fbpx

«ضفائر النار» بعيداً من مسرح الجريمة: قريباً من مرتكبها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في التاسع عشر مارس/ آذار الماضي سجّل “مركز توثيق الانتهاكات بسوريا”، مقتل 1707 أشخاص منذ 18 فبراير/ شباط حتى 18 مارس/ آذار 2018 في الغوطة الشرقية. وبحسب المركز 91.68 في المئة من القتلى مدنيون، بينهم 229 امرأة. وبينما شاهد العالم أجمع الخراب والدمار والإبادة الجماعية في الغوطة الشرقية، الذي خلفته ميليشيات النظام السوري وحليفتيه روسيا وإيران، كانت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية تُروج لفيلم ضفائر النار قبل عرضه بقليل من خلال نشرها صوراً لأسماء الأسد وهي تحضن المقاتلات.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في التاسع عشر مارس/ آذار سجّل “مركز توثيق الانتهاكات بسوريا”، VDC-Syria، مقتل 1707 أشخاص منذ 18 فبراير/ شباط حتى 18 مارس/ آذار 2018 في الغوطة الشرقية. وبحسب المركز 91.68 في المئة من القتلى مدنيون، بينهم 229 امرأة.
وفي الواحد والعشرين من الشهر الماضي، نشرت الصفحة الرسمية لـ«رئاسة الجمهورية العربية السورية» على “فيسبوك”، و”يوتيوب”؛ فيلم «دعائي» مدته (25:36) تحت عنوان “ضفائر النار”. الفيلم عبارة عن استقبال أسماء الأسد “مقاتلات” في الجيش السوري، مع أمهاتهنّ في القصر الجمهوري بمناسبة عيد الأم. وبالطبع كان هذا بالتزامن مع عملية التهجير القسري لأهالي الغوطة، والتقاط صور “سلفي” لجنود النظام الأسدي في أحد “مراكز الإيواء” وهم يضحكون، وخلفهم مجموعة نساء من أهالي الغوطة تعتلي وجوههم ملامح الفزع والحزن والبؤس.
بينما شاهد العالم أجمع الخراب والدمار والإبادة الجماعية في الغوطة الشرقية، الذي خلفته ميليشيات النظام وحليفتيه روسيا وإيران، كانت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية تُروج لفيلم ضفائر النار قبل عرضه بقليل من خلال نشرها صوراً لأسماء الأسد وهي تحضن المقاتلات؛ مرفقة بعبارات مثل: «من الجبهة مباشرة.. بلباس الميدان جاؤوا.. مقاتلات على جبهة الغوطة».
في هذا الفيلم، استمرار لخطاب النظام السوري وإعلامه، ثرثرة وكلام إنشائي عن التضحية من أجل الوطن، مؤثرات صوتية وموسيقية مبتذلة، لشحن عواطف مؤيديه وابتزازها. كما أنه لا يعتبر الأول من نوعه، والذي من خلاله يتم تكريس رواية النظام، عن محاربته الإرهاب في سوريا، فبات النظام في كل عيد أم يُنتج فيلماً من بطولة أسماء الأسد، والأخيرة بدأت تنشط بالظهور منذ عام 2013، عندما بدأت أعداد قتلى الجيش السوري تتزايد إثر المعارك الذي يزج بها النظام الجيش. وقتها ظهرت أسماء الأسد بفيلم قصير عن استقبالها، أمهات شهداء الجيش السوري في القصر الجمهوري، والذي ركز أحد مشاهده على رسم شخصية أسماء الأسد، كرمز للأم السورية ولسوريا كلها، عندما كانت إحدى أمهات الشهداء تقول إنها خسرت أحد أبنائها في المعارك، وأن لديها اثنين أيضاً يقاتلان في الجيش السوري، وتتمنى أن لا يحصل لهما مكروه، لكن عندما تقول، “سوريا هي أم الكل”، تنقلنا الكاميرا إلى لقطة فيها أسماء الأسد، واقفة مقابل إحدى نوافذ القصر الضخمة، وهي تعطي ظهرها للكاميرا. هذه صورة سوريا المقدسة التي يجب أن يراها العالم، “سوريا الأسد”، وليست سوريا التي حلم بها السوريون عندما قاموا بالثورة. أما فيلم “أم الكل” فجاء بعد سيطرة النظام على مدينة حلب عام 2017، لتستقبل فيه أسماء أمهات عساكر تطوعوا أو استشهدوا في المعارك حلب.
