fbpx

مات البغدادي لكن “داعش” مستمر منذ انسحاب ترامب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في حين صرح بعض المسؤولين والخبراء بأنه على رغم أن مقتل البغدادي يُمثل ضربة موجعة وقاصمة للتنظيم، فإن الأخير لا يزال يُشكل تهديداً في سوريا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب صباح يوم الأحد 27 تشرين الأول/ أكتوبر أن قوات العمليات الخاصة المشتركة الأميركية تمكنت من قتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية، أبي بكر البغدادي، بغارة ليلية في منطقة إدلب شمال غربي سوريا.

في حين صرح بعض المسؤولين والخبراء بأنه على رغم أن مقتل البغدادي يُمثل ضربة موجعة وقاصمة للتنظيم، فإن الأخير لا يزال يُشكل تهديداً في سوريا، لا سيما أن مئات من مقاتلي الجماعة وأفراد أسرهم فروا من أماكن احتجازهم أثناء عملية توغل تدعمها تركيا هذا الشهر، ساهمت بشكلٍ حادٍ في إنهاء أشهر من الهدوء النسبي الذي شهده الجزء الشمال الشرقي من البلاد.

فقد قالت دانا سترول، المسؤولة السابقة في البنتاغون وواحدة من الباحثين البارزين في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، “إن الأمر المُذهل هو أن هذه العملية كُللت بالنجاح على رغم اتباع إدارة ترامب السبل التي قد جعلتها تبدو أكثر صعوبةً”.

وأضافت، “مثلما لم يؤد مقتل أسامة بن لادن إلى القضاء على تنظيم القاعدة، أتوقع أن عملية القضاء على البغدادي لا يُمكن اعتبارها فعلياً إيذاناً بإنهاء وجود تنظيم الدولة الإسلامية، على رغم من جلالة هذا الحدث”.

بينما صرح مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية لمجلة فورين بوليسي، أن الغارة التي شنتها فرقة العمليات الخاصة والمعروفة إعلامياً باسم “دلتا فورس” في 26 تشرين الأول، قد نُفذت بعد عمليّة معقدة لجمع المعلومات الاستخبارية قامت بها وكالة الاستخبارات المركزيّة بمساعدة القوّات الكرديّة السّوريّة وشركاء آخرين للولايات المتحدة في المنطقة، بما في ذلك كُردستان العراق.

وقال المسؤول إن العمليّة التي تضمنت مشاركة المروحيّات وقوّات العمليّات الخاصّة الأميركيّة على الصعيد الميداني، انطلقت من أربيل، عاصمة إقليم كُردستان، ومن العراق وداخل سوريا.

وقال ترامب في كلمة ألقاها من البيت الأبيض، “الليلة الماضية اقتصت الولايات المتحدة، وقدمت زعيم الإرهاب الأول في العالم إلى العدالة”، مُشيراً إلى أن الولايات المتحدة لم تتكبد أي خسائر خلال العملية. وأضاف، “لقد أصبح العالم الآن مكاناً أكثر أماناً”.

والواقع أن مقتل البغدادي يُعد انتصاراً لترامب وفريقه من الأمن القومي، الذي أمضى سنوات في ملاحقة واحد من أكثر الإرهابيين المطلوبين في العالم. بيد أن المسؤولين والخبراء أعربوا أن ذلك لن يتسبب في زوال الأضرار التي أحدثها قرار الرئيس في أوائل شهر تشرين الأول الماضي بسحب القوات الأميركية من الحدود التركية السورية، وهو ما أدى إلى التعجيل بوقوع عملية تركية عنيفة في شمال شرقي سوريا. في الوقت الذي لا يزال فيه الآلاف من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وأفراد أسرهم قابعين في معسكرات موقتة في مختلف أنحاء المنطقة التي تخضع لحراسة “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد).

“مثلما لم يؤد مقتل أسامة بن لادن إلى القضاء على تنظيم القاعدة، أتوقع أن عملية القضاء على البغدادي لا يُمكن اعتبارها فعلياً إيذاناً بإنهاء وجود تنظيم الدولة الإسلامية، على رغم من جلالة هذا الحدث”.

أمضت “قوات سوريا الديموقراطية” بقيادة الأكراد 5 أشهر في العمل مع الحكومة الأميركية لجمع المعلومات الاستخباراتية حول مكان البغدادي، وفقاً لما ذكره مسؤولون أكراد وأميركيون. وقال الجنرال مظلوم عبدي، قائد “قوات سوريا الديموقراطية، لمجلة “فورين بوليسي”، إنه الشخص الأجنبي الوحيد الذي كان على علم بالهدف. وأكد المسؤول الأميركيّ الكبير روايته بشكل مستقل.

أضاف مظلوم أن العملية تأخرت شهراً كاملاً بسبب النشاط العسكري التركي على الحدود وما أعقبه من توغل في شمال شرقي سوريا. ومن الجدير بالذكر أن أنقرة بدأت نشر قواتها في سوريا بعد أيام من قرار ترامب بانسحاب القوات الأميركية من الحدود في أوائل شهر تشرين الأول، وهي خطوة اعتبرت على نطاق واسع بمثابة الضوء الأخضر للعملية التركية.

