fbpx

من “إنتي أي كلام” إلى “إنتي سالمونيلا”: أين الذكورية في الموضوع؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مع انخفاض حدّة الجدل حول أغنية سالمونيلا لتميم يونس، عودة إلى السؤال الأساس: ما الذي يجعل الأغنية ذكوريّة إلى هذا الحدّ؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

وكأن كتابة الأغاني ذات المضامين الذكورية وأداءها باتا الضمانتَين الوحيدتَين لتسجيل ملايين المشاهدات على يوتيوب. من أغاني تامر حسني إلى رامي صبري وصولاً أخيراً إلى تميم يونس الذي أجاب عن سؤال “إنتي أي كلام؟” بـ إنتي “سالمونيلا”، يبدو أن خيار الأغنية التي يرتبط مفعولها الصادم بمنسوب استهتارها بالنساء ووصمهنّ بالصفات النمطيّة والمسيئة صار هو الوجهة والمقصد، على قاعدة أنه قادر على خلق “البلبلة” المطلوبة، أو ظاهرة الأثر العكسي، لتحقيق النجاح المرغوب.

المؤدي المصري تميم يونس، صاحب أغنية “سالمونيلا” و”إنتي أي كلام”

ومع انخفاض حدّة الجدل حول أغنية “سالمونيلا” لتميم يونس، والتي أطلقها مطلع هذا العام ليُهاجم ويسخر فيها من النساء اللّواتي يقابلن عروض الرجال بالرفض، لا بدّ لنا الآن أن نقفز فوق ردود التهليل والإدانة اللحظويّة، ونوجّه، في خمس نقاط، بعض النصائح المستدامة إلى هؤلاء الفنانّين الذين يبرّرون الترويج لمحتوياتهم الفنيّة التي تحمل تحريضاً ضد النساء تحت غطاء الخفّة والفكاهة و”حبّ الهِزار”، أو حتّى “التوعية”:

  • أوّلاً، إذا كان الهدف هو السخرية والكوميديا، فليُحاولوا مرّة أخرى، لأننا شاهدنا الفيديوهات واستمعنا إلى الأغنيات ولم نضحك.
  • ثانياً، لا يستدعي الدعاء السلبي على المرأة التي ترفض عرضاً أو اقتراباً، وتمنّي الأمراض والحظّ العسير لها، الضحك أو السخرية. وإذا استدعيا شيئاً، فهو الرذل، نظراً إلى تكريسهما الواضح والمباشر لثقافة التحرّش والاستخفاف بأهمّية الإرادة والموافقة الواعية لأي فعل عاطفي أو جنسي، وهي ثقافة لا تزال شائعة ومنتشرة كأخبث الأمراض في مجتمعاتنا. لذا، كان حريّاً بتميم يونس تشبيهها هي بالسالمونيلا، وبأسلوب كوميدي أيضاً.
  • ثالثاً، يكفي أن نرى مَن هي الجهات التي تمتلك سلاح إطلاق النكات على المصائب، بميزانيّات عاليّة وعلى نطاق واسع. هم ببساطة أصحاب الامتيازات الذين يتمتّعون بالمستوى الكافي من الرفاهيّة والراحة الذي يمكّنهم من أن يهزأوا ويضحكوا. هم المرتكِبون أنفسهم، أو المرتكِبون المُحتمَلون. وهم أيضاً المتفرّجون.
    حبّذا لو يترك هؤلاء سلاح النكتة في وجه الانتهاك للناجيات. فقد يخترن إشهاره في لحظة معيّنة، على خشبة مسرح، أو عبر فيديو قصير يصغنه بكلماتهنّ وأدواتهنّ، تخفيفاً للأوجاع، أو تجذيراً للخطاب، أو ضحكاً في وجه المصاب. فمحاربة الذكوريّة تعني أيضاً التفكير بالوسيلة المعتمدة وبمَن يمتلكها وبظروف استخداماتها الزمانيّة والمكانيّة.
  • رابعاً، إنّ السؤال الذي يجب أن يطرحه هؤلاء الفنّانون على أنفسهم بسيط جدّاً: إلى أي جهة نريد أن ننتمي؟ وأين سنستثمر مواردنا الفنيّة والفكريّة والمادّية الغفيرة: أفي خانة الجاهدات والجاهدين على محاربة ثقافة الاغتصاب والعنف الجنسي المتفشّية في بلادنا، أم في خانة الذين يرسّخون هذه الثقافة عبر اختزالها بمادّة كوميديّة، وتبرئتها من خلال إظهارها كثقافة راسمة للضحكة على الوجوه؟ خطير جداً انزلاق “النجوم” والمؤثّرين إلى لعبة الكوميديا، من دون التحلّي بالحدّ الأدنى من الإلمام بالقضايا المتناولة ورشاقة التعامل مع تفاصيلها الدقيقة، وإلا، فالأجدى تفاديها بالكامل ولو أسفر الأمر عن المزيد من الدراما التي نعلم أنّنا بغنى عنها.  
  • خامساً، لو سلّمنا جدلاً أنّ تميم يونس يخوض اللّعبة المبنيّة على استخدام المضمون الذكوري لأهداف معكوسة، وفي هذه الحالة، تحقيقاً لمفعول “المرآة” الذي سيساعد الرجال على رؤية انعكاس وجوههم وأفكارهم ومشاعرهم الحقيقيّة حين يجدون أنفسهم في مواقف صعبة أو حرجة، فللأسف، لم تُجدِ تلك اللّعبة نفعها. فتبعاتها كانت وستكون سلبيّة، لا سيّما في المجتمع المصري حيث يعشعش التحرّش ويحتجب الخوف منه في كلّ زاروب وزاوية.

لم يكن الفيديو “توعويّاً” كما أمل تميم يونس، لا بل دغدغ مشاعر ونظريّات وأحكاماً جاهزة شديدة الحضور في أذهان الشبّان الذين يخاطبهم وها هم اليوم يتباهون على حساباتهم على السوشال ميديا بعبارة “علشان تبقي تقولي لا”. وبفضل “سالمونيلا”، ستتعلّم شلّة من المراهقين المُصفّقين ممّن يتطلّعون إلى التشبّه بيونس كيف يصبحون على صورة “الراجل الحقيقي” الذي لا يُرفض، وكيف يرسّخون في أذهانهم صورة المرأة الحقيقيّة الخانعة” و”الفاسقة” في آن، التي لن تسلم لا إن وافقت، ولا إن رفضت”.

لسالمونيلا في الحقيقة لحنٌ ممتع، كان ليكون لطيفاً لو استُثمر لتظهير معانٍ أقل تعليباً وتنميطاً. أمّا وقد أُطلقت الأغنية ولاقت نجاحها الكاسح المتوقّع، فلا يسعنا اليوم سوى الوقوف، مرّةً أخرى، عند هذا النجاح والنظر مجدّداً في شروط تحقّقه، مع فارق أنّه هذه المرّة كان مصحوباً بشيء من الفرح والأمل، بعد اضطرار تميم يونس إلى نشر توضيح موجّه إلى مَن وصفهم “بالقلّة” المُمتعضة من الأغنية.

كلّ التحايا إلى هذه “القلّة” التي صار يُحسب لها ألف حساب!

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.