fbpx

معركة “نبع السلام” انتهت والأكراد خسروها دون قتال

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

توقّفت عملية “نبع السلام” التي شنتها تركيا وتنفّذها المعارضة السورية بشكل نهائي، ولكن المعركة حقّقت غايتها سياسيًا قبل أن تحقّقها عسكريًا، فكيف يبدو المشهد؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تعيش جميع مناطق “شرق الفرات” هدوءً شبه تامّ، فلا وجود لعمليات عسكرية أو اشتباكات أو معارك. توقّفت عملية “نبع السلام” التي شنتها تركيا وتنفّذها المعارضة السورية بشكل نهائي، ولكن المعركة حقّقت غايتها سياسيًا قبل أن تحقّقها عسكريًا، فقد أدّت المعركة مبكّرًا إلى تقاسم تركة “قوات سوريا الديمقراطية” بين النظام السوري وتركيا والولايات المتحدة، كلُّ منهم أخذ حصّته من تركة “الرجل المريض”.

اتفاقان اثنان أبرمتهما تركيا، الأول مع الولايات المتّحدة والثاني مع روسيا، أنهت بموجبه العملية دون تحمّل تكلفة الآلة العسكرية المادّية والبشرية، في حين اتجه كلًّا من النظام السوري وتركيا والولايات المتّحدة لتحاصص المناطق.

ماذا قال المدنيون 

لغاية لحظة وقف إطلاق النار، وتوقّف العملية العسكرية بشكلٍ كامل، لم يعد أي من النازحين الذين زاد عددهم عن 300 ألف نازح إلى مناطقهم سواء في تل أبيض أو رأس العين أو غيرها. يتقاسم هؤلاء المدنيون، وهم خليط من الكرد والعرب المخاوف، بين من يخاف من الاعتقالات التي قد تطاله من جانب النظام السوري وحليفته روسيا، أو من يخاف من عمليات انتقام قد تقوم بها المعارضة المتحالفة مع تركيا. ومن بين هؤلاء النازحين، أحمد أبو نائل، من مدينة رأس العين، نزح مع عائلته منذ بدء عملية “نبع السلام” ولكنّه لم يعد حتّى الآن.

يقول أبو نائل: “سيطر النظام على منطقتنا ثم سيطرت المعارضة في عام 2012، وبعدها سيطر عليها “داعش” في عام 2014، ثم سيطرت عليها “قوات سوريا الديمقراطية” في نفس العام، ثم سيطرت عليها تركيا مؤخّرًا”.

ويضيف: “نزحت للمرّة الخامسة على التوالي ولم أعد أقوى على النزوح من مرّة أخرى في كل معركة تشهدها المنطقة” موضحًا أن كل ما يريده هو العيش بسلام بعيدًا المعارك والنزوح”.

لا تأمن الشابّة فاطمة العودة إلى بلدتها سلوك، خوفًا من الاعتقال أو الانتقام الذي قد تلاقيه من الفصائل المقرّبة من تركيا.

تقول فاطمة: “رأينا وسمعنا ما فيه الكفاية عن الانتهاكات التي حصلت في عفرين، ولا أريد أن أعيشها بشكل مباشر وأكون فريسة للمسلّحين الموالين لتركيا”.وتتابع الشابّة، أنها لا تثق بمقاتلين جاؤوا إلى سوريا على ظهور دبّابات أجنبية لتحقيق أجندة دولة ليست دولتهم، بعيدًا عن أي مشروع سوريا.

وبالمقابل، يتخوّف عشرات آلاف الشبّان من السوق الإجباري للخدمة العسكرية أو الاعتقال بسبب خلفيات أمنية، والذي قد تشنّه قوات النظام السوري ضدّهم بعد وصولها إلى مساحات واسعة من شمال شرق سوريا

“منطقة آمنة” دون قتال

يوم الخميس الفائت، توصّل نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس، إلى اتفاقٍ مع الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، يقضي بتجميد العمليات العسكرية لمدّة 120 ساعة، على أن يتم استمرار هذه الهدنة في حال انسحبت “قسد” من المدن والبلدات التي تريد تركيا تأسيس المنطقة الآمنة فيها.

عقب الاتفاق مباشرةً أعلن بينس أن هذه المنطقة ستكون بعمق 32 كيلو متراً، ولكنّه لم يشر إلى طولها.

من جهةٍ أخرى، فإن القوات التركية وحليفها “الجيش الوطني السوري” في الأيام الأولى للحملة العسكرية، تغلغلا في الداخل السوري فعلًا بعمق نحو 30 كيلو مترًا من جهة القطاع الأوسط لمنطقة “شرق الفرات”، وتحديدًا في مدينة “رأس العين” التي انسحبت “قسد” منها.

