fbpx

مقتل سليماني يضع طهران في مهبّ خيارات مستحيلة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ظلّ سليماني حتى لحظة مقتله، الدعامة الأساسية، للصورة التي يطمح النظام الإيراني إلى تعميمها عن جبروته. لذلك، يعتبر مقتله بهذه الطريقة وفي العراق تحديداً، بمثابة ثقب أسود كبير في صورة النظام،

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

منذ انتشار خبر مقتل “قائد فيلق القدس” في تنظيم الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، بهجمات صاروخية أميركية، استهدفت موكبه على مقربة من مطار بغداد الدولي، بعد دقائق من هبوط طائرته، تخيم الصدمة على الجمهورية الإسلامية.

وقد أعلن المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، الحداد الوطني ثلاثة أيام على مقتل سليماني ورفاقه، متوعداً الولايات المتحدة “بالرد القاسي”، في حين اعتبر وزير خارجيته محمد جواد ظريف مقتل سليماني بأوامر أميركية “تصعيداً خطيراً للغاية وطائشاً”. كما تزدحم وسائل الإعلام الإيرانية والصفحات الشخصية للمسؤولين الإيرانيين على شبكات التواصل الاجتماعي، بالتهديدات والتصريحات المتوعدة، بالرد المزلزل على مقتل سليماني، بينما اكتفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بنشر تغريدة تحتوي العلم الأميركي من دون أي تعليق.

وقد تبنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) العملية، وأعلنت في بيان أنه “بتوجيه من الرئيس (دونالد ترامب)، أقدم الجيش الأميركي كإجراء دفاعي من أجل حماية العاملين الأميركيين في الخارج، على قتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، المدرج على قائمة الإرهاب”. 

ضربة موجعة

مما لا شك فيه، أن مقتل سليماني، ضربة موجعة جداً لإيران وغير متوقعة ومربكة في الوقت نفسه. موجعة، لأن سليماني حقق لإيران في العقد الأخير، انتصارات عسكرية واقتصادية وسياسية، جعلتها لاعباً ومفاوضاً أساسياً في ترتيب المنطقة وتقاسم نفوذها. غير متوقعة، ربما بسبب مستوى الثقة، إذا استثنينا الغرور، لدى الإيراني، بسيطرته على كامل الفضاءات في العراق، واستخفافه بالعقل الأمني الأميركي بإدارة ترامب. مربكة، لأن كلاً من السكوت أو الرد، ستكون لهما آثار مدمرة على الجمهورية الإسلامية، فعدم الرد سيكون بمثابة هزيمة تاريخية لها، أما الرد فستكون له عواقب اقتصادية وسياسية خارجة عن سيطرة النظام.

 أعلن المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، الحداد الوطني ثلاثة أيام على مقتل سليماني ورفاقه، متوعداً الولايات المتحدة “بالرد القاسي”.

على العموم، مهما كان مستوى رد الفعل الإيراني، حيال الضربة الأميركية، فإن مقتل سليماني، هو هزيمة نكراء للجمهورية الإسلامية ونظامها ومشروعها وأمنها القومي وطموحها السياسي والاقتصادي ومرشدها بصفة شخصية. وبمقتله، تفقد إيران أحد أهم المخططين العسكريين والقادة السياسيين، وحارس مشروعها في سوريا والعراق، والقائد الميداني المباشر لشبكة الميليشات، التي تديرها في المنطقة، وربما سوف يتسبب غيابه، بانفراط عقد هذه المليشيات، وخروجها عن سيطرة المرشد. 

في العقد الأخير، أصبح سليماني، القائد الأكثر شعبية في إيران، والأكثر جدارة بثقة المرشد، وأبرز الشخصيات لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، وقد صنع منه إعلام النظام، بطلاً أسطورياً، يحمل على كتفيه مسؤولية مواجهة كل الشياطين المتربصين بالثورة الإسلامية، من الولايات المتحدة، مروراً بأوروبا، وصولاً إلى منطقة الشرق الأوسط، وأحاطته الدعاية الرسمية، بهالة من القداسة، والقدرات العجائبية، التي تحميه من الأعداء، على رغم تنقلاته المستمرة. وفي إحدى الدعايات “الغزلية” المتناقلة عنه، أن الولايات المتحدة لن تعرف بأي أرض سيكون سليماني ما بين دقيقة وأخرى، حتى لو أرسلت خلفه أبطالها “باتمان وسبايدرمان وسوبرمان”، وأطلقت عليه الكثير من الصفات البطولية، مثل: القائد الجبار، عاشق إيران، حبيب المرشد، تشي غيفارا إيران، مالك الأشتر الإيراني، البطل القومي، القروي الشجاع، الكاريزماتي المتواضع.

