fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

25 أيار 2022… الجنوب يحرّر الوطن مرّة جديدة! 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بعد الاستحقاق الانتخابي وإعلان النتائج قيل إن الجنوب يحرر الوطن ويكسر الاحتكار وأشكال الترهيب ويُسقط رموز الفساد في المنطقة، ويعيد إلى الجنوب والوطن الأمل بإعادة تنظيم القوى السياسية اليسارية وغير اليسارية من أجل البلاد كلها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

25 أيّار/ مايو 2000، عنونت جريدة “السفير”، “الجنوب يحرّر الوطن”. 22 سنة مضت وما زال الجنوب يلخّص الوطن. نحن الجنوبيّين نولد ونرضع أمجاد آبائنا، ومن قبلهم أجدادنا في مقاومة العدو مع حليب أمّهاتنا، فنشعر بأنّنا عشناها وساهمنا في صناعة التحرير. منّا من يتذكّر الحرب التي واجهها لبنان في تمّوز/ يوليو 2006، وبرغم كل الويلات التي عشناها، لكننا لا نشعر أنّها بعظمة تحرير الـ2000… ربما لأنّ أهلنا لم يشاركوا فيها مباشرةً، ولأنّنا عشنا مرارة الحرب ولم تكن مجرّد حكايات بطولات ورفاق بأسماء مستعارة “عسكريّة” ما زال البعض يستعملها حتى اليوم. 

بات من المعروف أنَّ معظم من حاربوا في صفوف جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول) عام 2000 وقبله، شاركوا اليوم في تنسيق لوائح المعارضة في الجنوب وتشكيلها، استكمالاً بنظرهم لأهداف جمول (أوّلها رفع الظلم والطغيان)، التي تبددت عشية تصفيات متعلّقة بتجاذبات سياسية في تلك الفترة بعد الاحتلال. الحقيقة أنّنا في الجنوب نسمع خطابين سياسيين متناقضين، إنما بعنوان واحد “المقاومة”. فريق يقول إن الانتخابات مقاومة كي يبقى السلاح ليحمي الحدود من أي اعتداءٍ على أملاك الناس مدغدغاً ذكريات الحرمان والعوز في رؤوسهم. في المقابل، هناك خطاب آخر يدعو إلى مقاومة حكم الفاسدين وطردهم ومعاقبتهم على سنوات من الإهمال والسرقة والهيمنة على التمثيل السياسي في الجنوب. وما بين مقاومةٍ ومقاومة، خُرِقت لائحة “الأمل والوفاء” بمقعدين، وفاز النائبان المعارضان الياس جرادة وفراس حمدان. 

في خطاب النائبين وفي جولاتهما على القرى الجنوبية، جاءا على ذكر التاريخ الجنوبي المقاوم، من خارج تاريخ “المقاومة الإسلامية”، فاستُحضرت “فتح لاند” وحولا البلدة الجنوبية اليسارية، إلى وقائع ذكّرت الجنوبيين بنضالهم ودمهم ودم أحبائهم. ربما يكون فعل التحرير أو ذكراه من عدة العمل السياسي الجنوبي، أيّاً كان الطرف الذي تنتمي إليه. فيما تبدو تهم التخوين والعمالة وغيرها جاهزة لتنفيذ اغتيال معنوي بأي شخص يصوّب خطابه على نقد السياسات المالية والوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي وصلنا إليه، جرّاء سياسات إدارة البلاد التي استسهلت سرقتنا، والتي وضعتها الطبقة السياسية الحاكمة، والثنائي الشيعي ضمناً، والذي كان رشح للانتخابات النيابية المصرفي مروان خيرالدين المتّهم بتهريب ودائع الناس لمصلحة نجل رياض سلامة. 

قبل الاستحقاق الانتخابي، قيل إن المعركة في الجنوب هي أمّ المعارك لما تمثّله من محاربة الهيمنة على التمثيل السياسي لأكثر من 30 عاماً، وأشكال القمع والتعتيم والمضايقات على نشاطات المعارضة في دائرة الجنوب الثانية والثالثة. وبعد الاستحقاق الانتخابي وإعلان النتائج قيل إن الجنوب يحرر الوطن ويكسر الاحتكار وأشكال الترهيب ويُسقط رموز الفساد في المنطقة، ويعيد إلى الجنوب والوطن الأمل بإعادة تنظيم القوى السياسية اليسارية وغير اليسارية من أجل البلاد كلها.

