fbpx

تركيا انتهكت سيادة كوسوفو وخطفت 6 من أنصار غولن من عاصمتها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كشفت الطبعات الالكترونية لبعض الصحف الكوسوفية (كوها ديتوره ، زيري ، إكسبرس) عن قيام الشرطة الكوسوفية بتوقيف الأتراك الستة خلال توجه بعضهم للعمل، أو في حضور طلابهم. اعتقالهم تم رغم امتلاكهم لإقامات نظامية، ورغم عدم ارتكابهم أية مخالفة لقوانين الإقامة أو العمل. وقد تم تسليم الموقوفين فورا إلى لطرف التركي (المخابرات التركية التي كانت حاضرة) الذي قام بترحيلهم في طائرة خاصة، ثم نشر صورهم في جوار العلم التركي مع ملامح تفيد تعرضهم إلى عنف خلال ترحيلهم إلى تركيا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يمكن القول أن يوم 28 من مارس/اذار كان اليوم الأطول والأصعب في كوسوفو بسبب ما جرى فيه من أحداث وانكشف من أمور.
كان الخبر الأول المفاجىء في ساعات الصباح الأولى توقيف ستة أتراك من مدراء ومدرّسي مدرسة “محمد عاكف” المعروفة التي تتبع مؤسسة “غُلستان” التي هي من الشبكة التعليمية الدولية للداعية فتح الله غولن . وكانت هذه المدرسة منذ افتتاحها موجهة لأبناء النخبة الجديدة السياسية والاقتصادية التي ظهرت في كوسوفو بعد حرب 1999 (بحكم الأقساط العالية والمنهاج المتقدم)، بل أن أولاد كبار المسؤولين، كأبناء رئيس الجمهورية هاشم ثاتشي، وأبناء رئيس البرلمان قدري فيصلي، وأبناء وزير البيئة فريد أغاني وغيرهم، درسوا أو يدرسون فيها .
كشفت الطبعات الالكترونية لبعض الصحف الكوسوفية (كوها ديتوره ، زيري ، إكسبرس) عن قيام الشرطة الكوسوفية بتوقيف الأتراك الستة خلال توجه بعضهم للعمل، أو في حضور طلابهم. اعتقالهم تم رغم امتلاكهم لإقامات نظامية، ورغم عدم ارتكابهم أية مخالفة لقوانين الإقامة أو العمل. وقد تم تسليم الموقوفين فورا إلى لطرف التركي (المخابرات التركية التي كانت حاضرة) الذي قام بترحيلهم في طائرة خاصة، ثم نشر صورهم في جوار العلم التركي مع ملامح تفيد تعرضهم إلى عنف خلال ترحيلهم إلى تركيا. وقد كشفت الصحف عن أسماء هؤلاء الستة ومراكزهم وهم: مصطفى درم المدير العام لمدرسة “محمد عاكف” في بريشتينا، ونائب المدير العام يوسف كارابينا، ومدير مدرسة “محمد عاكف” في جاكوفا قهرمان دنيز والمدرسين في هذه المدرسة جيهان روزكان وحسن غوناكانا.
الأصداء والصدمات
مع انتشار خبر اعتقال هؤلاء بدأت بشكل عفوي ردّات الفعل ابتداء من طلاب المدرستين في بريشتينا وجاكوفا، وصولا إلى رأس الهرم في الدولة . فقد نظم الطلاب احتجاجا في مطار بريشتينا لاعتقادهم أن هؤلاء المعتقلين لا يزالون في المطار تمهيدا لترحيلهم إلى تركيا، بينما جاءت التصريحات الصادمة من كبار المسؤولين في الدولة . فقد خرج رئيس الحكومة راموش خير الدين مذهولاً ومحرجاً ليعترف أنه لا علم له بما جرى في الدولة التي هو رأس السلطة التنفيذية فيها، وكذلك كان الأمر مع الرأس الثاني (رئيس البرلمان) قدري فيصلي الذي اعترف بعدم معرفته أو إعلامه عما حدث في كوسوفو .
