fbpx

كيف فُتحَ باب السجن لنبيل القروي؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

خروج نبيل القروي من السجن أثار حفيظة كثيرين وأحدثَ جلبةً كبرى وسط الرأي العام التونسي. ولم يكن خبرُ الإفراج عنه سهلَ التقبّل عند فئات كثيرة، لا سيما بعدما تمسك القضاء في مرتين سابقتين بعدم الإفراج عنه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“لواش عاملها أنا القناة ماو باش نحكم فيهم وفي والديهم”، جملة باللهجة التونسية قالها المرشح للدور الثاني للانتخابات الرئاسية التونسية نبيل القروي منذ مدة، قاصداً بها أنه أسَس قناة تلفزيونية تحديداً حتى يتحكم بالشعب على طريقته الخاصة. هذه الجملة اجتاحت “فايسبوك” و”تويتر” في تونس، بعد دقائق من إعلان خبر خروج القروي من السجن. وكأن كثيرين يسعون إلى تذكير الناخبين بـ”سقطات” لا تغتفر للقروي.

خروج القروي من السجن أثار بالفعل حفيظة كثيرين وأحدثَ جلبةً كبرى وسط الرأي العام التونسي. ولم يكن خبرُ الإفراج عنه في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر 2019، سهلَ التقبّل عند فئات كثيرة، لا سيما بعدما تمسك القضاء في مرتين سابقتين بعدم الإفراج عنه.

نقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغروي هو الآخر خرج عن صمته وكتَب تدوينة إبَّان انتشار الخبر بدقائق، تناقلتها المواقع التونسية، قائلاً “فلتمنحوا الآن قناةً تلفزيونيةً لقيس سعيد في إطار تكافؤ الفرص”.

ويقصد البغوري هنا أولئك الذين بحَّت أصواتهم وهم يتحدَّثون عن غياب تكافؤ الفرص بين القروي وسعيد، عندما كان الأول داخل أسوار السجن. أما اليوم فهو حرّ طليق وتحت تصرفه قناة “نسمة” التي تسبّح باسمه ليلاً نهاراً، وقادت حملة إعلامية شرسة أثناء إيقافه، خلافاً لسعيد الذي أعلن مراراً وتكراراً أنه ليست لديه حملة انتخابية وفريق خاص به، بل “الشباب المتطوع” هو من آمن بشخصه.

القضاء التونسي هو الآخر بدا مرتبكاً، فمن داخله أتت الأصوات المعارضة لقرار الإفراج. ولعلَّ ما فعله الناطق باسم المجلس الأعلى للقضاء عماد الخصخوصي بعد خبر الإفراج عن القروي، خير دليل على ذلك، إذ وشَّح الخصخوصي صفحته على “فايسبوك” بالسواد. في إشارة واضحة إلى عدم رضاه عن حكم المحكمة بإطلاق سراح القروي. وكان كتب قبل الإفراج بسويعات “سأخبر الله بكل شيء”.

ليت نساء تونس كزوجتي!

في أول ظهور له بعد إطلاق سراحه، قال القروي إنه سيساند المرأة من دون قيد أو شرط، مضيفاً: “لقد تربيت في عائلة تعرف قيمة المرأة”. وذلك على إثر زيارة إلى المجلس الدولي للنساء صاحبات المشاريع، ورافقته زوجته سلوى السماوي.

وأردف: ”أتمنى لرجال تونس أن تكون لديهم نساء كزوجتي. ما تعرف هذا كان في غصرتك”. وهنا يشير القروي إلى أن زوجته وقفت إلى جانبه خلال محنته. مغازلة القروي الناخبات عبر مغازلة زوجته في العلن رآه البعض انطلاقاً رسمياً لحملته الانتخابية التي حرم من تنفيذها وهو داخل أسوار السجن.

ولربما ليست مصادفة أن يكون أول مكان يزوره القروي إبان خروجه هو “المجلس الدولي للنساء صاحبات المشاريع”، حتى يبعث برسائل تطمئن القاعدة الانتخابية النسوية التي سجل غيابها يوم الانتخابات التشريعية. نقطة جوهرية لم تفت القروي حتى وهو في السجن ليذهب فاتحاً يديه إلى مؤسسة “نسوية” يلاطف من خلالها الأصوات المختبئة حتى تظهر من جديد وتصوت له يوم 13 تشرين الأول في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية.

قبل يوم من موعد الإفراج، ضغط من “الرباعي راعي الحوار” على القضاء، وقبل أسبوع رئيس الجمهورية الموقت “غير راض عن وجود مرشح رئاسي في السجن”

لطالما كان حصول تونس على جائزة نوبل للسلام عام 2015، مدعاة فخر لدى التونسيين. جائزة نالتها تونس بعد مجهودات الرباعي راعي الحوار الوطني، والمكون من “الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان” و”الهيئة الوطنية للمحامين” و”الاتحاد العام التونسي للشغل” و”الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية”.

