fbpx

الوزيرة ورجال أمنها وصحافيو المهانة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

لعل وقوف رجلي الأمن خلف الوزيرة من جهة، وضعف حساسية رجال الصحافة والحرية في لبنان حيال هذا الحضور الأمني في الاجتماع، يمثلان سمة رئيسة للعلاقة بين الإعلام التقليدي اللبناني وبين الطبقة السياسية التي أوصلت لبنان إلى الحال التي يتخبط فيها اليوم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يثر وقوف رجلي أمن خلف وزيرة الإعلام اللبنانية منال عبد الصمد خلال اجتماعها بصحافيين ممثلين لوسائل إعلامٍ محلية، فضول الصحافيين المشاركين في الاجتماع ولا ارتيابهم بوجود عناصر أمنية في اجتماع إعلامي. ولعل وقوف رجلي الأمن خلف الوزيرة من جهة، وضعف حساسية رجال الصحافة والحرية في لبنان حيال هذا الحضور الأمني في الاجتماع، يمثلان سمة رئيسة للعلاقة بين الإعلام التقليدي اللبناني وبين الطبقة السياسية التي أوصلت لبنان إلى الحال التي يتخبط فيها اليوم.

وزيرة الإعلام اللبنانية وخلفها رجال أمن

الواقعة قد لا تكون حدثاً جللاً، ذاك أن الوزيرة التي استعارت في فعلتها هذه تقليداً كان آخر من دأب على فعله ديكتاتور العراق السابق صدام حسين، لم تقصد بفعلتها ما كان يقصده طاغية العراق، لكن ضعف حساسية الوزيرة حيال ضرورة اختفاء رجال الأمن في لحظة لقائها الصحافيين، هو مؤشر أيضاً إلى أننا لسنا حيال الشخص المناسب في المكان المناسب. فالبداهة تقضي ألا يحضر رجل أمن اجتماعاً بين وزير وصحافي. لكن الطامة الكبرى ليست هنا، بل في أن الصحافيين ممن حضروا هذا الاجتماع مع الوزيرة لم يثر فيهم حضور رجال الأمن رغبة في الاحتجاج أو في التساؤل! وهم كانوا في حضرة الوزيرة كما “يحضر المريد بين يدي شيخه”، كما تقول الصوفية، وهذه الأخيرة تقول أيضاً، “كما يحضر الميت بين يدي غاسله”!

المشهد فعلاً يمثل إهانة يجب أن يشعر بها أي صحافي، فالوزيرة حين استدعت الصحافيين إلى مكتبها، قصدت أن تلتقي ممثلين عن وسائل الإعلام اللبنانية، أي أن الحضور من المفترض أن يمثل أكثر من 70 في المئة من الجسم الإعلامي اللبناني. الإهانة أصابت هذه النسبة من الصحافيين، وضعف الحساسية حيال المهمة الرئيسة للصحافي، والمتمثلة في الرقابة على عمل الوزيرة نفسها، لا تقتصر على هذا المشهد، بل تمتد إلى الإداء المخزي لغالبية وسائل الإعلام التقليدية، والتي تحولت إلى منابر للدفاع عن السلطة وعن المصارف وعن سياسات الهدر والفساد، ناهيك باصطفافها إلى جانب طاغية مثل بشار الأسد، أو في أحسن الأحوال إلى جانب وجه ظلامي مثل رجب طيب أردوغان.

الواقعة قد لا تكون حدثاً جللاً، ذاك أن الوزيرة التي استعارت في فعلتها هذه تقليداً كان آخر من دأب على فعله ديكتاتور العراق السابق صدام حسين.

شعارات الانتفاضة اللبنانية شملت الكثير من مواقع السلطة والنظام، إلا أنها لم تملك الشجاعة الكافية لمد شعاراتها إلى القطاع الإعلامي، على رغم أن الإعلام في لبنان هو جزء رئيسي من نظام الفساد والفشل والارتهان. لم نشهد اعتصاماً واحداً أمام نقابة الصحافة مثلاً، تلك النقابة التي تولى رئيسها عوني الكعكي تبرئة المصارف من عملية السطو الكبرى التي تعرض لها اللبنانيون. وإذا كان الصحافيون تداعوا لتأسيس نقابة صحافة بديلة في سياق أعمال الثورة، فإن المهمة الرئيسة لهذه النقابة يجب أن تكون فضح تورط وسائل الإعلام في تعويم الطبقة السياسية والمصرفية الفاسدة، ودور المصارف في تمويل الٌإعلام التقليدي الذي استمر في بث إعلانات المصارف الكاذبة وغير الأخلاقية ونشرها، في ذروة الانتفاضة وفي ذروة تولي هذه المصارف مخالفة القوانين وخنق المودعين.

شعارات الانتفاضة اللبنانية شملت الكثير من مواقع السلطة والنظام، إلا أنها لم تملك الشجاعة الكافية لمد شعاراتها إلى القطاع الإعلامي.

مشهد الأمس في وزارة الإعلام يكشف حقيقة أن السلطة نجحت في إنتاج صحافييها، ممن سيتولون مهمة صد هجمات الثورة عليها وإعاقة أي محاولة لكشف فشلها وفسادها. فبالأمس تماماً، وعشية لقاء الوزيرة والصحافيين بحضور رجال الأمن، وبينما كانت الـ”سوشيل ميديا” مذهولة من جراء كشف رئيس الحكومة حسان دياب للبنانيين حقيقة أن الدولة عاجزة عن حمايتهم من الانهيار، ظهر الإعلامي الشهير طوني خليفة على شاشة تلفزيون الثورة “نيو تي في” خلال برنامجه الذي أعطاه اسمه، وتولى تقبيح اللبنانيين على تناولهم دياب بالسوء وعلى ذهولهم من تصريحاته.

إذاً، وبما أن على الثورة أن “تشيل ما تخلي”، فيجب أن تشمل المهمة شركاء السلطة والمصارف، أي وسائل الإعلام وما يندرج عنهم من نقابات ونجوم ووجوه.