fbpx

حين أذن لي المحقق بكتابة هذا المقال!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مشاعري مرتبكة، لقد دمعت عندما علمت بخبر توقيفي (السياسي-الشخصي غير القانوني)، شعرت بظلمٍ كبير، لا أشعر بشيء سوى بأنني أريد رؤية ريمون أخي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تلقيت خبر توقيفي الآن، كالصاعقة، لكنني لم أُفاجأ عندما علمت بأن القاضية التي أوقفتني هي غادة عون، غادة عون تذكرني جيداً، منذ قضية “مار شربل”، يوم اتخذت قراراً بإيقافي عن “فايسبوك” شهراً، إضافةً إلى قرصنة حسابي، أيضاً بسبب منشور. أكتب هذا المقال وأنا داخل غرفة تحقيقي بعدما أذن لي المحقق بذلك، وعثرت مصادفة على قلم وورقة. كان المحقق من أكروم- عكار ابن منطقتي فجلسنا نتحدث عن الشتاء والبرد القارس والهواء الشمالي.

أكتب هذه الكلمات آملاً بأن تصل مع أخي الذي سيزورني حاملاً الدواء والأكل، إلى ديانا أو حازم حتى تُنشَر في “درج”.

دخلت التحقيق بكل ثقة وراحة بال على غير عادة وكان المحققون لطيفين معي بعكس ما حصل في زيارتي الأولى، والفضل في ذلك بالدرجة الأولى للضغط الذي مارسه شباب الانتفاضة، عدا عن أنهم ربما كانوا مقتنعين بما قلته في التغريدة التي يحققون معي بسببها. كأنهم كانوا واثقين من أنني كنت أدافع عنهم أيضاً وعن عملهم ومعاشاتهم.

لقد رأيت العدالة في النظارة أكثر بكثير من عدالة العدلية والبلد، لدرجة أنني حزنت عندما أخلي سبيلي من دون أن يتسنى لي توديعهم، قالوا لي، “لا تنسَ أن ترسل لنا تحية، وهذه تحية، لزملائي المساجين”.

بعد حين، حاولوا إقناعي مراراً بالتراجع وتوقيع تعهد بعدم التعرض لشربل قرداحي مستشار الوزير السابق جبران باسيل، والذي وجّهت إليه تغريدتي. لكنني رفضت التوقيع، حتى جاء جميع الضباط في الثكنة من خارج مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية أيضاً محاولين إقناعي، لكنه كان نقاشاً بلا نتيجة (هذه تيسنة عكارية بامتياز). “عنيد” قال أحد الضباط لأخي الكبير.

مشاعري مرتبكة. لقد دمعت عندما علمت بخبر توقيفي (السياسي-الشخصي غير القانوني)، شعرت بظلمٍ كبير، لا أشعر بشيء سوى بأنني أريد رؤية ريمون أخي. عندما رأيته من خلف القضبان رأيت الحزن والغضب في عينيه، ولمن لا يعرفه، ريمون ثورة بحد ذاته وهو ملاكي الحارس.

هذه المرة الثالثة التي آتي فيها إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، وفي كل مرة كنت أفكّر بالهجرة من هذه البلاد، تماماً كما قال رئيس الجمهورية ميشال عون، “الّي مش عاجبو يفل”.

يريد العهد والقضاء توقيفي لإسكاتي وتربيتي، لكنهما لا يعلمان أنهما لا يستطيعان إسكات انتفاضة شعبية حررتني البارحة من خلف القضبان وجعلتني أنام مع عائلتي.

المفارقة الكبرى كانت تجربة الزنزانة ولو لفترة قليلة (5 ساعات)، صُدمت لربع ساعة عند دخولي. غرفة من 3 أمتار مربعة، فيها 20 شخصاً. لم أنسجم، ووقفت بجانب الباب على النافذة الصغيرة جداً كي أتنفس، فأنا أعاني من ضيق في التنفس. المساجين كانوا لطفاء جداً وبدأوا يتكلمون معي. ربع ساعة وكنت بدأت أخلع ملابسي وبقيت بالـ”بروتيل” مثلهم، وتربعت وبدأنا الحديث. إيلي القواتي وجمال مرافق المير، وذلك الذي يناصر خط المقاومة. السجن كان يحوي ناساً من مختلف الاتجاهات، ما عدا العونيين. معظم المساجين تهمهم مالية، حاولوا شرحها لي، وما فهمته أنها تهم ببيع دولار بطرائق غير شرعية. حتى أنني قلت لهم إنهم سبب الأزمة الاقتصادية لا المصارف أو ابتزاز الصرافين (هم مرتكبون فعلاً لكن السجون والنظارات في لبنان انتقام لا عدالة وتحتاج إلى مقال لوحدها، كانت رائحة الزنزانة مزرية وكنا جالسين فوق بعضنا بعضاً). تكلمنا في السياسة، سألوني عن وضع الدولار والحكومة، وعن الوزراء الجدد. لا يعلمون شيئاً منذ أيام وأسابيع. تحدّثنا عن الطغمة المالية الحاكمة، وغنّينا معاً. أخبرتهم عن أغاني الشيخ إمام الجديدة عليهم. وعلمت بأنهم يحبون أغنية “سنقاتل الطغاة بصاروخ حشيشة”. ضحكنا كثيراً.

عندما بدأ الثوار الهتاف لي في الخارج، كنت أسمعهم من داخل الزنزانة، وكان صوتهم هو نفسي الّذي يضيق ويتسع مع كل هتاف، حاولت أن أعرفهم من صوتهم، عرفت بعضهم، وفشلت في معرفة الآخرين. وكلما علا صوت الشارع كان يعلو صوت المساجين مرحبين ومهللين بي وداعين لي بالحرية، وصرخنا من الداخل “ثورة ثورة ثورة حتى الحرية”.

 قالوا لي إنهم في الليل يتناوبون على النوم، 10 ينامون والبقية في الحمام، ولكن بسبب وضعي الصحي لن يعطوني مناوبة، وسيجعلونني دائماً بقرب منفذ الهواء الوحيد وتوقفوا عن التدخين من أجلي. يا للسخرية، لقد رأيت العدالة في النظارة أكثر بكثير من عدالة العدلية والبلد، لدرجة أنني حزنت عندما أخلي سبيلي من دون أن يتسنى لي توديعهم، قالوا لي، “لا تنسَ أن ترسل لنا تحية، وهذه تحية، لزملائي المساجين”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.