fbpx

“درج”… هنا القصة الثالثة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المهنة صارت على محك انقسام لا شفاء منه، وقصتنا الصحافية نحن في العالم العربي، وهي قصة العالم أيضاً، صارت قصتين. ولم يعد ممكناً في ظل الإعلام الممول من هذا الانقسام السياسي تعقب الوقائع وصياغتها وتقديمها للقارىء من دون إخضاعها لمنطق الانحياز الذي يشطر إقليمنا. لكل حدث قصتين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

المهنة صارت على محك انقسام لا شفاء منه، وقصتنا الصحافية نحن في العالم العربي، وهي قصة العالم أيضاً، صارت قصتين. ولم يعد ممكناً في ظل الإعلام الممول من هذا الانقسام السياسي تعقب الوقائع وصياغتها وتقديمها للقارىء من دون إخضاعها لمنطق الانحياز الذي يشطر إقليمنا. لكل حدث قصتان، ولكل قتيلٍ قاتلان، فيما الوصول إلى الحقيقة لا يقتضي جهداً بقدر ما يقتضي قدرة على التخفف من هذا الانقسام.في ظل هذا الواقع قرر عدد من الصحافيين والإعلاميين مباشرة تجربة من خارج سياق هذه المعادلة. هم في متوسط عمرهم المهني، واختبروا المهنة في غرف أخبار مؤسسات إعلامية عربية كبيرة، ورأوا أن مفترقاً بدأ يلوح وأن فرصة في الأفق تستحق أن يغامروا من أجلها. المهمة ليست سهلة، ذاك أننا جزء من مشهد لا يساعد على قول الحقيقة كاملة، وعلى كتابتها منزوعاً منها انحيازنا لعناصر فيها وميلنا لطمس عناصر أخرى. والقارىء أيضاً ليس بريئاً، فهو بدوره منجذب إلى قصته، وممعن في طرد العناصر التي لا تنسجم مع مرويته الخاصة. وهنا تبدو المهمة أصعب، اذ أنها تتطلب تحدي النفس وتحدي القارىْ. أن نكتب قصة لا تنسجم وقائعها مع انحيازاتنا سيكون تمريننا اليومي، وأن لا نساوم القارىء على حقائق تستفزه، أيضاً أمر سنغامر فيه. وسندعي أننا نكتب “القصة الثالثة”.عشرات الأمثلة يُمكن سوقها للقول أن المحتوى الصحافي العربي لا يقل أهمية عن المحتوى الغربي، لكن قدرة الأخير على التأثير تبقى أكبر. ونحن هنا نتحدث عن قصتنا الصحفية، تلك التي لا تعوزها معرفتنا بأنفسنا، بل قدرتنا على قولها وكتابتها كما هي، لا كما يقتضي الانقسام أن نقولها. لسقوط الموصل السهل بيد “داعش” قصتين، وللصراع في اليمن أيضاً، ونحن هنا لا نتحدث عن وجهتي نظر في الأحداث والحروب، بل عن قائع ومشاهد وأرقام، تلك التي تشكل عناصر القصة الصحفية. وفي “درج” لن نكون القصة الثالثة الرمادية، بل سنكون راديكاليين في قولنا قصة مجردة من الوظيفة السياسية. المادة الصحفية العارية من أي قول آخر.و”درج” يدعي أنه سيسعى لاسعاف المحتوى الصحفي العربي بتقنيات تساعده على أن يتقدم غيره على محرك البحث، لا سيما وأن القصة هي قصتنا، وقدرتنا على كتابتها وتعزيز مضمونها، تبقى أكبر من قدرة غيرنا.