وجاء في بنود الاتفاق المكوّن من ثلاثة عشر بندًا، تأكيد الولايات المتحدة وتركيا على علاقة الصداقة بينهما، والتنسيق الوثيق بينهما شرق الفرات، إضافةً إلى حماية أراضي الناتو، والالتزام بدعم حقوق الإنسان والمجتمعات الدينية والعرقية، والاستمرار بمحاربة “داعش” والتنسيق بشأن مرافق احتجاز مقاتلي التنظيم وعائلاتهم.

كما نصَّ الاتفاق، على مكافحة الإرهاب، والتزام تركيا بضمان سلامة ورفاهية سكان جميع المراكز السكانية في المنطقة الآمنة والحرص على سلامة المدنيين والبُنى التحتية، والتزام البلدين بوحدة سوريا، وسحب الأسلحة الثقيلة من وحدات حماية الشعل الكردية وتعطيل تحصيناتهم، ومضيّ تركيا في تأسيس المنطقة الآمنة، فضلًا عن إيقاف عملية “نبع السلام” 120 ساعة للسماح بانسحاب “وحدات حماية الشعب”، وإيقاف العملية نهائيًا عند استمرار الانسحاب، وفور إيقاف العملية، ستوافق الولايات المتحدة على عدم مواصلة فرض العقوبات ضد تركيا.

حصّة الولايات المتّحدة

بموجب هذا الاتفاق، يتوضّح أن الولايات المتّحدة الأمريكية، التي أكملت انسحابها الكامل من الأراضي السورية، قد منحت تركيا ما ترمي إليه بتأسيس هذه المنطقة الآمنة، بعمق 32 كيلو متراً دون تحديد عرضها، ما يفتح الباب أمام دخول النظام السوري على الخط ليحصل على حصّته من تركة الأكراد.

أما الولايات المتّحدة، فاكتفت بنشر قواتها في مناطق حقول النفط، لتمنع وصول تنظيم “داعش” إليها من جهة، وتضمن استمرار سيطرتها عليها من جهةٍ أخرى.

وبحسب مصادر خاصة لـ “درج” فإن الجيش الأمريكي سيّر صباح اليوم الأربعاء، دوريات عسكرية تابعة له على ضفاف نهر الفرات في منطقة الباغوز بريف دير الزور الشرقي، بهدف حماية حقلي العمر والتنك النفطيين في المنطقة.

وما تزال القوات الأمريكية تحت غطاء التحالف الدولي تحتفظ بقواعدها العسكرية في حقل العمر وحقل التنك إضافة لحق كونيكو أكبر حقول الغاز في سوريا.

حصّة النظام السوري

بعد الاتفاق التركي مع الولايات المتّحدة، تعهّدت تركيا بعدم الدخول إلى عين عرب “كوباني” والموافقة على دخول قوات النظام إلى منبج.

كذلك أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو أن بلاده أبقت مدينة القامشلي بريف الحسكة خارج عملياتها، لتفادي الاشتباك مع قوات النظام الموجودة هناك.

هذا الأمر عزّزه مذكّرة التفاهم الروسية – التركية، التي توصّل إليها الجانبان الثلاثاء في سوتشي، وذلك بعد جلسة مغلقة امتدّت لخمس ساعات بين الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.

نص الاتفاق النهائي بين الرئيسي على ١٣ بندًا، من أهمها، أن تحافظ تركيا على ما سيطرت عليه من مناطق خلال الأيام الاولى من معركتها “تل أبيض ورأس العين” بعمق ٣٢ كيلو متراً، بينما تنتشر  دوريات روسية وتركية على طول كامل الحدود السورية – التركية في شرق الفرات بعمق ١٠ كيلو متر، في حين سيتم تسيير دوريات روسيا مع عناصر من حرس الحدود التابع للنظام السوري في المنطقة التي يمتد عمقها من ١٠ إلى ٣٢ كيلو متر، مع تعطيل عمل وبذلك ينسحب المقاتلين الأكراد بسلاحهم الثقيل، بعمق ٣٠ كيلو متر بعيدًا عن الحدود السورية – التركية، على أن يتم الانتهاء من هذه العملية بحدود 150 ساعة، ابتداءً من الساعة 12 ظهراً من يوم 23 أكتوبر الجاري.

وبموجب هذا الاتفاق، تكون تركيا قد سيطرت على رأس العين وتل أبيض، في حين سيطر النظام السوري على عين عرب ومنبج والقامشلي، وتمكّن من فرض سيادة “منقوصة” على بقية المناطق الحدودية مع وجود دوريات روسية وتركيا تجول على الحدود بعمق 10 كيلو متر من المنطقة الحدودية، في حين تبدّدَ المشروع الكردي.

ترامب الذي لا يعلم ماذا يفعل في سوريا