fbpx

هل يهدد”يوتيوب” الصحة النفسية والذهنية لأطفالنا…

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يلحّ سؤال الآباء والأمهات يوماً بعد يوم حول آثار مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الالكترونية ومن بينها “يوتيوب” وانعكاساته على صحة الأطفال، خصوصاً في ظل التقارير والدراسات الجديدة التي تحذّر باستمرار من الضرر الذي يحمله جزءٌ وافر من محتوى “يوتيوب”، لجهة تقديم مفاهيم مشوشة حول المجتمع والحياة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تخبر يارا المولى وهي أم لثلاثة أطفال أنّ ابنها البكر أدمن في فترة معينة مشاهدة”يوتيوب” بشكلٍ مفرط، إذ كان يمضي ساعاتٍ طويلة في مشاهدة أفلام “الكرتون” مسمّراً وشبه مشلول، وخلال هذه الساعات كان يمكن أن تنقلب الدنيا من حوله وأن تقوم القيامة ولا تقعد، فيما نظره لا يشيح عن الجهاز الإلكترونيّ الذي يحمله، فيبقى جامداً في مكانه، غير دارٍ بما يحصل.

تقول المولى لـ”درج”: “تأثّر ابني بأحد أبطال الأفلام الذي يملك قدرات خارقة، وبات يريد التشبّه به، حتى أنه حاول مراراً الطيران تيمّناً به وأذى نفسه أكثر من مرة”.

يلحّ سؤال الآباء يوماً بعد يوم حول آثار مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الالكترونية ومن بينها “يوتيوب” وانعكاساته على صحة الأطفال، خصوصاً في ظل التقارير والدراسات الجديدة التي تحذّر باستمرار من الضرر الذي يحمله جزءٌ وافر من محتوى “يوتيوب”، لجهة تقديم مفاهيم مشوشة حول المجتمع والحياة الجنسية.

ووفقاً لخبراء طبيين، يترك هذا المحتوى تأثيراً سلبياً على الدماغ، وتحديداً الأجزاء المسؤولة عن المهمات التنفيذية، مثل إجراء خيارات واعية والتخطيط للمستقبل. ويتحدّثون عن “يوتيوب كيدز” وهو منصة مخصصة للأطفال، من المفترض أن يتضمن محتوى ملائماً للأطفال، لكن هناك شكوك في مدى ملائمة هذا المحتوى للأطفال..

لا شكّ في أن “يوتيوب”، وهو وفق الدراسات الموقع المفضّل لدى الأطفال، يقدّم محتوى متنوّعاً ومفيداً لهم، إلا أنه غير منضبط، فأُسس الرقابة والحماية ضعيفة وغير كافية، فالجميع قد يملك قناة على الموقع وقد يحمّل أي فيديو. وغالباً ما يأتي المحتوى الجنسي أو العنفي مزيناً بالألوان الزاهية وبمشاركة شخصيات محببة مثل “ميكي وميني ماوس”، “إلسا وأنّا”…

تنبيه وتحذير

تحذّر أخصائية التربية منال أبو رجيلي عبر “درج” من “جزء كبير من المحتوى الذي يقدّمه يوتيوب”، منبّهة إلى أن “كل وسائل التكنولوجيا لها تأثيرات في فكر الأطفال ونموهم العاطفي- النفسي والاجتماعي، وليست مجرد أنشطة مسلية، بل إنها تطاول السلوك والنمو”.

