fbpx

ما الأخطر… “كورونا” أو تغير المناخ؟ 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بالنظر إلى الأخطار التي يشكلها الوباء، ينبغي تكريس الاهتمام الدولي والموارد للقضاء عليه، إنما من شأن الهلع الكوني أن يضع آثار التغير المناخي على حياة عشرات الملايين من البشر في خانة النسيان

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أدى تفشي “فايروس” كورونا المستجد والمعروف بكوفيد- 19، إلى تحويل انتباه الناس عن أزمة تغير المناخ الذي أخذ اهتماماً عالمياً واسعاً في السنوات الأخيرة، خصوصاً بين الشباب، ما زاد الضغط على السياسيين لاتخاذ إجراءات وقرارات جادة لتحسين الوضع المناخي. ولكن في خضم تراجع عجلة الاقتصاد العالمي والأزمة الصحية العالمية الناتجة عن انتشار وباء كورونا الكوني، أصبح تركيز الناس على المخاوف العاجلة المتعلقة بالصحة مفهوماً، وسوف يؤجل هذا الانشغال العالمي بالصحة العامة وسبل التخلص من الفايروس المستجد، التفكير بمخاطر التغير المناخي على المدى الطويل. 

للوهلة الأولى يبدو أن تفشي فايروس كوفيد- 19، من جهة تباطؤ حركة الطيران العالمية ووسائل النقل الأخرى والمصانع، ساعد على تخفيف انبعاثات الغازات الدفيئة في الجو. هناك صور لمدن صينية، منها مدينة ووهان مصدر تفشي المرض، التقطتها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) قبل تفشي فايروس “كورونا” وبعده، تظهر فرقاً شاسعاً في كمية الغازات الملوثة في الجو. وقارن العلماء في الوكالة الأميركية بين مستويات ثاني أوكسيد النيتروجين، وهو غاز ملوث ينبعث من السيارات والمنشآت الصناعية، في أول شهرين لعام 2019 والفترة ذاتها هذا العام (2020)، ولاحظوا فرقاً كبيراً في نسبة تركز الغاز. ويعزو العلماء تراجع نسبة التلوث بثاني أوكسيد النيتروجين إلى تباطؤ حركة النقل والعمل في المنشآت الصناعية بسبب القيود المفروضة عليها بعد تفشي الوباء. وبحسب الباحثين في جودة الهواء في وكالة الفضاء الأميركية، إن انخفاض مستويات ثاني أوكسيد النيتروجين أثناء الركود الاقتصادي عام 2008، كان تدريجياً أكثر مما حصل بعد تفشي فايروس كورونا في مدينة ووهان ومنها الى العالم.

ولامس الطلب على الكهرباء والإنتاج الصناعي منذ تفشي المرض مستويات متدنية لم تشهدها الصين منذ عدة سنوات. وبحسب موقع “كاربون بريف” البريطاني، فإن انخفاض استهلاك الفحم في محطات الطاقة سجّل 36 في المئة، وواكبه تراجع إنتاج الفحم في أكبر ميناء للفحم بنسبة 29 ف المئة، بينما انخفضت معدلات تشغيل منتجات الصلب الرئيسية بأكثر من 15 في المئة. وكانت مستويات ثاني أوكسيد النيتروجين المستندة إلى الأقمار الصناعية أقل بـ37 في المئة. تم تخفيض استخدام طاقة تكرير النفط بنسبة 34 في المئة، بالإشارة إلى أن انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في الصين نمت بنسبة 2 في المئة عام 2019. 

على رغم هذا التراجع في نسبة الملوثات في الجو، سيكون من الخطأ الافتراض بأن الفايروس الذي سببت سرعة انتشاره قتل الآلاف في العالم وأجبر الملايين على الحجر الصحي، سيقلل بشكل كبير من الغازات الدفيئة في الجو، ذلك لأن عودة النشاط الاقتصادي بعد انحسار الوباء ستؤدي إلى ارتفاع انبعاثات الغازات مرة أخرى، بخاصة أن الشركات المتضررة جراء الركود الذي فرضه الفايروس المستجد، ستضاعف جهودها لاستعادة الخسارات. من جهة أخرى، وبعد إعلان “منظمة الصحة العالمية” المرض وباء كونياً، والخسارات الاقتصادية الكبيرة التي شهدتها الأسواق، فإنه يمكن بسهولة استنزاف الأموال والإرادة السياسية المكرسة لتحسين في المناخ من أجل القضاء على الوباء. بالنظر إلى الأخطار التي يشكلها الوباء على الصحة العامة، ينبغي تكريس الاهتمام الدولي والموارد للقضاء عليه، إنما من شأن الهلع الكوني وسياسات نشر الرعب أن تضع آثار التغير المناخي على حياة عشرات الملايين من البشر في خانة النسيان، على رغم أنها آثار تطاول حياتنا على المدى الطويل. 

