fbpx

قصة “خيانة” معلنة في الدوحة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

رئيس جهاز “موساد” يوسي كوهين، وقائد الجبهة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي زارا مطلع هذا الشهر العاصمة القطرية الدوحة والتقيا مستشار الأمن القومي القطري محمد بن أحمد المسند ورئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة (أمان) محمد العمادي، وطلبا منهما مواصلة تمويل حكومة حماس في غزة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الخبر شديد الشفافية، وتمت مقاطعته مع أكثر من مصدر ولم تنفه أي جهة معنية به! رئيس جهاز “موساد” يوسي كوهين، وقائد الجبهة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي زارا مطلع هذا الشهر العاصمة القطرية الدوحة والتقيا مستشار الأمن القومي القطري محمد بن أحمد المسند ورئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة (أمان) محمد العمادي، وطلبا منهما مواصلة تمويل حكومة حماس في غزة. هذا الخبر نقله موقع “واللا” الإسرائيلي المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ونقلته عن الموقع كبريات الصحف الإسرائيلية وعلى رأسها “هآرتس”.

يعيدنا هذا الخبر الشفاف إلى مربع في نقاش القضية الفلسطينية كنا شعرنا بأن الوقائع قد تجاوزته، ويتمثل في الحاجة الإسرائيلية الملحة إلى سلطة حماس في غزة. واليوم وفي ظل مباشرة تل أبيب بخطوات عملية ضمن برنامج “صفقة القرن”، تلوح هذه الحاجة مجدداً. صفقة القرن تفترض موت مدريد وأوسلو، وموتهما يقتضي موت الشريك الفلسطيني. صفقة القرن بدورها، عقدت بين واشنطن وتل أبيب، ولا شريك فلسطينياً فيها. بقاء حماس حاجة ملحة في هذا السياق، ولا بأس ببعض الصواريخ على المستعمرات القريبة لتثبيت حكم هذا الشريك. وخبر زيارة الدوحة ليس سوى قرينة عابرة في سياق طويل من تجديد إسرائيل “شرعية المقاومة” في القطاع.


رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة (أمان) محمد العمادي

يجب أن تبقى سلطة حماس في غزة. ويجب أن يتواصل حصار القطاع، وأن تبقى قنواته مقطوعة مع رام الله. لا بأس ببعض الأنفاق في رفح لمد السكان بالحد الأدنى من أسباب الحياة، ولا بأس ببعض الأسلحة التي تتيح لـ”المقاومة” مواصلة استعراضات لا تهدد شيئاً في إسرائيل. قطر خير من يتولى هذه المهمة. قطر الوسيط الاخواني بين “المقاومة” وواشنطن وتل أبيب، يمكنها أن تؤسس لنفسها قناة موازية للقناة الخليجية المفتوحة على صفقة القرن. فالدوحة لطالما سعت وراء مهمات من هذا النوع. هي نفسها من يتولى اليوم تصريف حاجات طهران الديبلوماسية في واشنطن. سفيرها هناك ينقل الرسائل ويسعى إلى فتح قناة مفاوضة بين الولايات المتحدة وإيران في ظل اختناق العلاقة على كل المستويات.

في اللحظة القطرية ينتقل النقاش مع خطاب الممانعة إلى مستوى من “الواقعية” تذوب معه الفروق الأيديولوجية. طهران تفاوض واشنطن على تخفيض منسوب العقوبات بعيداً من لغة المواجهة التي تفرضها على بؤر نفوذها في لبنان والعراق واليمن، وحماس تتلقى هدايا تل أبيب للبقاء على رأس القطاع وعلى أنفاس أهله. الاخوان المسلمون يتحولون إلى براغماتيين مستعدين للذهاب في مرونتهم إلى أقصاها، و”حزب الله” يستعيد حبه لأمير قطر ويعيد النظر في تسميته قناة “الجزيرة” بالخنزيرة! وكل هذا يحصل في ظل غض نظرٍ هائل عن جوهر المهمة الإسرائيلية المتمثلة بتأمين شروط إنجاح الصفقة الكبرى التي ستأتي على ما تبقى من “القضية المركزية”!

لا صفقة قرن من دون بقاء حماس على رأس كانتون غزة، تماماً مثلما لا صفقة قرنٍ من دون عدو محاصر مثل إيران، ومن دون رعاية طرفي الانقسام الخليجي.

وهنا يلوح بعد جديد في هذه الدوامة، ويتمثل بملاقاة الدوحة للرياض وأبو ظبي خلال مهمتهما المتمثلة في تأمين شروط إنجاح صفقة كوشنير ونتانياهو. فالسعي الخليجي لبلورة “شريك فلسطيني” من خارج سلطة رام الله، يتعزز هنا في إبقاء الخصم الداخلي (حماس) على قيد الحياة. أبو ظبي تشتغل على تظهير محمد الدحلان كبديل ووريث لمحمود عباس، والدوحة تمد حماس بمزيد من الأوكسيجين، ويحصل ذلك برعاية كاملة من واشنطن وتل أبيب. وطبعاً سيكون الثمن ما تبقى من القضية الفلسطينية.

لا صفقة قرن من دون بقاء حماس على رأس كانتون غزة، تماماً مثلما لا صفقة قرنٍ من دون عدو محاصر مثل إيران، ومن دون رعاية طرفي الانقسام الخليجي. توجه رئيس الموساد إلى الدوحة والطلب منها مواصلة مد سلطة حماس بأسباب “الصمود” لا يمكن أن يفهم إلا في هذا السياق. ولا بأس بفتح المجال لطائرة المندوب القطري محمد العمادي لتحط في مطار بن غوريون في تل أبيب لتنقل حقائب دولارات إلى القطاع، لا سيما أن مصر لا تقبل باستقبالها.

هذه واحدة من قصص تخاذل معلنة على القضية الفلسطينية، والغريب أن وقائعها “الشفافة” وغير القابلة للنفي لم تثر استغراباً أو إدانة، باستثناء “هآرتس”!