وقد أوضحت سترول، “أن ترامب رفض الدراسات التقييمية التي قدمتها له أجهزة الاستخبارات، فضلاً عن قيامه بتسريب المعلومات الاستخباراتية السرية، وإخضاع عملياتنا العسكرية لقراراته غير المدروسة، مثلما حدث في سوريا، ودأب على معاملة العراق بلا اكتراث، وبدا مستعداً للتخلي عن العلاقات مع “قوات سوريا الديموقراطية” منذ بضعة أسابيع فقط”.

وأردفت أنه، “على رغم ذلك فقد اعتمدت هذه العملية على المعلومات الاستخباراتية الأميركية التي قدمت لجيشنا المُتمركز في سوريا والعراق، إضافة إلى ما حققته الحكومة العراقية من نجاح باهر في جمع المعلومات الاستخباراتية، فضلاً عن شبكة الاستخبارات التي أدارتها قوات سوريا الديمقراطية بناءً على طلب من الولايات المتحدة”.

في حين صرح أحد كبار المسؤولين الأميركيين، الذي انتقد قرار ترامب المُفاجئ بسحب جميع القوات الأميركية من سوريا باستثناء بقاء بضع مئات منهم، أن العملية التي نفذتها وحدة العمليات الخاصة، دلتا فورس، والتي أدت إلى مقتل البغدادي كان سيتعذر تنفيذها وتصبح عملية صعبة ومعقدة للغاية من دون وجود حلفاء للولايات المتحدة على الأرض”.

وأضاف المسؤول أن قتل البغدادي “يُعد بمثابة “ضربة قاصمة إلى تنظيم الدولة الإسلامية، وخصوصاً في أعقاب هزيمة الخلافة. ولكن المعركة ضد داعش لم تنته بعد، وما زلنا لم نحظ بالأمان الكافي، لكي نُقدم على خطوة مثل سحب قواتنا من سوريا”.

وفي غضون ذلك، ظهرت تقارير تفيد بأن أبا الحسن المهاجر، اليد اليمنى لأبو بكر البغدادي، والمتحدث باسم تنظيم الدولة الإسلامية، كان مستهدفاً في عملية منفصلة اشترك في تنفيذها أجهزة الاستخبارات التابعة لـ”قوات سوريا الديموقراطية” والجيش الأميركي. وقال مظلوم إن المهاجر استُهدف في قرية عين البيضا بالقرب من جرابلس التي تُسيطر عليها تركيا في محافظة حلب. بيد أن المسؤولين الأميركيين لم يؤكدوا العمليّة بعد.

وأشاد آدم سميث، النائب عن الحزب الديموقراطي لولاية واشنطن، ورئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، بمقتل البغدادي، لكنه حذر قائلاً، “علينا ألاّ نُخطئ فهم التخلص من أحد قادة داعش على أنه بمثابة تحقيق النصر الكامل المتناهي”.

وأضاف سميث في بيان له قائلاً، “إن العديد من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية لا زالوا في ظروف غير مستقرة في السجون التي تقع شمال شرق سوريا. فضلاً عن أن مقاتلي داعش في هذه السجون وفي مختلف أنحاء العالم لن يهدأ لهم بال بسبب موته”.

ووفقاً للمسؤول الأميركي رفيع المستوى، فإن البغدادي كان يختبئ في محافظة إدلب شمال شرق سوريا -وهي منطقة تخضع لسيطرة هيئة تحرير الشام، الجماعة السلفية الجهادية المعادية لتنظيم الدولة- عندما بدأت عملية فرقة “دلتا فورس” التابعة للقوات الخاصة الأميركية.

قال ترامب إن البغدادي لجأ برفقة ثلاثة من أبنائه إلى نفقٍ قبل أن يُفجر “سترة ناسفة”، ما أدى إلى مقتله مع أبنائه. وعلى رغم أن الجثة كانت “مشوهة” بفعل الانفجار وانهيار النفق، فإن نتائج الاختبارات الأولية في موقع العملية، كما جاء على لسان ترامب، “أكدت هويته على الفور بما لا يدع مجالاً للشك، لقد كان هو”.

قتل البغدادي “يُعد بمثابة “ضربة قاصمة إلى تنظيم الدولة الإسلامية، وخصوصاً في أعقاب هزيمة الخلافة.

فضلاً عن أن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، قال في بيانٍ، إن “هذا يوم عظيم لأميركا والعالم. في الليلة الماضية، نفذت قوات العمليات الخاصة المشتركة الأميركية بالتعاون مع الوكالات الاستخباراتية لِشركائها عملية مكتملة الأركان بأمرٍ من القائد الأعلى لأسر أبو بكر البغدادي أو قتله. لقد أسقطنا الخلافة الداعشية فعلياً في وقتٍ سابق هذا العام والآن مات مؤسسها وزعيمها. وهذا انتصارٌ عظيم في مهمتنا المستمرة للقضاء على “داعش” للأبد”.

