fbpx

بين قضاء الأحداث والقضاء الديني: من يحاسب “رسالة حياة”؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هل سطوة الطوائف أقوى من حقوق الأطفال خصوصاً الذين يتعرضون لانتهاكات جسيمة؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هل سطوة الطوائف أقوى من حقوق الأطفال خصوصاً الذين يتعرضون لانتهاكات جسيمة؟

السؤال طرح بقوة في الأيام الماضية بعد الضجة التي سببتها قضية راهبات جمعية “رسالة حياة”، اللواتي صدر بحقهن قرار قضائي من محكمة الأحداث يقضي بتوقيفهن، بسبب تحقيقات شملت تسجيل شهادات لأطفال وقصر أفادت بوقوع انتهاكات جسدية ومعنوية وجنسية جسيمة، وعجز الجمعية عن توفير الأمن والحماية اللازمين للأطفال.

القضية أثارت جدلاً بعد الانتكاسة القضائية التي حصلت بعد تدخلات من قبل شخصيات سياسية ومرجعيات دينية بحيث اتخذت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، قراراً بإخلاء سبيل الراهبتين المسؤولتين في جمعية “رسالة حياة”، وإلغاء قرار القاضي نازك الخطيب المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان التي كانت أمرت بتوقيفهما على خلفية رفض الجمعية قراراً قضائياً بتسليم عدد من الأطفال (12 طفلاً) منهم طفلان رضيعان كانا قد وضعا لدى الجمعية لصالح قضاء الأحداث. 

ترافق ذلك مع معلومات متداولة وإخبارات مقدمة إلى النيابة العامة التمييزية، عن بيع أطفال مقابل مبالغ مالية تختلف تبعاً للون الطفل، إذ تصل المبالغ إلى 30 ألف دولار للطفل الأشقر و15 ألف دولار للطفل الأسمر.

وقائع الملف والمخالفات الحاصلة التي أدت إلى صدور قرار بتسليم القاصرين والرضع ونقلهم إلى أماكن تؤمن لهم الحماية، كشفتها قاضية الأحداث في جبل لبنان جويل أبو حيدر حيث وثقت فظائع، وبحسب ما كشفت قرار القاضية، ترتكب داخل الجمعية المذكورة من إطعام الأطفال منتجات منتهية الصلاحية، مروراً بدفعهم إلى مشاهدة أفلام إباحية، وصولاً إلى التحرش بهم والاعتداء عليهم وتهديدهم، وهو ما أدلى به الأطفال المطلوب حمايتهم. وقد دعمت إفاداتهم بصور تثبت ما يقولونه في ما يتعلق بالطعام، مع ضغط شديد من الراهبات على الأطفال لمنعهم من فضح تصرفات أحد الرهبان في الجمعية.

القضية ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى العام 2013 حين عقدت عشرات الجلسات للاستماع إلى جميع العاملين والعاملات في الجمعية وإلى قصر متواجدين في مركزها، والتي اتضح على ضوئها عدم أهلية الجمعية لرعاية الأطفال وتعريضهم للخطر عملاً بأحكام قانون الأحداث رقم 422/2002 واتفاقية حقوق الطفل.

تضارب الصلاحيات بين قضاء الأحداث والقضاء الديني

الحاصل اليوم هو عرقلة لعمل قضاء الأحداث، واتحاد الأحداث، وقد امتنعت الجمعية عن تنفيذ قرار تسليم طفلين رضيعين، كانا قد وضعا في عهدتها، ولدى كشف قضاء الأحداث، عرض على المندوبة الاجتماعية أطفال بأعمار مغايرة ما يشير إلى فرضية “تبديل أطفال”، فطلبت القاضي نازك الخطيب تسليم الأطفال أو على الأقل التأكد من سلامتهم، إلا أنها لم تلق أي تعاون ما أظهر مخالفة لقانون حماية الأحداث وتفسيراته من قبل الجمعية، التي تسلحت بحماية بكركي لها، رافضة تسليم الأطفال إلا بطلب من غبطة البطريرك شخصياً. تجدر الإشارة إلى أن التدابير الحمائية التي يتخذها قضاء الأحداث تحتم سنداً لقانون 422 مراجعة القضاء المختص وإعلامه دوماً بأحوال القصار المطلوب حمايتهم.

في العام 2007 حسمت الهيئة العامة لمحكمة التمييز أي جدل فيما خص تضارب الصلاحيات بين قضاء الأحداث والقضاء الديني، معتبرة أن أساس الصلاحية الحمائية مغايرة تماماً في أساسها عن مسألة الحضانة، حيث اعتبر قاضي الأحداث وقتها أنه في مجمل تدابير حماية الأحداث المعرضين للخطر، يكون الاختصاص النوعي والوظيفي لقاضي الأحداث طالما وجدت حالة الخطر.

القضية ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى العام 2013 حين عقدت عشرات الجلسات للاستماع إلى جميع العاملين والعاملات في الجمعية وإلى قصر متواجدين في مركزها، والتي اتضح على ضوئها عدم أهلية الجمعية لرعاية الأطفال

المحامية والباحثة القانونية نرمين سباعي أكدت أن القضاء المدني هو المخول أولاً للبت بهذه القضية، أما القضاء الديني هو استثناء في هذه الحالة، معترضة على دور الكنيسة التي تعتبر أنها “وصية على هؤلاء الأولاد وبخاصة على الرضع”. 

وكان رئيس “الأجندة القانونية” المحامي نزار صاغية قد قال في تغريدة على موقع “تويتر” أنه “حين تحدثنا عن حماية الأطفال في دار الأيتام قيل أنه تهجم على السنة. الآن يرى البعض حديث الراهبتين تهجماً على المسيحية. ينسى هؤلاء أن الأطفال الذين ندافع عنهم هم من نفس طائفة هؤلاء. الفارق أننا ندافع عن الطرف الأضعف فيما يختزلون الطوائف بالنافذين فيها ويدافعون عن القوة حصراً”.

صدى القضية تجاوز حدود لبنان، وبات هذا الملف وسط المعلومات المتوفرة عنه أداة من الممكن أن تؤدي إلى كشف فضائح تتعلق بتورط عدد من الجمعيات في ملف الاتجار بالأطفال، على أن يتوسع التحقيق ليشمل كل الفاعلين الذين غطوا هذه الأفعال سواء داخل الجمعية أو خارجها.  

لكن هل ستتقدم حقوق الطوائف على الحق في العدالة والمساءلة؟