fbpx

مناظرة الشيخين الطيّب والخشت: تجديد ديني مضبوط بسقف السلطة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هل هذه مناظرة “جادة” بين تيارين أحدهما علماني والآخر ديني، يتنازعان على مساحات الوسطية التي يعد بها دوماً مشروع “تجديد الخطاب الديني”، أم أنها مجرد مبارزة خارج الحلبة بين طرفين لن يجتمعا في حوار حقيقي حول مسألة “تجديد التراث” المزعومة الذي تشبه الـ”كليشيه”؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أحدثت مناظرة رئيس جامعة القاهرة محمد عثمان الخشت، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، نهاية شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، سجالاً واسعاً، وبدت المناظرة في ثوب الحدث الأبرز، الذي تخطى كل ما دار داخل مؤتمر الأزهر العالمي في نسخته الأخيرة. أثار السجال أسئلة، أكثرها موضوعية، هو، هل هذه مناظرة “جادة” بين تيارين أحدهما علماني والآخر ديني، يتنازعان على مساحات الوسطية التي يعد بها دوماً مشروع “تجديد الخطاب الديني”، أم أنها مجرد مبارزة خارج الحلبة بين طرفين لن يجتمعا في حوار حقيقي حول مسألة “تجديد التراث” المزعومة الذي تشبه الـ”كليشيه”؟ 

خلال المناظرة تحدث الخشت بالاستناد إلى كتابه “نحو تأسيس عصر ديني جديد” عن ضرورة تجديد علم أصول الدين، بالعودة إلى المنابع الصافية للدين، ويقصد “القرآن وما صح من السنة النبوية”. واعتبر أن التجديد يقتضي تغيير طريقة التفكير، وأن الفرق بين الأحكام الثابتة والأحكام المتغيرة، كالفرق بين المحكمات والمتشابهات، والمتشابهات جاءت لأنها تعددية الصنع، والأحكام أكثرها ظني الدلالة وليس قطعياً، حتى تتعدد المعاني، ومن ثم فالصواب ليس واحداً بل متعدد”.

محمد عثمان الخشت

ووصف الخشت واقع العلوم الدينية الحالية بــ”الاستاتيكي الثابت والقائم على الاستنساخ، والغارق في التعريف الاصطلاحي واللغوي للمسائل من دون تحليل علمي، بل استعادة للمعارك كلها، ومعارك “داعش” هي المعارك القديمة نفسها، إذ لا يستطيع الأزهر تجاوزها للولوج في عصر جديد”.

هذه المداخلة التي تبدو مشروعة في وصف حال العلوم الدينية، واجهها شيخ الأزهر بتعالٍ واضح، أظهر خلال رده، الرغبة في وصد باب النقاش أمام “العلمانيين”، فتعامل مع اقتراحات الخشت باعتبارها اتهامات مغلوطة. وقال: “لولا أن كلمتك فيها لغط ما كنت سأساهم بالتعليق عليها، وكنت أتمنى أن تكون ورقتك مُعدة ومدروسة وألا تكون نتيجة تداعٍ”.

وبدت كلمة الطيب خطابية كمن يدافع عن دين الله، لا عن المنهج، واعتبر أن “التجديد مقولة تراثية لا مقولة حداثية، وكل ما يقال عن تجديد الخطاب الديني مزايدة على الأمة!”. هذه الكلمات استدعت تصفيقاً حاراً بين جمهور الأزهريين الغفير في القاعة.

شيخ الأزهر حاول تحميل كلمته برسائل، قد تكون موجهة للرئيس المصري الحالي، إذ قال: “الفتنة ليست فتنة تراثية إنما فتنة سياسية، السياسة تختطف الدين اختطافاً، حين يريدون أن يحققوا هدفاً لا يرضاه الدين، فالسياسيون كالمستعمرين يختطفون الدين ليحققوا مصالح ينهى عنها الدين”.

