fbpx

الجانب المظلم لإظهار الشغف في العمل

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

حين عاد ستيف جوبز إلى شركة “أبل” عام 1997، بعد 12 سنة من الغياب عنها، كانت الشركة التي شارك في تأسيسها تفتقر للهمة والوجهة. فعرض جوبز خطته لإعادة إحياء العلامة التجارية المتعثرة، مستعرضاً أحد العناصر الضرورية: الشغف، قائلاً “من يملكون الشغف يمكنهم تغيير العالم للأفضل”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

حين عاد ستيف جوبز إلى شركة “أبل” عام 1997، بعد 12 سنة من الغياب عنها، كانت الشركة التي شارك في تأسيسها تفتقر للهمة والوجهة، وعلى شفا الإفلاس. وخلال اجتماع لطاقم الشركة، عرض جوبز خطته لإعادة إحياء العلامة التجارية المتعثرة، مستعرضاً أحد العناصر الضرورية: الشغف، قائلاً “من يملكون الشغف يمكنهم تغيير العالم للأفضل”.

بوسع قادة الأعمال الذين يعبرون عن شغفهم في بيئة العمل مثل جوبز جني فوائد كثيرة، وكسب ما يكفي من إعجاب ودعم زملائهم لتنفيذ خططهم وأفكارهم بنجاح. إلا أن للشغف جانباً مظلماً كذلك، إن لم يكن الموظفون حذرين بما يكفي بشأن كيفية تعبيرهم عن شغفهم وتوقيته، فيمكن الشغف أن يثبط عزيمة زملائهم أو أن يُشعرهم بالتهديد، وفقاً لدراسة حديثة.

يقول جون ياخيموفيتش، المدرس المساعد بكلية هارفارد للأعمال “لا يمكنك التعبير عن شغفك فحسب وتوقع الأفضل، إذ إنه لا يمثل بالضرورة الوسيلة المناسبة للحصول على دعم الآخرين لما تقوم به. هناك وقت ومكان مناسبان للتعبير عنه، بل أن التعبير عن شغفك قد يشكل خطراً إذا لم تكن حريصاً بشأن الوقت الذي تختاره والكيفية التي تعبر بها عن شغفك، والأشخاص الذين تستهدفهم”.

يمكن أن يصبح الشغف مغوياً

عندما يتحين أحد الموظفين الوقت والسياق المناسبين للتعبير عن شغفه بفكرة ما، فيمكن أن تقوم هذه الطاقة الإيجابية بدور الطاقة الجاذبة لاهتمام الموظفين الآخرين، دافعةً إياهم إلى استثمار وقتهم وتقديم دعمهم، ما يساهم في نجاح الفكرة في نهاية المطاف. أشار مؤسس “فيرجن غروب”، ريتشارد برانسون، إلى أن “الشغف معدٍ كالابتسامة. إذ ينال الجميع قدراً من جاذبيته، كما يجذب ذوي الحماسة إلى دائرتك”.

متى يفقد الشغف فعاليته؟

صمم ياخيموفيتش وفريقه سلسلة من 6 دراسات تهدف إلى فهم الشغف في بيئة العمل بشكل أفضل. نتج عن هذه الدراسات ورقة بحثية نشرت في مجلة “السلوك التنظيمي وعمليات اتخاذ القرار الإنساني” في تموز/ يوليو من عام 2019 تحت عنوان “جاذبية التعبير عن الشغف: متى يسفر التعبير عن الشغف عن تحقيق المكانة والحصول على دعم الآخرين؟ وكيف؟”.

في الدراسة الأولى التي اختبرت فعالية الشغف على أرض الواقع، جمع الفريق بيانات الدراسة من البرنامج التلفزيوني الكندي “عرين التنانين”، الذي عرض فيه 177 من رواد الأعمال أفكارهم ومنتجاتهم الاستثمارية أمام لجنة تتكون من 5 مستثمرين، يُعرفون بالتنانين، بهدف الحصول على دعم المستثمرين. فهل ستتمكن العروض الشغوفة من إغراء المزيد من المستثمرين؟

“ينبغي أن يسأل الموظفون أنفسهم: هل هذا هو الموقف المناسب للتعبير عن الشغف، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يمكنني التعبير عن الشغف بطريقة تكون محل تقدير؟”.

