fbpx

العراق ليلة حماية جبل أُحد في ساحة التحرير…

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“سميناه جبل “أُحد” لأنه معرض بشكل دائم إلى التفاف القوات التابعة للحكومة والمُكلفة بفض الاعتصام، والاطاحة بنا”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“كانت الساعة السابعة من مساء يوم الاثنين 28 تشرين الأول/ أكتوبر، اتصل بي أحد الأصدقاء ليُحذرني من وصول أرتال كبيرة تابعة لقوات مكافحة الشغب، وانتقالها من شارع أبي النواس متوجهة إلى جسر الجمهورية. قبل هذا الوقت بنحو 30 دقيقة، أعلنت الحكومة العراقية عن فرض حظر التجول في العاصمة بغداد كل يوم من الساعة 12 بعد منتصف الليل وحتى الـ6 صباحاً. أيقنتُ هُنا أن هنالك خطراً سيحلّ بنا”، بهاء أحد متظاهري التحرير يروي حكاية ليلة فرض حظر التجول على العاصمة. ويقول لـ”درج”: “قررنا نحن المعتصمين في الساحة الاستنجاد بكل أهالي بغداد من خلال منشوراتٍ تمّ نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بأن يكسروا قرار الحظر هذا ويجوبوا شوارع العاصمة، وأن يتوافدوا قدر المستطاع إلى ساحة التحرير، ليُفوتوا الفرصة على الجهات التابعة للحكومة العراقية والتي تهدف إلى قمع هذه التظاهرات”. كل ما كان يُقلق بهاء هو “استمرار حظر التجول للأيام التالية وحتى إشعار آخر، نحن نخشى أن يتعب الناس أو يصيبهم الملل، وهنا ستتمكن الحكومة من التقاطنا الواحد تلو الآخر وإنهاء تظاهرتنا”.

 تهديد المطعم التركي

شائعاتٌ كثيرة بُثت في تلك الساعات المُقتربة من الـ12 بعد منتصف الليل، عن أن المستهدف هذه الليلة هو المبنى المعروف باسم “المطعم التركي” بما يضمه من متظاهرين شباب، يتجاوز عددهم 2000 شاب، وهم مُكلفون من موقعهم هذا بحماية جميع المتظاهرين في الساحة وفق مُخطط خاص وضعه المتظاهرون لحماية أنفسهم.

يذكر محمد عبد الواحد أحد الشباب المُلازمين لموقعه في الطابع الأخير لمبنى المطعم التركي لـ”درج”، أن “مهمتنا في هذه البناية أن نقف لحماية المتظاهرين المُخيّمين في ساحة التحرير ونقل أي إحداثيات وتحركات تقوم بها القوات التي تقف عند جسر الجمهورية والتي تدعى “مكافحة الشغب”، كما أننا نمنعها بوسائل مختلفة من التقدم، ونقوم بحماية المتظاهرين أيضاً من القنابل المسيلة للدموع التي تضرب باتجاه الخيم في الساحة، وذلك للتقليل من عدد الضحايا هناك”.

رؤوسٌ كبيرة حلّ قطافها

“في المطعم التركي رؤوس كبيرة حان وقت قطافها!”، تقول خمائل إحدى الناشطات والإعلاميات المتابعة للحدث في العراق، والمترقبة لمواقع التواصل الاجتماعي أن هذه تغريدة للمدعو نجاح محمد علي وهو ناشط معروف بإنتمائه لجهات أيرانية، أشعلت الشارع العراقي. وأكد أن “المطعم التركي مستهدف في تلك الليلة بالذات”.

دور سرايا السلام في تلك الليلة

“كانت ليلة مُريبة يملأؤها بالحذر، تسربت لنا معلومات أن بناية المطعم التركي بمن فيها من متظاهرين مستهدفة في تلك الليلة، لهذا عمِد مكتب السيد الصدر إلى تحذير أي جهة من المساس بالمتظاهرين الموجودين في تلك البناية. وقد نشرت سرايا السلام قواتها هُناك، على رغم حضورنا هناك بشكل مستمر وبالزيّ المدني، إلا أننا كنا مستعدين أيضاً لأي هجومٍ عسكري وهذه الأوامر بُلغنا بها من قبل السيد الصدر”. س.ف أحد التابعين للتيار الصدر والمقرب جداً من مكتب زعيم التيار يتحدث لـ”درج” عن المخطط الذي وضعته سرايا السلام لحماية المتظاهرين وخاصة بناية المطعم التركي في تلك الليلة، ويقول: “عززنا ساحة التظاهر بأفراد من السرايا، وأحطنا المطعم التركي بأفراد من القوات العسكرية الخاصة بالسرايا التابعة للتيار الصدري، وكنا على أهبة الاستعداد لأي محاولة هجوم على البناية لأننا مكلفون من قبل زعيم التيار بحماية المتظاهرين، كما أننا نتمتع بمعلومات كافية عن الخطط المُهيئة للاطاحة بالمتظاهرين وجاهزين لإفشالها”.