اعتبر الخشت أن التجديد يقتضي تغيير طريقة التفكير، وأن الفرق بين الأحكام الثابتة والأحكام المتغيرة، كالفرق بين المحكمات والمتشابهات.

هذه المناظرة تُذكر بمناظرة فرج فودة مع مرشد الإخوان مأمون الهضيبي، والشيخ محمد الغزالي، في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 1992، بعنوان: “مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية”، هذه المناظرة بدأت وانتهت بهتافات “الله أكبر ولله الحمد”، للتشويش على كلمة فرج فودة وهو يدعو إلى التفريق بين الدين والسياسة، لأن الدولة الدينية لا تقدم برنامجاً سياسياً للحكم، بقدر ما تهتم بالشعارات الفضفاضة.

وقتها رد الغزالي على كلمة فرج فودة بتعالٍ واضح، يشبه تعالي الطيب على الخشت، وقال الغزالي: “لا تريدون حكومة دينية، إذاً ماذا تريدون، حكومة بوذية؟ هندوسية؟ صليبية؟ ما هذا الحقد الغريب على الإسلام والحقد الغريب على الله ورسوله؟”.

وفي المناظرة ذاتها، قال الهضيبي رداً على فرج فودة، “إما أن تكون مسلماً منصاعاً لما يقوله القرآن والسنة، وإما ألا تكون مسلماً. أنتم لا ترتضون بالإسلام ديناً هل تريدونه علمانية وعقلية؟ هل على المسلمين ترك الإسلام أم تريدون أن تصبح مصر بوذية أو هندوسية أو يهودية؟”.

في المقارنة بين المناظرتين، يبدو بمنتهى الوضوح أن الخطاب بين العلمانيين والإسلامين ما زال عصياً، يلوح خلاله الإسلاميون بالخصومة الواضحة لفصيل العلمانيين. وهذا التلويح غير بريء، إنه تلويح بالاتهامات التي تنال من العقيدة، ما يطيح بسهولة بالرقاب.

بين المناظرات وفرض القانون؟

في كتابه “الإسلام والعلمانية” تطرق الكاتب الفرنسي أوليفييه روا، إلى مسألة العلمانية في الدولة، متى تنشأ؟ وكيف؟ وهل تأتي نتاج حوار مجتمعي؟ أم تفرضها الدولة. يقول: “تنشأ العلمانية بمرسوم تصدره الدولة التي تنظم المجال العام غير أنها لا تنبذ الديني بالضرورة في القطاع الخاص، بخلاف ما تفيد به أسطورة شائعة، والأحرى أنها تُعَيّن (العلمانية)، إنها خيار سياسي يحدد بأسلوب سلطوي وقانوني مكان الديني”.

شيخ الأزهر أحمد الطيب

واعتبر روا أن مسألة العلمانية هي قضية الفصل بين الدائرة الدينية والدائرة السياسية على صعيد المجتمع بالطبع، ليس على المؤمن أن يفصل بين الاثنين: إن ضميره هو الذي يملي عليه مكان كل من النظامين. وليس الدين هو الذي يحدد ما يتعلق بالديني، بل القانون هو محدد ما يخص العلمانية، والمجتمع في ما يدخل في نطاق الأمور الدنيوية. وتكمن المشكلة في معرفة كيف يعيد الدين تعريف نفسه، في مواجهة هذا التغير الحاصل في المجال الاجتماعي والسياسي: كيف يتكيف معه، وكيف يواجهه أو كيف يخلق مجاله الخاص؟

