fbpx

“لم الشمل” حق لم يعد يؤمنه القانون الألماني للاجئين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

من داخل مطار كوبنهاغن وقبل ساعة من صعوده إلى الطائرة المتجهة من السويد إلى تركيا، قال المصور المحترف مصطفى جنو لـ “درج”، “الآن سأعود إلى العراق بعد رفض السلطات السويدية طلب لم الشمل مع أسرتي”…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

من داخل مطار كوبنهاغن وقبل ساعة من صعوده إلى الطائرة المتجهة من السويد إلى تركيا، قال المصور المحترف مصطفى جنو لـ “درج”، “الآن سأعود إلى العراق بعد رفض السلطات السويدية طلب لم الشمل مع أسرتي”…

 وصل مصطفى إلى السويد في رحلة البحر التي قضى فيها الكثير من السوريين، وأمضى سنتين ونصف السنة من حياته حاملاً إقامة موقتة في السويد. استطاع المصور الذي لم يتجاوز الخمسين من عمره خلق حيثية له في عالم التصوير من خلال الصور التي ينشرها حول الحرب السورية.

الأجوبة السريعة تفيض بخيبة أمل حقيقية أمام عجزه عن استقدام أبنائه إلى أرض لا حرب فيها.

مصطفى جنو، وسوريون آخرون، وقعوا ضحية اللجوء القسري بفعل الحرب السورية التي خلفت ملايين اللاجئين من جهة، ومن جهة أخرى ضحية القوانين الجديدة المرتبطة بلمّ الشمل، والتي أقرتها ألمانيا والسويد، الدولتان اللتان استقبلتا العدد الأكبر من اللاجئين السوريين.

عن لمّ الشمل  

لمّ الشمل هو حق مكفول في القانون الألماني لحاملي صفة اللجوء الإنساني أو السياسي. حتى بداية عام 2016 كان من حق اللاجئ السوري أن يحصل على لجوء سياسي وإنساني، وعندما تعترف الحكومة الألمانية باللاجئ المتزوج كمقيم شرعي يتوجه إلى مكتب الأجانب ويملأ مستندات تشير إلى زواجه. تتيح قوانين اللجوء الألمانية أن يأتي اللاجئ بزوجته وأبنائه إلى مكان إقامته، ولكن بسبب المدة الزمنية التي تتخذها المعاملات الرسمية لإنجاز الملفات المستلزمة أوجدت السلطات الألمانية ما يطلق عليه “صيانة المهلة”، أو “الاحتفاظ بحق لمّ الشمل”.

يحق للزوج والزوجة والأطفال دون سن 18 عاماً، أو طفل وصل إلى ألمانيا من دون أمه أو أبيه، أن يقدم طلب لمّ شمل، من جهة أخرى، يقوم أي شخص ذي قرابة مع اللاجئين، بحجز موعد في السفارة الألمانية في بيروت، ذلك أن بعد إغلاق سفارتها في سوريا، افتتحت السفارة الألمانية فرعاً مخصصاً للسوريين يعنى في شأن لجوئهم.

سفارة ألمانية في بيروت خارج التغطية

بعد عام 2016، تفاقمت أزمة اللاجئين السوريين في الداخل الألماني، وغيرت ألمانيا شروط اللجوء فيها، فابتكرت “الحماية الفرعية”، وأوقفت اللجوء السياسي الإنساني الذي كان عبارة عن إقامة لمدة 3 سنوات، مقابل تفعيل منح الإقامة للسوريين لمدة سنة واحدة فقط ويمكنهم تجديدها لسنتين. ما حصل بعد عام 2016 أن عدد الحاصلين على الحماية الفرعية ارتفع، وتبين للسفارة الأمانية أن هنالك من يحاول استغلال اللاجئين السوريين والاحتيال عليهم، فطبقت نظاماً جديداً، يقضي بأن كل شخص يشار إليه ببيانات لم الشمل من الشخص المقيم في ألمانيا، تعطيه السفارة موعداً وأحياناً ينتظر السوريون في لبنان مدة عام كامل كي يأتي موعد لقائهم في السفارة.

قبل عام 2017 حددت ألمانيا سقفاً محدداً لـ “لم الشمل” بمعدل عشرة آلاف شخص، ويشير إلى أن السفارة الألمانية في بيروت تقول أنه لم يصلها أي جديد حول ملف “لم الشمل”.

حصل اياس عدي على إقامته سنة 2016 لسنة واحدة، بعدها بأشهر طلبت السفارة في بيروت لقاء زوجته، وأعطتهم الوثائق الرسمية التي تثبت الزواج. يقول إياس: “إلى الآن لم تفدنا السفارة الألمانية في بيروت بأي شيء جديد ولم تحصل زوجتي على الفيزا”.

تشدد السفارة في بيروت في تعاملها مع ملفات لم الشمل، وتطلب الكثير من المستندات الإضافية لإثبات الزواج، كصور عن حفل الزفاف، وصور لعائلتي الزوج والزوج، ومحادثات على وسائل التواصل الاجتماعي حصلت قبل وصول أحد الزوجين إلى ألمانيا، وهو ما يصعب توفيره في ظل الظروف السيئة التي خلفت آثارها الحرب على حياة السوريين.

