fbpx

قضية الأميرة هيا : تفاصيل مذهلة في حيثيات الحكم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يستعرض الحكم بالتفصيل حملة المضايقات التي تعرضت لها الأميرة هيا. وقبل القاضي تقريباً كافة الادعاءات التي قدمتها على اعتبار أنها صحيحة

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

خلص حكم قضائي صادر عن محكمة الأسرة البريطانية إلى أن حاكم دبي دبر عمليات اختطاف لاثنين من أبنائه -أحدهما من شوارع كامبريدج- ومارس حملة “ترهيب” بحق أصغر زوجاته.

ووصف القاضي أفعال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في حيثيات الحكم الذي يهدد بزعزعة العلاقات الدبلوماسية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، الحليفة الخليجية الوثيقة لبريطانيا، بأنها تصرفات قد ترقى في مجملها، بناءً على مبدأ أرجحية الأدلة، إلى حد انتهاك القانون الدولي والقانون الإنجليزي. 

يمكن لصحيفة “الغارديان” وغيرها من المؤسسات الإخبارية نشر الحكم، وذلك بعد أشهر من جلسات الاستماع الخاصة والنزاع القانوني الذي وصل إلى المحكمة العليا. ويسرد الحكم بالتفصيل ملحمة عائلية استثنائية تمتد لعشرين عاماً، دبر خلالها الشيخ البالغ من العمر 70 عاماً عمليات خطف دولية وسجن اثنتين من بناته، و”حرمانهما من حريتهما”.

قاومته هيا بدعوة مضادة تسعى من خلالها إلى إصدار أمر حماية من الزواج القسري بحق ابنتهما، مدعية أن بن راشد كان يحاول تزويجها من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان

يتناول جزء كبير من الحكم الاستقصائي المكون من 34 صفحة الصادر عن السير أندرو ماكفرلاين، رئيس قسم شؤون الأسرة في المحكمة العليا الخاصة بإنجلترا وويلز، الأحداث المحيطة بعمليات الاختفاء سيئة السمعة للأميرة شمسة من كامبريدج عام 2000، عندما كانت في التاسعة عشر من عمرها، والأميرة لطيفة، التي أوقفتها القوات الخاصة التابعة للجيش الهندي عام 2018 قبالة السواحل الهندية، عندما كانت في الثانية والثلاثين من عمرها، قبل إعادتها عنوة إلى دبي.

شمسة في صورة كانت نشرتها صحيفة “الغارديان”

ظهرت ادعاءات بالتعذيب خلال القضية، إذ قالت لطيفة إنها تعرضت في إحدى المراحل إلى “تعذيب متواصل”، وفي حين لم يخلص القاضي إلى أي استنتاج حول هذه النقطة تحديداً، فقد قال إنه يشعر بالثقة في روايتها. وقالت لطيفة إنها ظلت في الحبس الانفرادي بمكانٍ مظلم وإنها تعرضت للضرب مراراً.

لم تظهر تصرفات الشيخ إلى العيان إلا بعد فرار زوجته السادسة الأصغر سناً، الأميرة هيا، البالغة من العمر 45 عاماً، إلى لندن في أبريل/نيسان الماضي برفقة طفليهما الصغيرين. وأفضت محاولته إرجاع الأطفال إلى دبي إلى رفعه دعوى قضائية في محاكم الأسرة.

قاومته هيا بدعوة مضادة تسعى من خلالها إلى إصدار أمر حماية من الزواج القسري بحق ابنتهما، مدعية أن بن راشد كان يحاول تزويجها من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود -أو “م ب س-MBS” كما يطلق عليه في الإعلام الغربي-  المتهم بالتورط في عملية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي. لكن المحكمة لم تثبت صحة هذا الادعاء.

ويوضح حكم ماكفرلاين أن قراره “ربما ينطوي على حيثيات، وإن كانت تستند إلى المعيار المدني، تشير إلى تصرفات تتعارض مع القانون الجنائي لإنجلترا وويلز والقانون الدولي والقانون البحري الدولي ومعايير حقوق الإنسان المقبولة دولياً”.