في ندوة عقدت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020 للكاتب العراقي خزعل الماجدي، لم يُسلَّط الضوء عليها، على رغم جدية الطرح في مسألة تجديد الخطاب الديني، قال الماجدي: “لا ضرورة لتجديد الخطاب الديني، ولا ضرورة للإصلاح الديني، على الدين أن يخضع للقانون وأن يترك ما لا يعنيه. هذه المحاولات إضاعة للوقت في عصر يمر سريعاً ويطالبنا بالإنجاز الحضاري فيه، وليس من المعقول أن نمضي عقوداً في الخطاب والإصلاح. إذاً لنترك الدين عفوياً بسيطاً في حياة الناس، ولنمنع سلطات رجال الدين من التدخل في حياة الناس، لأن الإسلام لا يقبل بالوسيط بين الخالق والمخلوق، وهذه ميزة عظيمة تُحسب له بين أديان العالم كلّها. المؤسسة الدينية لا تريد أن تتخلى عن امتيازاتها الدنيوية وهيمنتها على حياة الناس ورقابهم، ولذلك تجدها ترفض ما أقوله، لكن الزمن يمرّ وستجد نفسها يوماً ما في عزلةٍ، وسيهجرها الناس لأنها لم تشجعهم على اللحاق بالشعوب المتحضرة”.

الباحث والكاتب الصحافي محمد جبريل قال لـ”درج” إن السجال الذي يدار بين شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة في جوهره سجال سياسي، لا فكري. الرئيس دعا إلى مؤتمر تجديد الفكر الديني برئاسة شيخ الأزهر أحمد الطيب، الذي يرى في طرح التجديد الذي تروج له الدولة تعدياً على صلاحية المؤسسة الدينية، وهو عبّر عن ذلك أكثر من مرة، وطالب الدولة بالاهتمام بوظائفها في الاقتصاد والعدالة وترك الشأن الديني لأهله.

هذه المداخلة التي تبدو مشروعة في وصف حال العلوم الدينية، واجهها شيخ الأزهر بتعالٍ واضح، أظهر خلال رده، الرغبة في وصد باب النقاش أمام “العلمانيين”.

واعتبر جبريل أن الطيب افتعل السجال لغرض واحد هو إعلان رفض الأزهر مشروع التجديد السلطوي ككل وتحديه، وهو مشروع تقوم عليه تشكيلة تنقاد وراء مؤسسات الدولة، من ضمنها وزير الأوقاف محمد مختار جمعة (الذي ينبذه الأزهر، وحدث بينه وبين الطيب مشاحنات شهيرة) ورئيس جامعة القاهرة وإعلاميون وكتاب مرتبطون بالسلطة، لذا لم يكن السجال حقيقياً، أو بالأحرى فكرياً. فالطيب واحد من القلائل الذين يدركون طبيعة المشهد السياسي الحالي، ويدرك أن السيسي يريد حشد الأزهر وتجييشه في حربه ضد الإسلام السياسي وفقط، وموضوع التجديد ليس سوى ورقة مزايدة لإجباره على الاصطفاف في الحرب على الإخوان. وهذا أمر واضح للجميع، فوزارة الأوقاف لم تقدم أي مساهمة تجديدية ومع ذلك لم تتعرض للمساءلة السياسية أو الإعلامية حتى.

وأضاف جبريل: “لا أفق لتجديد الفكر/ الخطاب الديني في مصر، والنظام نفسه “أبوي” و”محافظ” لكنه يريد نسخة “غير راديكالية” من الدين (دين منزوع التسيُّس، ويحضُّ على احترام الكبير، وتحديداً رئيس الجمهورية)؛ ومظاهر تديين الدولة التي بدأها السادات ما زالت على حالها، بدءاً من خطابات الرئيس التي تُفتح بالبسملة وحتى حصة البرامج الدينية في الإعلام”.

لا شيء تفعله الدولة في مصر يمكن أخذه على محمل الجد (باستثناء عسكرة الميادين)، ومشروع التجديد مجرد بروباغندا تحاول سحب بساط الشرعية الدينية من تحت أقدام المؤدلجين الإسلاميين. ولو وجدت نية للتجديد لكانت أسست عشرات المعاهد البحثية المتخصصة في علوم التراث، ولكانت هناك مئات البعثات إلى جامعات لندن وأوكسفورد وكولومبيا وغيرها، ولكانت هناك منابر للنشر وتكليف للجامعات بتخصيص الرسائل العلمية في الكليات النظرية لإعادة قراءة التراث، وليس مجرد حملة إعلامية يشارك فيها محمد الباز (إعلامي مصري مقدم برنامج “90 دقيقة”)!