إن تباطؤ أسواق رأس المال، يبطئ بدروه جهود الحكومات والشركات في العمل على تأمين الأموال لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة والمتمثلة بالطاقة الشمسية والرياح، إضافة إلى البحوث والابتكارات الجديدة لإصلاح المناخ. 

لو قارنّا بين ضحايا الفايروس وضحايا تغير المناخ، نجد أنفسنا أمام عشرات الآلاف في ما خص الوباء بينما نتحدث عن عشرات الملايين في ما يخص المناخ.

يكفي أن نلتفت الى القارة السمراء كي نعرف مدى خطورة تغير المناخ وآثاره المدمرة على حياة عشرات الملايين من السكان. وبحسب أرقام، مصدرها الأمم المتحدة، ونشرتها صحفية “لوموند” الفرنسية بتاريخ 19 شباط/ فبراير 2020، أي بعد ظهور فايروس “كورونا” بشهرين، يتعرض 45 مليون شخص – وهو رقم قياسي – في زيمبابوي وموزمبيق وملاوي في الجنوب الأفريقي لخطر المجاعة بسبب الجفاف والفيضانات والصعوبات الاقتصادية. وقالت الرئيسة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي لولا كاسترو في منتصف شهر كانون الثاني/ يناير 2020، إن “أزمة الجوع هذه وصلت إلى أبعاد غير مسبوقة”. ويعاني الطرف الجنوبي من القارة الأفريقية منذ خمس سنوات من نقص كبير في المطر، الأمر الذي سبب جفافاً يستمر لسنوات ويعرّض حياة الملايين إلى خطر المجاعة. ويشير تقرير صحيفة “لوموند” بعنوان “لم يعد هناك مستقبل هنا: خراب تغير المناخ في الجنوب الأفريقي“، إلى أن ارتفاع درجات الحرارة الناتج عن تغير المناخ تضاعف في القارة الأفريقية مرتين بالمقارنة مع بقية أنحاء العالم، وتأثر به صغار المزارعين والمربين وكبارهم، إضافة إلى الفنادق والمعلمين.

إن الجفاف المستمر لسنوات متتالية أدى الى فقدان 70 في المئة من المحصول الزراعي عام 2019، ما وضع الأمن الغذائي لسكان هذه المنطقة في العالم في دائرة الخطر بحسب المعلومات التي توفرها المنظمات الدولية. أصبحت وجبة غذاء واحدة في اليوم أمراً عادياً، كما أصبح تأخر نمو الأطفال بسبب قلة الغذاء أمراً عادياً. وفي أقصى جنوب القارة، جنوب أفريقيا، أدى الجفاف إلى فقدان المراعي والمياه، الأمر الذي حمّل المزارعين خسارات تصل إلى 70 في المئة في بعض مناطق البلاد بحسب وسائل الإعلام المحلية في جنوب أفريقيا. وأدى الجفاف إلى فقدان طبيعة البلاد جزءً كبيراً من الحياة البرية واستسلمت الحيوانات البرية للعطش والجوع، فيما تحاول أنواع أخرى البقاء في الظروف المناخية الجديدة، جاهدة للتكيف معها. 

بعيداً من نزعة “أنانية”، مفادها أن الجوع ليس معدياً، لو قارنّا بين ضحايا الفايروس الذي قوّت مناعة الشمولية الصينية أكثر من أي وقت مضى وضحايا تغير المناخ، نجد أنفسنا أمام عشرات الآلاف في ما خص الوباء بينما نتحدث عن عشرات الملايين في ما يخص المناخ. الأول وقتي وتمكن السيطرة عليه وتم تخصيص أموال هائلة له، بينما تأثير الثاني طويل الأمد وقد يقوض الاهتمام العالمي بالوباء الجهود كلها من أجل تحسينه وتوفير الأوكسجين اللازم للأرض. 

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!