وما لم يقله رئيس البرلمان قاله مستشاره بليريم لطيفي بأنه “لا يجوز اعتقال أحد بدون اجراءات قضائية، وبالتالي فإن ما حدث يعد انتهاكا للدستور والقوانين”. ولكن الموقف الأشد جاء من وزير الخارجية، المعروف بعلاقته الجيدة مع تركيا التي زارها مؤخرا، حيث صدر عن وزارة الخارجية بيان قوي اللهجة يدين بأقسى العبارات ما حدث باعتباره “ينتهك المعايير الديموقراطية المعاصرة” .
ومن الطبيعي أن تذهب المعارضة لما هو أبعد من ذلك سواء في البرلمان أو في الشارع . فقد صرح النائب المعارض إلير ديدا، بأن ما حدث يجعل من كوسوفو “في عداد الدول الديكتاتورية” . ونظرا لأن هناك مزاج معاد للأتراك أو “العثمنة الجديدة” بين المثقفين الكوسوفيين، فقد عبّر المحامي المعروف توم غاشي عما حصل بأنه يوم “الخميس الأسود” في كوسوفو وقد أثبت أن كوسوفو “تابعة لتركيا وأنها تُدار من قبل أردوغان”.
أردوغان وثاتشي
ومع اعتراف رؤوس الدولة بعدم معرفتهم بما جرى في يوم “الخميس الأسود” توجهت كل الأنظار إلى رئيس الوزراء السابق ورئيس الجمهورية الحالي هاشم ثاتشي باعتباره الوحيد الذي كان يعرف وسمح بما جرى . وهنا استعادت الصحيفة الكوسوفية المعروفة “كوها ديتوره” زيارة ثاتشي الأخيرة إلى تركيا في 2016 ، أي حين كان أردوغان في ذروة ملاحقته لخصومه الغولينيين باعتبارهم كانوا وراء المحاولة الانقلابية العام نفسه ، وتعرّضه إلى ضغوط لإغلاق كل المدارس والمؤسسات التابعة لفتح الله غولن في كوسوفو . وفي تلك الزيارة قال ثاتشي جملة ذات مغزى هي: “كل من هو ارهابي في تركيا هو ارهابي في كوسوفو” . ولكن على الرغم من العلاقة الجيدة والمصالح المتنوعة التي ربطت بين أردوغان وثاتشي إلا أن الأخير بحكم صلاحياته المحدودة في الدستور لم يكن بوسعه أن يقوم فورا بما يطلبه الرئيس اردوغان منه .
ولكن الأمر الذي كشفت الصحف عنه يوم “الخميس الأسود” ، أي إجراء اتصال هاتفي بين اردوغان وثاتشي ، عزّز الرأي القائل بدور ثاتشي في العملية التي جرت، وأدت إلى اعتقال وترحيل الأتراك الستة إلى تركيا . ولكن هذا الدور ، الذي لا يتيحه له الدستور ، قام به ثاتشي من خلال أحد المقربين منه (دريتون غاشي) الذي رشّحه ليكون في شباط / فبراير 2017 رئيسا للوكالة الكوسوفية للاستخبارات AKI على الرغم من تحفظ دوائر الاستخبارات الغربية عليه . وبالتالي فإن هذه العملية جرت بالتعاون مابين المخابرات التركية والمخابرات الكوسوفية دون علم رئيس الحكومة ودون علم وزير الداخلية فلامور سيفاي، باعتباره عضوا في حزب وزير الخارجية بهجت باتسولي (التحالف لكوسوفو الجديدة) ، الذي أدان ماحصل في “الخميس الأسود” بأقسى العبارات .
وبسبب الأزمة السياسية التي نشأت جراء اعتراف رؤوس الدولة بعدم معرفتهم بما حصل في “الخميس الأسود” بقيت الاجتماعات إلى ساعة متأخرة من ليل الخميس/ الجمعة في مبنى الحكومة ورئاسة الجمهورية ورشحت عنها الاتفاق على إقالة وزير الداخلية فلامور سيفاي ورئيس الوكالة الكوسوفية للاستخبارات دريتون غاشي ، وهو ما أكدته الصحف الكوسوفية اليوم التالي، دون أن يعني هذا نهاية المطاف .
والسؤال الكبير الذي طرح يوم “الخميس الأسود” (من الذي يحكم البلد ؟) يحتاج إلى رؤوس أخرى تسقط حتى يتضح الجواب عليه .