fbpx

“علاء أبو فخر ما رح يهاجر… علاء أبو فخر مات”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

لن يهاجر علاء أبو فخر يا فخامة الرئيس لأنه مات، ونحن لن نهاجر لأننا لا نقوى على الهجرة، ولأننا نشعر اليوم باحتمال قيامة، وباحتمال إطاحة من يريدنا أن نهاجر.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كتب جوزيف خوري على صفحته على “فايسبوك”: “علاء أبو فخر ما رح يهاجر، علاء أبو فخر مات”. وكان هذا جواباً على المتاهة التي اقترحها علينا رئيس الجمهورية ميشال عون عندما قال قبل مقتل أبو فخر بنحو ساعة: من لا تعجبه الحلول فليهاجر!

الكتابة عن مشهد موت الشاب المبتسم قد تنطوي على قدر من الابتذال. علينا إبقاء المشهد مشهداً، وهذا يكفي. وأن ننتقل منه إلى سعي الرئيس إلى تحميل الحراك مسؤولية الانهيار. الدولة العاجزة عن سداد ديونها وعن رأب فسادها، ترى أن من تسبب بالانهيار هم المتظاهرون، وليس الموقع الذي اختاره الأصهار لدولتنا ولحكومتنا ولماليتنا. وليست أيضاً أبواب الهدر والفساد الكبرى، ولا الهندسات المالية التي رفعت أرباح المصارف وضاعفت الديون والفوائد عليها. الانهيار سببه إقفال طريق الرينغ وأوتوستراد جل الديب. هذا ما قاله الرئيس العاجز عن تشكيل حكومة، وعن إزاحة وزير شوهد في زاوية كادر الكاميرا أثناء خطبة الرئيس العصماء.

لن يهاجر علاء أبو فخر يا فخامة الرئيس لأنه مات، ونحن لن نهاجر لأننا لا نقوى على الهجرة، ولأننا نشعر اليوم باحتمال قيامة، وباحتمال إطاحة من يريدنا أن نهاجر. لن نهاجر ليس لأننا أقوياء، بل لأن من البداهة ألا نهاجر، ولأن الناس يهاجرون في لحظات مختلفة عن اللحظة التي نعيشها الآن. طلبك جاء في غير وقته يا فخامة الرئيس.

ليست الجنة ما ننتظره من بقائنا هنا، فنحن لا نملك أوهاماً كبيرة، ونعرف أن الهاوية على بعد أمتار قليلة وأيام قليلة منا، لكننا استيقظنا على احتمال أخير للنجاة، وهذا ما لن نغادره ونهاجر. أنت يا فخامة الرئيس في حضرة تظاهرة يشعر أصحابها بأن ما يصنعونه هو محاولة نجاة أخيرة، وما هكذا يُخاطب من هذه حاله. لا ثقة بعهدكم وبوعودكم وبحكومتكم وبأحزابكم. يجب أن يبدأ النقاش من هذه النقطة. رأب الصدع يبدأ من هنا، وهذا الصدع يتسع ويكبر في أعقاب كل خطبة وكل محاولة.

 

علاء أبو فخر يا فخامة الرئيس لن يهاجر. علاء أبو فخر مات. أنت تفاوض جيلاً أوصدت الأبواب كلها في وجهه، ولن يغادر الشارع، لأن ما ينتظره في البيوت ليس أقل من الرصاصة التي استقرت في رأس هذا الشاب. 

 

كان حديث الرئيس مذهلاً بالفعل. ماذا قال؟! لا شيء، حقاً لا شيء! هاجروا! وحده كان الجواب الواضح. لا موعد للاستشارات، ولا تصور عن خطوات إنقاذية، ولا كلام دقيقاً عن الوضع المالي. عودوا إلى بيوتكم لنستأنف محاولاتنا! من نصح الرئيس بهذا الخطاب؟ من وضع غمامة على عينيه؟ لا بد أن ثمة من فعل ذلك. المقابلة كانت انتحاراً، والوقت ليس للتشفي، والرغبة في أن يقول الرئيس شيئاً كانت قائمة. لماذا كانت المقابلة طالما أن ليس لدى الرئيس ما يقوله؟ ثمة من رغب وأراد للرئيس أن يخرج على مواطنيه وألا يقول لهم شيئاً، وأن يضيف إلى ذلك دعوتهم إلى الهجرة. 

هل تصور معدّ المقابلة مع الرئيس ومُصممها أن طلب عودة الناس إلى بيوتها سيُلبَّى ما أن يطلب الرئيس ذلك؟ من المؤكد أن أحداً لم يتوهم ذلك! إذاً ماذا دار في خلد من دفع الرئيس إلى هذا الطلب؟ ثم إن القول بأن الانهيار هو نتيجة الانتفاضة، وليس ثمرة خيارات الدولة وفساد رجالاتها وفشل حكام مصارفها وإداراتها يأخذنا إلى مكان آخر في خطبة الرئيس، ذاك أننا هنا حيال معادلة ما بعد زين العابدين بن علي حين قال للتونسيين “الآن فهمتكم”. الرئيس قال لنا يوم أمس: “هاجروا”. لكن علاء أبو فخر يا فخامة الرئيس لن يهاجر. علاء أبو فخر مات. أنت تفاوض جيلاً أوصدت الأبواب كلها في وجهه، ولن يغادر الشارع، لأن ما ينتظره في البيوت ليس أقل من الرصاصة التي استقرت في رأس هذا الشاب. 

العراق ولبنان اليوم: حيث أسئلة المستقبل