fbpx

ما لم يقله الأمين العام: الفاخوري جزء من أثمان التفاهم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

خطاب نصرالله لم يقنع الحلفاء قبل الخصوم، على رغم أنه استعان في توجهه إليهم بلغة لا تخلو من “عواطف” لم يسبق أن أبداها في مخاطبتهم. فقصة الفاخوري شهدت فصولاً مكثفة لا يمكن تبديدها بحبكة بسيطة

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

المرارة التي خاطب بها أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله حلفاء حزبه جراء تعرضهم للحزب بعد واقعة تبرئة عامر الفاخوري، ومن ثم نقله بمروحية أميركية من السفارة في بيروت إلى خارج لبنان، لم تداوِ الجرح النرجسي الذي أصاب “أهل المقاومة” وناسها جراء هذه الفضيحة المدوية. ولعل التفاصيل التي راح يكشفها محيطون بـ”حزب الله”، وصحافيون عارفون بصالونات حلفائه، ضاعفت من وقع الفضيحة، ذاك أنها كشفت عن أن الحزب حليف من أحاطوا أنفسهم بعملاء حقيقيين لجهات أمنية وديبلوماسية أميركية، وهؤلاء تولوا مهمات تنسيق وتواصل لم يكن الحزب يجهلها. ولم تكن قصة فاخوري سوى حلقة صغيرة من حلقاتها. حصل ذلك بينما كان الحزب وصحافته يخوضان حملة تخوين كبرى طاولت شرائح واسعة من اللبنانيين ممن لا تربطهم علاقات بأميركا، لكن خصومة الحزب كافية لدعوتهم إلى تحسس رقابهم.

الحزب الذي سبق أن ضرب صفحاً عن نواب التيار ممن كشفت وثائق ويكيليكس عواطفهم الفعلية حيال حليفهم الأكبر، مستعد لقبول المزيد منها طالما أن التيار أعطاه ما يريد في الإقليم

خطاب نصرالله لم يقنع الحلفاء قبل الخصوم، على رغم أنه استعان في توجهه إليهم بلغة لا تخلو من “عواطف” لم يسبق أن أبداها في مخاطبتهم. فقصة الفاخوري شهدت فصولاً مكثفة لا يمكن تبديدها بحبكة بسيطة على نحو ما فعل نصرالله. الوقائع صارت أمام الجميع، بدءاً من دور سفير لبنان في واشنطن غابي عيسى الذي عينه جبران باسيل سفيراً بعدما كان تولى إدارة علاقة التيار بالإدارة الأميركية في مرحلة “قانون محاسبة سوريا”، ومروراً بجبران باسيل نفسه، ووصولاً إلى قضاة المحكمة العسكرية الذين يتقاسمهم الحزب والتيار و”حركة أمل”. و”حزب الله” إذ وقع التفاهم مع التيار العوني عام 2006، فعل ذلك آخذاً في الاعتبار وجود التيار ضمن شبكة علاقات في واشنطن وغيرها ستفضي إلى وقائع كالتي شهدناها في قصة الفاخوري. فغابي عيسى على ما نقل بالأمس صحافي قريب من “حزب الله”، كان عام 2005 استبق عودة ميشال عون إلى لبنان بأن زار دمشق، وتولى تنسيق هذه العودة معها!

“حزب الله” يعرف من هو غابي عيسى، ويعرف موقعه وعلاقاته في واشنطن، وما كان لعيسى أن يصير سفيراً في هذه العاصمة الحساسة من دون علم الحزب. هذه الوقائع كلها تحيط بقصة الفاخوري، وهي مغيبة عن رواية نصرالله لموقع الحزب منها! وهي، أي الوقائع، إذ لم تسعف نصرالله في بناء سيناريو يبعد منه كأس سم عامر الفاخوري، أضيفت إليها حقيقة مجمع عليها أن رئيس المحكمة العسكرية المستقيل، والذي أصدر قرار البراءة، حسين العبدالله لا يمكن أن يتخذ قراراً من دون العودة إلى مراجعه السياسية، وهما كما يحسم الجميع، “حزب الله” و”حركة أمل”. 

التفاهم بين الحزب والتيار كان قراراً بشق قناة تفضي إلى ما لم يسبق أن ألفه الحزب في خياراته، وهو خيار ذهب فيه الحزب إلى أقصاه. الخطوة تشبه إلى حدٍ كبير خيار الحزب بحماية نظام بشار الأسد في سوريا، لكنه وإن لم يرتب فاتورة دموية على نحو ما رتب موقع الحزب في سوريا، إلا أنه رتب سلسلة من التنازلات التي صدعت خطابه وحولته إلى مهزلة ركيكة، في ظل الموقع المكشوف للتيار العوني على أكثر من صعيد.

فحين قال نصرالله في كلمته الأخيرة أن “حزب الله” وعلى رغم دوره الكبير في الإقليم، إلا أن دوره الداخلي لا يفوق أدوار غيره من القوى الداخلية، كان يعني التيار العوني، وهو بمعنى ما محق في ذلك، لكنه هو بنفسه من تولى تضخيم موقع التيار في الداخل بهدف توظيفه في المهمة الإقليمية، وهنا كان عليه أن يدفع فاتورة داخلية تتيح له التصدر إقليمياً، والفاتورة هذه المرة كانت عامر الفاخوري.

“حزب الله” يعرف تماماً من اختار ليكون إلى جانبه في لبنان. لدى المقربين منه وقائع وتفاصيل مذهلة تؤشر إلى أن خيار التحالف مع التيار هو قبول بما يفوق موقع عامر الفاخوري. والحزب الذي سبق أن ضرب صفحاً عن نواب التيار ممن كشفت وثائق ويكيليكس عواطفهم الفعلية حيال حليفهم الأكبر، مستعد لقبول المزيد منها طالما أن التيار أعطاه ما يريد في الإقليم، وطالما أن قصة الفاخوري ستنتهي فصولها عند استقالة رئيس المحكمة العسكرية، وطالما أنه بعد أيام قليلة سيخطف “كورونا” القصة من واجهة الاهتمامات.