fbpx

هل يغيّر “داعش” استراتيجيته بعد مقتل البغدادي؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في حال كان القرشي هو ذاته قرداش، فإن هذه الشخصية تُعتبر الأشد دموية في قيادات الصف الأول في تنظيم “داعش”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في 29 نيسان / أبريل الماضي، ظهر زعيم تنظيم “داعش” أبو بكر البغدادي، في شريطٍ مصوّر إلى جانب ثلاثة رجال ملثمين، توعّد خلاله بمزيد من العمليات حول العالم، وذلك بعد هزيمته التاريخية في قرية الباغوز بريف دير الزور.

كانت هزيمة الباغوز تمثّل طرد تنظيم “داعش” من آخر منطقة مأهولة بالسكّان وحصار مقاتليه بشكلٍ تام في جيب صحراوي في البادية السورية، ومنذ ذلك الوقت يتوقّع الخبراء أن التنظيم انتهى فعلياً.

بعد مقتل البغدادي، لا يبدو أن شيئاً سوف يتغيّر في وضع “داعش”، فالتنظيم بات ضعيفاً من ناحية الموارد المادّية والبشرية.

حصار في جيب خالٍ من الموارد

وفقاً لمصدر عسكري من المقاتلين الأكراد في شمال شرقي سوريا، فإن “داعش” اليوم عبارة عن مقاتلين يتراوح عددهم بين 3 و4 آلاف مقاتل، موجودين في منطقة البادية السورية، بين منطقة السخنة في ريف حمص الشرقي، ومنطقة الميادين في ريف دير الزور الجنوبي، وقاعدة التنف الأميركية جنوب شرقي سوريا.

وقال المصدر لـ”درج”: “يحصل هؤلاء على قوتهم من الغزوات التي يستهدفون فيها الارتال العسكرية الإيرانية والروسية التي تمر من حمص إلى دير الزور، حيث يقومون بنصب كمائن في البادية على الأرتال العسكرية وينهبون محتوياتها من أسلحة وعتاد لوجيستي وأغذية وغيرها”.

كما أكّد المصدر أن هؤلاء المقاتلين بشكلهم الحالي ليسوا قادرين على إعادة اقتحام المدن مجدّداً سواء تلك التي يسيطر عليها المقاتلون الأكراد المتمثّلون بـ”قوات سوريا الديموقراطية” أو تلك التي يسيطر عليها النظام السوري من جهة مدينتي حمص والسويداء.

يقول الباحث السوري المتخصّص بالجماعات الإسلامية عباس شريفة لـ”درج”: “إن البغدادي اتجه إلى إدلب في الغالب لأنّه يملك هناك خلايا نائمة، ويريد التوسّع في تلك المنطقة كون إدلب تحتوي على الكثير من الموارد المادية والبشرية التي تعيد إحياء التنظيم، وذلك على حساب تنظيمات أخرى مثل “هيئة تحرير الشام” و”حراس الدين” و”الحزب الإسلامي التركستاني”، موضحاً أن هؤلاء أخوة في المنهج ولكنّهم أعداء في تقاسم الموارد.

ويرى شريفة أن تأثير مقتل البغدادي هو معنوي فقط، موضحاً أن “مقتل البغدادي لا يغيّر في وضع التنظيم شيئاً، ففي الحالتين، هو فقد السيطرة على الأرض والزخم المركزي”.

ويرى شريفة أن أي شخصية أخرى يمكن أن تنوب عنه، مضيفاً: “من خلال معرفتي فإن البغدادي لم يكن من الشخصيات الحديدية في تنظيم داعش، وهناك شخصيات أكثر صلابة من “صقور داعش” قد تعيد شيئاً لروح التنظيم في حال استلامها القيادة”.

من هو “الخليفة” الجديد؟

في مساء الخميس 31 تشرين الأول، أقر تنظيم “داعش” باغتيال البغدادي، وأعلن عن تعيينه الزعيم الجديد لتنظيم “داعش”.

وقال التنظيم في رسالة صوتية قرأها المتحدّث الجديد باسم التنظيم أبو حمزة الهاشمي القرشي، وبثّتها وكالة “أعماق” الناطقة باسمه: “تمت تسمية أبي إبراهيم الهاشمي القرشي زعيماً للتنظيم خلفاً لأبي بكر البغدادي”.

وفي التسجيل ذاته، أعلن التنظيم مقتل الناطق السابق باسم أبي الحسن المهاجر خلال العملية الأميركية التي استهدفت البغدادي وتوعّد بالثأر.

ولكن بالعودة إلى الزعيم الجديد في التنظيم أبي حمزة الهاشمي القرشي، فإنه ما زال حتّى الآن شخصية مجهولة بالنسبة إلى أجهزة الاستخبارات ولم يتم التعرّف إليها، خصوصاً أن التنظيم كعادته استخدم اسم “الهاشمي القرشي” كاسم وهمي يشير إلى نسب أو عشيرة، كان ينتمي إليها الزعيم الجديد، ولكن كلمة “القرشي” تحديداً يتم وضعها من أجل إظهار نسب التنظيم القرشي زعماً أنّه من سلالة الرسول محمد.

