fbpx

جيجك كوباني و”سيلفي” الجيش الوطني الذي فضح انتهاكاته 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما أثار قضية جيجك كوباني دون غيرها من الأسرى، هو الفيديوات والصورة التي سربت عن تعامل مسلحين تابعين للمعارضة السورية مع المقاتلة، الأمر الذي لاقى استهجاناً واسعاً بين السوريين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

جيجك كوباني، الاسم الحركي لمقاتلة كردية في صفوف وحدات حماية المرأة، أحد أبرز الفصائل العسكرية المنضوية تحت راية “قوات سوريا الديموقراطية”، وهي من مواليد مدينة كوباني السورية، أسرت على يد فصائل الجيش الوطني السوري المدعوم تركياً، في خضم المعارك المستمرة شمال شرقي سوريا، بعد إطلاق تركيا وفصائل من المعارضة السورية الموالية، معركة “نبع السلام”.
ما أثار قضية جيجك كوباني دون غيرها من الأسرى، هو الفيديوات والصورة التي سربت عن تعامل مسلحين تابعين للمعارضة السورية مع المقاتلة، الأمر الذي لاقى استهجاناً واسعاً بين السوريين.

أين أسرت جيجك كوباني؟

تسرد المتحدثة الرسمية لوحدات حماية المرأة نسرين عبد الله لـ”درج” ملابسات أسر جيجك كوباني: “في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 في الساعة التاسعة ليلاً، هجمت فصائل تابعة لتركيا على قرية مشرافة، التابعة لمدينة عين عيسى، واندعلت معركة عنيفة بين مقاتلينا والفصائل المهاجمة، ونتيجة لذلك استشهد عدد من مقاتلينا، وأصيبت الرفيقة جيجك في ساقها وتم أسرها”.

ونشرت قيادة الفيلق الثالث التابع لوزارة دفاع الحكومة السورية الموقتة المدعوم تركيا بياناً يشير إلى أن “المسلحين أسروا جيجك كوباني أثناء محاولتها تفجير نفسها بين مجموعة من المدنيين والعسكريين بالقرب من مدينة تل أبيض”، وهذا ما أكده الناطق العسكري باسم الجيش الوطني الرائد يوسف حمود لـ”درج”.

كما أكد الصحافي الكردي نورهات حسن والذي يغطي المعارك في المنطقة التي أسرت فيها جيجك كوباني، أن المقاتلة أسرت أثناء إحدى المعارك، مشيراً لـ”درج” إلى أنه “بعد تسلل مجموعة تابعة لفيلق المجد إلى نقاط لقوات قسد، مقاتلو قسد دافعوا عن أنفسهم، إلا أن جيجك كوباني أصيبت على ما يبدو في قدمها ولم تستطع الفرار، لتقع أسيرة، وهذا الهجوم لم يكن متوقعاً من مجموعات تركيا بعد عقد اتفاق وقف إطلاق النار بين تركيا وأميركا والذي بات واضحاً أن تركيا لا تتقيد به”.

من أسر كوباني ونشر الصور؟

الصور التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر أحد قياديي الجيش الوطني ياسر عبد الرحيم مع مجموعة من المسلحين التابعين له، في منطقة ريفية في محيط مدينة تل أبيض.

في هذا الإطار، أوضحت عبد الله أن “الفصيل الذي أسر جيجيك يسمى “أحرار دارة عزة” بحسب المعلومات المتوافرة، وفي الفيديو الذي نُشر أكد العناصر ذلك، أما بالنسبة إلى ادعاء الفصائل المرتبطة بتركيا أن جيجك كانت تتحضر لتفجير نفسها بين المدنيين، فهذا عار عن الصحة، وهي محاولة لإضفاء شرعية على ما اقترفه هؤلاء المجرمون، والمعاملة السيئة التي مورست على رفيقتنا، لأنها منافية لقوانين الحرب الدولية، وتتعارض مع المفاهيم الإنسانية”.

