fbpx

الانتفاضة اللبنانية تسقط جلسة البرلمان 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

كان يوماً لبنانياً بامتياز، ووحدها السلطة وأهلها وإعلامها كانوا خارجه. والانتفاضة اللبنانية اذ تسجل انجازاً تلو الإنجاز لا يبدو أن أهل السلطة بوارد الاستماع إليه

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

إنجاز جديد للانتفاضة اللبنانية تحقق اليوم. لقد تم تعطيل الجلسة النيابية التي كان قد دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري لتمرير قانون العفو. ومنذ ساعات الصباح الأولى تدفق المتظاهرون إلى وسط بيروت وأقفلوا كل المداخل المفضية إلى البرلمان، وترافق ذلك مع شعور الكتل النيابية بالضغط فبدأ عدد منها بإعلان مقاطعته الجلسة. المشهد في ساحات الوسط التجاري كان قاطعاً، والنواب المتسللون وصفهم المتظاهرون بـ”فئران المجلس”، أحدهم أطلق مرافقوه النار من بنادقهم، فيما تسلل نائب حزب الله علي عمار على متن دراجة نارية بعد أن منعه المتظاهرون من العبور.

كان صباحاً مشرقاً للانتفاضة اللبنانية. المتظاهرات قبل المتظاهرين تصدروا مشهد إقفال مداخل المجلس، ومرة أخرى كشفت التظاهرة اللبنانية قدرة على سلمية الانتفاضة وعلى فعاليتها. إنه يوم الإصرار ويوم الضغط المباشر على النظام المختبىء في المجلس، وحين أُعلن تأجيل الجلسة لم يحتفل المتظاهرون. ارتابوا في الإعلان، ذاك أن الثقة منعدمة بكل شيء، وهم يريدون أن يعاينوا خروج النواب من المجلس بأعينهم.

قال إعلام السلطة عشية يوم التصويت على قانون العفو أن مشهد الانقسام بين كتل 8 و14 آذار سيرتسم مجدداً يوم الجلسة! هذا الكلام هو جزء من مساعي استدراج الناس للانقسام تبعاً لمشهد ما قبل الانتفاضة. الجواب كان حاسماً. نواب وكتل نيابية هي في صلب تحالف 8 آذار أعلنت صبيحة هذا اليوم مقاطعتها الجلسة. كتلة نواب المردة والنائب جميل السيد وأعضاء سابقين في تكتل لبنان القوي مثل نعمة افرام وشامل روكز. هذا الأمر عاد وعطل مقولة الانقسام، وهو مشهد رسمته الساحة وأملته الانتفاضة.

كان يوماً لبنانياً بامتياز، ووحدها السلطة وأهلها وإعلامها كانوا خارجه. والانتفاضة اللبنانية اذ تسجل انجازاً تلو الإنجاز لا يبدو أن أهل السلطة بوارد الاستماع إليها، ذاك أن الدعوة لعقد الجلسة كانت تحدياً كبيراً للمنتفضين، وهو تحدٍ تعمدته السلطة معتقدة أن بإمكانها استئناف حضورها المتغطرس، وممارسة خرقها للقانون والدستور عبر عقد الجلسة على رغم عدم دستوريتها. وإذا كان رئيس المجلس نبيه بري هو المصاب الأول بتعطيل الجلسة، إلا أن حلفاؤه في السلطة أي التيار العوني وحزب الله أصيبوا أيضاً، وهو درس الأرجح أنهم لن يتعلموا منه شيئاً، فالمشهد كان واضحاً وهم لم يكترثوا لدلالاته وكان انعقاد الجلسة فيما لو حصل كسر لإرادة المتظاهرين، وهؤلاء الأخيرون ليسوا خصومهم في شوارعهم وجماعاتهم وطوائفهم، وعلى رغم ذلك أصروا على حضور الجلسة.

المتظاهرات قبل المتظاهرين تصدروا مشهد إقفال مداخل المجلس، ومرة أخرى كشفت التظاهرة اللبنانية قدرة على سلمية الانتفاضة وعلى فعاليتها. إنه يوم الإصرار ويوم الضغط المباشر على النظام المختبىء في المجلس

سقطت الحكومة في الشارع، وتم تعطيل جلسة التشريع الأولى والثانية، وخسرت السلطة انتخابات نقابة المحامين ولم تنجح بالعثور على شخصية تقبل بتأليف الحكومة حتى الآن، كل هذه الوقائع وما زالت السلطة تعتقد بإمكان ترميم أوضاعها ومعاودة ضبط الشارع ضمن منظومة فسادها وفشلها. والحال أن التظاهرة كشفت عن استحالة قبول المشاركين فيها بما تعرضه السلطة وهم يعاينون يومياً محاولاتها الالتفاف على مطالبهم. محاولات تشكيل الحكومة قبل تحديد موعد الاستشارات مؤشر حاسم على هذا الميل، واتهام المتظاهرين بأنهم ممولون من السفارات مؤشر آخر، وتسخير إعلام السلطة لتظهير مساوىء التظاهرة هو النشاط الوحيد لهذا الإعلام.

وما يبدو أن السلطة لم تفهمه بعد هو أن المتظاهرين خرجوا هذه المرة من حساسيات لم يألفها أهل الانقسام الأهلي. لا تعنيهم الانقسامات التي تذكرهم بها كل يوم يوم صحف مقربة من حزب الله ومن التيار العوني، ولا يعرفون شيئاً عن السفارات التي يُتهمون بالولاء لها، ولا يملكون سوى ابتسامة الحائر عندما تسألهم مذيعة الـ”أو تي في” عنها.