى قضائية، بعضها بذريعة الإضرار بالأمن القومي، والبعض الآخر بسبب الإساءة إلى شرف الرئيس أو تشويه سمعة مصر.

كما تعرض كثر من هؤلاء المعارضين “للاختفاء القسري” لفترات طويلة، من دون أن يعلم ذووهم أي شيء عن أماكن اعتقالهم أو مصائرهم. ومنعوا من لقاء محاميهم أو الاتصال بعائلاتهم.

لم يكن الشعب المصري عموماً على دراية بمعظم تلك الحالات، نظراً إلى أن القليل منها فقط يتمكن من الوصول إلى وسائل الإعلام وجذب اهتمام الجمهور، بيد أن السمة السائدة هي أن كل موجة من الاعتقالات يصاحبها ظهور بطل أو بطلة على الساحة السياسية. ومن بين الأبطال الذين سطع نجمهم خلال الاحتجاجات الأخيرة، كانت الناشطة والمحامية المدافعة عن حقوق الإنسان ماهينور المصري (33 سنة)، فقد ألُقي القبض عليها أثناء خروجها من قاعة المحكمة في القاهرة، بعدما حضرت تحقيقات النيابة مع عدد من المتظاهرين الذين تم توقيفهم.

لدى ماهينور سجل حافل في مواجهة السلطات. فقد كانت ناشطة ضد نظامي مبارك ومرسي، والآن السيسي. وخلال فترة حكم جميع هؤلاء الرؤساء، تعرضت للسجن لفترات قصيرة ودفعت غرامات باهظة، ولكن لم توقفها الإجراءات التي اتخذت ضدها، بل واصلت نضالها.

وعلى رغم التحديات، واصلت مساعدة المعتقلين، بما في ذلك دفع كفالتهم من أموالها الخاصة، باستخدام الميراث الذي حصلت عليه بعد وفاة والدها الثري. يقول أصدقاؤها إن سخاءها نابع من شعورها بالذنب إزاء ثروة والدها باعتبارها عضواً في الحركة الثورية الاشتراكية.                   

من الأشخاص الذين اعتقالوا عقب التظاهرات هذه المرة، سياسيون وأدباء معروفون على المستوى المحلي في مصر فقط. ولم تأت على ذكرهم بصفة عامة سوى منظمات حقوق الإنسان التي حاولت الاحتفاظ بقوائم منظمة للمعتقلين. على رغم أن قدرة هذه المنظمات على مساعدتهم محدودة.

في أعقاب التظاهرات الأخيرة، لم تتمكن هذه المنظمات من تحديد عدد الأشخاص الذين تم اعتقالهم. فقد أصدرت إحداها تقارير تفيد بأن العدد وصل إلى 220 معتقلاً، بينما صرحت منظمة حقوقية أخرى أن العدد تجاوز 274 معتقلاً. في حين انتشر على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، أن الرقم فاق 500 معتقل.

الأمر الواضح هو أن اندلاع هذه التظاهرات كان مستبعداً ونادراً في ظل حكم السيسي. ومِن ثَمَّ فقد أثارت هذه الاحتجاجات بالفعل تكهنات بشأن استقرار نظامه وقدرته على البقاء في السلطة.

وعلى رغم ذلك، ثمة فارق جوهري بين السيسي والرئيس السابق حسني مبارك. فقد اتسمت علاقة مبارك بالجيش بعدم الاستقرار، فضلاً عن أن علاقته مع وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش آنذاك، محمد طنطاوي، شابها الكثير من التوتر. ووصلت هذه التوترات إلى ذروتها عندما انحاز الجيش إلى جانب المتظاهرين خلال الثورة التي اندلعت ضده عام 2011.

 

لا يملك السيسي سوى رد واحد على المواطنين المحبطين ومنتقديه السياسيين، “اصبروا. من المستحيل إصلاح إخفاقات الحكومات السابقة في يوم”. لكن عندما تُنشر مقاطع فيديو حول الفساد المستشري بين كبار ضباط الجيش عبر شخصٍ كان جزءاً من نظام الفساد العسكري، وعندما يبني الرئيس قصوراً رئاسية ومنازل فاخرة لنفسه، فإنه يختبر صبر الشعب بطريقة تنذر بعواقب وخيمة.