أما هذه المرة فقد نفد الكلام عن أم الشهيد، وأم الكل، لكن أصبحت في جيش “الوطن” مقاتلات تقاتلن على الجبهة. المقاتلات اللواتي جئن مباشرة من جبهة الغوطة، ببدلاتهن العسكرية النظيفة، وبكامل أناقتهن، كنّ واقفات مع أمهاتهن حول “السيدة الأولى”، التي كانت تقف على عتبة مرتفعة عن الأرض، لكي تستطيع إلقاء خطبتها التي ستستمر على مدار الفيلم، تحكي من خلاله أسماء الأسد، عن تاريخ دور المرأة السورية في المجتمع السوري في شتى المجالات الأدبية والفنية والعلمية، لكن تطوع بنات سوريا في الجيش السوري للدفاع عن “الوطن”، اعتبرته أسماء الأسد “فتحاً جديداً” في تاريخ سوريا، وكيف لا يكون فتحاً جديداً، عندما لا يبقى غير التطوع في “الجيش السوري”، من قبل الموالين للنظام، والقتل باسم التضحية فداءً للوطن الذي تختصره شريحة من الموالين بشخص الأسد ونظامه، كفرصة عمل مضمونة، بينما كثر من المجندين غير المتطوعين، والذين ذهبوا – بغير إرادتهم- لأداء الخدمة العسكرية في سورية، لا يفارقون ثكناتهم العسكرية، وهم أشبه بمحتجزين، وعاطلين من الحياة، إذ إن النظام السوري لا يثق بقدرات هؤلاء على القتل!
وبالطبع لم تنسَ أسماء الأسد أن تفرق بين مقاتلاتها، والمقاتلات الكرديات، بشكل غير مباشر، حين قالت، “وقت عم قول تضحي وتدافع أنا أكيد قاصدة بالفعل مو بالحكي والإعلام والداعية والبروباغندا متل ما عملو مع البعض لما لبسوهن ونزلوهن تحت مسميات الدفاع عن البلد وحفظوهن كم كلمة وأخدولن كم صورة استعراضية كبنات واستخدموهن بعدين ليحاولوا يقسموا البلد”. بل وصفت الشباب الذي “هربوا” من البلد، بـ “الذكور”، في مقارنة بينهم وبين المقاتلات الشجاعات، اللواتي يملكن “رجولة” أكثر من الشباب الخارجين من البلد. بالطبع من دمرت بيته طائرات الأسد، ومن اعتقل ابنه ومات تحت التعذيب في سجون النظام، ومن خرج حياً منها، من خسر كل شيء في بلده، كيف باستطاعته البقاء، هذا لو توافرت له سُبل الخروج، وكيف تريد أسماء الأسد لمن شردهم نظام الأسد أن يتطوعوا بالجيش الذي بسببه توقفت حياتهم وأحلامهم؟
بالطبع هناك مئات الآلاف من أمهات، وبنات سوريات لن تشملهنّ خطابات أسماء الأسد في كل مناسبة عيد أم، منهنّ بالطبع البنات والأمهات اللواتي رأينا منهن قليلات يتحدثن في الفيلم الوثائقي “الصرخة المكتومة” للمخرجة الفرنسية مانون لوازو، والذي تحدث عن اغتصاب النساء في المعتقلات، أو المناطق والبلدات التي حررتها ميليشيات الأسد.

[video_player link=””][/video_player]