أعرب ترامب عن شكره للحكومات الروسية والتركية والسورية والعراقية وكذلك الأكراد في سوريا، على دعمهم الذي ساعد في إنجاز المهمة بنجاح. وقال الرئيس إنه شاهد العملية من غرفة العمليات مع إسبر ومارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة وروبرت أوبراين مستشار الأمن القومي، وجنرالات آخرين.

وأضاف ترامب أن العملية لم تجعله يتراجع عن قراره بسحب غالبية القوات الأميركية من سوريا. وقال “سنترك بعض الجنود هناك لتأمين حقول النفط”. إذ تقع أغنى حقول النفط السورية في شمال شرقي سوريا، بخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديموقراطية”.

ووفقاً لمصادر أميركية وكردية، فقد ساهمت “قوات سوريا الديمقراطية” -التي تقاتل تنظيم الدولة مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول منذ عام 2015- في العملية من خلال شبكة من المخبرين المنتشرين في جميع أنحاء شمال سوريا. وقال مصدر كردي إنه وعلى رغم أن إدلب تخضع بالدرجة الأولى لسيطرة المتمردين السوريين وهيئة تحرير الشام -أو ما كان يعرف سابقاً بجبهة النصرة، الذراع السورية لتنظيم “القاعدة”- فإن “قوات سوريا الديموقراطية” لديها “الكثير من الأنصار والمخبرين” هناك.

في آذار/ مارس، قال متحدث باسم وحدات حماية الشعب -التي تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية- إن معلوماتهم الاستخباراتية تشير إلى وجود البغدادي في إدلب.

وغرد مظلوم عبدي، قائلاً، إن هذه “عملية تاريخية ناجحة نتيجة عمل استخباراتي مشترك مع الولايات المتحدة الأميركية”.

قال المسؤول الأميركي إن الولايات المتحدة أبلغت تركيا بالعملية في وقتٍ مبكر لتفادي حدوث اشتباكٍ غير مقصود بين القوات، لكنها لم تحدد الهدف خوفاً من الكشف عن المعلومات أو تسريبها. لكن لم تؤدِ أنقرة دوراً في العملية.

وأضاف، “لم تقدم تركيا أيّة مساعدة خلال هذه العملية، بينما كان البغدادي في جوار حدودهم مباشرةً. ويُظهر لك ذلك ضآلة ما يقدمونه في عملية القضاء على “داعش”.

كما غرد الحساب الرسمي لوزير الدفاع التركي على “تويتر” أنه، “قُبيل العملية الأميركية في محافظة إدلب السورية الليلة الماضية، حدث تنسيق وتبادل للمعلومات بين السلطات العسكرية للبلدين”.

غزت تركيا في وقت مبكرٍ من هذا الشهر شمال شرق سوريا في عملية قُتل خلالها مئات الأكراد من المقاتلين والمدنيين. بينما كان الأكراد يحرسون عشرات الآلاف من السجناء المتهمين بالانتماء لـ”داعش” وبعض أفراد عائلات مقاتلي التنظيم الذين يعيشون في معسكرات موزعة على المنطقة.

وقد تعهدت تركيا، في اتفاقِ وقفٍ موقتٍ لإطلاق النار تم التوصل إليه بوساطة أميركية، بأن تواصل محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. ومع ذلك فر عددٌ كبير من أعضاء التنظيم المحتجزين خلال العملية، وأفرجت قوات مدعومة من تركيا بنفسها عن بعضهم عمداً. علماً أن لدى كثر منهم صلاتٍ بجماعات متطرفة.

في هذه الأثناء، حذرت “قوات سوريا الديموقراطية” في بيانٍ لها، من استمرار الخطر الذي يشكله “داعش” والقوات المدعومة من تركيا في سوريا.

وجاء في البيان، “نحذر العالم من خطر دخول الفصائل الجهادية مع الجيش التركي إلى مناطق رأس العين (الحسكة) وتل أبيض التي تحتلها الميليشيات المدعومة من تركيا ومن احتمالية تحول هذه المناطق إلى ملاذٍ آمن آخر قد يجد فيه أعضاء “داعش” فرصة لإعادة ترتيب صفوفهم… وسبق أن ذكرنا أن أعضاء “داعش” وبعض كبار قادة التنظيم ذهبوا بالفعل إلى مناطق تحت سيطرة الجيش التركي في شمال سوريا”.

وأفادت تقارير، بأن العراقيين يدعون تقديم الإحداثيات الدقيقة لموقع البغدادي. لكن المسؤول الأميركي شكك في هذه الرواية، قائلاً إن الأمر بتنفيذ العملية جاء بسبب ظهور البغدادي في مكانٍ كان الفريق قد زرع فيه بالفعل مجموعة من المخبرين.

هذا المقال مترجم عن foreignpolicy.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي

“داعش” تجني مكاسب الانسحاب الأميركي من سوريا