fbpx

قصة الحب المريضة بين اليمين الأوروبي المتطرف وبشار الأسد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

في السنوات الأخيرة، أصبح الأسد مُقرباً من محبي اليمين المتطرف في أوروبا، خصوصاً منذ أن أرسلت روسيا سلاحها الجوي إلى سوريا عام 2015 للمساعدة في قلب زخم الحرب لمصلحة الأسد. لقد سارع المتطرفون اليمينيون في ألمانيا وأماكن أخرى من العالم بكل حماسة إلى السفر إلى دمشق، ومصافحة حفنة من المسؤولين الموالين للنظام، وبث فيديو لحوض حمام السباحة الموجود على سطح الفندق. وكان فتى الملصق السابق لجناح الشباب للجبهة الوطنية فخوراً بأخذ صورة سيلفي مع الأسد. وفور عودة وفد الحزب الألماني إلى بلاده ، تفاخر أحد المشاركين في هذا الوفد قائلاً، “ذهبنا إلى هناك لنتعرف بأنفسنا”، على الدكتاتور المستبد، “الذي يغضب منه الجميع”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يقوم سياسيو اليمين المتطرف والنازيون الجدد برحلات إلى سوريا، زاعمين أن الأوضاع أصبحت آمنة لعودة اللاجئين، ويكيلون المديح للدكتاتور القاتل بشار الأسد.

مهند مالك مهاجر سوري وعالم يقضي أوقاته في أبحاث علم الأحياء الخلوية والسرطان في برلين. وهو أيضاً واحد من سوريين كثيرين في ألمانيا يرفعون أدلة على وسائل التواصل الاجتماعي لإثبات أنهم يدفعون ثمن القهوة الخاصة بهم.

الشهر الماضي، سافرت مجموعة من السياسيين الألمان من “حزب البديل من أجل ألمانيا”، AFD، اليميني المتطرف إلى سوريا في جولة منسقة لتقصي الحقائق، في محاولة لتصوير الأوضاع وكأنها آمنة بما فيه الكفاية بالنسبة إلى اللاجئين، بهدف إعادتهم إلى سوريا قسراً. داخل مقهى في مدينة حمص الخاضعة لسيطرة الحكومة، جلست المجموعة حول مائدة عليها أكواب كبيرة من عصير البرتقال، ونشروا هذا المشهد على موقع “فيسبوك”، شاكين أنهم كان عليهم أن يدفعوا ثمن مشروباتهم، على عكس ما يُقال أن “اللاجئين من حمص يشربون القهوة في برلين على حساب دافع الضرائب الألماني”.

يقول مالك معلقاً على منشور عصير البرتقال: “إنه أمر محبط، لأن كريستيان بلكس، المُشرع الإقليمي لـ”حزب البديل من أجل ألمانيا”، AFD، الذي نظم الرحلة، يُظهِر نصف الحقيقة”، وأضاف: “له الحق في إبداء رأيه، إذا كنت خائفاً من اللاجئين، قل ذلك، ولكن لا تظهر خلاف الحقيقة”.

أقام السياسيون الألمان في المدن التي تسيطر عليها الحكومة ولم يذكروا أصوات الطائرات المقاتلة والقذائف التي تقصف بها قوات الأسد منطقة قريبة، التي توصف بأنها “جحيم على الأرض”. وقد اتهمت منظمات المراقبة الدولية والأمم المتحدة الزعيم السوري باستخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين، في حرب استمرت سبع سنوات أودت بحياة نصف مليون سوري وأرسلت ملايين آخرين إلى خارج البلاد. وحذرت الأمم المتحدة هذا الشهر من أن النظام السوري وحلفاءه الأجانب كانوا يخططون مرة أخرى “لكارثة كبرى”.

في السنوات الأخيرة، أصبح الأسد مُقرباً من محبي اليمين المتطرف في أوروبا، خصوصاً منذ أن أرسلت روسيا سلاحها الجوي إلى سوريا عام 2015 للمساعدة في قلب زخم الحرب لمصلحة الأسد. لقد سارع المتطرفون اليمينيون في ألمانيا وأماكن أخرى من العالم بكل حماسة إلى السفر إلى دمشق، ومصافحة حفنة من المسؤولين الموالين للنظام، وبث فيديو لحوض حمام السباحة الموجود على سطح الفندق. وكان فتى الملصق السابق لجناح الشباب للجبهة الوطنية فخوراً بأخذ صورة سيلفي مع الأسد. وفور عودة وفد الحزب الألماني إلى بلاده ، تفاخر أحد المشاركين في هذا الوفد قائلاً، “ذهبنا إلى هناك لنتعرف بأنفسنا” على الدكتاتور المستبد “الذي يغضب منه الجميع”.