المشكلة الأكبر يدفع ثمنها المراهقون السوريون الذين وصلوا إلى عمر يقترب من الثمانية عشر عاماً، هذه الفئة يشكل الوقت بالنسبة إليها عاملاً قاتلاً لأنه متى تجاوزت أعمارهم الثمانية عشر عاماً، لا يحق له لم الشمل مع عائلاتهم الموجودة في ألمانيا، وسيبقون في سوريا أو دول جوارها. في مقلب آخر تشكل الإجراءات الألمانية الجديدة خطراً على حياة الأطفال القصر الذين وصلوا إلى المانيا من دون أي فرد من ذويهم.

السلطة التشريعية في ألمانيا كانت قد جنحت قبل سنة من الآن، إلى سن قوانين صارمة على آلية استقبال اللاجئين بعد تعرض المستشارة الألمانية انغيلا ميركل إلى ضغوطات من قبل الأحزاب اليمينية في البرلمان الألماني، وتؤكد الشهادات الحية التي يقولها السوريين حقيقة الأزمة التي يواجهونها.

ووصل يوسف إلى تركيا

من تركيا، تحدث يوسف، عن أسباب مغادرته الأراضي الألمانية في شهر فبراير/ شباط الماضي، علماً أنه كان يقيم بشكل قانوني ويتمتع بالحماية الفرعية لمدة سنة. كان يوسف ينوي تجديد إقامته في وقت قريب. إلا أنه لم يلمس أي تقدم في ملف والدته الكبيرة في السن بعد أن تقدم بطلب “استرحام”، لأنها تعاني من مشكلات صحية كثيرة وتحتاج إلى رعاية. كانت والدته تسكن في سوريا، وتزور بيروت دورياً لمتابعة وضعها مع منظمات حقوقية تعنى بملفات “لم الشمل”.

قبل شهرين انتقلت والدته بمساعدة مهربين إلى تركيا، وقرر يوسف اللحاق بها بعد أن ضمنت الأم فرصة عمل لابنها مع أقاربها المقيمين في تركيا.

يوسف، أنجز هجرته العكسية. هذه الظاهرة، وفي الوقت الراهن، بدأت تتفشى بين أوساط اللاجئين السوريين في أوروبا، وعلى وجه الخصوص في ألمانيا والسويد.

قبل أسبوعين ذكر موقع “سبوتنيك الروسي” عن حادثة اختفاء 4000 لاجئ سوري بشكل مفاجئ من الأراضي الألمانية لتكتشف السلطات لاحقاً انهم أصبحوا في تركيا بطريقة غير قانونية. رحيلهم عن الأراضي الألمانية سببه، فشلهم في تأمين إقامات دائمة أو “لم الشمل”، كما تبين لاحقاً أن عشرات السوريين خرجوا من السويد أيضاً.

وفي الأسبوع الثاني من شهر أبريل/ نيسان ألقت السلطات التركية القبض على مئات السوريين، وصلوا إليها بشكل غير شرعي. ويرى المراقبون أن حركة هجرة السوريين العكسية، ستحيي من جديد تجار البشر على الحدود البرية، والهجرة اللاشرعية عبر البحار.

سوريا الأسد آمنة؟

في بداية شهر مارس/ آذار الماضي قام النائب في البرلمان الألماني كريستيان بريكس برفقة وفد ألماني من حزب مناهضة اللاجئين، بجولة إلى سوريا، التقوا فيها مسؤولين من البرلمان السوري، واتفق الوفدان على تحريض الإعلام الأجنبي ضد النظام السوري بما يتعلق بملف اللاجئين. التقط الوفد الألماني صوراً أثناء تناولهم الطعام في حمص، وعلقوا عليها “الآن يأكل السوريون في ألمانيا، ونحن نفعل العكس”. الرد على بركس وأصدقائه جاء من انغيلا مركل مباشرة والتي وصفتهم بفاقدي الأهلية لتناول مسألة اللاجئين.

يعد بركس من أعمدة اليمينيين الذين يطالبون بتشديد القوانين ضد اللاجئين السوريين، ويدعون إلى إعادتهم في اقرب وقت ممكن إلى سوريا، ويقول في أحد مقابلاته الصحفية، “حمص وحلب ودمشق، مناطق آمنة، لم يعد هنالك ذريعة لبقاء السوريين في ألمانيا”. ويسعى بركس وحزبه إلى تطوير القوانين الألمانية حتى تصل إلى مرحلة تلزم السوريين بمغادرة الأراضي الألمانية، في حال تثبت الأمن والاستقرار في المنطقة السورية التي أتى منها السوريون، هذه الرؤية تم تنفيذها من قبل السلطات اللبنانية التي أرسلت قافلة من النازحين بتاريخ 17 أبريل/ نيسان 2018، إلى بلداتهم السورية بعدما تأكدت أنها أصبحت خالية من المسلحين وعادت إلى سلطة النظام السوري.