fbpx

على هامش حراكات غزة مناقشات الفلسطينيين بين السلمية والعسكرة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

عاد الفلسطينيون، عبر مسيرات “العودة” على حدود قطاع غزّة مع إسرائيل، التي جاءت بمبادرة من بعض النشطاء الشباب، إلى مجادلاتهم الطويلة والمضنية والمتشعّبة، حول أشكال النضال الأجدى لهم في كفاحهم من أجل حقوقهم، لا سيما بين الصراع المسلح والصراع بالوسائل الشعبية- السلمية، وهو جدل قديم، لكن الإيجابية فيه أنه يعكس نوعاً من النضج، والواقعية، بعد زمن من تقديس الكفاح المسلح…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عاد الفلسطينيون، عبر مسيرات “العودة” على حدود قطاع غزّة مع إسرائيل، التي جاءت بمبادرة من بعض النشطاء الشباب، إلى مجادلاتهم الطويلة والمضنية والمتشعّبة، حول أشكال النضال الأجدى لهم في كفاحهم من أجل حقوقهم، لا سيما بين الصراع المسلح والصراع بالوسائل الشعبية- السلمية، وهو جدل قديم، لكن الإيجابية فيه أنه يعكس نوعاً من النضج، والواقعية، بعد زمن من تقديس الكفاح المسلح.

هكذا، ففي تلك المسيرات عادت قضية الفلسطينيين، وخصوصاً قضية اللاجئين وحق العودة للبروز مجدداً، في جدول الأعمال الدولي والعربي والإسرائيلي، وعلى الأقنية الفضائية، وحرّكت شعب فلسطين، كما لم تحركه أحداث أخرى من قبل، ما يؤكد حيوية هذا الشعب، على رغم كل ما مر به.

فوق كل ما تقدم فإن هذه المسيرات الشعبية والسلمية أطلقت النقاش بين قطاعات من الشباب الفلسطيني، حول أشكال الكفاح الممكنة والمناسبة، والأكثر جدوى، على رغم أن المشكلة في هذه المناقشات أن ثمة قطاع من الشباب ما زال يظنّ أن شعب فلسطين هو محور العالم، أو أن قضيته، العادلة والمشروعة، تشغل العالم، أو ينبغي أن تشغله عن كل مشاغله ومشكلاته. فضلاً عن هذا وذاك، فإن معظم الفلسطينيين، بغض النظر عن وجهة نظرهم، ما زالوا يميلون في مناقشاتهم العقيمة، التي اعتادوا عليها، إلى التمترس وراء مواقفهم المسبقة والمغلقة، وكأنهم يمتلكون ترف المفاضلة بين شكل نضالي وآخر، لا سيما بتجاهلهم قوة إسرائيل، في خضم مبالغاتهم بقدراتهم، أو توهمهم بأنهم “شعب الجبارين” حقاً، وخصوصاً مع تجاهلهم المعطيات العربية والدولية التي تثقل عليهم أو تقّيدهم.

المشكلة الأكبر هنا أن أصحاب وجهة نظر العمل المسلح، كطريق وحيد للكفاح، يتحدثون كمن يمتلك جيوشاً وترسانات من الأسلحة والذخائر، أو كأن ثمة قوة عظمى تقف خلفهم، وأنهم في مناقشاتهم يتناسون التجربة السابقة، ولا ينطلقون من العِبَر المستنبطة منها، والتي بينت إخفاق كل الخيارات، سواء الكفاح المسلح أو المفاوضات، لسبب بسيط مفاده أن العالم لا يسمح للفلسطينيين باستثمار أي شكل نضالي، سواء كان مسلحاً أو سلمياً، عسكرياً أو شعبياً، بحسب ما أكدت تجربة أكثر من نصف قرن من عمر الحركة الوطنية الفلسطينية.

طبعاً لا حاجة إلى القول هنا إن الفلسطينيين لا يحتاجون إلى الإثبات لأنفسهم أو للعالم، أنهم شعب شجاع ومستعد للتضحية في سبيل حقوقه، ولا أحد من حقه مطالبتهم بذلك، لأنهم أثبتوا ذلك مراراً، وبثمن باهظ، طوال قرن من الصراع ضد المشروع الاستيطاني الصهيوني وضد إسرائيل، لكنهم في حاجة إلى الإثبات لأنفسهم وللعالم، أنهم شعب يستطيع بناء ذاته، وتنمية كياناته، واستثمار موارده، وإدارة صراعه بطريقة عقلانية، تجنّبه البطش الإسرائيلي، ولا تهدر تضحياته سدى.

وللتذكير فإن فكرة الكفاح المسلح في البداية، أي عند انطلاق الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، في منتصف الستينيات، لم تكن مقدسة أصلاً، بل خضعت للجدال والفحص بل وللسؤال وللتشكيك، أي أنها لم تكن موضع إجماع.

ففي حينه ارتكز الكفاح المسلح عند “فتح” على فكرة “التوريط الواعي” للأنظمة، أو للجيوش العربية، عبر قيام الفدائيين بعمليات تحرك الجبهات العربية، من خلال الفعل ورد الفعل (وطبعاً هذه فكرة ساذجة ولم تثبت صحتها، وتم دفع ثمنها غالياً، فهذه الأنظمة حارسة لإسرائيل مباشرة أو مداورة). وكانت “فتح” تعتقد أن الجيوش العربية هي التي ستحرر فلسطين، وليس الكفاح المسلح الفلسطيني وحده. في المقابل، فإن حركة القوميين العرب وجماعة الإخوان المسلمين (الفرع الفلسطيني)، كانتا ضد الكفاح المسلح، الذي كانت أطلقته “حركة فتح”، واعتبرت الأولى أن ذلك سيورّط الأنظمة التقدمية (نظام عبد الناصر مثلاً)، فيما رأت الثانية أن الأولوية للجهاد الأكبر وليس للجهاد الأصغر (الصراع ضد العدو)، ما فتح المجال واسعاً كي تكون “فتح” هي الطرف المبادر، وتالياً الطرف الذي يحظى بالتفاف الفلسطينيين، لا سيما بعد معركة الكرامة (1968).