“المسلحين أسروا جيجك كوباني أثناء محاولتها تفجير نفسها بين مجموعة من المدنيين والعسكريين بالقرب من مدينة تل أبيض”

وأكد حسن وهو من منطقة عفرين ونزح إلى مدينة كوباني بعد عملية غصن الزيتون وسيطرة فصائل الجيش الوطني المدعوم تركياً على المدينة، أنه تعرف إلى الأشخاص الذين نشروا صورتهم مع الأسيرة كوباني. وقال “الأشخاص الذين تعاملوا مع جيجك بطريقة بعيدة من الإنسانية، معروفون، معظمهم قياديون، فإذا كان قياديوهم يعاملون الأسرى بهذه الطريقة فما بالك بالعناصر، ومنهم ياسر عبد الرحيم الذي مدحه أردوغان وكان يتباهى بالتقاط صورة السيلفي، كما كان من بينهم القيادي في اللواء 51 التابع لفيلق المجد الذي يقوده ياسر عبد الرحيم، وهو محمد الديري. وأيضاً جميل أحمد وهو من بلدة قبطان الجبل غرب حلب، وكبر وترعرع في قرية باسوطة بعفرين ويجيد الكردية بشكل جيد، له يد كما ياسر عبد الرحيم في جرائم حرب ارتكبت في حي الشيخ مقصود بحل. وبحسب أهالٍ من قرية باسوطة فإن هذا الشخص له صولات وجولات مع جبهة النصرة الإرهابية”.

قلق على مصير جيجك كوباني

أصدرت وحدات حماية المرأة بياناً حول قضية أسر المقاتلة جيجك كوباني، وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل، والحفاظ على حياتها.

وأكد الناطق العسكري باسم الجيش السوري الوطني المدعوم تركياً يوسف حمود لـ”درج” أن “كوباني ما زالت على قيد الحياة”، مضيفاً “المقاتلة الأسيرة بصحة جيدة، وتعامل معاملة جيدة، ولا خوف عليها، ونحن ملتزمون بتعاليم إنسانيتنا وإسلامنا وتعاليم الأعراف الدولية وحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية”.

كما أوضحت عبد الله أننا “في وحدات حماية المرأة، التي تنتمي إليها الرفيقة جيجك، لا ننظر إليها كونها مقاتلة ضمن صفوفنا وحسب، فهي امرأة من نساء روجافا، وكردية أيضاً، بكل تأكيد، من جهتنا سنتحرك على الصعيد القانوني، وأيضاً بكل الوسائل المتاحة لدينا سنسعى إلى تحريرها”.

وحمّلت عبد الله تركيا والولايات المتحدة الأميركية المسؤولية عن سلامة جيجك كوباني وحياتها، قائلةً: “طبعاً هذا الموضوع، هو انتهاك لحقوق الإنسان وانتهاك لقوانين الحرب، من الضروري أن يقوم المجتمع المدني بمسؤولياته أمام هذه القضية، ويجب أن تقف منظمات حقوق الإنسان أيضاً أمام مسؤولياتها، وأيضاً الجهات التي ادعت أنها ضامنة لاتفاق الهدنة المعلن، يجب أن تقوم بما عليها من واجبات، وكل هذه القوى سواء منظمات حقوق الإنسان أو الأطراف التي اتفقت مع تركيا وأعنلت وقف إطلاق النار، نحن نحملها كامل المسؤولية عن سلامة مقاتلتنا وحياتها، لأن هذه الفصائل تحمل ثقافة داعش وثقافة الدولة التركية، وهذه أخلاقياتها”.

قضية جيجك في ميزان القانون الدولي

لاقت قضية المقاتلة الكردية جيجك كوباني، تفاعلاً كبيرة بين النشطاء والفاعلين السوريين، ما اضطر القيادي في فيلق المجد ياسر عبد الرحيم إلى إصدار اعتذار حول ما حدث والصور التي التقِطت مع المقاتلة.

وعبد الرحيم بحسب ما نشره موقع قناة “الحرة”، “قائد فصيل المجد، أحد الفصائل السورية المسلحة المدعومة من تركيا، وينحدر من قرية ترمانين، وسبق أن مثل المعارضة السورية كمتحدث عسكري في محادثات أستانة.

وبحسب الحرة ومجموعة ناشطين، ياسر عبد الرحيم الذي يتمركز فصيله في منطقة تل أبيض، له تاريخ سيئ في ما يتعلق بالتعرض لأسرى الحرب، وارتبط اسمه أيضاً بجرائم أخرى منها ذبح طفل فلسطيني في حلب”.