ومن الجدير بالذكر أن المعيار المدني هو استنتاج يتم التوصل إليه على أساس أرجحية الأدلة؛ وهذا يعني أن الادعاء من الأرجح أن يكون صحيحاً. وهو ليس استنتاجاً وفقاً للمعايير الجنائية، التي لا تدع أي مجالاً للشك.

أثار الحكم أيضاً تساؤلاً حول ما إذا كانت وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث قد حالت دون إجراء تحقيقٍ للشرطة حول اختفاء شمسة من كامبريدج عام 2000. قال ماكفرلاين إن لم يستطع البت في الأمر لأن وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث رفضت التعاون بحجة حرية الإعلام.

وفقاً لسجلات الحكم، فقد هبطت طائرة مروحية بالقرب من منزلها في دبي في 11 مارس/آذار من ذلك العام، وهددها الطيار بأنه سوف ينقلها إلى العوير، وهو “سجن في منطقة صحراوية بعيدة”

وجاء في الحكم أن صحيفة الغارديان قد سلطت الضوء على تصرفات محمد بن راشد لأول مرة عام 2001، مضيفاً أن هيا قرأت المقالة المنشورة بالصحيفة حول اختفاء شمسة في 2016، لكنها في البداية لم تصدق أن زوجها كان متورطاً في الأمر.

يشغل الشيخ محمد بن راشد أيضاً منصب نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس مجلس الوزراء. وهو أب لخمسة وعشرين ابناً، أصغرهم  طفلاه من هيا. وقد رفض حضور أيٍّ من جلسات الاستماع العديدة في “محاكم العدل الملكية” الواقعة في وسط لندن. بينما حضرت هيا إلى المحكمة باستمرار، حيث جلست إلى جانب محاميتها، الليدي شاكليتون، محامية الطلاق البارزة. 

وقد بدل محمد بن راشد، الذي يمثله المستشار القانوني الملكي اللورد ديفيد فيليب بانيك، فريقه القانوني بين الفينة والأخرى.

يستعرض الحكم بالتفصيل حملة المضايقات التي تعرضت لها الأميرة هيا. وقبل القاضي تقريباً كافة الادعاءات التي قدمتها على اعتبار أنها صحيحة على أساس أرجحية الأدلة، بما في ذلك أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم:

●      حاول اختطافها بواسطة مروحية.

●      اتخذ الترتيبات اللازمة لوضع أسلحة في غرفة نومها.

●      عرضها للإهانة والتعنيف بسبب مزاعم إقامتها علاقة غير شرعية مع أحد الحراس الشخصيّين.

●      طلقها دون أن يخبرها.

●      هدد بخطف أطفالهما.

●      نشر قصائد شعرية تحمل بين طياتها تهديدات موجهة لها على شبكة الإنترنت.

خلُص القاضي ماكفرلاين إلى أنّ علاقتهما ازدادت سوءاً، وأنها في وقت ما من عام 2017 أو عام 2018 “شرعت في إقامة علاقة غير شرعية مع أحد حراسها الشخصيين الذكور”.

بدأت الأميرة هيا في مطلع عام 2019، تبدي اهتماماً بمصير شمسة ولطيفة، وهما ابنتا الشيخ من زوجة أخرى. ووفقاً للحكم الصادر، بدأ زوجها في توجيه تهديدات لها، وفي فبراير/شباط، طلقها بموجب الشريعة الإسلامية دون إبلاغها.

ووفقاً لسجلات الحكم، فقد هبطت طائرة مروحية بالقرب من منزلها في دبي في 11 مارس/آذار من ذلك العام، وهددها الطيار بأنه سوف ينقلها إلى العوير، وهو “سجن في منطقة صحراوية بعيدة”.

قالت الأميرة هيا إنه لو لم يكن ابنها حاضراً ذلك الموقف وتشبث بساقيها لتم اقتيادها بعيداً. وأضاف نص الحكم، “لقد تم الكشف عن وثائق الطيران الخاصة بتلك المروحية وتبين أن أحد أفراد الطاقم كان واحداً من الأشخاص الثلاثة الذين تعرفت عليهم شمسة، و[أحد موظفي الشيخ]، باعتبارهم متورطين في عملية اختطافها من إنجلترا عام 2000”.