أما بعد ذلك، وكما بات معلوماً، انبثقت “الجبهة الشعبية” من رحم حركة القوميين العرب، متبنّية الكفاح المسلح (وخطف الطائرات)، وبدأت أفكار جديدة تظهر تعتبر حرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد، طريقاً لتحرير فلسطين أو طريقاً وحيداً، أو حتمياً، للتحرير، في مزايدة من كل الفصائل التي لا تملك سوى أسلحة فردية، في مواجهة جيش إسرائيل، ومن دون غطاء عربي. بعدها، أيضاً، ظهرت “حماس”، مع الانتفاضة الأولى (1987- 1993) من رحم حركة الإخوان المسلمين، ووصلنا إلى العمليات التفجيرية (مع حركة الجهاد الاسلامي).

عدا عن كل ما تقدم، فإن ما ينبغي الانتباه إليه أن ثمة حقيقة غائبة، أو مسكوت عنها، مفادها أن الكفاح المسلح أدى دوره، في استنهاض الشعب الفلسطيني وتعزيز هويته والاعتراف بكيانه الرمزي منظمة التحرير عربياً ودولياً،حتى عام 1974. أما بعد ذلك فلم يحدث أي جديد، سوى استنزاف الحركة الوطنية الفلسطينية (وضمن ذلك تورطها في الحرب الأهلية اللبنانية)، وتآكل إنجازاتها الوطنية، حتى جاءت الانتفاضة الأولى، التي ذكرناها، والتي كانت بمثابة الشكل الأنسب والأجدى لظروف كفاح الفلسطينيين، على المدى الطويل، وإلى حين توافر الظروف الدولية والعربية المواتية والتي تسمح للفلسطينيين باستثمار كفاحهم وتضحياتهم.

أصحاب دعوات الكفاح المسلح، يرفضون أن يدخلوا في إدراكاتهم تغير العالم، وتغير الأنظمة العربية التي اتكأت عليه، ووظفته بحسب أجنداتها الخاصة، وأن هذا العمل يتطلب دعماً مستمراً من أنظمة معينة، وأن ذلك يقود أو يفضي إلى الارتهان والتبعية لأجندة هذه الأنظمة، إضافة إلى أنه يدخل الفلسطينيين في مواجهات أعلى من قدرتهم على التحمل، ولمصلحة أجندات خارجية، ويسهّل لإسرائيل البطش به، كما حصل مراراً، أي أن للأمر أثمانه الباهظة، وأنه ليس ترفاً ولا مجرد شعار لنتحلى أو نتسلى به.

وباختصار فإن أكثر شيء أثبت جدواه في تجربتنا الوطنية هو النضال وفق نمط الانتفاضة الشعبية الأولى (وليس الثانية). وعموماً ففي الكفاح الشعبي يتم الاعتماد على إمكانات الشعب لا على الخارج، ويتم على أساس قدرة الشعب على التحمل، لا بحسب الأهواء والأجندات الخارجية ويتم تحييد استخدام القوة المفرطة لجيش إسرائيل أو تقييده، لا تسهيل ذلك، كما يتم حشد طاقات الشعب وتعزيز وحدته ومشاركته بدل جعل النضال حكراً على الفصائل.

وقصارى القول، ففي الكفاح الشعبي السلمي لا يمكن تحرير ولو شبر من فلسطين، وهذا صحيح، لكن ذلك لم يستطع الكفاح المسلح تحقيقه، أيضاً، لكن في الشكل الأول يمكن تجنيب الشعب دفع الأثمان الباهظة، وتنمية كياناته، والاستثمار في إثارة التناقضات في المجتمع الإسرائيلي، وتعزيز التعاطف الدولي مع قضية فلسطين. أي أنه في الحالين، كفاح مسلح أو كفاح سلمي، فإن الفلسطينيين غير مسموح لهم، على الأرجح، بتحقيق أي إنجازات وطنية لا تريدها إسرائيل، وهذا سيبقى قائماً إلى حين تغير المعادلات العربية والدولية الممالئة لإسرائيل، لذا فإلى حينه الأجدى استمرار العملية النضالية ضد إسرائيل، وفق مستويات تمكّن من بناء المجتمع الفلسطيني وتنمية موارده البشرية وتعزيز مؤسساته، بدلاً من القيام بعكس كل ذلك.

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 27.03.2024

“بنك عودة” في قبضة الرقابة السويسرية… فما هو مصدر الـ 20 مليون دولار التي وفّرها في سويسرا؟

في الوقت الذي لم ينكشف فيه اسم السياسي الذي قام بتحويل مالي مشبوه إلى حساب مسؤول لبناني رفيع المستوى، والذي امتنع بنك عودة سويسرا عن ابلاغ "مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال" عنه، وهو ما ذكره بيان هيئة الرقابة على سوق المال في سويسرا "فينما" (FINMA)، تساءل خبراء عن مصدر أكثر من 20 مليون دولار التي…