fbpx

أكبر مخيم للمهاجرين في أوروبا: صرف صحي وقمامة و”كورونا”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أثارت حالة مؤكدة بمرض كوفيد-19، المخاوف من تفشي المرض في المخيم، حيث لا يحظى اللاجئون بالرعاية الطبية الملائمة

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في كل مساء، يجمع فرهاد وبناته الثلاث الفروع الجافة المتساقطة من كروم الزيتون التي تملأ السهول المحيطة في مخيم موريا، أكبر مخيم للاجئين في أوروبا. أصبح جمع العيدان الجافة لإضرام نيران شحيحة نشاطاً معتاداً للعائلة كل مساء. تعتبر الفتيات الصغيرات هذا النشاط بمثابة لعبة، لكن فرهاد يعلم أنهم يحتاجون إلى الدفء في الليل الذي قد تنخفض درجات الحرارة فيه إلى ما دون الصفر.

قال فرهاد، “عندما وصلت إلى اليونان، لم أكن أتوقع أبداً أن تكون الأوضاع بهذا السوء. تعيش بناتي في معاناة. الجميع هنا يعانون. لا نملك سوى أغطية قليلة ولا كهرباء ولا أحد يسمعنا ولا مكان آخر نلجأ إليه. أنفقت كل ما أملك من أجل المجيء إلى هنا”.

على رغم الظروف المأساوية في مخيم موريا، يواصل المهاجرون الفرار من أوطانهم بسبب العنف أو الفقر.

تحول مخيم موريا الواقع على جزيرة لسبوس اليونانية الذي كان من المقرر في بداية عام 2015 أن يكون مركزاً لتسجيل اللاجئين الوافدين إلى أوروبا، إلى مخيمٍ مكتظٍ يوصف باستمرار بأنه بمثابة “الجحيم”. وقد تجاوز عدد سكان المخيم راهناً العشرين ألف نسمة، أيّ سبعة أضعاف قدرته الاستيعابية. ينتظر اللاجئون، الفارون في معظمهم من الاضطرابات في الشرق الأوسط، وعوداً غير مؤكدة بحياة أفضل بينما ينظر في طلبات لجوئهم من خلال نظام بيروقراطي.

لا كهرباء بصفة مستمرة في المخيم، والمياه النظيفة متقطعة، ولا وجود أصلاً للمياه الساخنة. تفيض حاويات النفايات بالقمامة التي تغطي الشوارع الموحلة، ولا يتوافر في المخيم سوى المراحيض المتنقلة أو دورات المياه الخرسانية غير المضاءة. وتنفجر أنابيب الصرف الصحي مرة أسبوعياً على الأقل، متسببة في سيل من الفضلات البشرية التي تشق طريقها عبر المخيم قبل أن تصب بفعل الجاذبية في جدول قريب.

والآن، أثارت حالة مؤكدة بمرض كوفيد-19، المخاوف من تفشي المرض في المخيم، حيث لا يحظى اللاجئون بالرعاية الطبية الملائمة. سيتسبب الاكتظاظ والأوضاع المزرية في انتشار المرض سريعاً، وربما يستغرق الأمر ساعات من الوقوف في الطوابير المصطفة لزيارة أحد الأطباء القلائل في المخيم. وبمجرد أن يصلوا إلى الطبيب، تكون الإمدادات الطبية والأدوية قد باتت محدودة. علماً بأنه توفي سبعة أشخاص في المخيم، من بينهم رضع، منذ أيلول/ سبتمبر 2019.

وقالت أسماء، التي وصلت إلى جزيرة لسبوس في طوافة كبيرة مع 50 لاجئاً غيرها في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، “أصعب ما في مخيم موريا هو رؤية أطفالي يعانون. مرضت اثنتان من بناتي لأشهرٍ، وتوقف ابني عن الكلام، وأخشى من أنه قد يؤذي نفسه. في الليل، ننام أنا وزوجي وأطفالي متلاصقين داخل الخيمة حتى نشعر بالدفء”.

يركض كثير من الأطفال، الذين يشكلون حوالى ثلث سكان المخيم، وهم يرتدون نعالاً مكشوفة في أقدامهم. بينما يرتدي البالغون نعالاً بلاستيكية رخيصة أو أحذية رياضية مقلدة بمقاسات كبيرة للغاية أو أخرى بمقاسات صغيرة يقومون بثني حافتها عند الكعب حتى يمكنهم فرد أصابعهم داخلها. تنشب معارك في بعض الأحيان على الثياب أو أكياس النوم المتبرع بها، وتفتش بعض العائلات في القمامة عن كارتون وورق مقوى لِوضعه بين خيامهم أو على الأرض الباردة الرطبة. وفي المساء، تملأ الأمهات زجاجات بلاستيكية كبيرة بماء ساخن حتى يلتف حولها أطفالهن ليشعروا بالدفء، وهو تصرف ضئيل من أجل راحة أبنائهن في مكانٍ يُجرد فيه الوالدون من استقلالهم الذاتي.

تضيف أسماء، “كنت أعلم أنني سأموت إذا بقيت في أفغانستان، لكنني هنا أموت شيئاً فشيئاً كل يوم”.

على رغم الظروف المأساوية في مخيم موريا، يواصل المهاجرون الفرار من أوطانهم بسبب العنف أو الفقر. ففي غضون أيامٍ من إعلان تركيا الأخير بأنها لن تمنع اللاجئين بعد الآن من محاولة الوصول إلى أوروبا، توافد آلاف اللاجئين على الحدود، وأصبحوا الآن محاصرين على الحدود الشمالية التركية ما بين مواجهة مميتة مع الشرطة اليونانية -المسلحة بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي- التي تحول دون مرورهم والأتراك الذين يمنعونهم من العودة. وقد هاجم أيضاً السكان المحليون اليائسون على جزيرة لسبوس قوارب المهاجرين والصحافيين والعاملين في الإغاثة. 

ينظم سكان المخيم بانتظام مسيرات في الشوارع المحيطة حاملين لافتات تشجب أوضاعهم. لكن التظاهرات باتت أكثر فوضى وعنفاً بعد نشوب حريق هائل في المخيم أودى بحياة أم وطفلها العام الماضي. ونشرت الشرطة اليونانية راهناً المئات من قوات مكافحة الشغب، للتصدي للنزاعات التي تتزايد حدتها، لكن سرعان ما سحبت الحكومة تلك القوات في غضون أسابيع وذلك بعدما أصيب عشرات المواطنين والضباط خلال الاشتباكات.

سألت فرشته، وهي شابة أفغانية، خلال أحد الاحتجاجات التي اندلعت في مطلع هذا العام، “هل تعلم لماذا لا يزال العالم صامتاً؟”، مضيفةً، “لم أكن أتوقع هذا في أوروبا. الناس يعانون. الناس يموتون”.

هذا المقال مترجم عن vice.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي