fbpx

إيران: قمع الاحتجاجات بالتمرُّس الوحشيّ وقطع الإنترنت

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

وُصفت أعمال العنف، التي يُعتقد أنها أسفرَت عن مقتل حوالى 300 شخص، بأنها أقوى انتفاضة شهدتها إيران مذ جاءت “الثورة الإسلاميّة” بالنظام الحاليّ إلى السلطة عام 1979.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد أسابيع على بدء موجة الاحتجاجات في إيران، ترى أجهزة الاستخبارات الغربية والإسرائيلية أن النظام في طهران على وشك احتواء تلك الموجة. وقد وُصفت أعمال العنف، التي يُعتقد أنها أسفرَت عن مقتل حوالى 300 شخص، بأنها أقوى انتفاضة شهدتها إيران مذ جاءت “الثورة الإسلاميّة” بالنظام الحاليّ إلى السلطة عام 1979. ويَعتقد مسؤولون في المخابرات الإسرائيلية أن السلطات جمعت بين الوحشية والتمرُّس لإخماد الاضطرابات.

بدأت أعمال الشغب في إيران بعد القرار الذي اتخذته الحكومة برفع أسعار الوقود بصورة حادّة. يُعزَى هذا الارتفاع إلى المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها إيران في أعقاب العقوبات الدولية القاسية المفروضة عليها بقيادة الولايات المتحدة.

امتدت الاضطرابات لتشمل معظم مناطق البلاد، وشهدت مواجهات مع قوات الأمن في مئات المدن والبلدات في جميع أنحاء إيران. إضافة إلى القتلى (ومن بينهم عدد قليل من أفراد قوات الأمن)، أصيب أكثر من 4 آلاف شخص بجروح، وأضرمت النيران في مئات من فروع المصارف ومحطات الوقود.

يُلقي النظام اللومَ على أجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية والإسرائيلية في تأجيج الأجواء وإثارة الاضطرابات. وبحسب تقديرات الاستخبارات الغربية، يعتقد الإيرانيون أن ثمة حملة تُشَنّ ضدهم بقيادة الولايات المتحدة في إطار خطة لإسقاط النظام. فمن وجهة نظرهم، تُمثّل العقوبات الأميركية جزءاً من هذه العملية، إلى جانب الهجمات الإسرائيلية التي تَحُول دون الجهود الإيرانية الرامية إلى ترسيخ أقدامها عسكرياً في سوريا.

وعلاوةً على التأثير المتزايد للعقوبات، يخشى قادة النظام الإيرانيّ أنْ يفقد الإيرانيون بغالبيتهم حماسَتهم نحو القيم التي رسَّخَتها الثورة الإسلامية، وأن يُشكّكوا على نحوٍ متزايد في شرعية النظام الحاكم، بسبب ادّعاءات استشراء الفساد بين كبار المسؤولين، والزعم أن أُسَرَهم تعيش حياة الترف والرفاهية. وانطلقت أثناء التظاهرات الأخيرة دعواتٌ حملَت شعاراتٍ أقربَ ما تكون إلى أن “الثورة كانت خطأً”. وفي غضون ذلك، من المقرر إجراء انتخابات برلمانية في شباط/ فبراير المقبل، وتخشى طهران من حدوث مقاطعة جماعية للتصويت، من شأنها أن تزيد من تقويض شرعية العملية الانتخابية والنظام.

أصيب أكثر من 4 آلاف شخص بجروح، وأضرمت النيران في مئات من فروع المصارف ومحطات الوقود.

خلال الأحداث التي اندلعت في إيران في ما يُعرَف بـ”الثورة الخضراء” في حزيران/ يونيو عام 2009، وفشلَت لاحقاً، وخلال غيرها من التظاهرات التي شهدتها البلاد في السنوات اللاحقة، تناولت التظلّمات بمعظمها، نواحيَ اقتصادية وقضايا الفساد والتلاعب بالانتخابات. إلّا أنّه منذ عام 2017 أصبحت الشعارات أكثر عدوانية، بما في ذلك، “الموت للديكتاتور”. ويعَدّ رد فعل النظام السريع والعنيف على الاحتجاجات جزءاً من الدرس المستفاد من أحداث 2009، ألا وهو قمع الاحتجاجات في أسرع وقتٍ مُمكن قبل تمددها.

ومع الغضب الذي يعُمّ الإيرانيين إزاء تدهور الاقتصاد، ومع الاضطرابات الشديدة التي واجهتها حكومتان صديقتان لإيران -حكومتا لبنان والعراق- خلال الشهر الماضي، فمن الواضح أن النظام الإيراني يعمل على التصدّي لتلك الأحداث. في حين وصفت وكالاتُ الاستخبارات الأحداثَ في إيران بأنها استعراض مُتعمَّد للقمع الوحشي. وتزامناً مع حملة الاعتقالات واسعة النطاق وأعمال العنف ضد المحتجّين، سارَعَ النظام إلى قطع خدمة الإنترنت عن جميع السكان تقريباً.

تسبب هذا الانقطاع في الخدمة -الذي بدا مُخطَّطاً له، من أجل تنفيذه أثناء أوقات الأزمات- في عزل الإيرانيّين تماماً عن العالم بشكل شبه كامل في أقل من 24 ساعة. وبالتالي لم يكن بالإمكان تحميل مقاطع الفيديو التي توثّق أعمالَ العنف التي تمارسها قوات الأمن، وواجَه المتظاهرون أيضاً صعوبة في تنسيق تحركاتهم.

غير أنّ هذه الخطوة حملَت عواقب اقتصادية وخيمة على النظام نفسه، إذ تُقدَّر قيمة الأضرار بنحو 1.5 مليار دولار. وقد عادت خدمة الإنترنت في إيران تدريجياً، وبلَغَ معدَّل الاتصال نحو 80 في المئة من المعدل الطبيعي.

يبدو أن القادة خففوا من الإجراءات القمعية بسبب التداعيات الاقتصادية والشعور بأن الاحتجاجات تحت السيطرة. وبحسب ما هو معروف، لم تحاول أي دولة غربية استعادة الخدمة ولو جزئياً أثناء التظاهرات، مع أن ذلك كان يُمكن أن يُساعِد المحتجّين.

وعلاوةً على التأثير المتزايد للعقوبات، يخشى قادة النظام الإيرانيّ أنْ يفقد الإيرانيون بغالبيتهم حماسَتهم نحو القيم التي رسَّخَتها الثورة الإسلامية

ومع نجاح الحكومة في الحدّ من الاضطرابات، لا يزال من الممكن أن نفترض أن الغضب الشعبي ضد النظام أصبح الآن أكثر حدة، وأن الاحتجاجات الكبرى سوف تُستأنف في المرة المقبلة، بمجرد أن تتوافق الأسباب لتفجُّر الأوضاع مجدَّداً، إضافةً إلى أن الاقتصاد الإيراني لا يزال في حالة سيئة. فتُشير توقعات العام الماليّ المقبل إلى انكماش الاقتصاد بنسبة غير مسبوقة، 9.5 في المئة، إضافة إلى عجز الحكومة عن دفع الرواتب، ما يضطرها الآن إلى السحب من صندوق التنمية الوطني الإيراني في محاولة لتغطية العجز. لذا يبدو أن لا سبيل لتجنّب المزيد من التخفيضات الحادة في الإنفاق الحكومي خلال العام المقبل.

ومع الانتقادات الموجَّهة إلى الرئيس حسن روحاني، المعتدِل نسبيّاً، وحَّد القادة الإيرانيون صفوفهم في مواجهة الضغوط الخارجية. ولم يحمِّل المرشد الأعلى، علي خامنئي، روحاني المسؤوليةَ عما آلَت إليه الأمور، بل أيَّد كل تحركاته. وعلى رغم التظاهرات، لن يتراجع النظام عن زيادة أسعار البنزين التي يعتزم فرضها، والتي كانت سبباً في إثارة الاحتجاجات في المقام الأول.

هذا المقال مترجم عن haaretz.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.