ويرى باحثون أن القرشي قد يكون شخصاً معروفاً بالنسبة إلى أجهزة الاستخبارات، ولكنّه غيّر اسمه فور تولّيه منصب قيادة التنظيم من أجل تشتيت أجهزة الاستخبارات.

خلال بيان التنظيم ذاته توعّد أبو حمزة القرشي، الولايات المتّحدة الأميركية بهجمات أشد ممّا حدث في زمن البغدادي، ودعا أتباع التنظيم إلى “الثأر لقادتهم” قائلاً: “لا تفرحي أميركا بمقتل الشيخ البغدادي فلقد جاءك من ينسيكِ أهوال ما رأيتِ”.

في هذا الصدد، يقول شريفة: “كانت المناصب القيادية في التنظيم محصورة بالعراقيين، ولكن الآن يبدو أنّ التنظيم سوف يكسر هذه القاعدة، كما أنّه يحرص على أن يلتفت إلى “التقريش” وهو أن يكون لقائد التنظيم “نسب قرشي” كما يدّعي التنظيم أن قياداته السابقة من نسب قريش.

ولكن وسط هذا التعتيم الذي اتبعه التنظيم، يتوقّع خبراء أن يكون القرشي هو أبا عبد الله قرداش ذاته، ففي بيانٍ سابق بعنوان “رعاية شؤون المسلمين”، رشح البغدادي العام الماضي أن يكون قرداش هو زعيم “داعش” الجديد، كونه أحد نواب البغدادي ويده اليُمنى.

اسمه الحقيقي أمير محمد سعيد عبد الرحمن محمد المولي، أصله عراقي، من بلدة تلعفر، وتزيد فرصه كون قيادات التنظيم لا تخرج من أيدي العراقيين.

كان قرداش رفيق أبي بكر البغدادي في السجن، حيث التقيا في سجن بوكا في البصرة عام 2004، كما أنّهما يعرفان بعضهما بعضاً منذ15  عاماً. واستلم قرداش مناصب عدّة منها، أمير ديوان الأمن العام في سوريا والعراق، المسؤول عن حماية القيادات والتخلص من أعداء التنظيم، ديوان المظالم، وزير التفخيخ والانتحاريين.

وفي حال كان القرشي هو ذاته قرداش، فإن هذه الشخصية تُعتبر الأشد دموية في قيادات الصف الأول في تنظيم “داعش”.

ويُلقّب قرداش بأبي عمر التركماني، وهو تركماني الأصل وشغل منصب نائب البغدادي سابقاً.

تغيير الاستراتيجية؟

وبعيداً من الهوية الحقيقية لزعيم التنظيم الجديد، فإن الخبراء يتوقّعون حالياً أن يغيّر “داعش” في استراتيجيته العسكرية والأمنية.

وخلال السنوات الماضية، استخدم التنظيم شعار “باقية وتتمدّد” في إشارة إلى توسيع حجم السيطرة الجغرافية التي يسيطر عليها، حيث عكف التنظيم خلال سنوات تناميه في سوريا والعراق، إلى سياسة قضم أكبر مساحة ممكنة من الأراضي، وبسط سيطرته عليها قبل تثبيت حكمه فيها من طريق إنشاء وزارات ومؤسّسات تابعة له وأفرع أمنية وأجهزة للحسبة، وقيادة هذه المناطق، كحال أي دولة تنشئ مؤسّساتها، وهو الأمر الذي جعل “داعش” التنظيم الوحيد بين التنظيمات الإرهابية التي تطلق على نفسها اسم “دولة” (الدولة الإسلامية في العراق والشام).

ولكن عقب الهزائم المتلاحقة التي تعرّض لها التنظيم في سوريا والعراق، والتي أدّت في نهاية الأمر إلى حصار قواته في منطقة صحراوية خالية من الموارد، من المتوقّع أن تتجّه استراتيجة التنظيم الجديدة من التمدّد في الجغرافية والتمسّك بها، إلى الاتجاه نحو العمليات السرّية من طريق خلايا نائمة تابعة له منتشرة في سوريا والعراق أو في أنحاء العالم كافّة.

هذا الأمر يحذّر منه مراقبون مع وجود كثر اعتنقوا أفكار التنظيم في مناطق مختلفة من أنحاء العالم بعدما تأثّروا بأفكاره عبر الانترنت، إضافة إلى المقاتلين الذين كانوا مع التنظيم ورموا سلاحهم وانخرطوا بين المدنيين خلال فوضى المعارك، وهي الاستراتيجية التي لوّح بها التنظيم مرات عدة، وتُسمّى “الذئاب المنفردة”.

واشنطن تقتل البغدادي و”تموّل” ثورتَي بيروت وبغداد