fbpx

عراقيات “بناتك يا وطن” هتفن: “لا مو عورة صوتج ثورة”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

انتزعت العراقيات الساحات، تماماً كما فعلن منذ اليوم الأول للثورة. لم تردعهن دعوات الفصل بين النساء والرجال في التظاهرات التي جاءت على لسان بعض الشخصيّات الدينيّة، فملأن الشوارع وهتفن بأعلى الصوت: “إنتِ الثورة وهم العورة!”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بناتَك يا وطن. بنات الثورة والحريّة، لا المدرسة الميليشيويّة، لا السفارة الإيرانيّة، ولا السفارة الأميركيّة. هذه هي الصورة التي نقلتها “بنات الوطن” من مسيراتهنّ النسويّة التي جابت مدن العراق. 

لم تقتصر مسيراتهنّ على بغداد، بل طالت محافظاتٍ أخرى في وسط العراق وجنوبه، كبابل وميسان وذي قار والنجف والبصرة. 

لم يرتعدن من كلمة “نسويّة” ولم يعقّدنها كثيراً. المهمّ أنهنّ “طالعات”، “نازلات”، “متظاهرات”، لأجل مستقبلهنّ و”لمساندة إخوانهنّ”. والأهم أنّها ليست المرّة الأولى التي يتحرّكن فيها أو يحتللن المساحات العامة لإعلاء أصواتهنّ ومطالبهنّ، ولن تكون الأخيرة. فنساء العراق يناضلن لانتزاع حقوقهنّ في العدالة والمساواة منذ عقود، وافترشن الشوارع ليلاً ونهاراً في تحدٍّ واضح لكل الأقاويل المسيئة والمخاطر المحتملة على سلامتهنّ، وكنّ في طليعة الاحتجاجات الأخيرة وفي صميمها منذ اندلاعها في تشرين الأوّل/أكتوبر 2019. 

ولكن، ما الذي ميّز مسيرات يوم الخميس؟

)

وفاء للراحلات

آلاف النساء من مناطق وتيّارات فكريّة مختلفة شاركن في مسيرات حاشدة في شوراع العراق، وليس فئة واحدة منهنّ. لبّين دعوة ثائرات ساحة التحرير اللواتي أعلنّ عن المسيرات في بيان صدر مساء يوم الاثنين عن “اللّجنة المنظّمة لتظاهرات ثورة تشرين” التي دعت إلى تخليد ذكرى القتلى الذين فاق عددهم الـ 500 منذ اندلاع الانتفاضة، وتجديد الوفاء للراحلات سارة طالب، وهدى خضير، وجنان الشحماني، وزهراء القره لوسي وغيرهنّ من اللواتي اغتالتهنّ عناصر مسلّحة عراقيّة وخطفتهنّ واعتقلتهنّ ووجّهت تهماً بائسة ورخيصة وذكوريّة ضدهنّ. وقد أشارات مُناشَدات العراقيّين على مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيّام إلى اختفاء أسماء سمير، اسمٌ جديد يُخشى أن يُضاف إلى لائحة “المخفيّين قسراً” على يد قوى أمنية أو ميليشيويّة، والتي سبق أن نجت منها ناشطات ومسعفات عراقيّات كثيرات، من بينهنّ صبا المهدي وماري محمد.

من حماية أبويّة إلى حماية مشتركة

يتّضح في المسيرات النسويّة كيف استطاعت العراقيّات تحويل مبدأ الحماية الأبويّة إلى حماية تشاركيّة ومتبادلة بين النساء والرجال. منهنّ من قلن إنهنّ يساندن إخوانهنّ العراقيّين في الساحة منذ الأيام الأولى للانتفاضة، وأنّ إخوانهنّ اليوم يردّون الجميل. ومنهنّ من شكرن الرجال على الحاجز البشري الذي شكّلوه لحماية النساء المتظاهرات من أي اعتداء مُحتمل من مناصري مقتدى الصدر وعناصر وحدات الحشد الشعبي. وقد يكون حاجز كهذا مطلوباً في أوضاع حرجة ودقيقة كالأوضاع التي يشهدها العراق، وفي ظلّ عقليّة مأزومة غير متقبّلة لوجود النساء في الشارع، وقد جاء أجمل ردّ عليها على لافتة حملتها متظاهرة كُتب عليها، “فصلُ الدين عن الدولة أفضل بكثير من فصل الذكور عن الإناث!”. 

ما قامت به النساء اليوم، بحسب صالحي، “شكّل تحدّياً واضحاً لرغبة السلطات والجهات المسلّحة وبعض الشخصيات الدينيّة في إبقاء الوضع على ما هو عليه راهنًا”.

وفي تعليق لـ”درج”، قالت راز صالحي، الباحثة المتخصّصة في الشؤون العراقيّة في منظمة العفو الدوليّة، إنّ مشاركة النساء الحاشدة في المسيرات النسويّة كأنّها أرادت بتوقيتها القول إنّ “دعوات الفصل بين النساء والرجال في التظاهرات التي جاءت على لسان بعض الشخصيّات الدينيّة في العراق لا يجب هي أن تكون ما يُقلق السلطات في العراق”. وأضافت صالحي، “النساء اليوم “لا يشاركن” في التظاهرات. النساء شكّلن جزءاً أساسيّاً منها منذ اليوم الأوّل”.  

مطالب النساء هي مطالب الثورة

صحيح أن النساء سعين عبر مسيراتهنّ وهتافاتهنّ إلى تقوية الموقف المناهض للحملات الذكوريّة الموجّهة ضد القياديّات في الساحات ولأصحابها الكارهين للنساء في العراق، وداخل إيران أيضاً، لكنهنّ ركّزن في يومهنّ على مطالب العراقيّين المعيشيّة والاقتصاديّة، وعبّرن عن رفض الشعب العراقي لعودة الطاقم السياسي نفسه وتعيين وزير الاتّصالات السابق، محمد توفيق علّاوي، رئيساً للحكومة، ونقلن حلم الشعب ببناء دولة غير قائمة على المحاصصة الطائفيّة وسياسات الفساد، وبتعزيز حق النساء في تشريعات عادلة ترتقي إلى مستوى تضحياتهنّ وتضع حدّاً للعنف الموجّه ضدهنّ. 

لم تعلن النساء عن أجندة جديدة ولم يسعين إلى الترويج لطروحات خارجة عن المألوف. فقد وضعن إمكاناتهنّ وأذهانهنّ وحناجرهنّ في خدمة رسالة واحدة هي وجوب أن تعطي أي سلطة سياسيّة جديدة الأولويّة لظروف العراقيّين المعيشيّة وحقوقهم الأساسيّة. 

ما قامت به النساء اليوم، بحسب صالحي، “شكّل تحدّياً واضحاً لرغبة السلطات والجهات المسلّحة والشخصيّات الدينيّة في إبقاء الوضع على ما هو عليه راهنًا”.