وتقول: “لا ننفي إيجابيات التكنولوجيا لا سيما يوتيوب، لناحية إكساب الطفل مهارات جديدة ولغات مختلفة والتوعية حول مسائل عدة”، ثم تستدرك: “لكن على رغم هذه الإيجابيات، هناك مخاطر حقيقية، إذ هناك مشاهد محمّلة بالرسائل العنفية والجنسية، والتي لا تؤدي إلا إلى إفساد النمو النفسي والعاطفي عند الأطفال”. وترى أبو رجيلي أنّ “هناك احترافاً واضحاً في وضع هذه المشاهد لكل فئة عمرية وتقديم المحتوى بطريقة يفهمها الطفل ويستوعبها ويسجّلها وفق عمره. فمثلاً في عمر السنتين، يبدأ الطفل باكتشاف جسمه وأعضائه وأسس النظافة، فنرى على يوتيوب مشاهد غير مناسبة، متعلّقة بهذه المرحلة تحديداً. ونقصد بذلك، تقديم مفاهيم خاطئة وغير مستقيمة، عن كيف يقضي الولد حاجته مثلاً وكيف يهتمّ بنظافته. قد نرى في يوتيوب مشاهد حول هذه التفاصيل في أغنية أو في فيلم، ولكن بطريقة مغلوطة، إذ يعرضون سلوكيات جنسية تخص الكبار أو مشاهد في غير إطارها الطبيعي، ويستخدمون الشخصيات التي يحبها الأطفال للقيام بهذه الأمور، ولأن الصغار يتعلقون بها، سيعتبرونها مثالاً ونموذجاً صحيحاً، وسيقلّدونها”. وتؤكد أن “الخطورة الكبرى تكمن في انشغال الأهل عمّا يحدث مع أولادهم، فلا يصححون الأفكار الخاطئة، وبذلك يظنّ الولد أن ما رآه هو الحقيقة والجميع يفعل ذلك”.

وتتطرق أبو رجيلي إلى مسألة المسافة الجسدية وخصوصية الجسم وتقول: “هناك مشاهد على يوتيوب تكسر منبّه المسافة المطلوبة بين الطفل وأي شخص، وبذلك قد يتعرّض الطفل لأمور غير مستحبّة ويظنها طبيعية، من اعتداء أو تحرّش”.

وتتحدث عن بعض السلوكيات التي قد يلحظها الأهل على الأطفال نتيجة تعرّضهم لهكذا مشاهد فتقول: “قد يولد وعي جنسي مبكر ومفاهيم جنسية خاطئة، وربما يميل الطفل إلى الانزواء والعزلة ومحاولة اكتشاف ذاته بطريقة مفرطة، أو قد يعاني الطفل من اضطراب في المزاج وتوتر، وستكون طاقته محوّلة إلى العنف والأفكار الجنسية المغلوطة، ما سيؤثر سلباً في علاقاته الاجتماعية مع أصدقائه وعائلته ومعلميه”. وتذكّر بأحداث التنمر أو التعنيف الكلامي bulling، التي شهدتها مدارس كثيرة ودفعت أولاداً باتجاه الانتحار أو الاكتئاب، وكانت بسبب أولاد يعانون من اضطرابات في السلوك أو من سلوك عنيف.

نصائح إلى الأهل

وتوجّه أبو رجيلي بعض النصائح إلى الأهل:

-لا تنخدعوا بالصورة والألوان والأغاني وتظنوا أن الفيديو مخصص للأطفال وأنه غير مضر.

-لا تنخدعوا ببداية الفيديوات، فقد تكون النهاية مدمّرة لأطفالكم.

-ابقوا حاضرين مع أولادكم.

-لا تجعلوا حياة أولادكم مختصرة بـ”يوتيوب”، بل وجّههوهم إلى نشاطات أخرى كالألعاب والرياضات والأصدقاء والكتب والموسيقى، وليكن “يوتيوب” نشاطاً ثانوياً في حياتهم.

-لا تظنوا أن أولادكم لن يتعرّضوا لمشاهد جنسية وعنفية، إنما أحسنوا التصرّف ووجهوا اهتمامهم. لا تتوقفوا عندها كثيراً فتأخذ حيزاً أكبر في رأس الولد، بل اصرفوا النظر إلى نشاطات أخرى.

-ساعدوا أولاكم على تنمية الفكر التقييمي- التوجيهي، حتى يحسنوا اختيار ما يشاهدون وما لا يشاهدون.

-حددوا الوقت المسموح لأولادكم أن يقضوه على “يوتيوب” والانترنت، بحيث لا يتخطى (لا سيما في مرحلة الطفولة المبكرة) الـ20 دقيقة، كي لا يصل الطفل إلى مرحلة يدخل فيها دماغه مرحلة الانقطاع عن العالم الخارجي.

-وجهوا أولادكم لإدراك المخاطر ومعرفة العواقب وسلّحوهم بالتعبير اللغوي المناسب (هذا جيد، هذا جميل، هذا خطر).

