fbpx

جريمة خاشقجي: يوم نجاة الجناة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لماذا يتم إنقاذ القحطاني من جريمة جمال خاشقجي؟ من المستفيد؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فيما نحن نطوي صفحة عام 2019، مازال ملف جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي هو الملف الأشهر لدى الرأي العام منذ وقوعها في خريف 2018.

من خيبة إلى أخرى يترنح الملف. 

دافع سعوديون بقوة عن بلادهم في بداية الأمر متهمين قطر وتركيا و”أياد خفية” ومافيا، بالوقوف خلف اختطاف جمال خاشقجي، وشككوا في صور المتهمين الأولية التي نشرتها وسائل إعلام تركية، واتهموا “خديجة جنكيز” خطيبة جمال بأنها تحيك مؤامرة وأنها زوجة مزيفة. واجهوا اعتراف القيادة السعودية بتورط موظفين لديها بالجريمة بصدمة جلل، ومنذ ذلك الحين وكل آمال المواطن السعودي المتابع للقضية، والذي يسعى إلى أن يعيش في دولة حضارية يسودها القانون، تكمن في إظهار الحق بكل ما يخص ملف خاشقجي، حرصاً على عدم تكرار هذه الفضيحة التاريخية في الدولة السعودية، وضماناً للحقوق المدنية، خاصة وهو يتابع أخبار الاعتقالات والتعذيب والتحرش وغيرها.

الصحافي السعودي جمال خاشقجي

واليوم خيبة جديدة تابعها المواطن السعودي والعالم، وهو يستمع إلى المتحدث باسم النيابة العامة “شلعان الشلعان”، والذي أعلن أن محكمة سعودية قد قضت بإعدام خمسة أشخاص وسجن آخرين، فيما تمت تبرئة كل من المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني، وأحمد عسيري نائب رئيس الاستخبارات السابق، ومحمد العتيبي القنصل السعودي سابقاً في تركيا.. فكيف سينتهي ملف مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي؟!

كتب موقع “العربية” في سطره الأخير أن قائد فريق التفاوض لإعادة خاشقجي هو من اتخذ قرار قتل خاشقجي، وهذا يأخذنا إلى أن الاسم الأول من المحكوم عليهم بالقصاص قد يكون ماهر مطرب، كما أن هناك جهات ترجح أن من بين الخمسة المحكوم عليهم بالإعدام أولئك الذين ظهروا بشكل واضح في المقاطع التي تم تسريبها من كاميرات الأمن التركي، مثل الدوبلير ورفيقه و مرافقي ماهر مطرب، أما الثلاثة الآخرين، فغالباً هم موظفو القنصلية الذين قد تستروا على الجريمة، كما أن مشاهد الفيديو عند مدخل منزل القنصل السعودي في اسطنبول والتي لم تكن واضحة بالشكل الكافي، كانت دليلاً بالنسبة للنيابة العامة على وجود القنصل العام داخل بيته وليس في القنصلية أثناء القيام بالجريمة.

تمت تبرئة كل من المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني، وأحمد عسيري نائب رئيس الاستخبارات السابق، ومحمد العتيبي القنصل السعودي سابقاً في تركيا. 

هذه التحقيقات والمحاكمات التي تشير بعض الصحف السعودية لأنها تكونت من 9 جلسات وصدر الحكم في الجلسة العاشرة منها، لم تكن علنية ولا أحد يعرف بدقة طبيعة حضورها وما جرى خلالها، كما أن أسماء الذين صدرت بحقهم الأحكام الأولية وفقاً لتصريحات النيابة العامة ما زالت مبهمة، فضلاً عن أن هذه أحكام القصاص المذكورة قابلة للاستئناف، فإذا ما أيدتها محكمة الاستئناف ترفع إلى المحكمة العليا التي بدورها عليها مصادقة الحكم ليرفع أخيراً إلى الملك للتوقيع عليه. 

كيف يمكن لذلك أن يحدث؟

يقرأ بعض القانونيين بيان النيابة العامة على أنه متناقض وغير واضح، كما يستغرب كثر خروج البيان أساساً من النيابة العامة وليس المحكمة، واستغراب أكبر لعدم ذكر أسماء المتهمين، رغم صدور الحكم المبدئي وفقاً للمادة 68، كما ذكر المتحدث باسم النيابة العامة، وهو ما يثير التساؤلات حول التشهير بمعتقلي الرأي قبل صدور الأحكام، أو حتى محاكمتهم وعلى رأسهم مجموعة مايو 2018، التي تم التشهير بأعضائها المزعومين على الصفحات الأولى في الصحف السعودية يوم اعتقالهم. بأي حال، فإن إشارة المتحدث باسم النيابة العامة إلى عدم وجود نية مسبقة أو عداوة بين المدانين والضحية له دلالات قد تظهر بشكل أوضح مستقبلياً، “بالرغم من توفر العدة والعتاد وكامل جهوزية المستقبلين لخاشقجي داخل القنصلية إلا أن النيابة العامة وجدت أنه لا نيه ولا عداوة”، فالحكم بالقصاص بحسب المحاكم السعودية قد يسمح بالعفو من أولياء الدم في نهاية المطاف، إذ أن هناك حدود شرعية مختلفة يأخذ بها القضاء في حالات الإعدام في السعودية ومنها ما لا يقبل أي عفو، أما حدّ القصاص الذي حكم على الأفراد الخمسة فهو من الحدود الشرعية الذي يمكن أن ينتهي بعفو أولياء الدم.