قضية جيجك كوباني ليست الأولى من نوعها، ولا يبدو أنها الأخيرة في ظل العنف المتصاعد في الساحة السورية، واستمرار المعارك والحروب كفيل بأن نشهد أحداثاً مشابهة لقضية جيجك

لكن القضية أيضاً أثيرت حول إمكان اعتبار الحادثة خرقاً للقانون الدولي والمعاهدات التي وقع عليها بالنسبة إلى أسرى الحرب، وحول هذه النقطة أوضح بسام الأحمد المدير التنفيذي لـ”منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” لـ”درج” الحالة القانونية لقضية كوباني. وقال: “بكل تأكيد ولو بالحد الأدنى هناك خرق وانتهاكات لالتزامات هذه القوات، والتزامات الدولة التركية، التي تقضي بمعاملة الأسرى معاملة إنسانية، والمعاملة الإنسانية لا نعني بها التعذيب والضرب وحسب، بل أيضاً عدم الإساءة لكرامة الإنسان وشرفه. بالنسبة إلى مسألة اعتبارها جريمة حرب، فالأمر يتطلب تحقيقات وعملاً جاداً، ولكنه احتمال قائم، لأن المسألة لا تتعلق فقط بالصورة المنشورة، بل كان هناك فيديو مرافق أيضاً، فيه أصوات تتحدث عن ضرورة ذبحها، وإيحاءات باعتداءات جنسية قد تحصل بحقها”.

وحمل الأحمد تركيا المسؤولية حول ما تقترفه الفصائل العكسرية من انتهاكات، قائلاً: “الفكرة الأساسية أن تركيا دوماً تحاول التهرب من مسؤوليتها القانونية، إذ أنشأت هذه المجموعات العسكرية ونظمتها ودربتها، ووجهتها، وهي لا تقوم بأي تصرف خارج إطار التوجيهات التركية، وتركيا قادرة ومن واجبها في الأساس ضبط هذه المجموعات، ولا تستطيع التذرع بعدم قدرتها على ضبطها. وللأسف هناك انتهاكات عدة تحدث، لكنها غير مصورة أو مسجلة، وحين يصدر بيان حول القضية المتعلقة بالمقاتلة الأسيرة فهذا لأن الموضوع قد فُضح وأصبح فضيحة ليس إلا”.

وأكدت عبد الله أن ما فعله المسلحون التابعون للجيش الوطني ينافي أخلاقيات مجتمعات المنطقة، “هذه المسألة ليست مرتبطة بنا فقط في وحدات حماية المرأة، ونحن لا ننظر إلى الرفيقة جيجك بشخصها فقط، فالهجوم عليها وما تتعرض له، هو هجوم على جميع النساء، وأمر معيب جداً ومخزٍ، أن يجتمع كل هذا العدد من الرجال، حولها ليلتقطوا صور سيلفي وكأنها غنيمتهم، وهذا ينافي أخلاقيات مجتمعنا في الشرق الأوسط والقيم التي تحمي المرأة والقدسية التي تعطى لها، شيء معيب جداً، ولن ينالوا بهذه التصرفات من قيمة رفيقتنا جيجك كوباني”.

وندد الناطق العسكري للجيش السوري الوطني بحادثة التقاط الصور مع الأسيرة، وقال: “بما أن الأسيرة على قيد الحياة، فالصورة انتهاك لكرامتها الإنسانية لكنها لا ترقى إلى مستوى جريمة الحرب، هي مخالفة واجب قانوني عام يقضي بضرورة معاملة الأسرى بما يحفظ كرامتهم الإنسانية ولا يسمح بالحط منها”.

وتابع حمود: “الصورة مقززة ببعدها الإعلامي فقط، لكن على مستوى القانون الدولي الإنساني تشكل مخالفة للقواعد العامة في التعامل مع الأسرى وليس جريمة حرب، وعلينا إثبات أنها لا تزال على قيد الحياة بطريقة تحفظ كرامتها”.

قضية جيجك كوباني ليست الأولى من نوعها، ولا يبدو أنها الأخيرة في ظل العنف المتصاعد في الساحة السورية، واستمرار المعارك والحروب كفيل بأن نشهد أحداثاً مشابهة لقضية جيجك، كما أن المصادفة رشحت لنا صورة لجيجك كوباني، لكن هناك مئات الحالات المشابهة وهناك أناس ذبحوا ولاقوا حتفهم في ظل الصراع الدموي الذي تشهده سوريا، وتبقى مسؤولية المجتمع الدولي والمنظمات ذات الصلة أن تسعى لمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم، أقله من أجل أرواح الضحايا وكراماتهم.

معركة “نبع السلام” انتهت والأكراد خسروها دون قتال