 وأردف الحكم أنه “خلال هذه الفترة تلقت الأم مجموعة من الرسائل من أشخاص مجهولين، تُركت في غرفة نومها أو في أي مكان آخر، تحوي تهديدات، على سبيل المثال: “سوف نأخذ ابنك، ابنتك تخصنا، حياتك انتهت” أو إنذارها أن تتوخى الحذر.

فضلاً عن ذلك “تقول الأم إنه في مارس/آذار 2019، وجدت مرتين مسدساً متروكاً على سريرها، صوبت فوهته نحو الباب مع نزع صمام أمان المسدس، ما يجعله جاهزاً للاستخدام”. 

وفي يونيو/حزيران، نشر الشيخ محمد قصيدة بعنوان: “عشتِ، ومتِ”. وقد اعتبرت الأميرة هيا تلك القصيدة بمثابة تهديد مباشر لها، وإعلاناً على الملأ عن “خيانتها”.

وتضمنت أبيات القصيدة:

“ونــــتـــي تــعــديــتـي وخــنــتــي، يــاخــايــنــه اغــــلـــى امــــانـــه، كـــشــفــت مــلــعــوبـك ونـــتـــي… عــــنـــدي بـــراهــيــن الادانــــــه، عــلــى الــــذي انــتــي فـعـلـتـي… تــــدريـــن بــافــعــالـك اهـــانـــه… وخــلــيـهـا تــنـفـعـك الــشـطـانـه، مــايـهـمـنـي عــشــتــي ومـــتــي”.

أوضح الحكم الصادر عن القاضي ماكفرلاين أن قراره “ربما ينطوي على حيثيات، وإن كانت تستند إلى المعيار المدني، تشير إلى تصرفات تتعارض مع القانون الجنائي لإنجلترا وويلز والقانون الدولي والقانون البحري الدولي ومعايير حقوق الإنسان المقبولة دولياً”.

ومن الجدير بالذكر أن المعيار المدني هو استنتاج يتم التوصل إليه على أساس أرجحية الأدلة؛ وهذا يعني أن الادعاء من الأرجح أن يكون صحيحاً. وهو ليس استنتاجاً وفقاً للمعايير الجنائية، التي لا تدع أي مجالاً للشك.

يختتم ماكفرلاين حكمه قائلاً، “لقد استنتجت أن الأم، بخلاف بعض الحالات الاستثنائية القليلة، أثبتت صحة قضيتها فيما يتصل بالادعاءات الوقائعية التي قدمتها”.

مضيفاً أن “هذه النتائج مجتمعةً، تُظهر سلوكاً مُتسقاً على مدى عقدين من الزمان، بدا خلالها أن الأب [الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم] استغل السلطات الهائلة المتاحة له، إذا ما رأى ذلك ضرورياً، لتحقيق أهدافه الخاصة”.

في حين نفى الشيخ كافة الاتهامات الموجهة إليه. وقال في تصريح لوسائل الإعلام، “إن هذه القضية تتعلق بمسائل شخصية وخاصة للغاية تتعلق بأطفالنا. وقد كان الغرض من الطعن هو حماية مصالح الأطفال ورفاههم على أفضل وجه. بيد أن ما أسفر عنه لا يصب في صالح حماية أبنائي من التغطية الإعلامية، تلك الحماية التي يتمتع بها الأطفال الآخرون في قضايا الأسرة في المملكة المتحدة”.

وأضاف، “بصفتي رئيساً للحكومة، لم يكن باستطاعتي المشاركة في عملية تقصي الحقائق التي أجرتها المحكمة. ولقد أسفر ذلك عن صدور حكم استقصائي يروي لا محالة جانباً واحداً من القصة. وأنا أطلب من وسائل الإعلام أن تحترم خصوصية أطفالنا وألا تتدخل في حياتهم في المملكة المتحدة”.

هذا المقال مترجم عن theguardian.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط هنا