fbpx

“لا يريدون أن يبقى أحداً”: ربع مليون نازح من إدلب وطائرات الأسد تهاجم الهاربين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بحسب تقرير صادر عن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فإن الانتهاكات التي مارستها روسيا والنظام السوري منذ 15 كانون الأول/ ديسمبر في شمال غربي سوريا يشكل الكثير منها “جرائم حرب”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، عندما استنفد محمود الطيّار وزوجته خيارات البقاء في منزلهما قرب مدينة معرّة النعمان، بسبب اشتداد القصف العنيف من حولهما.

من حسن حظّ محمود أنّه يملك سيارة “بيك آب” صغيرة، ارتادها مع زوجته خلال عملية النزوح الجماعية في تلك الليلة، ولكن شيئاً ما منعه من الوصول إلى المناطق الآمنة الواقعة على الحدود السورية – التركية.

ويقول أحد سكّان منطقته الذي نزح في الوقت نفسه، إن محمود وزوجته في الغالب قُتلا، بعد استهداف الطيران الحربي التابع للنظام السوري، السيارات التي كانت تقل النازحين لعرقلة وصولهم إلى مناطق أكثر أمناً أو قتلهم قبل أن يصلوا.

استهداف الهاربين

على غرار محمود، قُتل عدد كبير من النازحين خلال محاولتهم الوصول إلى مناطق أكثر أمناً بسبب استهداف قوافلهم.

بحسب تقرير صادر عن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فإن الانتهاكات التي مارستها روسيا والنظام السوري منذ 15 كانون الأول/ ديسمبر في شمال غربي سوريا يشكل الكثير منها “جرائم حرب”.

ووثّق التقرير الحقوقي مقتل 86 مدنياً بينهم 21 طفلاً و18 سيدة في إدلب وريفها، في حين ارتكبت قوات الأسد نحو 6 مجازر، قتلت خلالها 42 مدنياً بينهم 10 أطفال و11 سيدة، كما استهدفت القوات الروسية بطائراتها 44 مدنياً بينهم 11 طفلاً و7 سيدات في أربع مجازر.

وثّق التقرير الحقوقي مقتل 86 مدنياً بينهم 21 طفلاً و18 سيدة في إدلب وريفها، في حين ارتكبت قوات الأسد نحو 6 مجازر.

وأكّد التقرير، أن روسيا وقوات الأسد عرقلا حركة النازحين، عبر استهداف الطيران الحربي الطرق الرئيسية المكتظة بالآليات التي تحمل عشرات آلاف النازحين بالرشاشات.

واستهدفت قوات الأسد الطرق الرئيسية التي يسلكها النازحون 9 مرّات خلال أسبوعين في حين قصفت روسيا ثلاثة مخيّمات تؤوي نازحين.

ربع مليون نازح في أسبوعين

منذ اليوم الأوّل من اشتداد الحملة العسكرية التي يشنّها الأسد وروسيا، في منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، نزح معظم سكّان مدينة معرّة النعمان والقرى المحيطة بها.

كان عصام (34 سنة)، من بين القلّة التي رفضت الخروج، أسبابٌ عدّة دفعته للبقاء مع أسرته، على رأسها عدم امتلاكه وسائط نقل للانتقال مع أثاث منزله، إضافةً إلى عدم توفّر مكانٍ ليذهب إليه.

يصف عصام تجربة البقاء 13 يوماً في معرّة النعمان تحت القصف، بـ”الكارثة”. ويقول لـ”درج”: “مع اشتداد وتيرة القصف ونزوح غالبية سكّان المدينة نحو القرى الشمالية أصبحت المدينة خالية تماماً من أي نشاط بشري، لا مستشفيات ولا أماكن تسوّق ولا حتّى بقالات صغيرة”.

ويؤكّد أن النظام صعّد وتيرة القصف عقب نزوح المدنيين، لمنع أي منهم من التفكير بالعودة إلى المنطقة وليضمن تقدّمه البرّي نحوها.

كما أوضح عصام، أنّه حاول الصمود لأكثر فترة ممكنة، لكن يبدو أن “النظام السوري لا يريد أن يبقى أحد في المدينة”.