وقد شكل ومعه تنظيم الحرس، خشبة الخلاص الوحيدة، بالنسبة إلى المرشد، معوضاً بهما، فشله في الاحتفاظ بالاتفاق النووي، مستخدماً إياهما، كورقتين للضغط على المجتمع الدولي، الأولى، تطوير البرنامج الصاروخي للتنظيم، والثانية، رفع مستوى النفوذ والتوغل الاستراتيجي في المنطقة، عبر تكليف سليماني رسمياً بهذا الملف. ولذلك، منحه في آذار/ مارس الماضي، في حفل رسمي، وسام “ذو الفقار”، تقديراً لإنجازاته العسكرية، وهو ليس أعلى وسام في الجمهورية الإسلامية، إنما هو وسام صنع من أجل سليماني ومنح للمرة الأولى له، وللمفارقة أنه خلال مراسم التقليد، تمنى المرشد لسليماني أن يختم حياته بالشهادة!

وكترجمة عملية لهذا التكليف، أفتى المرشد لسيلماني، في الأشهر الأخيرة، باتباع سياسة رفع التوتر في المنطقة، مطلقاً مشروع “الضغط الأقصى” ضد الولايات المتحدة. من هنا، كان الهجوم على ناقلات النفط والمنشآت السعودية وغيرها من الأعمال العسكرية، التي نفذها الحرس الثوري، ومن هنا أيضاً، تصاعدت التوترات في العراق، التي بلغت ذروتها راهناً، وتمثلت بعمليات الكر والفر بين الجيش الأميركي وقوات الحشد الشعبي.

مما لا شك فيه، أن مقتل سليماني، ضربة موجعة جداً لإيران وغير متوقعة ومربكة في الوقت نفسه.

وضع المرشد، من أجل تزخيم مشروعه، تحت تصرف سليماني، فيالق الحرس الثوري كلها، وليس “فيلق القدس” الذي يقوده فقط، والمقدرات المادية والبشرية للبلديات والمحافظات والأوقاف والهلال الأحمر، إضافة إلى شبكة مالية مستقلة ضخمة، بمقدورها توزيع الأموال وإرسال الأسلحة إلى القوات الموالية للجمهورية الإسلامية في المنطقة في غضون 24 ساعة. 

وكان سليماني مسؤولاً بشكل مباشر عن ملفات: العراق، اليمن، سوريا، لبنان فلسطين، ولا يرجع في قراراته فيها إلى أحد، إنما يبلغ عنها من باب العلم بالشيء، وأحياناً بعد التنفيذ. ولم يقتصر عمله في هذه البلدان على الشق العسكري والأمني، بل تعداه إلى الشق الديبلوماسي، فكان من مهماته تعيين السفراء في هذه البلدان، والإشراف على نقل المقاتلين الأفغان والباكستانيين إلى سوريا، ونقل المقاتلين العراقيين إلى معسكرات التدريب في إيران. أما “عملية النقل” الأكثر شهرة التي نفذها، فهي إحضار الرئيس السوري بشار الأسد إلى إيران، من دون علم الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني ولا وزير خارجيته محمد جواد ظريف، وآخر مساعيه قبل مقتله، كانت الإشراف على تشكيل الحكومة اللبنانية وتسمية رئيس وزراء عراقي جديد. 

لكل ما ورد أعلاه، كان سليماني يتصرف على أنه وزير الخارجية الأصيل للجمهورية الإسلامية، بينما ظريف هو الوكيل، ففي اعتقاده، أن لخارجية بلاده أدواراً أهم بكثير من الديبلوماسية والتفاوض، منها جعل الهلال الشيعي حقيقة، ولذلك أطلق منذ نحو أربع سنوات، مشروع “الهلال الشيعي الاقتصادي”، الذي سيضم البلدان العربية، التي ينشط فيها الحرس الثوري عسكرياً.

ظل سليماني حتى لحظة مقتله، الدعامة الأساسية، للصورة التي يطمح النظام الإيراني إلى تعميمها عن جبروته، في أذهان شعوب المنطقة، فهو القائد الذي لا يهزم وابن النظام الذي لا يهزم. لذلك، يعتبر مقتله بهذه الطريقة وفي العراق تحديداً، بمثابة ثقب أسود كبير في صورة النظام، وبغض النظر عن الفراغ الذي سيخلفه في “فيلق القدس” وفي شبكة الميليشيات التابعة له، فإن طبيعة الرد ستضع “الصورة” أمام اختبار مصيري.

ريد مطر - صحافية مصرية | 24.04.2024

“لا نعرف مصيرهنّ”: لغط حول مصير ناشطات مصريات اعتُقلن خلال تظاهرة دعم لغزة

"نحن لم نتوقع هذا الترهيب كله، ذهبنا فقط لتسليم بياننا للأمم المتحدة لحثّها على حماية النساء والأطفال في زمن الحروب، وهي المهمة التي تقع على عاتقها كجهة دولية مسؤولة عن ذلك".