أما الخطوة التالية بعد تصريحات النيابة العامة، فهي وكما هو متعارف عليه في القضاء السعودي، ستكون تحويل ملف قضايا الإعدام إلى محاكم الاستئناف وهذا أمر إلزامي بعد مدة 30 يوماً، وفيها عادة يمكن تشديد الحكم او تخفيفه، أي أن للجناة أكثر من فرصة للنجاة من فعلتهم. فمالم تخفف العقوبة في الاستئناف، قد نجد صلاح ابن الصحافي جمال يغرد على “تويتر” بالعفو، تماماً كما غرد منتصراً لوالده ومباركاً للقضاء السعودي مع خروج أولى تصريحات النيابة العامة بالحكم الابتدائي.

يقرأ بعض القانونيين بيان النيابة العامة على أنه متناقض وغير واضح، كما يستغرب كثر خروج البيان أساساً من النيابة العامة وليس المحكمة.

ولعل كثر من متابعي الملف يتوجسون من خروج نتائج التحقيقات والحكم في ملف خاشقجي في هذا التوقيت، خاصة وأن براءة القنصل محمد العتيبي جاءت بعد نحو أسبوعين فقط من تصريح وزارة الخارجية الأمريكية بحظر الولايات المتحدة للدبلوماسي السعودي السابق دخول أراضيها. فهل ما حصل استباق للمهلة التي منحها أغلبية أعضاء مجلس النواب الأميركي للمخابرات الوطنية (دي إن آي) للإعلان عما إذا ما كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان متورطاً في مقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي أم لا؟ وهل سيصدق البيت الأبيض الأميركي هذه النتائج التي خلصت إليها السعودية، خاصة مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية جينا هاسبل التي وصفت مقتل الصحافي جمال خاشقجي بالعملية المدبرة، والتي استمعت إلى التسجيل الصوتي لعملية قتل خاشقجي.

البيت الأبيض  وصف أحكام الإعدام بالخطوة المهمة، داعياً السعودية إلى مواصلة محاسبة المسؤولين عن مقتل خاشقجي. 

قضايا سعود القحطاني

الإسم الأكثر إثارة للجدل في القضية هو اسم سعود القحطاني وبحسب نتائج بيان النيابة العامة الذي أفرج عنه لعدم كفاية الأدلة، فإن القحطاني قد يعود لطبيعة حياته قريباً بعد عفو ملكي على سبيل المثال.

سعود القحطاني

قد تبدو الخيبة الكبيرة واضحة في خروج اسم سعود القحطاني من دائرة المتهمين وتبرئته، ويمكن ملاحظتها من خلال “تويتر” السعودي، الذي اختزل سير نتائج التحقيقات والمحاكمة في براءة سعودة القحطاني دون سواه.

كيف لا وهو كان قائد هذه المنصة سعودياً، وتمكن من تحويلها لمساحة لبث العنصرية والقبلية والكراهية، وهو من قاد حرباً افتراضية على قطر، وحروباً على معتقلي الرأي بالتشهير بهم ومتابعة التحقيقات معهم، وتعذيبهم والتحرش بهم، فهل سيعي كل من نفذ أوامره بأنه سينجو ويأكلون الطعم هم! 

حتى وإن كان طعماً يشبه مجريات التحقيقات في ملف خاشقجي، التي يبدو أنها ستنتهي قريباً بعودة كافة الطاقم المدان إلى احضان أسرته.

لقد صرخت بعض النساء المعتقلات في إحدى الجلسات وهي تحاول إيصال صوتها لإيضاح ما تعرضن له، لكن المحاكمات تباطأت منذ ذلك الحين، كل هذا وذاك يقودنا إلى السؤال الأكبر… لماذا يتم إنقاذ القحطاني؟ من المستفيد؟

إن لملمة ملف خاشقجي إنما تدل على أن الدولة أساساً لا تراها جريمة. وأن أولئك الذين كانوا يؤيدون نظرية أن من وراء هذه الجريمة هو سعود القحطاني، وأن ولي العهد السعودي لا يعرف شيئاً عنها، باتوا يتساءلون اليوم، هل فعلاً سعود لا يقدح من رأسه كما قال سابقا في تغريدة؟