“كانت ليلة غريبة مملوءة بالخوف والترقب، لكن أيضاً بالفخر والسعادة، أظهر الشعب وحدة وطنية غير مسبوقة فأن يستنفر الشارع البغدادي ويملأ المواطنون الشوارع لحماية من هم في ساحة التحرير على رغم قرار حظر التجوال، إنها سابقة لم تحدث في تاريخنا”

جبل أُحد

“سميناه جبل “أُحد” لأنه معرض بشكل دائم إلى التفاف القوات التابعة للحكومة والمُكلفة بفض الاعتصام، والاطاحة بنا”، هذا ما يشير إليه أكرم أحد المتظاهرين الموجودين في مبنى المطعم التركي،. ويذكر لـ”درج”: “وجودنا هناك يستفز القوات التي تعتلي جسر الجمهورية، والتي تُدعى قوات مكافحة الشغب، كان عدد هذه القوات ليلة الثلاثاء عند الساعة 12 بعد منتصف الليل قد تضاعف بشكل رهيب. كما أن زجاجات الغاز المسيلة للدموع المُطلقة علينا قد تضاعفت، إلا أن خطوة الجماهير العراقية بكسر قرار حظر التجول الذي أعلنته الحكومة هي التي تسببت بتراجع مخططاتهم المؤكدة فأعدادهم الكبيرة في تلك الليلة لا تشي إلا بمخططٍ يستهدف المتظاهرين”.

انسحبت هذه القوات عند الثالثة بعد مُنتصف الليل ليبقى أفراد قلّة منهم على جسر الجمهورية، يقول أكرم “وصلتنا معلومات بأن هذا الانسحاب تكتيكي، فهنالك مخطط لفتح الجسر واستدراج المتظاهرين إلى المنطقة الخضراء بخاصة أولئك الذين يعتلون مبنى المطعم التركي أو جبل أحد كما سميناه ليقوموا بعدها بمحاصرتنا هناك وقتلنا، لكننا قررنا ألا نترك مواقعنا في تلك الليلة”.

الشعب يكسر حظر التجول

أحمد من منطقة العامرية، يُعلن عبر حسابه في “فيسبوك” أن منطقة العامرية تستنفر حيث يتفق شبابها وسكانها على الخروج في تلك الليلة. يقول لـ”درج”، “لم أرَ أبناء المنطقة وهم يملأون الشوارع بهذا الشكل، كانت الأعلام العراقية وأصوات الأغنيات تعلو من السيارات، لم نكن قادرين على القيام بأكثر من هذا لحماية التظاهرات من القمع فنحن سكان منطقة سنية وتهمتنا جاهزة فإن انضممنا للتظاهرة سنُتهم بأننا ننتمي إلى داعش الإرهابي”.

منطقة زيونة، شارع الربيعي، الكرادة، الجادرية، اليرموك والحارثية ومناطق أخرى تؤكد تبارك “أن ساكني تلك المناطق ملأوا الشوارع، بهدف افشال مخطط الحكومة من قمع التظاهرة.” وتقول” لم انم حتى الصباح ابناء منطقتي في حي البنوك ايضا خرجوا حاملين اعلاماً وهم يهتفون ضد النظام ويطالبونه بالرحيل، فللشعب ثأر مع حكومة عبد المهدي التي تلطخت يدها بدماء الابرياء”. وذكرت “أن الهدف من هذا الخروج هو حماية التظاهرات، بعدما علمنا بوجود حظر التجول، وتضاربت الأنباء عن أن هنالك خطراً قد يلحق بشباب أكتوبر في تلك الليلة، لهذا استنفرنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتحشيد والتحفيز على الخروج من البيوت ومؤازرة الثورة في شوارع العاصمة، لقد أسقطنا النظام شفوياً ولن ننتظر قراراً رسمياً بذلك”.

تشييع جثمان أحد الشهداء

“كانت ليلة غريبة مملوءة بالخوف والترقب، لكن أيضاً بالفخر والسعادة، أظهر الشعب وحدة وطنية غير مسبوقة فأن يستنفر الشارع البغدادي ويملأ المواطنون الشوارع لحماية من هم في ساحة التحرير على رغم قرار حظر التجوال، إنها سابقة لم تحدث في تاريخنا”، تقول ايناس المسعفة المتطوعة في خيمة الطوارئ في ساحة التحرير. وتضيف: “الحزن الشديد كان جزءاً من المشاعر التي شهدتها تلك الليلة، فبعدما استشهد صفاء السراي الذي تم نقله إلى المستشفى بعد إصابته بقنبلة صوتية في رأسه ادت الى وفاته فيما بعد، ما أدى لفرض سطوة الألم والحزن علينا، حتى أن المتظاهرين جاءوا بجثمانه من مستشفى الجملة العصبي وشيّعوه بدمه في ساحة التحرير عند الواحدة والنصف بعد منتصف الليل”.

لم يكُن التشييع وحده هو ما شهدته الساحة في تلك الليلة، فعلى رغم الحزن والبكاء لرحيل صفاء، إلا أن الغناء والرقص لم يتوقفا وكذلك لعب كرة القدم وإطلاق الألعاب النارية، بينما كانت قوات مكافحة الشغب تضاعف عدد القنابل المسيلة للدموع التي تطلقها كل دقيقتين تقريباً.

حملات الاعتقال 

“كان هنالك شاب في منطقة العلاوي يمشي أمامي وعلى بعد أقل من 20 متراً تقريباً، أتوقع أنه كان باحثاً عن سيارة أجرة تقيله إلى مكان ما، كنت أسير على مسافة أقل من 20 متراً منه، وقد داهمه رجال بملابس سود ووجوه ملثمة في سيارة سوداء “حكومي”، وقاموا بضربه وشتمه واصعدوه إلى سيارتهم تلك”. يقول الصحافي أ.ع.ح. “من الجيد أنهم لم يتنبهوا لوجودي بعدما اختبأت خلف حاوية ضخمة لجمع النفايات وضعت بجانب الرصيف في الشارع المؤدي إلى كراج العلاوي”.

واشنطن تقتل البغدادي و”تموّل” ثورتَي بيروت وبغداد