fbpx

“بورن هَب كيرز”: الوجه المظلم للعمل الخيري

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في زمن الوباء، كيف تحاول مواقع جنسية مضاعفة أرباحها تحت ذريعة العمل الخيري؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هل تعلم أن موقع “بورن هَب” (Pornhub) للمواد الإباحية، الأكثر مشاهدةً على مستوى العالم، يمتلك قسم خاص بالأعمال الخيرية؟ يُطلق عليه اسم “بورن هَب كيرز” (Pornhub Cares).

فقد أعلن موقع “بورن هَب” في 12 مارس/آذار على تويتر أنه سيتبرع لمدة شهر بجميع عائدات موقع نشر مقاطع الفيديو التابع له “موديل هَب” 

(Modelhub)، والذي يفترض أنه مُخصص لدعم العارضين المستقلين، لمساعدة إيطاليا ودعمها في كفاحها ضد وباء كورونا.

يزعم الموقع أنه يُمكَّن العارضين من إدارة المحتوى الخاص بهم وبيعه. وتبعاً لذلك، يقدم موقع “موديل هَب” الآن خدماته المميزة مجاناً لمواطني إيطاليا ليهوّن عليهم فترة البقاء في المنزل. وفي 16 مارس/آذار، أُتيحت الخدمة نفسها لمشاهدي المواد البورنوغرافية في فرنسا.

هذه ليست المرة الأولى التي يستغل فيها موقع “بورن هَب” القسم الخيري التابع له، إذا لا يفوت هذا الموقع أي فرصة لجذب مزيد من الزوار. 

أُطلق قسم “بورن هَب كيرز” عام 2012، ويهدف في الأساس إلى استغلال القضايا الإنسانية العالمية أو غيرها من القضايا للترويج لمحتوى الموقع. وتهدف حملات الموقع إلى جمع التبرعات من مشاهدات مقاطع الفيديو التي تُنشر ضمن فئة معينة في أقسامه.

أُطلق على الحملة الأولى عنوان “ساعدوا ’بورن هَب‘ في  إنقاذ الأثداء” وكانت تهدف إلى دعم أبحاث سرطان الثدي. وتبرع الموقع خلال هذه الحملة بسنت واحد مقابل كل 30 مشاهدة لمقاطع فيديو ضمن فئتين محددتين يتعلقان بالثدي. وكرر الموقع هذه الحملة عام 2015. وعلى نحو مماثل، في “يوم الشجرة” عام 2014، وهو اليوم الذي يُخصص عادةً لزيادة الوعي بشأن الأشجار وأهميتها البيئية، تكفل موقع “بورن هَب” بزراعة شجرة مقابل كل 100 مشاهدة لمقاطع فيديو ضمن فئة معينة.

كما قدم الموقع في الماضي منحاً دراسية تصل قيمتها إلى 25 ألف دولار، وكان على المتقدمين لهذه المنح إرسال طلب خطي يجيبون فيه عن سؤال: “كيف تسعى جاهداً إلى إسعاد الآخرين؟”، إلى جانب مقطع فيديو تتراوح مدته من 2 إلى 5 دقائق يتحدث فيه المتقدم عن عمله أو أي شيء آخر يهتم به.

تناول “بورن هَب كيرز” أيضاً قضايا العنف المنزلي وكذلك أهمية إنقاذ الحيتان وإخصاء الحيوانات، ودعم الموقع حركة “موفمبر” وهي فعالية تتضمن إطالة الرجال لشواربهم لزيادة الوعي تجاه المشكلات الصحية الخاصة بالرجال مثل سرطان البروستات، بالإضافة إلى مبادرات لإنقاذ النحل وتنظيف المحيط من النفايات البلاستيكية. وعلاوةً على ذلك، أضاف الموقع إلى المواد الإباحية التي يعرضها مزايا خاصة لتمكين الزوار الذين يعانون من مشاكل في النظر أو السمع من الوصول إلى المحتوى.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو كيف تستجيب المنظمات الخيرية ومنظمات حقوق الإنسان على مثل هذه الممارسات؟

دأبت منظمات عديدة على التصدي لمثل هذه الأفعال منها منظمة “سوزان جي كومن”، وهي أكبر مؤسسة لمكافحة سرطان الثدي في الولايات المتحدة الأميركية، التي رفضت تبرعاً بمبلغ 75 ألف دولار من “بورن هَب”. في حين يبدو أن المنظمة التي قبلت التبرعات التي جمعها “بورن هَب” في “يوم الشجرة” تشعر بالحرج وترفض الاعتراف بذلك علناً.

