fbpx

انتفاضة لبنان: من هي التظاهرة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في التظاهرة ستعثر على الكثير من الحكايات، وستعثر على ما هو أشد قسوة منها. ومثلما من الصعب على سعد الحريري أن يصوغ حكاية الفشل بغير “ورقة إصلاحات” أعقبها قرار فصل الموظفة، من الصعب أيضاً صوغ قصة عامة تكون بمثابة برنامج عمل للتظاهرة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ثمة ما هو جوهري أكثر من العلاقة مع نظام فاسد دفع مئات آلاف اللبنانيين للنزول إلى الشارع. فالناس في التظاهرة لا يحملون هموماً عامة. معظم الناس. ففي وسط بيروت ستلتقي أفراداً حملوا لافتاتهم الخاصة. قصصهم الخاصة مع هذه الطبقة السياسية. شاب يريد أن يجد مساراً لعلاج مرض التوحد الذي ولد معه، وشابة تعلق النسخة الأصلية من شهادتها الجامعية والتي لم تساعدها في الحصول على وظيفة، وموظف صرفته الشركة التي يعمل فيها، كتب على اللافتة الصغيرة التي يحملها اسمه واسم الشركة وعنوانها. هؤلاء جعلوا التظاهرة كبيرة، وهم من أعطوها هويتها وملامحها. قصص فشل التقت في ساحة الشهداء وألفت مشهد التظاهرة العارمة. والأرجح أن هؤلاء هم من دأب على تكرار التظاهر يوماً بعد يوم.

التظاهرة كانت مستوعباً هائلاً لقصص اللبنانيين مع فشل نظامهم وفساده. الخطوة لم تكن خياراً سياسياً، ولهذا صَعُب على السلطة وعلى الأحزاب استيعابها. القصة واقعية أكثر من حقيقة أن الدولة ارتهنت لـ”حزب الله”، أو أن الانتقام من حكومات الحريري قد حان. هذا تماماً ما يصعب على “الورقة الإصلاحية” التي عرضها رئيس الحكومة سعد الحريري أن تستوعبه. القصة في الساحة، والحكومة في السراي. المسافة هائلة بين الموقعين على رغم أنها لا تتجاوز مئات قليلة من الأمتار. وهي في كل حال ليست قصة واحدة، ولهذا سيكون من الصعب على الوعي المُسطَح للسياسي الفاسد والمرتهن أن يستوعبها.

التظاهرة لحظة وفرصة، فيما قصص المتظاهرين المنعقدة فيها لا يمكن تفكيكها بخطاب أو بخطة أو بورقة إصلاحية. هي لحظة استقلالية، والاستقلال هنا لا يحمل معناه المبتذل الذي صغناه في شعارات “14 آذار” أو “8 آذار”. الاستقلال هو أن يستقل المرء، وليس الشعب، وأن ينفصل عن نفسه العامة والجماعية. أن ينزل إلى الساحة منفصلاً عن فساده الخاص، وأن يحمل قصة فشل أدمته في السنوات الأخيرة. ومن هذه حاله، سيضحك حين تُعرض عليه ورقة إصلاحية، وحين يعرضها عليه رجل لا يحترم اللافتة التي يحملها.

التظاهرة كانت مستوعباً هائلاً لقصص اللبنانيين مع فشل نظامهم وفساده.

كم يبدو سعد الحريري عدواً ضئيلاً للتظاهرة! ما فعله في أعقاب عرضه “الورقة الإصلاحية” عندما أقال مديرة الوكالة الوطنية للإعلام بسبب تغطية الوكالة أخبار التظاهرة، لم يُثر ذهولاً. فحين تسأل متظاهراً عن رأيه بجدية الحكومة في أعقاب صرف هذه الموظفة، يضحك ويقول إن مبعث ذهولك من هذه الفعلة أمر مستغرب. هذه قصة كل واحدٍ منا مع هذه السلطة، فكيف لنا أن نُذهل مما دأبوا على فعله معنا منذ سنوات؟ هذه السلطة وقحة إلى حد أنها أجازت لوزير مسيحي صرف المسؤول الدرزي عن محمية أرز الباروك، لأن وزيراً درزياً صرف موظفاً مسيحياً من وزارة التربية. حصل ذلك أمام أعيننا، ولم يخجل الوزير من فعلته وتباهى بها، وحينها بقينا في المنازل ولم نخرج إلى الشارع.