 

في المقابل، حافظ السيسي على علاقةٍ وثيقةٍ مع الجيش ووزير الدفاع الفريق أول محمد زكي. الذي كان قائداً للقوات التي اعتقلت مرسي من القصر الجمهوري. والذي شهد كذلك أن مرسي هو من أمر الجيش بإطلاق النيران على المتظاهرين. 

لكن أشارت بعض التقارير إلى نشوب خلافاتٍ بين السيسي وزكي. وهو ما قد يفضي إلى إقالة الأخير من منصبه، وذلك في إطار تعديل وزاري واسع يعتزم السيسي إجراءه في تشرين الأول/ أكتوبر. كما قد تؤدي أيضاً مقاطع الفيديو التي ينشرها محمد علي حول الفساد المتأصل في مؤسسة الجيش، إلى تغيير قيادة الجيش.

أفادت بعض التقارير بأن عباس كامل، رئيس جهاز المخابرات العامة -المعروف في إسرائيل بأنه الشخص الذي أجرى الاتصالات الرئاسية مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي-  هو المسؤول عن إثارة تلك الفتن في الساحتين العسكرية والسياسية. إذ يقال أنه يحاول إقناع السيسي بعزل رئيس الوزراء مصطفى مدبولي متحججاً بإخفاقاته الإدارية، التي كانت السبب وراء فشل إصلاحات السيسي ومخططاته التنموية.                          

وقد أخبرت مصادر مصرية صحيفة “هآرتس” أن التظاهرات الأخيرة وضعت السيسي في موقفٍ حرج للغاية، وذلك لسببين أولهما هو أنها طالبت بشن حربٍ على الفساد المتفشي في الجيش، وثانيهما هو أنها أظهرته في صورة الرئيس الجاهل بما يحصل في مؤسسته العسكرية. لهذا، وعلى رغم دفاعه عن الجيش ومنحه وزارة الدفاع حصانة من المساءلة البرلمانية، سيضطر السيسي إلى إجراء تغييرات واسعة بين كبار ضباط الجيش لإثبات سيطرته على الجيش ولاحتواء الغضب الشعبي.

لن تكون هذه هي المرة الأولى التي يفرض فيها السيسي سيطرته على الجيش ويريه أنه هو الذي يتولى زمام الأمور. ففي حزيران/ يونيو الماضي أطاح السيسي بالفريق أول صدقي صبحي، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي السابق، والذي شارك أيضاً في عملية عزل مرسي. وخاف السيسي من تزايد سلطته في الجيش ومن أنه قد ينقلب عليه، بخاصة بعد اكتشافه أن صبحي يُعارض خطته لتعديل الدستور، حتى يتمكن من البقاء في السلطة بعد انتهاء فترتي ولايته.                    

وفقاً للدستور، لا يستطيع الرئيس إقالة رئيس الأركان من دون موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. لكن السيسي حصل بسهولة على موافقة المجلس، ولم يلقَ أيّ معارضة لقرار عزل صبحي.

في الوقت الراهن، قد تثبت مثل هذه الخطوات أن الجيش يواصل دعمه الرئيس، وذلك لحماية مصالحه في المقام الأول. فقد أصبح الجيش المُتعهد الرئيسي لمشاريع الحكومة، التي تُمنَح له من دون طرح مناقصات، بل وتُعفى أرباحها من الضرائب.

كما لا يوجد ما يقلق السيسي على الصعيد السياسي، فمعظم أعضاء البرلمان إما ينتمون للحزب الحاكم أو انضموا لائتلافه، سواء من أجل المال أو بسبب الضغوطات التي تُمَارس عليهم. وعموماً، لا توجد أيّ معارضة تحت قبة هذا البرلمان، إذ تُمرر جميع التشريعات التي يقترحها الرئيس. 

وعقب التظاهرات التي خرجت في البلاد، اقترح رئيس لجنة الصناعة في البرلمان، أن يُعَاقَب كل من يتطاول على مصر أو شعبها أو رئيسها، بسحب الجنسية والسجن المؤبد. وقد حظي هذا المقترح أيضاً، الذي يذكرنا بالأفكار الجامحة في الكنيست الإسرائيلي التي تُثير ضجيجاً، بتأييدٍ كبيرٍ من النائبة سوزي ناشد، العضو في لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في البرلمان.

قالت إن “من تطاول على الوطن ومن يقلل من شأنه أو من قيمة رئيسه أو رموزه لا يجب أن يُحسب على الوطن”، مضيفةً، “في الغالب لن يفرق معهم كثيراً سحب الجنسية من تركها”، مفترضةً أنهم خونة في أي حال، “لكن لا يجوز تركها معهم”. 

في نهاية المطاف، يُعد  شعار “لا جنسية (أو مواطنة) بدون ولاء”، قاسماً مشتركاً آخر بين مصر وإسرائيل. ففي البلدين، يعتبر الولاء لرئيس السلطة التنفيذية ولاءً للدولة ذاتها. 

يهدف هذا الموقف البرلماني إلى اعتبار منافسي الرئيس أعداءً للشعب ينبغي دحرهم بأيّ وسيلة. 

لكن وفي ظل هذه المقترحات الجنونيّة، لم يملك خصوم السيسي سوى الرد بأداءٍ لا يقل جنوناً عن تلك المقترحات. فقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً وثيقتان يُقال إنهما أصليتان. وذُكر فيهما أن أم السيسي يهودية مغربية تُدعى “مليكة تيتاني”. ووفقاً للشائعات الرائجة على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن هذا هو السر وراء علاقته الوثيقة مع إسرائيل. 

لا بد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريز -الذي سبق واتهمته شائعات روَّجها اليمين الإسرائيلي بأن أمه عربية- يبتسم الآن في قبره. إذ لم يعد الزعيم الوحيد الذي تُحرجه أمه بسبب انتسابها لدولة معادية.

المثير هنا هو أن الحكومة المغربية دحضت هذا الادعاء رسمياً ونفت صحة هذه الوثائق. لكن هذا لم يعد مهماً، فقد تحولت الشائعات إلى حقائق. 

لكن الطابع المُلْهِي للمعارك الكلاميّة المستعرة بين الرئيس وأعوانه من جهة ومعارضيه من جهة أخرى، لا يمكنه إخفاء حقيقة أن الأوضاع تكاد تصل إلى نقطة الغليان. صحيحٌ أن مصر نالت إعجاب البنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية بسبب إصلاحات السيسي الاقتصادية وهبوط التضخم والانخفاض الحاد في الإعانات الحكومية، مع تنبؤات إيجابية بحدوث نمو اقتصادي بل وتراجع معدلات البطالة. إلا أن الناس هم من يدفعون التكلفة الباهظة لتلك الإصلاحات. فوفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، يرزح حوالى 33 في المئة من المصريين تحت خط الفقر، بينما يعيش أكثر من 6 في المئة في فقر مدقع. إضافة إلى تراجع نسبة كبيرة من الطبقة المتوسطة إلى الطبقة الأدنى. 

كما ارتفعت حصيلة الضرائب نتيجة هذه الإصلاحات وتم تطبيق ضريبة القيمة المُضافة. لكن أكثر من 80 في المئة من هذه الإيرادات مُخصصة لسداد مدفوعات الدين والفوائد. وقد انخفضت الاستثمارات الأجنبية هذا العام مقارنة بالعام الماضي، ولم تحقق مصر إنجازات كبيرة يمكنها التفاخر بها سوى في القطاع السياحي. 

لا يملك السيسي سوى رد واحد على المواطنين المحبطين ومنتقديه السياسيين، “اصبروا. من المستحيل إصلاح إخفاقات الحكومات السابقة في يوم”. لكن عندما تُنشر مقاطع فيديو حول الفساد المستشري بين كبار ضباط الجيش عبر شخصٍ كان جزءاً من نظام الفساد العسكري، وعندما يبني الرئيس قصوراً رئاسية ومنازل فاخرة لنفسه، فإنه يختبر صبر الشعب بطريقة تنذر بعواقب وخيمة.

ربما تستمر التظاهرات المناهضة للفساد في القاهرة. وقد استعدت الحكومة لذلك من خلال انتشار الشرطة في الشوارع وتذكير الناس بأن القانون يُجرِّم التظاهر. ولكي تكون على يقين تماماً من فشل التظاهر، عطلت شبكات الاتصال بالإنترنت وواصلت اعتقال الناشطين.

لا يُرجَح أن تشهد مصر تظاهرات مثل تلك التي اندلعت في كانون الثاني/ يناير من عام 2011 عمّا قريب. لكن أوجه التشابه بين الأوضاع الحالية وتلك التي كانت سائدة في نهاية عهد مبارك تزداد يوماً بعد يوم.

 

هذا المقال مترجم عن haaretz.com ولقراءة المادة الأصلية زوروا الرابط التالي.

المشهد المصري بين “إرحل يا سيسي” و”إرحل يا فيسبوك”…

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.