fbpx

بعد وثيقة الإصلاحات الكتل العراقية تُقدّم رقبة عبد المهدي للشعب 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تتجه الآراء إلى أن ما تواجهه إيران من تظاهرات، لم يُحفز الشارع العراقي على الاستمرار باحتجاجاته فحسب، بل أفزعت الكتل السياسية الشيعية، ما دفعها إلى “عقد اجتماع سريع، وتقديم ما تسمّيه وثيقة إصلاحات.”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

صباح 20 تشرين الثاني/ نوفمبر أحرق القاسم، ورفاقه من الشباب المُحتجين في ساحة التحرير، الوثيقة التي أطلقتها الكتل السياسية العراقية، التي تضمنت عدداً من المطالب الإصلاحية، التي أوجبت على رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي تنفيذها خلال 45 يوماً، أو تسحب الثقة من الحكومة في حال مخالفته ذلك، ومن ثم إجراء انتخابات مُبكرة.

يقول القاسم وهو متظاهر في ساحة التحرير: “هذه الوثيقة لا تُمثلنا، لست أنا وحدي أو من معي من قرّرنا حرقها، فكل خيمة في ساحة التحرير مزّقت هذه الوثيقة التي نُشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الوكالات الإخبارية والمواقع”.

رئيس الحكومة العراقي عادل عبد المهدي

وثيقة الإصلاحات هذه، أصدرت بعد اجتماع أكثر من 12 كتلة سياسية، من بينها الفتح والبناء ودولة القانون وكتل أخرى في بيت زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، الذي يُعدّ تياراً معارضاً للحكومة العراقية، وتشغل هذه الكتل أكثر من 80 في المئة من المقاعد البرلمانية. وتناولت هذه الوثيقة بنوداً ونقاطاً رئيسة عدة، أبرزها منح حكومة عادل عبد المهدي 45 يوماً لإجراء تعديلٍ وزاري، وللبرلمان المدة ذاتها لإقرار قانونٍ جديد للانتخابات، وكذلك تشكيل مفوضية انتخابات، وسنّ قانون لتنظيم عمل الأحزاب، وإقرار قانون النفط والغاز والكسب غير المشروع ومحاسبة المتورطين بعمليات خطف المتظاهرين وقتلهم.

الفخ

الآراء تتجه إلى أن ما تواجهه إيران من تظاهرات، لم يُحفز الشارع العراقي على الاستمرار باحتجاجاته فحسب، بل أفزعت الكتل السياسية الشيعية، ما دفعها إلى “عقد اجتماع سريع، وتقديم ما تسميه وثيقة إصلاحات”، وفق المحلل السياسي غالب الشابندر. ويضيف الشابندر: “الشارع العراقي برمته يقف ضد الأحزاب السياسية بخاصة الشيعية، أما يد النظام الإيراني، فما عادت قادرة على إسناد الحكومة في العراق كما في السابق، فالنظام في إيران اليوم معرّض أيضاً للخطر، ما دفع الساسة إلى تقديم هذه الوثيقة”.

يبدو أن هذه الوثيقة لا تهدف إلى حل الأزمة العراقية، إذ يشير الشابندر إلى أن “الكتل قدمتها في هذا الوقت واتفقت على وضع عبد المهدي على كرسي الحكم، حتى إسقاطه اليوم، فالكتل متفقة بمعظمها على أن الوقت حان لتقديم رئيس الوزراء قرباناً، أو كبش فداء لحل هذه الأزمة، بخاصة مع رفض الشارع العراقي حكومته. وقد يكون تقديم هذه الوثيقة إلى الشارع العراقي هو الوسيلة الوحيدة لتبرئ الكتل السياسية الشيعية نفسها، وتثبت أنها تميل إلى كفة الشعب”.

موقف الكتل السياسية لم يكن وحده الدليل على رغبة السياسيين في تقديم رقبة عبد المهدي قرباناً لحل الأزمة. فالتراشق الذي شهدته إحدى القنوات الإعلامية بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، يؤكد أن “عبد المهدي أصبح ورقة محروقة”. ويضيف الشابندر: “حتى رئيس الجمهورية برهم صالح، باتهامه الصريح عادل عبد المهدي بأنه تسبب بهذه الأزمة مع الشعب، مطالباً إياه بحلّها في أسرع وقت وكشف الأسماء المتورطة بقتل المتظاهرين واختطافهم، هو الآخر يؤكد أن الكتل والأحزاب التي تشكل حكومة هذه الدورة وبرلمانها اتفقت على إحراق ورقة عبد المهدي، ويبدو أن الرجل وقع في الفخ الذي نُصب له، والذي طالما حذّره الجميع منه”.