في التظاهرة ستعثر على كل هذه الحكايات، وستعثر على ما هو أشد قسوة منها. ومثلما من الصعب على سعد الحريري أن يصوغ حكاية الفشل بغير “ورقة إصلاحات” أعقبها قرار فصل الموظفة، من الصعب أيضاً صوغ قصة عامة تكون بمثابة برنامج عمل للتظاهرة. حكاية فساد مديد تحول إلى مئات آلاف القصص الخاصة، واليوم لا يبدو أن شيئاً يتسع لهذه القصص سوى ساحة كبيرة، وتظاهرة يُفرغ فيها اللبنانيون هذا الألم الكبير. وفي الصباح يعاودون النزول إلى الساحة ليكتشفوا أن جرعات من الألم ما زالت جاثمة على صدورهم، فيتوجهون مجدداً إلى الساحة ويرقصون ويغنون ويشتمون المتسببين بها، ثم ينصرفون إلى بيوتهم بانتظار صباحٍ جديد يستيقظون فيه ليجدوا أن لا شيء جديداً سوى تلك “الورقة الإصلاحية”، فيعاودون الرقص حولها في طقس وثني هائل.

غبطة غير مفسرة وانتشاء حمل الناس على اختراع أمل بشيء لا يعرفون مساره. عربي عكاوي كتب من طرابلس أنه استعاد وجه أبيه الذي قتل في ثمانينات القرن الفائت، ورامي الأمين قال إنه صار يؤمن بأن لبنان سيتسع بعد التظاهرة لمسار علاج ابنه.

كم يبدو سعد الحريري عدواً ضئيلاً للتظاهرة!

كل من سعى إلى ضبط التظاهرة بفكرة أو بمشهد أو ببرنامجٍ اكتشف أن سعيه ناقص. من قال إن المصارف هي المسؤولة عن الإفلاس، قادماً إلى التظاهرة من “8 آذار”، سخر منه المتظاهرون على رغم أنهم يعرفون أن المصارف ليست بريئة، ومن قالوا إن “حزب الله “هو صاحب السلطة وهو المسؤول عن هذا الفشل وهذا الفساد، وهم “السياديون”، توجس منهم الناس وأشعروهم بأن معركتهم خارج منطقة الانقسام التي عهدوها في السنوات الفائتة. لا أحد يريد أن يندرج في مشهد انقضى زمنه. لا أثر لـ”المقاومة” في شعارات الناس، ولا أثر لـ”الحرية والسيادة والاستقلال”. التظاهرة افتتحت زمناً جديداً، لم تقبض العبارة عليه بعد. هذا ما جعل مهمة السلطة في مواجهة التظاهرة مستحيلة، وهذا ما جعل أداءها مضحكاً من جهة ومأساوياً من جهة أخرى. فمحطات تلفزيون السلطة استضافت متظاهرين اعتذروا من نبيه بري ومن “حزب الله” على شتمهما في اليوم الفائت. حزن المتظاهرون على زملائهم المعتذرين، ولم يغضبوا، وحين وصل خبر فصل مديرة الوكالة الوطنية إلى التظاهرة، لم يكن الخبر مناسبة لشتم سعد الحريري، إنما كانت فرصة لمواصلة الاعتصام ولمزيد من اليأس من ورقته “الإصلاحية”.

انتفاضة لبنان: من هي السلطة؟

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.