أطفالنا ضحية الإعلانات

في إطارٍ آخر، يحذر الخبير الإقليمي في السلامة على الإنترنت أكرم كرامه، من أن “أطفالنا اليوم في حاجة إلى الحماية من الرسائل الاستهلاكية التي يتلقونها على يوتيوب، لا سيما الإعلانات التي تستهدفهم والتي عادة ما تكون بهدف إقناع الأطفال للتصرف بشكل معين أو شراء منتج ما”، مشيراً إلى أن “الإعلان الذي يستهدف الأطفال بهذه الطريقة، يحرمهم من فرصة التفكير النقدي، عبر إقناعهم بمنتجات أو تصرفات معينة”. ويضيف: “هذه الإعلانات تدعو الأطفال إلى فرض عبء مالي جديد على الأهل عبر يوتيوب أو يوتيوب كيذر”.

وينبّه إلى مسألة أخرى وهي أن “المعلومات عن الأطفال ونشاطهم والمواقع التي يزورونها وعاداتهم الرقمية وغير ذلك، كلها تسجَّل وتحفَظ وتتجمع، وبالتالي هناك خرق واضح لخصوصية الأطفال، عبر حفظ معلومات أطفالنا الشخصية في أماكن لا نعرفها واستخدامها لاحقاً لاستهدافهم بإعلانات تهمهم”.

ويلفت الانتباه إلى أن “الأطفال بغالبيتهم لا يستخدمون يوتيوب كيدز الذي يتمتع بنوع من الحماية أكثر من موقع “يوتيوب” غير المخصص للأطفال، وبالتي هم يخسرون حسنات بعض الضوابط التي وضعت ليوتيوب كيدز”.

ويوضح كرامه أن “يوتيوب كيدز هو واجهة ليوتيوب، وهناك نوع من الفلترة عليه لحماية الأطفال، إنما ما يحدث اليوم، أنّ هناك عدد من الفيديوات التي تخرق الضوابط عبر الخدع، إذ تبدأ الفيديوات بمشاهد لشخصيات يحبها الأطفال أو أغانٍ معروفة، فيما ينتهي الفيديو بمحتوى غير لائق بالأطفال، وبذلك يحاول من يقف وراء هذه الفيديوات التذاكي على أساليب الحماية الموضوعة في يوتيوب كيدز، بهدف الوصول إلى الأطفال”.

ينتقل كرامه إلى الحديث عن الحلول الممكنة، “لا سيما أدوات التحكم الأبوية parental control لزيادة الفلترة، ولكن على الأهل أن يواكبوا أطفالهم أيضاً ليعرفوا ماذا يشاهدون. كما يمكن أن نرى من الذي أنشأ القناة وإن كانت مفيدة، والنظر إلى الفيديوات المقترحة مع كل فيديو، لنعرف إن كانت تحمل ضرراً لأولادنا”، كما ينصح “بعدم ترك خاصية “التشغيل الأتوماتيكي”، وذلك لإدارة الخيارات، وبإمكان الأهل خلق قوائم للفيديوات التي يريدون أن يشاهدها أطفالهم، والاشتراك في قنوات مناسبة لثقافتهم وتربيتهم، إضافة إلى تحديد الوقت الذي يقضيه الأطفال على يوتيوب”.

ويقول: “دور الأهل مهم جداً، ويمكن اختصاره بكلمتين التمكين والمشاركة، تمكين الأطفال لحماية أنفسهم وتقييم المحتوى، ومشاركة الأهل أولادهم بما يشاهدون”.

ويؤكد كرامه أن “شركة يوتيوب تحاول تحسين الحماية والضوابط ورأينا خطوات مهمة في هذا الإطار، إنما هذه الأدوات لم تصل بعد إلى منطقتنا، للاستفادة منها وهذا مؤسف”.

“يوتيوب” تتأسف

وكانت إدارة موقع يوتيوب أعربت أخيراً عن “بالغ الأسف إزاء استمرار وجود مقاطع فيديو غير مناسبة على تطبيقها المخصص للأطفال “يوتيوب كيدز” YouTube Kids، وذلك إثر عدد من الشكاوى التي قُدمت في هذا الإطار.

وقالت إنها في حاجة إلى “بذل المزيد من الجهد” لمعالجة مشكلة مقاطع الفيديو غير المناسبة التي يشاهدها الأطفال.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.