fbpx

“كورونا” فرصة الأنظمة لتمرير الفساد وقوانين الطوارئ

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إنه وقت مثالي للحكومات الضعيفة الفاسدة لتفعل ما يحلو لها ولتجترح المزيد من السلطة بينما يصرف مواطنوها وقتهم وجهدهم لتوفير الحماية والطبابة والأمن والتكيف النفسي مع العزل والانكفاء.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فهمنا أن الحياة لن تكون أبداً كما عرفناها.

علينا تقبل أننا لا نستطيع الخروج من المنزل حين يحلو لنا، وأن علينا الحفاظ على مسافة آمنة مع الآخرين. أقصينا أنفسنا من الطرق ووجدنا أن من حق عناصر الجيش أن يوقفوا العابرين وأن يعيدوهم الى منازلهم وأحياناً أن تقودهم إلى السجن. 

نحن مجبرون قسراً وسريعاً على التأقلم مع العيش في ظل موت يحوم فوق رؤوسنا، فيما نحاول استيعاب تأثير حالة الطوارئ الصحية الثقيلة على حياتنا اليومية وعلى أعمالنا وعلى علاقاتنا وأسلوب عيشنا، والأخطر على حرياتنا المنقوصة أصلاً والتي باتت اليوم تسلب منا سريعاً بحجة الحدّ من انتشار الوباء. 

امتلأت الشوارع بالكثير من عناصر الجيش والأمن، فلا تجول، ولا تجمعات، ولا لقاءات ولا خصوصية إلكترونية ولا احتجاجات ولا انتقاد.

نتابع عداد الإصابات والضحايا من حول العالم يتزايد ومعه عداد إجراءات الحماية المفترضة، حظر تجول، لا تجمعات، ملاحقة صفحات إلكترونية خاصة، اعتقال وسجن من يجادل بالحقائق والمعالجات.

المشكلة أننا قد لا ننتبه الى الحقوق التي تنازلنا عنها في محاجرنا إلا بعد فوات الأوان

هل يكون العلاج أكثر كلفة من الوباء؟

بسرعة تكاد تفوق سرعة انتشار الفايروس، استغلت سلطات وحكومات كثيرة فرصة “كورونا”، للانقضاض على مكتسبات تحققت بشق الأنفس وبتضحيات هائلة، وتقويضها. 

فجأة تم إقصاؤنا من الساحات العامة ومنعنا من الاحتجاج والتظاهر، ووجد ناشطون كان لهم أدوار بارزة في مجابهة فشل أو تقصير حكوماتهم أنفسهم مجدداً قيد الملاحقة.

في لبنان وبذريعة الوباء تم حرق خيم معتصمي وسط بيروت وجرى اعتقال ناشطين حاولوا الاحتجاج على استمرار المصارف في مصادرة أموال المودعين. وتحت مظلة كورونا جرى تمرير صفقات سدود تحمل شبهات فساد مالي وبيئي ونشطت محاصصات تعيينات وتلزيمات.

 في الجزائر شدد النظام قبضته على المجتمع المدني الذي نشط خلال تظاهرات العام الماضي، فثبت أحكام سجن بحق صحافيين وناشطين وهو ما وصفته جمعيات بأنه “تصفية حسابات مع الصحافة المستقلة”. 

في المغرب والأردن، تكررت حملات اعتقالات واسعة وسجن أشخاص لم يلتزموا الحجر المنزلي وفرضت عليهم غرامات باهظة. 

في تونس تفرض قيود على تغطية حالات الاصابة بالوباء، وبذريعة مكافحة الأكاذيب تنشط محاولات لتمرير مشروع قانون يبالغ في تجريم نشر الأخبار الزائفة ويحمل عبارات تسمح بالتسلل لمنع الاعتراض وتقويض الحريات. 

في مصر، لا معلومات دقيقة حول حجم انتشار كورونا، وما أن نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريراً يقول إن الأرقام الرسمية التي نشرتها السلطات غير دقيقة وأن الأرقام أعلى من ذلك، حتى تم الإعلان عن طرد مراسلة الصحيفة من مصر. 

إجراء مماثل اتخذته السلطات العراقية بحق وكالة “رويترز”، بعدما شككت بأرقام السلطة حول عدد إصابات كورونا، فتم أيضاً تعليق ترخيص الوكالة لأشهر. في تركيا سجن صحافيون، من بينهم من انتقد قصور المعالجات الحاصلة لاحتواء الوباء. أما حال السجون والسجناء فتلك قصة لها شجونها مع تردد معلومات عن إصابات تعرض لها سجناء في أكثر من بلد في المنطقة خصوصاً في مصر والسعودية والإمارات.

بموازاة التعتيم والتضييق، نشط إعلام السلطات في نشر المزيد من الخرافات، فخرج “أطباء” في مصر على قنوات رسمية يتحدثون عن مآثر طبق الفول المصري الشهير في تقوية المناعة والاشادة بجهود الحكومة في القضاء عليه. 

في سوريا، أعلن وزير الصحة أن الجيش السوري قضى على الفايروس، ولا معلومات دقيقة عن حجم انتشار الوباء.

وفي السعودية حيث النسبة الأعلى من عدد الاصابات بين الدول العربية، أعاد النظام استخدام رجال دين موالين له فظهروا يباركون ويدعمون باسم الدين إجراءات الحجر والابتعاد من المساجد.

في معظم الدول، علت أصوات التخويف من العامل واللاجئ والوافد وتم إغراق الخطاب العام بالتضليل والخرافة وبالكثير من الكراهية والحث على التمييز والقليل من المعلومات الصحيحة.

