لا يبدو أن العلاقات السعودية في أحسن أحوالها. هذا ما يمكن أن يستنتجه المرء من وجهة التعاطي التي باشرتها عمان في مواجهة خطوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتمثلة بالإعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل. فأقل ما يمكن أن يقال حيال هذا التعاطي أنه اختار غير الوجهة الخليجية عموماً والسعودية خصوصاً لربط تحالف إسلامي ضاغط على واشنطن. الملك عبدالله قصد أنقرة والتقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو تلقى قبل توجهه إليها اتصالاً من أمير قطر تميم آل ثاني، وتباحثا في الخطوة الأميركية. وهذا مؤشر اذا ما أضيف إليه السماح لقناة الجزيرة بتغطية تظاهرات عمان الأخيرة، فهو يأخذنا من دون شك إلى افتراض الفتور في العلاقات بين الأردن والسعودية.
العارفون بأحوال العلاقات التاريخية بين الرياض وعمان يدركون أن ذلك مؤشر هام في رصد العلاقة، على رغم التكتم الشديد الذي يبديه كلا الجانبين حيال ما يدور في أروقتها. ويشير ديبلوماسيون إلى أن عمان تشعر أنها مستثناة من تطور العلاقة بين الرياض وأبو ظبي من جهة وواشنطن من جهة ثانية، وأن هذا الاستثناء هو ما سهل على ترامب موقفه تجاه القدس، اذ أن غياب عمان عن منظومة العلاقات مع واشنطن يُشعر الأخيرة أن القدس ليست في أولويات الهموم العربية، ويتقدم عليها في جدول الاهتمامات الخطر الايراني. وترامب شعر أنه من الممكن أن يعطي العرب في الملف الايراني وأن يأخذ منهم في الملف الفلسطيني.
ويؤكد الديبلوماسيون أن عمان حريصة أشد الحرص على أن لا يخرج ملف خلافها مع الرياض إلى العلن، وهي منضبطة بالتحالف معها، لا سيما وأن ثمة مصالح أردنية في الخليج تفوق في أهميتها الكثير من عناصر الخلاف، باستثناء موضوع القدس الذي تعتبره عمان شأناً أردنياً وجودياً مثلما هو شأن فلسطيني، وهو ما يفسر دعوة الحكومة الأردنية المواطنين في بلدها إلى التظاهر والإحتجاج، في خطوة غير معهودة.
في السعودية يعمل نحو 500 ألف أردني، ونصف هذا العدد من الأردنيين في دولة الإمارات، وهؤلاء يمثلون جزءاً مهماً من الاقتصاد الأردني المترنح أصلاً والذي يعاني من خفض المساعدات الخليجية التقليدية على رغم الوعود التي أطلقتها الرياض لعمان خلال زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز للأردن العام الفائت.
والسعودية من جهتها لم تشعر بالارتياح حيال موقف عمان من أزمتها مع قطر، ذاك أن الأردن اكتفى بخفض التمثيل الديبلوماسي من دون قطع العلاقات، واستمر بتصريف علاقات الحد الأدنى مع الدوحة. الأمر نفسه بالنسبة للموقف من ايران، اذ أن عمان تشعر بـ”الخطر الايراني” لكنها لا تنسجم مع السعودية في شكل مواجهته، ولا ترى أن رفع وتيرة المواجهة مع طهران سيفضي إلى الحد من نفوذها في ظل غموض انكفاء واشنطن عن التأثير مباشرة فيها.
من جهة أخرى لعمان مصلحة في عدم رفع التوتر مع بغداد ودمشق إلى حد القطيعة، ذاك أن مصالحها الاقتصادية، في ظل شح المساعدات الخليجية، تقضي بأن تبقى طرق الاستيراد والتصدير البرية عبر هذين البلدين مفتوحة، وهذا لن يتأمن من دون حدٍ أدنى من العلاقة مع طهران التي صار لها اليد الطولى في سياسات كل من دمشق وبغداد. وهذا الأمر انعكس في سياسات عمان عبر عدم انخراطها بالمواجهة الخليجية الايرانية على النحو الذي أرادته الرياض. وهذا الموقف يمتد إلى الدور الروسي في سورية، وهو دور ترحب به عمان وظهرت تبعاته في هدنة جنوب سورية، وتعتبره الرياض خروجاً عن الموقف الخليجي.
كل هذا لا يبدو جديداً وداهماً في البرود الذي يسود العلاقات الخليجية الأردنية منذ أكثر من سنة، لكن الجديد يبقى قضية القدس. فعمان ترى أن تقديم المواجهة مع ايران على القضية الفلسطينية جعل من مسألة الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لاسرائيل أمراً ممكناً. ونقل سفير عربي في واشنطن كلاماً مشابهاً عن مقربين من ترامب قالوا أنهم لا يشعرون أن القضية الفلسطينية تشكل جزءاً من الهم الديبلوماسي العربي، وأنهم وباستثناء “المخاوف الأردنية” لا يبدو أن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل سيمثل تحدياً للإرادة العربية.
وعلى رغم أن عمان تشعر أنها مستبعدة عن النقاش الخليجي الأميركي وعن مساعي إعادة تأسيس النظام الإقليمي، وأنه تم القفز فوقها في ما يتعلق بالموقف من اسرائيل، إلا أن لا قرار أردنياً بالخروج عن التحالف التقليدي مع المملكة العربية السعودية. وهي وان باشرت خطوات موازية وغير منسقة بما يتعلق بقضية القدس، فإن ذلك مرده لقناعتها بأنها يجب أن تكون ممراً إجبارياً لأي خطوة تتعلق بالقضية الفلسطينية.

