fbpx

ماذا لو تعاملت الأمم المتحدة مع “كورونا” كما فعلت بسوريا؟ 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هل ستقوم الأمم المتحدة بإيقاف تعداد ضحايا “كورونا” لكثرتهم وصعوبة الإحصاء والاكتفاء برقم 100 ألف مصاب كما فعلت بوقف تعداد ضحايا سوريا؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تحاول الأمم المتحدة التعامل مع فايروس “كورونا” بجديّة، والانخراط في سياق مكافحته كوباء عالمي، وتقوم مختلف الوكالات واللجان الأممية في الأمم المتحدة بالتفاعل وتوجيه الاهتمام والجهود نحو الفايروس الجديد في المجتمعات التي تعمل فيها. 

ومع نشاط الأمم المتحدة اللافت في هذه الأزمة، نتذكر تفاعلها عام 2011 مع قضية سوريا، فمنذ بداية الثورة السورية حاولت الأمم المتحدة التدخل بقوة في ما يحصل، وعندها تعرفنا إلى عشرات المنظمات التابعة للأمم المتحدة، ولكن، ماذا لو تعاملت الأمم المتحدة مع أزمة “كورونا” كما تعاملت سابقاً مع ما يحصل في سوريا؟ كيف تكون النتيجة؟

ماذا لو أوقفت الأمم المتحدة تعداد ضحايا الفايروس وتثبيت الرقم على ما تم إحصاؤه بعد بضعة أشهر من بداية الانتشار؟

الأمم المتحدة أوقفت تعداد الضحايا الذين يسقطون خلال الثورة السورية برصاص الحكومة السورية بعد سنتين من اندلاع الثورة التي لا تزال مستمرة ولا يزال يسقط ضحايا، لكن الأمم المتحدة علّقت في 2013 إحصاء الضحايا بسبب “الوضع المعقد وكثرة الضحايا”، بحسب ما بررت، وهي لا تزال تعتمد رقمها الأخير الذي توقّف في تموز/ يوليو 2013 عند 100 ألف ضحية، بينما الأرقام التقديرية الآن تقول إن أكثر من نصف مليون شخص فقدوا حياتهم.

فهل ستقوم الأمم المتحدة بإيقاف تعداد ضحايا “كورونا” لكثرتهم وصعوبة الإحصاء والاكتفاء برقم 100 ألف مصاب؟

وماذا لو دفعت الأمم المتحدة أموالاً لشركات تحتكر الدواء واللقاح، ومن ثم تبيع هذه الشركات اللقاحات المدعومة بأسعار هائلة؟ أو ربما تساعد الأمم المتحدة الدول الدكتاتورية التي تمتنع عن معالجة مواطنيها، فتقوم ببيع العلاج في السوق السوداء لاستخدام العائدات المالية لقمع شعوبها وتمويل آلتها الحربية التي تقوم بقمع حركات تحرر الشعوب.

هل باتت الأمم المتحدة عائقاً ثقيلاً على النظام العاملي من دون تحقيق أي جدوى من هذا الجسم الضخم والمكلف؟

قامت الأمم المتحدة ومذ بدأ النظام السوري بسياسة تطويق المدن، بتزويد هذا النظام الذي يحاصر المدن ويمنع الطعام، بمئات الأطنان من المواد الغذائية، طالبة منه أن يفك الحصار. لم يفعل النظام طبعاً، بل استخدم الغذاء لدعم عملياته العسكرية وإرسال مساعدات الأمم المتحدة إلى القطع العسكرية، وباع الأغذية للمناطق المحاصرة بمبالغ خيالية لتحقيق مكاسب مالية لجنرالات جيشه.

وماذا لو قامت الأمم المتحدة بتزوير التقارير الطبية وتغيير المصطلحات لعدم إثارة الرعب في قلب المرضى والسكان في المجتمعات التي تتعرض لفايروس “كورونا”؟

قامت الأمم المتحدة من خلال مكتبها في دمشق، بالتلاعب بالتقارير الأممية التي تدين النظام السوري، لتخفيف حدة الاتهامات أو إزالتها بشكل كامل، ما أضاع فرصاً كبيرة لإدانة النظام ومحاسبته على المجازر التي ارتكبها، وقد ازداد هذا السلوك بعد تدخل روسيا بقوتها العسكرية على الأرض في سوريا لحماية بشار الأسد ودعمه لارتكاب الكثير من المجازر واستهداف مراكز الدفاع المدني السوري والمرافق الطبية، بينما لا تزال الأمم المتحدة تنظر بخجل وتدين بخجل هذه المجازر من دون توجيه أصابع الاتهام لأحد، وتحدّثنا عن الفاعل بصيغة المجهول.

هذا كله لا يغطي جزءاً بسيطاً من تقاعس الأمم المتحدة عن التعامل بجدية ومسؤولية مع ما حصل ويحصل في سوريا، فعلى سبيل المثال عندما كانت حلب محاصرة، بدلاً من أن تستخدم الأمم المتحدة قرارات مجلس الأمن لمجابهة الحكومة السورية والميليشيات التابعة لها، كانت ترسل الأكفان لدفن الموتى في المناطق المحاصرة، وتشرف على إخلاء السكان الأصليين وإرسالهم إلى إدلب، فيقوم النظام بتوطين موالين له وعائلات المقاتلين الأجانب من إيران والعراق ليخلق بيئات موالية له بمساعدة الأمم المتحدة.

لا بد من الإشادة بجهود الأمم المتحدة في التصدي لانتشار فايروس “كورونا” الحالي والأزمة العالمية التي لا تمكن السيطرة عليها، وسعيها إلى إحراز فرق وتقدم على الكارثة الدولية، مع جهود “منظمة الصحة العالمية” والبرنامج الدولي للغذاء وغيرهما من الهيئات التي تتبع للأمم المتحدة. ولكن لا بد من التذكير بكلفة تسيير هذا الجسم الضخم، إذ إن الكلفة التشغيلية لأجسام الأمم المتحدة تتعدى الخمسين في المئة، هذا يعني أنه إذا تبرعت إحدى الدول بمليون دولار لمواجهة أزمة ما من طريق الأمم المتحدة، فلن يتجاوز المبلغ الذي يتم إنفاقه على الأزمة الـ500 الف دولار، سواء أكان خدمات أو مساعدات غذائية أو برامج. أما بقية المبلغ فسيتم صرفه على موظفي الأمم المتحدة من رواتب وسفر وتنقلات وحراسة ومكاتب، ومع ذلك، لم نشهد نتائج حقيقية لجهود الأمم المتحدة في معظم الأزمات التي أشرفت على حلها، على سبيل المثال: بلغت كلفة العمليات التشغيلية لقوات حفظ السلام حول العالم في 2016 نحو 9 مليارات دولار، بينما كان الشرق الأوسط والكثير من المناطق عبارة عن بلدان لا سلام فيها.

بعد هذا، لا بد أن نسأل، هل لا تزال الأمم المتحدة هي الجسم الأممي الأنسب للتعامل مع الملفات الدولية؟ هل تستطيع مع هذا التسييس الذي يحصل فيها أن تحمي ملايين البشر الذين يعانون من ظلم بسبب الأنظمة السياسية التي تتحكم في الأمم المتحدة ذاتها؟ أم أنها أصبحت شريكاً لهذه الأنظمة السياسية في قمع المدنيين الرافضين هذه الأنظمة؟ هل باتت الأمم المتحدة عائقاً ثقيلاً على النظام العاملي من دون تحقيق أي جدوى من هذا الجسم الضخم والمكلف؟