fbpx

إعلان التعبئة العامة لمواجهة “كورونا”: معنا أم علينا؟ 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ـ”كورونا” ليس مشكلتنا الوحيدة، إنه يحلّ علينا ونحن في أسوأ ظروفنا المالية والاقتصادية والاجتماعية. فماذا ينتظرنا؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قبل صدور أي قرار رسمي، وقبل أن يعلن المجلس الأعلى للدفاع قرار التعبئة العامة وحالة التأهّب، دخلت مناطق لبنانية عدة في حالة طوارئ عملية مدفوعة بالهلع، في محاولة للحد من انتشار فايروس “كورونا”. خلت شوارع المدن والبلدات من المارة وأغلقت المجمعات التجارية، والمطاعم، والملاهي، والمدارس والجامعات، كما عدّلت “شركة طيران الشرق الأوسط” برنامج رحلاتها.

انتظر اللبنانيون إعلان حالة طوارئ فعلية في ظل استمرار انتشار فايروس “كورونا” ومع وصول عدد ضحاياه إلى عتبة الـ109، من دون الأخذ في الاعتبار التبعات الفعلية لإعلان حالة الطوارئ ومخاطرها ومدى تأثيرها على حقوقهم وحرياتهم، إذ لا يقتصر إعلان حالة الطوارئ على منع التجول، بل يتعداه إلى تعليق العمل بالقوانين ومنح السلطة صلاحيات استثنائية. 

لم تعلن الحكومة اللبنانية حالة طوارئ. بل اكتفت بإعلان التعبئة العامة حتى منتصف ليل 29 آذار/ مارس لتنفيذ خطوات، أبرزها: وجوب التزام المواطنين البقاء في منازلهم وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى، منع التجمعات في الأماكن العامة والخاصة على اختلافها، إغلاق الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات واتحاداتها والمصالح المستقلة والجامعات والمدارس الرسمية والخاصة والحضانات… وتُستثنى من التعبئة مؤسسات رئيسية لدى وزارة الدفاع الوطني والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ووزارة الصحة والمستشفيات والمصارف.

عنصر بلدي يطلب من المواطنين اخلاء الكورنيش

بين التعبئة العامة وحالة الطوارئ 

بحسب المحامي جاد طعمة، فإن “إعلان التعبئة العامة يستتبع رفع جهوزية الدولة لمواجهة حالة ما (وباء مثلاً) وذلك عبر مرسوم يصدر بالأكثرية في مجلس الوزراء، وتفرض الدولة في هذه الحال تدابير متدرجة لحماية الناس”.

يعتبر طعمة أن مصطلح “طوارئ صحية”، “تسمية واقعية لكن لا مفاعيل قانونية لها”. فإعلان حالة الطوارئ هي غالباً ما تحصل عند وجود أحداث عسكرية، “يتم خلالها الحد من الحريات العامة والحقوق، وقد تصل إلى منع الخروج من المنازل ومنع تداول بعض الأخبار”. 

بحسب المرسوم الاشتراعي 52/67، تعلن الدولة حالة الطوارئ عند تعرض البلاد لخطر داهم بسبب حرب خارجية أو ثورة مسلحة أو أعمال أو اضطرابات تهدد النظام العام والأمن أو عند وقوع أحداث تأخذ طابع الكارثة.

إعلان التعبئة العامة (أو الطوارئ لاحقاً)، الذي قد لا نملك سواه لننجو من “كورونا”، قد لا يكون بريئاً كما نتوقّع، وقد يكون كارثة مدوية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي

يحتاج إعلان هذه الحالة بحسب المادة 65 من الدستور اللبناني إلى صدور مرسوم من مجلس الوزراء بموافقة ثلثي أعضائه، وتمنح سلطة فرض حالة الطوارئ والحفاظ على الأمن إلى السلطة العسكرية العليا، لكن “هناك ضوابط لإعلان حالة الطوارئ قوامها تناسب القرار مع الحالة القائمة وعدم استعمال الأخيرة ذريعة للحد من حقوق الأفراد وحرياتهم” يقول طعمة.  

حرية الرأي والتعبير بخطر؟ 

تعتبر حرية الرأي والتعبير من حريات الأفراد الأساسية في أي مجتمع والحد منها يعني إلغاء الوجود المعنوي للفرد، ما يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان المصانة في القانون الدولي.

على رغم ذلك وفي حالات استثنائية محصورة ومحددة، “نجد أن قوانين الطوارئ حول العالم، خوّلت الدول الحد من الحريات وقيّدتها للحفاظ على النظام العام في الدولة، فالهدف يكون منع التجمعات التي يكون موضوعها التحريض ضد الأوامر والتدابير التي اتخذتها السلطة والمرتبطة بقانون الطوارئ، لذا قد تُمنع الاجتماعات وتُراقَب الصحف والنشرات ووسائل التعبير المختلفة، ومنها وسائل التواصل الإجتماعي أيضاً”، يقول طعمة. 

موظفو الإدارات العامة خارج نطاق التعبئة 

جاء في المقرر رقم 5 من مقررات مجلس الوزراء في الجلسة الاستثنائية: إقفال الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات واتحاداتها والمصالح المستقلة والجامعات والمدارس الرسمية والخاصة والحضانات، وذلك على اختلافها… واستثنى ما تقتضيه ضرورات العمل في الوزارات والإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات واتحاداتها وفقاً لآلية تصدر بموجب قرارات من الوزراء أو من السلطة صاحبة الصلاحية، وذلك تحت طائلة المسؤولية على من يخالف تلك القرارات.

في ظل هذه التعبئة وما تفرضها، وجب حضور بعض موظفي الإدارات العامة، لكن من يضمن سبل وقايتهم؟ فحضورهم إلى العمل وفرصة عدم التقاطهم عدوى “كورونا” ضئيلة، في ظل غياب شبه تام لعمليات تعقيم الإدارات العامة وفي الوقت الذي لا تقدم أي تسهيلات لهم، ليبقى قرار حضورهم غامضاً… فما هي ضرورات العمل الملقاة على عاتقهم في ظل هذه الأزمة؟

إعلان التعبئة العامة (أو الطوارئ لاحقاً)، الذي قد لا نملك سواه لننجو من “كورونا”، قد لا يكون بريئاً كما نتوقّع، وقد يكون كارثة مدوية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، بخاصة إن كانت الأمور ستسير كما ستسير عادة من دون دراسة ولا آلية ولا حماية للمواطن الفقير. فـ”كورونا” ليس مشكلتنا الوحيدة، إنه يحلّ علينا ونحن في أسوأ ظروفنا المالية والاقتصادية والاجتماعية. فماذا ينتظرنا؟