وفي الوقت ذاته، وفي مكان بعيد، صاح المتعصبون البيض في الولايات المتحدة باسم الأسد في مدينة شارلوتسفيل الصيف الماضي، بينما تفاخر النازيون الجدد في اليونان بأنهم كانوا يتدربون للذهاب والقتال إلى جانب قوات الأسد.

إذا كان هؤلاء الرجال، الذين يثنون على قيادة الأسد المنفتحة بينما ينكرون المؤسسات الديموقراطية في بلدانهم، يعتقدون أن دعوة رسمية من “حزب البعث” المنتمي للنظام هي دليل على نوع من الروابط الخاصة، إذاً فإنهم مخطئون. وقال رضوان زيادة، معارض سوري وزميل في معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم لصحيفة “ديلي بيست”، “أعتقد أن حكومة الأسد تريد دائماً كسر العزلة والبعث برسالة تفيد بأنها تجتمع مع البرلمانيين الأوروبيين، بغض النظر عن انتماءاتهم الخاصة”.

إلا أن كل ما يهتم به نظام الأسد هو خوف اليمين المتطرف وكرهه اللاجئين، الذين يحاولون مغادرة سوريا إلى أوروبا أو الولايات المتحدة. وتعتبر حكومة الأسد كل من يعارض حكمها إرهابياً ويشمل ذلك اللاجئين.

رأى نادر هاشمي، مدير مركز “دراسات الشرق الأوسط في جامعة دنفر”، أنه “من المُحرِج للغاية أن يحكم الأسد بلداً هجره 60 في المئة من السكان”. وأضاف: “ولكي يعترف بفوزه في الحرب، وكونه الحاكم الشرعي لسوريا، عليه أن يُشجع الناس على العودة إلى البلاد”.

انظروا إلى الأحزاب السياسية اليمينية في أوروبا، التي جعلت الخطابات المناهضة للاجئين منصة لبرامجها لا سيما في ألمانيا، حيث فتحت المستشارة أنغيلا مركل الحدود عام 2015 أمام آلاف اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل في المجر.

إن آخر النقاط التي تناولها اليمين المتطرف الكاره الأجانب، بينما تتقدم قوات الأسد على الأرض، هي فكرة الإعادة القسرية. عُرضت هذه الفكرة بشكل كامل في مؤتمر صحفي، إذ أراد وفد بلكس من “حزب البديل من أجل ألمانيا” مشاركة انطباعاتهم عن رحلتهم إلى سوريا التي مزقتها الحرب. فحاول بلكس، ذو القامة القصيرة والنظارة الطبية والمكروه من قبل رفقائه في الحزب، لتملقه المخزي، القول إن ترحيل اللاجئين إلى سوريا سيكون أكثر إنسانية من السماح لهم بالبقاء في أوروبا.

وبصرف النظر عن منشوراته حول شراء القهوة وما تبدو عليه النساء في دمشق حيث قال “الجينز الأزرق بدلاً من النقاب الأسود”، أثار بلكس ضجة عندما نشر صورة له مع مفتي سوريا أحمد بدر الدين حسون، الذي كان هدد أوروبا والولايات المتحدة ذات مرة بالانتحاريين. وبحسب ما ورد، أخبر حسون السياسيين الألمان أن السوريين في ألمانيا يجب أن يعودوا إلى ديارهم. وكتب بلكس: “مركل، عليكِ دعوته”.

وجد بلكس، البالغ من العمر 43 عاماً والذي كان أيضاً في شبه جزيرة القرم- التي ضمتها روسيا- الشهر الماضي لمناقشة رفع العقوبات، جولته في مدينة دمشق الداخلية على عكس ضواحيها المدمرة، مليئة باللحظات الإيجابية. وصرّح بلكس لصحيفة “ديلي بيست”، “اعتقد أن كثير من الطلبات لأخذ صور سيلفي كانت ودية”، أردف، “لقد جاء الناس إلينا وطلبوا أخذ صور سيلفي”.