هذا سجال بائس، وبلا جدوى (سوى توسيع هامش استقلال الأزهر عن النظام السياسي المتداعي شعبياً) لكن الأكثر بؤساً هو تداعيات السجال، أو النقاشات التي دارت حوله، والتي تماهت مع خطوط الانقسامات السياسية الحاصلة في البلد، الإسلاميون اصطفوا خلف الطيب، على اعتبار أن عدو عدوي صديقي. العلمانيون المعارضون فعلوا الأمر نفسه وبالمنطق ذاته، العلمانيون (الذين يعتبرون العلمانية مشروعاً له الأولوية في النضال) اصطفوا خلف الخشت. لم يفكر أحد أبعد من ضغوط اللحظة السياسية المضطربة والاستثنائية: أنا نفسي لم أكن استثناءً، ودعمت الطيب. هناك “مسخرة حقيقية” في أن يضطر ماركسي مثلي إلى دعم شيخ الأزهر في مواجهة مشروع تجديد، لكنه بؤس اللحظة.

شيخ الأزهر حاول تحميل كلمته برسائل، قد تكون موجهة للرئيس المصري الحالي، إذ قال: “الفتنة ليست فتنة تراثية إنما فتنة سياسية”.

الباحثة رباب كمال في كتابها “نساء في عرين الأصولية”، سألت: “هل الأزهر فعلاً منبر الوسطية؟ علينا أن نسأل ما الوسطية تحديداً؟ كيف نحكم على شخص بأنه وسطي؟ كيف نحكم على فتوى بأنها وسطية؟ فهل فتوى الأزهر مثلاً بتحريم رياضة “اليوغا” وهي رياضة تأملية من الفتاوى الوسطية؟ ففي أيلول/ سبتمبر 2004 أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى تحرم رياضة اليوغا، معتبرة الأخيرة من أساليب التنسك الهندوسية، ولا يجوز اتخاذها طريقاً للرياضة أو للعبادة. 

وأضافت كمال: “كلمة الوسطية كلمة شديدة الإبهام، عادة تستخدمها السلطة وإعلام السلطة للإشارة إلى المؤسسة الدينية الموالية لها، فالدولة تواجه التيارات الدينية المناهضة لها بالمؤسسة الدينية المؤيدة لها، وتعتبر السلطة أن رجل الدين المؤيد لها رجل دين “وسطي”، طالما أنه يؤيدها ضد الجماعات الدينية المناهضة لها، لذا تمنح الدولة لقب الوسطية للأزهر. بعض المثقفين والساسة يصفون الأزهر بأنه وسطي لأنه كيانٍ غير تنظيمي، على اعتبار أن الجماعات المنظمة غير التابعة مؤسسيّاً للدولة هي وحدها التي تحمل الفكر المتطرف والعنصري، مثل جماعة الإخوان المسلمين والتيارات السلفية، بينما المؤسسة الدينية الحكومية التابعة للدولة لا تحمل أفكاراً عنصرية أو متطرفة، بحسب رؤيتهم، وهي رؤية يشوبها الكثير من اللغط. أما الناس العاديون فيرددون الشعارات ذاتها بحكم ثقافة النقل والتلقين، فإن كانت النخب المتعلمة تتداول هذا الشعار بشكل سطحي، فما بالنا بالعامة؟! 

تعتبر كمال أن “الهجوم الإعلامي على الأزهر هجوم بلا قناعة على ما يبدو، هجوم ممنهج ومدار بخاصة من قنوات رجال الأعمال الموالين للسلطة، وقد وضعت المشادة بين الأزهر والسلطة أوزارها في تموز/ يوليو 2017، حين أعلنت الدولة المصرية في ميزانيتها العامة زيادة ميزانية الأزهر إلى نحو 13 ملياراً، وعادت المواءمات السياسية من جديد حتى موعد المشادات المقبل”.