في عام 2012، دشن “المركز القومي الأميركي للاستغلال الجنسي” حملة لإيقاف المنح الدراسية التي يقدمها موقع “بورن هَب”. إذ يرى هذا المركز أن هذه المنافسة على المنح تشجع الاستغلال الاقتصادي للشباب المستضعفين وتعزز من تطبيع هذا القطاع الذي يُلحق الضرر بكل من “الممثلين” والمشاهدين.

وفقاً لموقع سميلارويب (SimilarWeb) المُتخصص في تقديم إحصائيات وترتيب مواقع الإنترنت، وبحسب تحليل حركة الإنترنت، يحتل موقع “بورن هَب” المرتبة الثامنة عالمياً بين المواقع الأكثر زيارةً، إذ بلغ عدد زيارات الموقع 42 مليار زيارة عام 2019. وفي دراسة تحليلية تناولت 304 مشهداً إباحياً، تضمنت 88.2% من مقاطع الفيديو اعتداءات جسدية، بينما احتوت 48.7% منها على اعتداءات لفظية. وبالتالي، إذا تصفحت موقع “بورن هَب”، فيمكنك أن تلاحظ بوضوح من عناوين مقاطع الفيديو الأكثر مشاهدةً كيف تتضمن هذه المقاطع مشاهد مسيئة وعنيفة وتمييزية.

بحثت العديد من الدراسات العالمية والمحلية في تأثير المواد الإباحية على السلوك البشري، ووجدت أنه عندما يشعر أحد المشاهد بالاستثارة الجنسية أثناء مشاهدة محتوى عنيف، فإنه قد يربط بين المحتوى الضار أو العدائي والحالة الذهنية الإيجابية، ثم يبدأ المُشاهد في البحث عن محتوى أكثر عنفاً. وهذا هو على وجه التحديد ما يدفع لإدمان المواد الإباحية.

من الممكن أيضاً أن تحد مشاهدة المواد الإباحية من انزعاج الشخص الغريزي عند رؤيته سلوكاً عنيفاً وضاراً، وتحويل هذه الغريزة بدلاً من ذلك إلى شغف بالعنف. ففي يونيو/حزيران عام 2019، نشرت صحيفة أيرش تايمز (The Irish Times) المحاكمة الكاملة لصبي يبلغ من العمر 13 عاماً اغتصب بعنف بالغ زميلته في المدرسة، آنا كريغل، ثم قتلها. وعند البحث في محتويات هاتفه، تبين أنه كان يبحث غالباً عن مواد إباحية تتضمن اسم ضحيته ‘أنستازيا’. كما احتوى هاتفه على أكثر من 12 ألف صورة إباحية وعمليات بحث على الإنترنت عن مواد إباحية للأطفال.

بيد أن التأثير السلبي لا يقتصر فقط على من يشاهدون المواد الإباحية، بل يمتد أيضاً ليشمل الممثلين الإباحيين الذين يشاركون في إنتاج مثل هذا المحتوى ويظهرون على موقع “بورن هَب”. حتى بضعة أشهر مضت، كان “بورن هَب” يُحقق الكثير من الأرباح من موقع “غيرلز دو بورن” (Girls Do Porn) المختص بالإنتاج الإباحي الهاوي، وهي شركة تظاهرت في البداية بأنها وكالة تبحث عن عارضات أزياء، يشترك في ملكيتها المدان مايكل برات الذي مثُل أمام المحكمة عدة مرات بتهمة الاتجار بالجنس واستغلال الأطفال في إنتاج المواد الإباحية. فضلاً عن أن العديد من مقاطع الفيديو المعروضة على “بورن هَب”، تُظهر بالفعل بعض ضحايا الاتجار بالبشر لأغراض الاستغلال الجنسي. ولا يمكن للمشاهد العادي لتلك المواد أن يعرف ذلك ما لم يجري بحثاً شاملاً حول هذه المسألة.