كان هارالد وييل الذي كان أيضاً عضواً في وفد بلكس إلى سوريا، واستشهد، وكان يبلغ من العمر 58 سنة، بحظر السفر الذي فرضه دونالد ترامب على اللاجئين السوريين كدليل على أن الحرب لم تعد تشكل تهديداً. وقال وييل لصحيفة “ديلي بيست”، “أميركا تقول إن سوريا آمنة”. لقد قرأ ذلك على حساب ترامب في موقع “تويتر”، وأكد أن بلكس أخبره بذلك أيضاً.

حين كان شاباً، أراد وييل الانضمام إلى الجيش، حيث الخدمة العسكرية في عائلته، فهو ابن لجندي أميركي أسود وحفيد جندي من لوفتوافا، وبدلاً من ذلك، انتهى به المطاف إلى الانضمام إلى حزب يكون أنصاره في غاية السعادة عندما يصعد وييل، الخبير الاقتصادي الذي نشأ في منطقة جبلية في غرب ألمانيا، على خشبة المسرح ويقول نكتة عن كون لون بشرته خداع بصري.

ويرفض وييل السياسيين الألمان الآخرين الذين ينتقدونه هو وزملائه بسبب مغازلة نظام الأسد، إذ قال المتحدث باسم “حزب الخضر”، “إن مستضيفهم كان يُلقي القنابل على الأطفال على بعد أقل من 15 كيلومتراً”. لا يشكك وييل بالضرورة في هذه الحقائق – يُشير إلى أساليب التعذيب الوحشية للأسد باسم أدوات للتجارة- ولكنه منفتح على الحقائق البديلة أيضاً، وسأل “من ستصدق؟”، مؤكداً أن السياسيين الألمان المناهضين للأسد هم فقط “يسبحون مع التيار السائد”.

إن بلكس ووييل وجميع أعضاء “حزب البديل من أجل ألمانيا”، AFD،  ليسوا الوحيدين الذين يحاولون رسم منطقة الحرب في سوريا كجنّة. عام 2016، شقّ وفد من تحالف السلام والحرية- وهو حزب سياسي أوروبي مؤلف من النازيين والفاشيين ومنكري المحرقة – طريقه إلى سوريا. لم تكن زيارتهم الأولى، إذ زاروا النوادي الليلية في دمشق بصحبة المترجمين، والتقوا ببعض المسؤولين منهم وزير الإعلام، الذين زعموا في ما بعد أنه أعطاهم قائمة بأسماء جميع الإرهابيين الذين غادروا للذهاب إلى أوروبا.

كان أودو فويغت المقيم في بروكسل كزعيم سابق للحزب الألماني النازي الجديد (الحزب القومي الديموقراطي الألماني) والذي يؤيد موقف روسيا من أوكرانيا، جزءاً من رحلة تحالف السلام والحرية إلى سوريا. وقد أشاد فويغت بهتلر في وقت سابق بأنه رجل دولة عظيم. وعاد من دمشق عام 2016 ليعلن أنه “لم يلاحظ أي ظلم”، مضيفًا أنه “لا يوجد سبب للفرار”.

والآن يستهجن زميل فويغت فلوريان شتاين من “حزب البديل من أجل ألمانيا”، الذي كان قد انزعج سابقاً من “الحزب القومي الديموقراطي الألماني” لانتهاجه أسلوب اليمين المتطرف الخطير، وهو الآن يقوم بما قام به “الحزب الوطني الديموقراطي” من قبل. ومع ذلك أصرّ شتاين على أنه في الواقع “نحن في الحزب الوطني الديموقراطي دائماً على اطلاع على ما يخطط له أمثال بلكس ورفاقه السياسيون”.

لقد كاد “الحزب القومي الديموقراطي الألماني” يحظر في ألمانيا العام الماضي بسبب وضعه الديمقراطية في خطر، إذ يريد الحزب إقامة دولة عرقية قومية متسلطة، ولكن بعد ذلك قيل إنه فقد شعبيته إلى حد جعله لا يشكل خطراً حقيقياً. إن التفكير في الشعارات التي تتسم بشدة كراهية الأجانب أكثر من شعارات “حزب البديل من أجل ألمانيا”، من دون خرق قوانين خطاب الكراهية، أمر صعب.

قال شتاين مازحاً، “في سوريا، يمكنك التعبير عن رأيك بحرية أكبر من ألمانيا”.

هذا الموضوع تم اعداده وترجمته عن موقع The Daily Beast لمراجعة المقال الاصلي زوروا الرابط التالي.