من السهل بناء سلطة طوارئ لكن من الصعب جداً تفكيكها. حصل ذلك قبل الفايروس في سوريا ومصر حين أعلنت قوانين الطوارئ واستمرت سارية لعقود.

الأمثلة لا تتوقف، إذ لطالما اعتبرت الحكومات في بلادنا الشفافية نقطة ضعف، والحقائق والمعلومات المنشورة يتم التعامل معها كما لو كانت تهديداً للأمن القومي، وكأن المعلومات حول العدد الحقيقي لضحايا العدوى هي هجوم شخصي، لا أزمة صحية يكافح العالم بأسره لاحتوائها. لكننا في بلادنا ندفع ثمناً مضاعفاً بعدما أمعنت الأنظمة في فسادها لنجد أنفسنا في ظل الوباء أمام أنظمة صحية مهترئة غير مؤهلة لاستيعاب الكارثة التي حلت بنا.

العزل واعتقالات وسجن 

يطلب المواطنون القلقون على صحتهم وأمانهم واقتصادهم اتخاذ إجراءات حماية في دول نخرها الفساد والتسلط. لقد طغى الفايروس التاجي بالفعل على الخدمات الطبية، وأوقف الرحلات الجوية، وقضى على النمو الاقتصادي، ولكن أحد آثاره الأكثر فتكاً ربما تمثل في الدخول في عصر سياسي المتسلطون فيه أكثر تمكناً وسطوة.

لقد أصدر قادة في جميع أنحاء العالم مراسيم طوارئ وتشريعات وسعت نطاق سلطتهم، فهل سيتخلون عن تلك السلطات حين يتم احتواء الوباء؟

عالمياً، وقع الجميع في فخ الاجراءات الاستثنائية. في المجر، منح قانون جديد رئيس الوزراء فيكتور أوربان سلطات هائلة، وتشيلي أرسلت الجيش إلى الساحات العامة التي كان يحتلها المحتجون في زمن ليس بعيد، وبوليفيا أجلت الانتخابات، ورئيس الفيليبين هدد بإطلاق النار على من يخرق الحجر الصحي.

في منطقتنا، هدأت الساحات التي التهبت بالمحتجين في لبنان والعراق والجزائر وبدت خالية تماماً، فالفايروس نفسه برّد إرادة المتظاهرين وبث الخوف وتراجعت المعارضة التي هزت البلاد شهوراً.

إنه وقت مثالي للحكومات الضعيفة الفاسدة لتفعل ما يحلو لها ولتجترح المزيد من السلطة بينما يصرف مواطنوها وقتهم وجهدهم لتوفير الحماية والطبابة والأمن والتكيف النفسي مع العزل والانكفاء.

المشكلة أننا قد لا ننتبه الى الحقوق التي تنازلنا عنها في محاجرنا إلا بعد فوات الأوان، إذ ليس من الواضح ما الذي سيحدث لقوانين الطوارئ عندما تمر الأزمة. فبمرور الوقت تتغلغل قوانين الطوارئ في الهياكل القانونية وتصبح طبيعية. من السهل بناء سلطة طوارئ لكن من الصعب جداً تفكيكها. حصل ذلك قبل الفايروس في سوريا ومصر حين أعلنت قوانين الطوارئ واستمرت سارية لعقود.

مرة جديدة، سينتزع الأقوياء الطعام من أفواه الفقراء. وها نحن قابعون في عزلتنا في المسافة غير المرئية بين الوباء والتسلط.

استبداد سابق للفايروس

كان العالم غرق بالفعل في مستنقع من الطموحات الاستبدادية قبل عام 2020، ولكن مثلما عرّض الفايروس التاجي وآثاره المدمرة الكثير من سكان الكوكب لخطر الموت، أعطت الأزمة هؤلاء القادة أدوات قمع فعالة: المحجر المنزلي، والاعتماد القسري على الاتصالات الإلكترونية القابلة للتتبع، والاعتماد على الموارد الحكومية والمعلومات.

المشاعر المتعاظمة هذه المرة هي الخوف، وهذا ما يجعل الناس على استعداد لتحمل كل شيء، فعندما يكون الخطر محدقاً، يعتقد البعض منا أن السلطة،أي سلطة، وحدها يمكنها مساعدتنا.
لقد تلقى الاقتصاد بالفعل أكبر ضربة، فقد مئات آلاف الأشخاص وظائفهم، وسيصبح كثيرون عاطلين من العمل في الأسابيع المقبلة. عدم المساواة في الثروة والفرص والحصول على الرعاية الصحية صار أكثر وضوحاً مما كان عليه قبل شهر فقط.

 يعاني مئات الملايين من سوء التغذية نتيجة التوزيع غير المتكافئ للثروة والسلطة، ويمكن أن يؤدي نقص الغذاء إلى تجويع المليارات. 

مرة جديدة، سينتزع الأقوياء الطعام من أفواه الفقراء. 

وها نحن قابعون في عزلتنا في المسافة غير المرئية بين الوباء والتسلط.

كريم شفيق - صحفي مصري | 29.03.2024

محمد جواد ظريف… حبال السلطة الصوتية في إيران بين المنع والتسريب!

ظريف، وبحسب التسريب الأخير، قام بعدّة أدوار وظيفية، ربما جعلته يتفادى هجوم الأصوليين، وجاهزيتهم للعنف والاتهامات سواء كانت بـ"الخيانة" أو "العمالة" أو "الجهل".