وجد الفريق البحثي أن رواد الأعمال الذين أظهروا المزيد من الشغف بمشروعاتهم، تلقوا عدداً أكبر من العروض. بل إن مجرد الارتفاع الطفيف (بمقدار درجة واحدة من الانحراف المعياري) لقدر الشغف الذي عبر عنه كل من رواد الأعمال عزز فرصهم في الحصول على التمويل بنسبة 40 في المئة.

قال ياخيموفيتش، الذي شارك في كتابة الورقة البحثية مع كريستوفر تو من جامعة نورثويسترن، وآدم جالينسكي من كلية إدارة الأعمال بجامعة كولومبيا، إضافة إلى شيرا أجاسي وستيفان كوتيه من جامعة تورونتو، “عندما نرى شخصاً شغوفاً، فعادة ما نفسر هذا باعتباره إشارة على مهارته ونجاحه المستقبلي. ومن ثم، نقدم دعمنا له”.

أحياناً قد لا يكون الشغف مناسباً


في الوقت نفسه، وجد الفريق البحثي أن الشغف قد لا يُحقق النجاح المرجو دائماً. ففي دراسة ثانية، شاهد المشاركون مقاطع فيديو من البرنامج التلفزيوني “عرين التنانين”، ووصفوا مدى شغف رواد الأعمال الذين ظهروا في البرنامج. فقد أبدى المستثمرون ميلاً أكثر للثقة في رواد الأعمال الذين أعربوا عن شغفهم بأساليب صادقة، بما في ذلك أحد الأشخاص الذي عبر عن وجود صلة شخصية خلال محاولة الإقناع بفكرته.

بيد أن رواد الأعمال الذين يُنظر إليهم على أنهم يُعربون عن شغفهم بنبرة زائفة، لم يحصلوا على دعم كبير من المستثمرين. على سبيل المثال، قاطع أحد رواد الأعمال المستثمرين عندما وجهوا له بعض الأسئلة التوضيحية، وجعل آخر لجنة التحكيم تشعر بالحرج عندما وجه حديثه خلال عرضه فكرته نحو أحدهم فقط بينما تجاهل الأربعة الآخرين.

لخص يخيموفيتش ذلك بقوله، “ينبغي أن يسأل الموظفون أنفسهم: هل هذا هو الموقف المناسب للتعبير عن الشغف، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يمكنني التعبير عن الشغف بطريقة تكون محل تقدير؟”.

قد لا يجدي الشغف نفعاً!


قد يأتي الشغف بنتائج عكسية في مواقف معينة أكثر من غيرها. فقد عقدت دراسة ثالثة مقارنة بين أشخاص يعملون في وظيفتين مختلفتين، وهما المحاسبون والخبراء الاستشاريون، وأعرب جميعهم عن شغفهم بعملهم. قال 64 مشاركاً إنه من المناسب أن يُعرب الخبراء الاستشاريون عن شغفهم، ولكن الأمر يختلف بالنسبة إلى المحاسبين. وزعم أحد المشاركين أن “المحاسبين لا بد أن يتسموا بالرصانة وعدم التأثر العاطفي”.

أوضح يخيموفيتش السبب وراء ذلك قائلاً، “ربما يُعزى ذلك إلى الحس بالموضوعية الذي يتوقع الناس أن تتسم به وظائف معينة. فنحن نريد من معلمينا أن يكونوا شغوفين وأن يغرسوا فينا رغبة جامحة في التعلم، ولكننا نريد من المحاسبين أن يأخذوا عملهم على محمل الجد. فنحن نريد محامين شغوفين، ولكننا لا نريد قضاة شغوفين”.

وفقاً للباحثين، ثمة ملاحظة أخرى يتعين أخذها في الاعتبار. وهو أن الناس لن يدعموا زملاءهم الشغوفين إلا إذا آمنوا بالدافع ذاته.

لقد تعلم يخيموفيتش، وهو مواطن ألماني الأصل، عن كثب مدى أهمية الظروف المحيطة بوظيفة معينة في تحديد ما إذا كان الشغف مقبولاً أم لا. فالكلمة الألمانية للشغف “Leidenschaft” تعني حرفياً “قدرة المرء على تحمل المصاعب”، ولذا على حد قوله، قد يكون العمال الألمان أكثر ميلاً إلى التعبير عن شغفهم بهدوء من خلال بذل المزيد من الجهد في أعمالهم، والعمل بجد ومثابرة.

غير أن هذا السلوك أضر يخيموفيتش عندما انتقل إلى الولايات المتحدة، حيث كان عزمه وتصميمه الهادئ سبباً في دفع زملائه الأميركيين إلى التساؤل عما إذا كان لديه ما يكفي من الشغف للعمل. “لقد جعلني أدرك أن السياق مهم، وأن الشغف لن يعود بالنفع والفائدة إلا إذا تمكن الآخرون من رؤيته”.

زملاء العمل يجب أن يقتنعوا


وفقاً للباحثين، ثمة ملاحظة أخرى يتعين أخذها في الاعتبار. وهو أن الناس لن يدعموا زملاءهم الشغوفين إلا إذا آمنوا بالدافع ذاته.

فعندما قرأ المشاركون في دراسة رابعة عن العمال الشغوفين بالقضايا البيئية، أبدى المشاركون المتعاطفون مع هذه الآراء فقط إعجابهم. أما الآخرون فلم يعبأوا بالأمر.

ومن هذا المنطلق، قدم يخيموفيتش النصيحة قائلاً، “إذا كنت زعيماً في شركة أو قائداً لفريق عمل، فإن مجرد التعبير عن الشغف لن يجعل الناس يتفقون معي بالضرورة ويساعدونني على تحقيق النجاح. ربما يتعين عليّ أولاً أن أعمل على إقناع الجميع بالهدف”.

نتائج عكسية في البيئات التنافسية؟


والأنكى من ذلك، أن الشغف قد يسبب عواقب وخيمة في المواقف التنافسية. يشير البحث إلى أن “الشغف قد يكون مثل المادة اللاصقة التي تجمع الأشخاص مع بعضهم بعضاً، ولكنه قد يكون أيضاً بمثابة الوقود الذي يؤجج المشاعر التنافسية”.

ففي دراسة خامسة، تخيل المشاركون أنهم يتنافسون ضد أحد زملائهم في العمل للحصول على ترقية، لم يرفض المشاركون تقديم الدعم لزملائهم الشغوفين فحسب، بل كانوا ينظرون إليهم باعتبارهم تهديداً.

ونظراً إلى هذا الاحتقان، على المديرين تجنب وضع الموظفين الشغوفين في مواجهة بعضهم بعضاً، لا سيما إذا كان الفريق يحتاج إلى التعاون لإنجاز العمل. على سبيل المثال، بدلاً من تقديم ترقية واحدة فقط بين ثلاثة عمال شغوفين، يستطيع المدير أن يُقدم ترقية لجميع الموظفين الذين يرتقي عملهم إلى معايير معينة.

يقول يخيموفيتش، “في اللحظة التي يكون فيها نجاح أحد الأطراف خســارة للآخر، يصبح التعبير عن الشغف بمثابة سم في مكان العمل. فإذا تنافس موظفان على شيء ما، قد يحاول أحدهما تقويض الآخر”.

التظاهر لا ينفع


يُمكن أن يعود التعبير عن الشغف والحيوية، والدافع الداخلي لتحقيق شيء ما، خلال مقابلة العمل، بالنفع على الشخص المُتقدم للوظيفة، ولكن يتعين على هذا الشخص أيضاً أن يأخذ في اعتباره أنه في بعض المواقف قد يكون ذلك في غير مَوضِعِهِ. “فإذا كنت المدير المُكلف بالموافقة على تعيين المتقدمين للوظيفة، ماذا لو اعتقدت أن هذا الشخص سيتمكن من النجاح وشغل وظيفتي في غضون ثلاث سنوات؟”

يُقدم يخيموفيتش نصيحة مهمة لكل شخص يتقدم لوظيفة، وكذلك لجميع العاملين، على حد سواء: لا تتظاهر أبداً بالشغف، إذا لم تكن تشعر به حقاً.

وأوضح ذلك قائلاً، “يتمكن كثر ببراعة من اكتشاف الشغف الزائف. فحتى لو تمكنت من خداعك مرة واحدة خلال مقابلة العمل بقول إنني أريد حقاً أن أعمل هنا، فلن أتمكن من خداعك طيلة الأشهر الستة التالية في الوظيفة. وبمجرد أن يكتشف الناس أنك لست شغوفاً بعملك، سيشعرون أنهم تعرضوا للخداع. ولذا عندما يعبر الناس عن شغفهم في مكان العمل، فلا بد أن يكون ذلك صادقاً وحقيقياً دوماً”.

 هذا المقال مترجم عن qz.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!