fbpx

“بروفايل” لشخص غير ثائر

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هناك “بروفايل” لغير ثائر، يرمي المصائب كلها على رأس انتفاضة اللبنانيين، من الوضع المالي والمعيشي مروراً بعدم تشكيل حكومة وصولاً إلى حروب المغول وصراغ الغساسنة والرومان مع الفرس الساسانيين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كتبت سابقاً أنه سيكون صعباً بعد الآن أن ألتقي أصدقائي غير الثائرين، وسيكون صعباً أن أجري محادثة ودودة مع شخص ضد الثورة، أي ثورة، من سوريا إلى ليبيا وتونس ومصر والعراق وإيران والجزائر والسودان… 

يستحيل أن يكون الثائر انتقائياً كذوباً ينظّر من فوق، يرفض ثورةً هنا ويدعم ثورة أخرى هناك. الثورة ليست رأياً في مسألة سياسية أو اقتصادية، هي مشاريع حقة لأي شعب مقموع اقتصادياً، سياسياً، اجتماعياً، نفسياً وحتى عاطفياً.

هناك من بجّل لبراميل بشار الأسد المتفجّرة في الإعلام وفي الجلسات الخاصة والمؤتمرات وبينه وبين نفسه، ويخبرنا الآن أنه مع ثورة اللبنانيين.

هناك من يخبرنا أن الموجة الثانية من ثورات العالم العربي أفضل من الأولى وتستحق الدعم أكثر منها. هناك من يقسّم الوجع بين وجع يستحق الدعم والاعتراض، ووجع آخر غير مهم، بحجة أنه أنتج تطرّفاً أو دواعش أو جرائم. لكنّ “داعش” الإرهابي لا يلغي أن الشعوب متألمة وتعيش إرهاباً في لقمة عيشها وحرياتها، وقد انتفضت رفضاً وامتعاضاً وبحثاً عن حياة أفضل.

هناك “بروفايل” آخر لغير الثائرين يعود إلى أولئك الذين لا يرون في قطع الطرق سوى “قطّاع الطرق” وقطّاع تعني من مهنتهم القطع. وهذه إساءة كافية ووافية ليفهم الواحد كم الحقد والخبث الذي يخفيه تعبير “قطّاع الطرق”. لكنّ الذين قطعوا الطرق معظمهم عاطلون من العمل أو يتقاضون رواتب لا تكفيهم أو يبحثون عن أي وظيفة حتى إن كانت لا تمتّ لاختصاصاتهم بأي صلة. وهؤلاء ماذا يملكون في وجه سلطة فاسدة لا تأبه لهم وترشقهم بالعنف ومحاولات القتل والقمع والتمييع؟ قطعوا الطرق، حاولوا إقفال مؤسسات عامة، يتظاهرون في الساحات كلها ويعقدون حلقات نقاش جميلة، ويُهانون ويُضربون من القوى الأمنية ومن المدنيين التابعين لأحزاب معينة. كيف يثور الواحد مثلاً؟ ما “إيتيكيت” الثورة برأي غير الثائرين؟ 

هناك طبعاً من شارك في أول يومين من التظاهرات ثم عاد إلى بيته لأنه يكره الفوضى.

وهناك “بروفايل” لغير ثائر، يرمي المصائب كلها على رأس انتفاضة اللبنانيين، من الوضع المالي والمعيشي مروراً بعدم تشكيل حكومة وصولاً إلى حروب المغول وصراغ الغساسنة والرومان مع الفرس الساسانيين. وغير الثائر هذا يمكن أن يجادلك حتى كسوف الشمس المقبل، ليُفهمك أن هؤلاء الذين في الشوارع ضحية مؤامرة كونية، وليسوا ضحية نظام الفساد الذي يحكمنا بلا رحمة.

وطبعاً لا ننسى أصدقاءنا الذين حصلوا على وظائفهم ومراكزهم وهيبتهم بواسطة فلان ودعم علّان. هؤلاء لا مشكلة لديهم في وأد وجع كل من سواهم، دفاعاً عن فلان وعلّان. هؤلاء لم يعتقدوا في حياتهم بأن بإمكانهم أن يحققوا طموحهم من دون تقبيل الأيدي أو ترجّي أحد، وأن الوظيفة التي مُنحت لهم هي أبسط حقوقهم، وليست إنجازاً يُحسب لزعيم ما.

وهناك طبعاً من شارك في أول يومين من التظاهرات ثم عاد إلى بيته لأنه يكره الفوضى. وهو كل ليلة يحضّر الشاي بالحليب ويجلس أمام شاشة التلفزيون ليلعن المنتفضين “الزعران”، بعدما أيقن بحسّه الطائفي الحزبي أن لا أفق لأي ثورة. كان يظن أن التغيير لا يحتاج إلا إلى يومين، وبعد ذلك على الدنيا أن تصبح ورديّة، كوجنتيه بعدما يشرب الشاي الساخن مع ملعقة سكر إضافية.

ولا ننسى فقهاء الحرب الجاهزين دوماً لتحضير السيناريوات والقول إن الحرب خلف الباب. هؤلاء يعيشون في كوكب من الآذان الموصدة بإحكام، لا يسمعون الصراخ ولا يهمهم أن يصنعوا مستقبلاً آخر. ولو عاد الأمر لهم لاختاروا العودة إلى عام 1975 لتنفيس غضبهم ورغباتهم المكبوتة في المزيد من الدم. إنما كما قال أحد المتظاهرين بلهجته العرسالية: “حرب ما في حرب، في مصاري نهبتوهي، سرقتوهي، أخدتوهي، ردّوهي!”.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!