القدس تكشف “فتوراً” ليس جديداً بين الأردن والسعودية
لا يبدو أن العلاقات السعودية في أحسن أحوالها. هذا ما يمكن أن يستنتجه المرء من وجهة التعاطي التي باشرتها عمان في مواجهة خطوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتمثلة بالإعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل.
الأكثر قراءة
- تغيّر المناخ عنوان “سكسي” يكتسح العراق 26.01.2023
- ديون مصر بين “السيسي” و”الخديوي إسماعيل”… هل يعيد التاريخ نفسه؟ 22.01.2023
- من هو غسان عويدات الذي قاد انقلاب السلطة على التحقيق بانفجار المرفأ؟ 26.01.2023
- من هو رجل الأعمال اللبناني الذي اشترى قصر آل الحريري في لندن؟ 23.01.2023
- “القضاء اللبناني” يستنجد بالقرآن والإنجيل لمحاصرة طارق البيطار! 24.01.2023

كارمن كريم - صحفية سورية
أنا الصبيّ الطائش الذي شتم نظام الأسد
27.01.2023

"درج"
تمثال تكريمي لصدّام حسين في بريطانيا؟ إليكم أبرز أخبار الأسبوع المضللة
01.10.2021

آية منصور - صحافية عراقية | 27.01.2023
أغنية أعادتني إلى أطياف الحرب الإيرانيّة – العراقيّة
انتشرت الأغنية العراقية الحربية مطلع الثمانينات، بداية الحرب مع إيران، وعلى رغم اجتثاث البعث ورموزه، بقيت الأغنيات الحربية تُنتج مع كل معركة جديدة، حدّ أن بعضها تسلّل إلى أغنيات بطولة "خليجي 25".
الأكثر قراءة
- تغيّر المناخ عنوان “سكسي” يكتسح العراق 26.01.2023
- ديون مصر بين “السيسي” و”الخديوي إسماعيل”… هل يعيد التاريخ نفسه؟ 22.01.2023
- من هو غسان عويدات الذي قاد انقلاب السلطة على التحقيق بانفجار المرفأ؟ 26.01.2023
- من هو رجل الأعمال اللبناني الذي اشترى قصر آل الحريري في لندن؟ 23.01.2023
- “القضاء اللبناني” يستنجد بالقرآن والإنجيل لمحاصرة طارق البيطار! 24.01.2023
11 جلسة انتخابية فشلت بإنتاج رئيس للجمهورية في لبنان. نُوّاب قوى التغيير وغيرهم أرادوا كسر الجمود السياسي والتزموا البقاء داخل مجلس النواب استناداً إلى المادتين 74 و75 من القانون، اللتان تنصّان على إبقاء الجلسات مفتوحة وبقاء النواب داخل البرلمان حتى انتخاب رئيس. تلك الحركة الاحتجاجية كانت الخيار الوحيد المُتبقي أمام النواب بظلّ الإنسداد الراهن، ولكن…
25.01.2023
أزيلت صور ضحايا مرفأ انفجار بيروت عن جدار أحد المباني في بيروت بعدما طلب صاحب شركة "ديستركت// أس" ذلك بحجة إعادة ترميم المبنى. هذا المشهد أعاد الحزن والحسرة لأهالي الضحايا الذين يعانون من تآمر السلطة عليهم ومحاولتها الاستخفاف بالقضية، إضافة للترهيبهم وتوقيفهم.
21.01.2023