تظاهرة طلّابية في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2019

تراجع الخطابات

في خطابٍ شُبِّه بالأبوي، لحظ الشارع العراقي تراجع مدير دائرة الأمن الوطني فالح الفياض في خطابه الأخير، حين أكد أن “الحكومة التي لا تحترم التظاهرات لا تحترم نفسها”. علماً أن الفياض كان هدد المتظاهرين منذ الأول من تشرين الأول/ أكتوبر بالقمع والاعتقال، في حال مساسهم بأمن الدولة”.

يؤكد الإعلامي والمتابع للشأن السياسي العراقي حيدر عبد الحسين أن “هذا التراجع في خطاب جهة أمنية تُعدّ الأهم من نوعها وهي “الأمن الوطني” والممثلة بالفياض دليل على أن الدولة العراقية أصبحت مُتفككة ومهددة بالانهيار، وأن الحكومة، وأجهزتها تواجه مخاوف”. 

الفياض يُعلن بخطابه التزامه تجاه المواطن العراقي بحماية التظاهرات، حتى وإن كانت الحكومة تقف ضدها، إلا أنه وعلى رغم ذلك عاود الالتفاف على فكرة وجود ثورة، إذ يقول عبد الحسين “ختام خطاب الفياض حين قال، رغم كل شيء من الصعب القيام بثورة فالحل في البلدان الديمقراطية يكون بالانتخاب لا بالثورات، هذا كان محاولة مبطنة لردع المتظاهرين وتحذيرهم من قيام الثورات”.

عمليات الخطف والتهديد والاعتقال لم تتوقف عند هذا الحد،
بل تجاوزت إلى تسلل بعض الجهات المجهولة إلى ساحات التظاهر

تصاعد عمليات الخطف

فيما تحاول الكتل السياسية إثبات نياتها الطيبة تجاه الشعب، وتحاول المؤسسات الأمنية هي الأخرى أن تؤكد للمواطنين أنها مع تظاهراتهم السلمية، تتصاعد عمليات الخطف أو الاختفاء المفاجئ للنشطاء والصحافيين. يقول حيدر الشمري، شقيق الإعلامي المخطوف في مدينة الديوانية محمد الشمري: “محمد حذرنا قبل أيام من اختطافه قائلاً، في حال أغلق هاتفي النقال فجأة، تأكدوا أن ميليشيات مسلّحة خطفتني، وتوصيته تلك جاءت بعدما تعرض لأكثر من تهديد من قبل جهات ميليشياوية”.

ماري محمد وهي مسعفة في ساحة التظاهر، اختفت، وبعد أيام ظهرت ماري عبر موقعها الخاص في “إنستاغرام” وكتبت لمتابعيها “لقد كنت معتقلة والسبب هو التحقيق معي بخصوص التظاهرات”.

عمليات الخطف والتهديد والاعتقال لم تتوقف عند هذا الحد، بل تجاوزت إلى تسلل بعض الجهات المجهولة إلى ساحات التظاهر. يروي عبد الإله وهو طبيب في مفرزة طبية تُسمى “مستشفى التحرير”، “خرجنا صباح يوم الثلاثاء 19 تشرين الثاني، مع مجموعة من المسعفين لمساعدة أحد المصابين الذي تعرض للضرب من قبل قوات مكافحة الشغب على الحاجز الأول الفاصل بينها وبين المتظاهرين على الجسر الجمهوري، وعند عودتنا إلى الخيمة وجدنا أن إحدى المسعفات التي كانت معنا تلطخت ثيابها بالدم وأكتشفنا أنه تعرضت لاعتداء بسكين أو موس أو شفرة حادة أو غيرها، وهذا ما يؤكد أننا محاطون بالمخاطر”.

مسؤولون يغادرون الخضراء

يؤكد مصدر أمني في المنطقة الخضراء (وهي المنطقة التي اتخذتها الحكومة العراقية مقراً لها، حيث القصور الرئاسية والبرلمان وبيوت النواب والرئاسات الثلاث)، أن “المنطقة الخضراء أفرغت من المسؤولين تماماً، وأن ضباطاً برتب عسكرية مهمة غادروا المنطقة، إلى خارج العراق”.

يدل ذلك بحسب المحلل السياسي عبد الرحمن الناصري على “أن نهاية هذه الحكومة باتت قريبة جداً وأن الأمر لن يطول أكثر من ذلك، بخاصة بعد إطلاق وثيقة الإصلاحات التي قدمت بها الكتل السياسية رقبة عبد المهدي للشعب”.

وقرر المتظاهرون إطلاق “جمعة الحسم” في 22 تشرين الثاني الماضي، وفق حيدر التميمي (أحد المتظاهرين) “بالتنسيق مع كل من محافظات كربلاء والنجف وذي قار والبصرة وغيرها، والغرض من ذلك الوقوف في ساحة تظاهر واحدة هي ساحة التحرير والمطالبة بإبعاد الحكومة الفاسدة والقضاء عليها كلياً، وسنُلازم الساحة حتى استقالة عبد المهدي”.