بالعودة إلى المقاومة وإشكاليّتها في الجنوب، ورومانسية الحديث عنها وعن بطولاتها. صحيح أنها موروث شعبي وصل أرضنا مع وصول أفكار العروبة والقومية العربية السائدة آنذاك، وبعد سقوط مشروع عبد الناصر وهزيمة الجيوش العربية عام 1967، أعاد الفدائيّون المنطلقون من الجنوب اللبناني إلى أهله الإحساس بالبطولة والعنفوان، ثم جاء اتفاق القاهرة ليكرّس عمل الفدائيين ويدعمه ويلحقه بتأييد الأهالي. ولكن قبل هذه الأحداث، زُرعت فكرة المقاومة الجنوبية، لمحاربة أشكال الظلم والقمع الإقطاعي لمزارعي التبغ، وحرمانهم بدهيات العيش الكريم بالمقارنة مع غيرهم من أبناء المناطق اللبنانية الأخرى. تلى ذلك تهجير الجيران الفلسطينيين وارتكاب أفظع الجرائم بحقّهم، فالشعور بالتضامن والتكافل مع مأساة الشعب الشقيق. المقاومة في الجنوب قبل أن تصير فعلاً للاستثمار السياسي واثارة مخاوف الجنوبيين المطمورة من أيام مريرة عاشوها، هي ردّ فعل طبيعي يقوم به أي انسان للدفاع عن بيته وأرضه، وهي قبل أي شيء فعل إنساني بحت ينم عن شعور بالوطنية والأخلاق العالية التي ترفض الظلم، فكيف تحوّلت إلى خطاب سياسي يغطّي ممارسات فسادٍ وترشيح مطلوبين للعدالة ومصرفيين سرقوا أموال الناس؟

إنها الذكرى الـ22 لتحرير الجنوب، يومٌ يحتفل به اللبنانيون عموماً بعطلة رسمية، والجنوبيون خصوصاً أقلّه بمنشوراتٍ على مواقع التواصل الاجتماعي، تستذكر بطولات من سنواتٍ خلت، واحتفالات لأهل الأرض والمتمسّكين بها ممن ضحّى هو أو أهله ليحصل التحرير، ثم تعمّ معايدات واحتفالاتٍ حزبيّة تذكّر الناس بأنّ حكم الأرض لمن حررها، حتى إن فتك بأهلها وفرّط بها. 

إقرأوا أيضاً:

25.05.2022
زمن القراءة: 3 minutes

بعد الاستحقاق الانتخابي وإعلان النتائج قيل إن الجنوب يحرر الوطن ويكسر الاحتكار وأشكال الترهيب ويُسقط رموز الفساد في المنطقة، ويعيد إلى الجنوب والوطن الأمل بإعادة تنظيم القوى السياسية اليسارية وغير اليسارية من أجل البلاد كلها.

25 أيّار/ مايو 2000، عنونت جريدة “السفير”، “الجنوب يحرّر الوطن”. 22 سنة مضت وما زال الجنوب يلخّص الوطن. نحن الجنوبيّين نولد ونرضع أمجاد آبائنا، ومن قبلهم أجدادنا في مقاومة العدو مع حليب أمّهاتنا، فنشعر بأنّنا عشناها وساهمنا في صناعة التحرير. منّا من يتذكّر الحرب التي واجهها لبنان في تمّوز/ يوليو 2006، وبرغم كل الويلات التي عشناها، لكننا لا نشعر أنّها بعظمة تحرير الـ2000… ربما لأنّ أهلنا لم يشاركوا فيها مباشرةً، ولأنّنا عشنا مرارة الحرب ولم تكن مجرّد حكايات بطولات ورفاق بأسماء مستعارة “عسكريّة” ما زال البعض يستعملها حتى اليوم. 

بات من المعروف أنَّ معظم من حاربوا في صفوف جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول) عام 2000 وقبله، شاركوا اليوم في تنسيق لوائح المعارضة في الجنوب وتشكيلها، استكمالاً بنظرهم لأهداف جمول (أوّلها رفع الظلم والطغيان)، التي تبددت عشية تصفيات متعلّقة بتجاذبات سياسية في تلك الفترة بعد الاحتلال. الحقيقة أنّنا في الجنوب نسمع خطابين سياسيين متناقضين، إنما بعنوان واحد “المقاومة”. فريق يقول إن الانتخابات مقاومة كي يبقى السلاح ليحمي الحدود من أي اعتداءٍ على أملاك الناس مدغدغاً ذكريات الحرمان والعوز في رؤوسهم. في المقابل، هناك خطاب آخر يدعو إلى مقاومة حكم الفاسدين وطردهم ومعاقبتهم على سنوات من الإهمال والسرقة والهيمنة على التمثيل السياسي في الجنوب. وما بين مقاومةٍ ومقاومة، خُرِقت لائحة “الأمل والوفاء” بمقعدين، وفاز النائبان المعارضان الياس جرادة وفراس حمدان. 