وإن استحسنت مواقف هذا الرباعي في السابق إلا أن موقفه تجاه الدور الثاني في الانتخابات الرئاسية بدا مفاجئاً للبعض، لا سيما البيان المشترك الذي صدر قبيل الإفراج عن القروي بيوم واحد. عبرت هذه المنظمات في بيانها عن انشغالها بوضع أحد المرشحين للدور الثاني للرئاسية والذي حرمه من حقه في القيام بحملته الانتخابية في ظروف عادية، وشددوا على وجوب احترام القانون الانتخابي ومبدأ تكافؤ الفرص.

موقف رآه محللون ضرباً من الضغط المبطن على القضاء واستقلاليته للإفراج عن القروي. علاوة على التلميح بالطعن في شرعية نتائج الرئاسية. بيان لا يبدو بريئاً في توقيته وفي مضمونه، وقد انطوى على نيات لم تفهم مقاصدها إلا في اليوم التالي، مع صدور حكم الإفراج عن القروي. وكأن القضاء استجاب مسرعاً لنداء الرباعي!

القائم بأعمال رئيس الجمهورية محمد الناصر هو الآخر لم يخف موقفه المتعاطف مع نبيل القروي وقال في خطاب له: “وجود مرشح رئاسي في السجن يؤثر في صدقية الانتخابات”.

هذا تصريح اعتبره البعض غير مسؤول ويشرّع للإفلات من العقاب. فمن الغريب أن يصدر موقف مشابه من الرئيس السابق لمجلس نواب الشعب يأسف فيه لسجن مرشح للرئاسية، متهم بقضايا تبييض أموال وتهرب ضريبي.

في هذا السياق، ألا يعدّ تصريح الناصر وبيان الرباعي راعي الحوار، دعوة صريحة إلى التشجيع على الإفلات من العقاب لما له من تأثير مباشر في السير الطبيعي لمجرى العدالة واستقلالية السلطة القضائية؟

الإفراج عنه بهذه الطريقة وهو ما زال متهماً، توحي بعدم وجود قضاء مستقل.

 

وجدير بالذكر أنه على رغم إطلاق السراح الموقت للقروي في قضيتي تبييض الأموال والتهرب الضريبي، فإنه ما زال مطلوباً لدى العدالة في قضية جديدة

 

خلل في الإجراءات القانونية أم قضاء مسيّس؟

ما حصل مع القروي يطرح أسئلة كثيرة، لا سيما بعدما رفضت محكمة التعقيب مرتين متتاليتين الإفراج عنه لـ”عدم الاختصاص”، فما الذي تغيَّر اليوم حتى ترى المحكمة أن حرية القروي في صلب اختصاصها؟

يؤكد القاضي في محكمة الاستئناف في تونس عمر الوسلاتي لـ”درج” أن الإفراج عن نبيل القروي كان أمراً مفاجئاً، لا سيما بعدما رفضت محكمة التعقيب ذلك أكثر من مرة. ويدعو الوسلاتي إلى إعادة النظر في مجلة الإجراءات الجزائية التونسية، حتى لا يفتح باب الاجتهاد والتأويل لدى القضاة وإصدار أحكام مختلفة ومتناقضة بخصوص قضية واحدة. ويضيف، “هناك ارتباك جلي في ملف القروي، لماذا قبض عليه بتلك الطريقة الفجة وأصدرت ضده بطاقة جلب، ولماذا يتم الإفراج عنه اليوم من جهة قضائية رفضت إطلاق سراحه مرتين متتايتين؟ ما حصل يفقد ثقة الناس في القضاء التونسي، ويفتح باب تصديق أن القبض على القروي من البداية كانت له دوافع سياسية، لا إجراءات قانونية محكمة، وإلا فلماذا تم قبول بطلانها والإفراج عنه؟”.

يؤكد الوسلاتي أن إطلاق سراح القروي جاء بعد خلل في الإجراءات القانونية أثناء القبض عليه منذ البداية، وطريقة سلبه حريته كانت مسيسة، لكن الإفراج عنه بهذه الطريقة وهو ما زال متهماً، توحي بعدم وجود قضاء مستقل.

وجدير بالذكر أنه على رغم إطلاق السراح الموقت للقروي في قضيتي تبييض الأموال والتهرب الضريبي، فإنه ما زال مطلوباً لدى العدالة في قضية جديدة تعهد بها القطب القضائي المالي أخيراً، بعدما نشرت وزارة العدل الأميركية وثائق تفيد بتوقيعه عقود شراكة مع ضابط الموساد الإسرائيلي السابق آري مناشي وصاحب الشركة الكندية لإنجاحه في الانتخابات الرئاسية. إنه عقد بمليون دولار، اعترف مناشي في حوار تلفزيوني، بأن سلوى السماوي زوجة القروي دفعت له 150 ألف دولار من حسابها في دبي، في آب/ أغسطس الماضي، دفعةً أولى لتنفيذ الاتفاق. 

هذه القضية التي عرفت إعلامياً في تونس بقضية “اللوبينغ” تشهد تطورات عدة، وهنا يشير الوسلاتي إلى أنَّ “النيابة العمومية بإمكانها تقديم هذه الوثائق، أدلةً إضافية تدين القروي في قضيته الأولى، كما أن القطب القضائي المالي سيحقق معه في قضية اللوبينغ”.

التصويت “العقابي” يوجه مصير تونس نحو الشعبوية؟

 

 

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!