ثمة عامل آخر ينطوي على إشكالية يتمثل في كلمة “مراهق” التي تتصدر مرتبة عالية بين الكلمات الأكثر بحثاً على موقع “بورن هَب”، والتي تُشير إلى أن هؤلاء المشاهدين كثيراً ما يبحثون عن مقاطع إباحية لفئة عمرية قريبة إلى حد خطير من المواد التي تعرض الأطفال. وعلى الرغم من أن الموقع يدعي أن هناك عملية للتحقق من الهوية لتتمكن من تحميل مقاطع الفيديو، ولا يسمح عموماً لأي ممثل إباحي دون السن القانونية بأن يظهر على الموقع، فقد ضُيق عليهم الخناق خلال المحاكمات الأخيرة، للاعتراف أنه بسبب بعض العيوب في عملية التعقب من الممكن أن يكون بعض القُصر قد ظهروا على موقعهم في الماضي.

في عام 2019 عُثر على فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً كانت قد فقدت منذ عام في فلوريدا بعد ظهور صور ومقاطع فيديو جنسية فاضحة لها على موقع “بورن هَب”. وبالإضافة إلى إرغامها على ممارسة أنشطة جنسية، فقد تسبب خاطفها، الذي عرف فيما بعد أنه يُدعى كريستوفر جونسون، في حملها ثم أجبرها على إجهاض الجنين. وطوال فترة الاختطاف المروعة، صور جونسون أكثر من 58 مقطع فيديو فاضح لها، ونشرها على العديد من المواقع مثل “بورن هَب”، و “بيريسكوب”، وتطبيق “سناب شات”. ولم تكن تلك الفتاة ذات الـ 15 عاماً هي الوحيدة بالتأكيد.

في عام 2009، وجدت فتاة تبلغ من العمر 14 عاماً، تعرضت للاغتصاب من قبل ثلاثة رجال، مقطع فيديو صادم يعرض تجربتها المأسوية على موقع “بورن هَب”. وتحدثت عن الحادث على قناة “بي بي سي نيوز” التلفزيونية عام 2020، مشيرةً إلى أن مقاطع الفيديو التي ظهرت فيها حصلت على أكثر من 400 ألف مشاهدة، بالإضافة إلى تصنيف تلك المقاطع ضمن فئة “مراهق”، وغيرها من الفئات العدوانية في العنوان والوصف. وعندما تواصلت مع موقع “بورن هَب”، وأوضحت أنها تلك القاصر التي تتعرض للاعتداء في مقاطع الفيديو، لم تتلقَّ أي رد. ولاحقاً، عندما أرسلت بريداً إلكترونياً إلى الموقع، وتظاهرت بأنها محامية وهددت برفع دعوى قضائية، حذف الموقع مقاطع الفيديو في النهاية.

منذ ذلك الحين، أطلقت مؤسسة “اكسيدوس كري” (Exodus Cry)، المعنية بمكافحة الاتجار والاستغلال الجنسي، عريضة عالمية تدعو إلى “إغلاق موقع “بورن هَب”، ومحاسبة المسؤولين التنفيذيين به لمساهمتهم في الاتجار بالبشر”، ولا تزال العريضة متاحة للتوقيع على موقع “traffickinghub.com”. تمكنت العريضة منذ ذلك الوقت من تجميع أكثر من نصف مليون توقيع. فقد حصلت على مئات الآلاف من التوقيعات لسبب وجيه؛ فالشركة التي تستفيد من الاتجار بالبشر لأغراض الاستغلال الجنسي، وتروج لثقافة الاغتصاب لابد أن تُغلق، بصرف النظر عما تفعله من أعمال خيرية.

والآن ونحن في زمن الوباء تحتاج مثل عمليات الاستغلال هذه أن تجد ردوداً أكثر جدية وفاعلية.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.