لم تعد مهمة الصحافي المحترف مقتصرة على انتاج قصة صحفية مكتملة العناصر ومستوفية الشروط المهنية، فقد وجدنا أنفسنا فجأة أمام أسئلة جديدة. القصة ستكون عديمة الفعالية اذا لم تتم خدمتها بالتكنولوجيا، ولا يقتصر ذلك على أشكال نشرها ومساعدتها، انما يمتد التحدي التكنولوجي إلى المضمون أيضاً. “غوغل” لن يعثر عليك أيها الصحافي اذا لم تقم بواجبات موازية لواجباتك التقليدية. لن تكون مؤرخ اللحظة بعد اليوم ما لم تستوعب المتغيرات الهائلة التي أحدثتها التكنولوجيا في المهنة. لن تكون مؤرخ اللحظة ما لم تدرك وظيفة “السوشيل ميديا” في تقديم قصتك لقارىء لا يعرف غير فايسبوك طريقاً إلى المعلومات، وما لم تُدرك أن “غوغل” ليس بريئاً وعليك أن تستجيب لشروطه حتى يُقدمك على غيرك حين يَطلب منه زائر مادة تتصل بما سبق أن كتبت.”درج” يطرح على نفسه مهمة من هذا النوع. مجموعة من الصحافيين المحترفين، ممن شعروا بضرورة اللحاق بمحرك البحث حتى تكتمل قصتهم، وممن تحسسوا مخاطر العجز عن استيعاب دور الـ”نيو ميديا” في تحويل قصصهم المكتوبة إلى نماذج تفاعلية يُستعان فيها بالفيديو والغراف, وفي تخيل قارىء مختلف، هو البطل الجديد لقصتهم الصحافية. قارىء أكثر تطلباً وكفاءة وأقل صبراً، ولشدة ما أتاحت له الانترنت من وسائل معرفة ووصول إلى المعلومات صار قارئاً وصحافياً موازياً.
القصة لا تكتمل باكتمال عناصرها، انما بالقدرة على إيصالها إلى هذا القارىء الجديد، وهنا علينا أن نعيد النظر بمعادلة الكاتب والقارىْ، تلك التي كانت تحكم قصتنا الورقية. نحن هنا أمام فاعل ومتدخل في القصة، وأمام مشاهد أيضاً. أمام قارىء مبثوث في قصتنا بصفته عنصراً فيها، ومشاركاً في كتابتها. “درج” يسعى لأن يكون صلة وصل وعبور بين قارىء جديد وصحافي جديد. والقصة المُنتجة أمامها مهمة إقناع وفق شروط مختلفة. كيف يمكن فرضها على متصفح من هاتفه، وعلى سيدة لم يسبق أن كانت جزءاً من طموح الصحافة المكتوبة، وعلى طالب جامعي يملك مهارات تؤهله لأن يكون صحافياً فرداً ينافسنا بمدونته؟نشعر أن المهنة أمام فرصة جديدة، وأننا لسنا على شفير انهيار القطاع. التكنولوجيا فرصة هائلة على الصحافي أن يختبرها، وبوادر الثمار التي لاحت في الغرب تؤشر إلى أن الحاجة إلى هذه السلطة قائمة وملحة وان القدرة على التأثير أصبحت مضاعفة. تمويلنافي “درج” سنكشف للقارىء مصدر تمويلنا الذي مكننا من الانطلاق، وذلك في محاولة لبناء علاقة مختلفة معه، وضمن شعورنا بالمسؤولية حياله. تحملنا في البداية أكلاف مراحل التحضير والتجريب إلى أن جاءنا دعم من المؤسسة الأوروبية من أجل الديموقراطية ” EED” ومقرها بروكسيل، ومن المنظمة الدولية لدعم الإعلام ” IMS” ومقرها كوبنهاغن. فضلاً عن مشاريع انتاج إعلامي لوثائقيات ساعدنا على تغطية باقي أكلاف الانطلاق.هدفنا لاحقاً التحول إلى شركة رابحة مستقلة عن أي تمويل سياسي، وذلك بهدف حماية استقلالنا المهني.الموقع اليوم هو في مرحلته التجريبية، استعجلنا الصدور لأسباب مهنية سيدركها القارىْ والمتصفح قريباً، على أن نصدر بشكلنا المكتمل مطلع العام 2018.