وقالت كمال: “إن أراد الأزهر الاستقلالية كما يدعي وأراد الخلع؛ فعليه رد حديقة السلطة وهو مبدأ شرعي لربما لا يختلف عليه رجال الأزهر! لكن الأزهر لا يريد الانفصال عن السلطة لأنه يستمد سلطاته الدستورية منها، وهنا فإن ادعاءات بعض الصحافيين بأن الأزهر يواجه السلطة، ادعاءات باطلة، لأن الأزهر جزء من السلطة. وحين واجه السلطة لم يكن بدافع مواجهة الديكتاتورية ولكن بدافع فرض السطوة والسلطة الدينية. ولهذا فإن الإعلام الذي انساق مؤيداً الأزهر، واصفاً إياه بأن له تاريخاً في مناهضة السلطة الغاشمة كان إعلاماً شديد السطحية، لا يختلف عن الإعلام الذي أيد السلطة في وجه الأزهر، من دون أن يتطرق للعلاقة النفعية السياسية بين الدولة والأزهر، وحقيقة الأمر أن الأزهر والدولة المصرية لهما تاريخ طويل في تطبيع العلاقات”.

“إن أراد الأزهر الاستقلالية كما يدعي وأراد الخلع؛ فعليه رد حديقة السلطة وهو مبدأ شرعي لربما لا يختلف عليه رجال الأزهر!”.

الدكتور أحمد الملا مؤلف كتاب “مصر والعروبة”، استقبل موضوع المناظرة، بإحباط شديد على مستويين، الأول لأنه على يقين بأن “الطيب” ممثل قوي للأفكار التقليدية، بينما الخشت ليس ممثلاً طبيعياً لأفكار التنوير، بل هو أقرب لأن يكون ممثلاً لرؤية الدولة الرسمية في المسألة، الرؤية التي هي في الواقع رؤية محافظة أيضاً، وصراعها مع الإسلاميين هو صراع على امتلاك الدين، أكثر ما هو على تطوير التعامل معه بشكل مستنير.

الجانب الثاني المحبط، هو الجانب الخاص بالاستقبال الجماهيري للموضوع، والذي كان واضحاً فيه جداً الاحتفاء الشديد بكلام الشيخ الطيب، والتعامل معه كانتصار للدين، وهو ما يعكس تزايد مساحة الأفكار المحافظة في المجتمع المصري، مع أنها في الأصل أفكار واسعة الانتشار. كما أنه يعكس من ناحية ثانية نوعاً من التمرد ضد الأفكار التي اعتبرها الناس أفكاراً تعبر عن الدولة ورغباتها، لذلك في رأيي الشخصي، ليس للمناظرة فائدة حقيقية، لأنها صراع بين قوتين محافظتين في الجوهر على امتلاك الخطاب الديني، وطبعاً في موقف مثل موقف الشيخ الطيب يصبح أقوى بكثير، لأنه الممثل الأكثر صراحة للتعبير عن الأفكار التقليدية السائدة، ولأنه المعبر عن حس معارض مكبوت لدى ناس، وهذان الأمران يصنعان في العادة شعبية كبيرة. أما بخصوص موضوع الخطاب الديني، فالمطلوب هو الإصلاح الديني الشامل، وهذه مسألة أكبر من قدرات الدولة ورغباتها، لأن هدفها ليس التنوير إنما السيطرة على المجال الديني وتوظيفه بالشكل الملائم لاعتبارات الاصطفاف والحشد الخاصة بها. السجال بين العلمانيين والإسلاميين في مصر سيبقى غير منتج في الظروف الحالية، وسيستمر كمجرد مجموعة شتائم متبادلة، لأن شرط أي حوار بناء في موضوع حساس مثل تجديد الخطاب الديني، هو الحرية.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!