يصف عصام تجربة البقاء 13 يوماً في معرّة النعمان تحت القصف، بـ”الكارثة”.

اضطر عصام في نهاية المطاف إلى الخروج مع زوجته وابنته مشياً على الأقدام من معرّة النعمان إلى مدينة سرمين قرب مدينة إدلب، حيث استمرَّ بالمشي لمدّة يومين متتابعين، إلى أن وجد حافلة في سراقب سارت به شمالاً.

خلال الأسبوعين الماضيين نزح أكثر من 235 ألف شخص بسبب الحملة العسكرية على إدلب.

وذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أنه “بين 12 و25 كانون الأول، نزح أكثر من 235 ألف شخص من شمال غربي سوريا”، مردفاً أن مدنيين كثيرين فروا من معرة النعمان وقرى وبلدات في محيطها، التي باتت جميعها شبه خالية من المدنيين”.

وأضاف التقرير، أن بعض النازحين ممن فروا إلى منطقة سراقب اضطروا إلى النزوح مرة أخرى تفادياً للتصعيد الذي قد يصل إليها أيضاً.

وقال سليم طوسون المستشار الإعلامي في سوريا لهيئة الإغاثة الإنسانية: “في الأسبوع الماضي، وصل عدد الفارين من المناطق الجنوبية من إدلب إلى الشمال إلى 120 ألفاً بسبب تزايد الهجمات”، مضيفاً أن سكان المنطقة يواصلون الفرار منها خشية تقدم جديد لقوات النظام، وفق ما أفاد مراسل لـ”فرانس برس” في المكان.

النزوح فوق النار

وبحسب تتبع خط الهروب يمكن ملاحظة أن مسار النزوح يتم من جنوب إدلب إلى شمالها، بسبب تكثّف القصف في قرى الريف الجنوبي وخصوصاً معرّة النعمان والقرى المحيطة بها، بينما نزح أيضاً سكّان مدينة سراقب ومحيطها كإجراء احترازي قبل وصول قوات النظام إليها.

عمليات النزوح تتم بشكلٍ عشوائي، إذ يتكدّس عشرات المدنيين داخل سيارات “بيك آب” وشاحنات، يحملون معهم كل ما يمكن حمله من منازلهم قبل المغادرة، بهدف الاستفادة منها بعد الاستقرار في مكان النزوح، كون غالبيتهم نزحت من دون إنذار مسبق وبالتالي فهم غير قادرين على تحمّل التكاليف المادية لشراء أثاث منزلي جديد.

في المقابل، فإن كثيرين لم يتمكّنوا من سحب أثاث منزلهم فأقدموا على حرق منازلهم بما فيها من أثاث لمنع قوات النظام من الاستفادة منها وسرقتها.

تحاول رانيا حاج حمود، حمل كل ما تستطيع حمله من منزلها في قرية داديخ قرب سراقب متجهةً نحو الشمال السوري، وتقول إنّها تستبق الهروب السريع بالنزوح المبكّر.

يبدو أن رانيا ومعظم سكّان قريتها متأكّدون من حتمية تقدّم قوات الأسد إلى مدينتهم بعدما رأو أمامهم عنف الهجوم وشدّة القصف من جارتهم الجنوبية معرّة النعمان، فالجميع هنا قرّر أن يرحل بهدوء بدلاً من الهروب على عجل، لا أمل بأن يبقى أحد في منزله.

تقول رانيا لـ”درج”: “أقاربي في معرّة النعمان اضطروا للهروب ليلاً الأسبوع الماضي ولم يتمكّنوا من أخذ شيءٍ معهم سوى وثائقهم الشخصية، ولكنّني لا أريد أن أقع في الخطأ ذاته”.

تؤكّد الأربعينية أنّها اتخذت قرارها بالخروج عندما شاهدت علامات اليأس والهزيمة مرسومةً على وجوه المدنيين الذين كانوا في السابق يخرجون بتظاهرات أسبوعية، إيماناً منهم بأن قراهم لن يعود النظام إليها وباتت خارج قبضته إلى الأبد.