في خطاب النائبين وفي جولاتهما على القرى الجنوبية، جاءا على ذكر التاريخ الجنوبي المقاوم، من خارج تاريخ “المقاومة الإسلامية”، فاستُحضرت “فتح لاند” وحولا البلدة الجنوبية اليسارية، إلى وقائع ذكّرت الجنوبيين بنضالهم ودمهم ودم أحبائهم. ربما يكون فعل التحرير أو ذكراه من عدة العمل السياسي الجنوبي، أيّاً كان الطرف الذي تنتمي إليه. فيما تبدو تهم التخوين والعمالة وغيرها جاهزة لتنفيذ اغتيال معنوي بأي شخص يصوّب خطابه على نقد السياسات المالية والوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي وصلنا إليه، جرّاء سياسات إدارة البلاد التي استسهلت سرقتنا، والتي وضعتها الطبقة السياسية الحاكمة، والثنائي الشيعي ضمناً، والذي كان رشح للانتخابات النيابية المصرفي مروان خيرالدين المتّهم بتهريب ودائع الناس لمصلحة نجل رياض سلامة. 

قبل الاستحقاق الانتخابي، قيل إن المعركة في الجنوب هي أمّ المعارك لما تمثّله من محاربة الهيمنة على التمثيل السياسي لأكثر من 30 عاماً، وأشكال القمع والتعتيم والمضايقات على نشاطات المعارضة في دائرة الجنوب الثانية والثالثة. وبعد الاستحقاق الانتخابي وإعلان النتائج قيل إن الجنوب يحرر الوطن ويكسر الاحتكار وأشكال الترهيب ويُسقط رموز الفساد في المنطقة، ويعيد إلى الجنوب والوطن الأمل بإعادة تنظيم القوى السياسية اليسارية وغير اليسارية من أجل البلاد كلها.

بالعودة إلى المقاومة وإشكاليّتها في الجنوب، ورومانسية الحديث عنها وعن بطولاتها. صحيح أنها موروث شعبي وصل أرضنا مع وصول أفكار العروبة والقومية العربية السائدة آنذاك، وبعد سقوط مشروع عبد الناصر وهزيمة الجيوش العربية عام 1967، أعاد الفدائيّون المنطلقون من الجنوب اللبناني إلى أهله الإحساس بالبطولة والعنفوان، ثم جاء اتفاق القاهرة ليكرّس عمل الفدائيين ويدعمه ويلحقه بتأييد الأهالي. ولكن قبل هذه الأحداث، زُرعت فكرة المقاومة الجنوبية، لمحاربة أشكال الظلم والقمع الإقطاعي لمزارعي التبغ، وحرمانهم بدهيات العيش الكريم بالمقارنة مع غيرهم من أبناء المناطق اللبنانية الأخرى. تلى ذلك تهجير الجيران الفلسطينيين وارتكاب أفظع الجرائم بحقّهم، فالشعور بالتضامن والتكافل مع مأساة الشعب الشقيق. المقاومة في الجنوب قبل أن تصير فعلاً للاستثمار السياسي واثارة مخاوف الجنوبيين المطمورة من أيام مريرة عاشوها، هي ردّ فعل طبيعي يقوم به أي انسان للدفاع عن بيته وأرضه، وهي قبل أي شيء فعل إنساني بحت ينم عن شعور بالوطنية والأخلاق العالية التي ترفض الظلم، فكيف تحوّلت إلى خطاب سياسي يغطّي ممارسات فسادٍ وترشيح مطلوبين للعدالة ومصرفيين سرقوا أموال الناس؟

إنها الذكرى الـ22 لتحرير الجنوب، يومٌ يحتفل به اللبنانيون عموماً بعطلة رسمية، والجنوبيون خصوصاً أقلّه بمنشوراتٍ على مواقع التواصل الاجتماعي، تستذكر بطولات من سنواتٍ خلت، واحتفالات لأهل الأرض والمتمسّكين بها ممن ضحّى هو أو أهله ليحصل التحرير، ثم تعمّ معايدات واحتفالاتٍ حزبيّة تذكّر الناس بأنّ حكم الأرض لمن حررها، حتى إن فتك بأهلها وفرّط بها. 

إقرأوا أيضاً:

25.05.2022
زمن القراءة: 3 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية