fbpx

العراق : أحرقها وقال لأهلها “هذه ابنتكم خذوها”…

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

حكايات وقصص تشي بحقائق مرعبة تعيشها نساء كثيرات في مجتمع مزقته الحرب والصراعات الطائفية والفقر والبطالة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
صورة جانبية للمرأة ضحية الاعتداء

الجناة: أفراد أمن وعناصر ميليشيات

في محافظة كركوك شمال العراق، وفي ظل حظر التجوال التي تفرضه السلطات المحلية، وتطبيق الإجراءات الوقائية من تفشي فايروس “كورونا”، تسرب في وسائل التواصل الاجتماعي تسجيل مصور يظهر عملية اغتصاب جماعي لامرأة في بناء مهجور.

الحادثة هزَّت الشارع العراقي، وأثارت الجدل حول هوية الجناة والضحية، الأمر الذي استدعى تدخل الشرطة على الفور وإعلانها إلقاء القبض على الفاعلين مع وعود بنشر نتائج التحقيق خلال 72 ساعة، بعدما أخذت الحادثة أبعاداً سياسية وطائفية وقومية.

الضحية امرأة تبلغ من العمر 40 سنة، وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد رفض ذووها اعطاء أي تفاصيل عن الجريمة او كشف هوية الشابة مخافة الوصم الاجتماعي الذي يقترن عادة بحالات الاعتداء المماثلة.

يقول الزوج وهو الآخر مقعد ولا يستطيع المشي، إنَّ الجناة استغلوا عجزه وحالة زوجته النفسية وخلو المنطقة من الناس والمارة بسبب حظر التجوال المفروض بسبب انتشار وباء كورونا من أجل تنفيذ جريمتهم، وذكر أنهم كانوا يأتون إلى بيته بحجة تقديم المساعدة، إذ تعيش العائلة على المساعدات الإنسانية في بناية تقع في منطقة بردي في ناحية آلتون كوبري، بعد نزوحها من منطقة ليلان قبل سنة بسبب الفقر والعجز عن تحمل نفقات الحياة والعلاج هناك.

الشرطي ابراهيم روكان أحد منفذي الاعتداء

منفذا جريمة الاغتصاب هما عنصران في قوات الأمن العراقية، أحدهما يعمل في قيادة شرطة كركوك، والآخر ينتمي لميليشيات “الحشد الشعبي”، وبحسب قائد عمليات كركوك اللواء ركن سعد حربية فإنه (عنصر الحشد الشعبي) كان تقدم بطلب للانضمام إلى صفوف الجيش العراقي لكنه رُفض.

ميليشيات “الحشد الشعبي” نفت أن يكون أحد منفذي الجريمة منتمياً إليها، بينما تحدث لنا أحد أفراد عائلة الضحية عن ستة آخرين ينتمون إلى “الحشد الشعبي”، كانوا متورطين أيضاً بجريمة الاغتصاب، وأكد أنَّ 8 أشخاص (7 منهم ينتمون للحشد الشعبي) تناوبوا على اغتصاب الضحية لمدة ثلاثة أيام متتالية.

يقول زوج الضحية إنه إضافة إلى كونه مقعداً فهو مصاب بالسرطان، ولا يستطيع المشي والعمل لإعالة زوجته وابنهما البالغ من العمر خمس سنوات، لذا أعطاه لإحدى العائلات التي تكفلت بتربيته، أما الزوجة الضحية فقد أكد رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي إن السلطات المحلية لم تستجب لنداءات اللجنة من أجل توفير مأوى يليق بالعائلة وحاجاتها.

في محافظة كركوك الغنية بالنفط، وهي إحدى المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان وبغداد، لا مستشفى للأمراض النفسية، ولا دور رعاية لذوي الاحتياجات الخاصة، لذا فإنَّ السيّدة الضحية عندما تُصاب بنوبات عصبية تخرج إلى الشوارع وتظل ساعات طويلة خارج المنزل من دون أن تعي ما تفعل.

قائد عمليات كركوك اللواء ركن سعد حربية، وفي مؤتمر صحافي خاص حول الحادثة، كشف أنَّ الجريمة حدثت قبل أسبوعين من تاريخ انتشار التسجيل المصور الذي يظهر عملية الاغتصاب، وذكر أيضاً أنَّ الجناة اعترفوا بوجود شركاء لهم: “في الحال قامت قواتنا في الشرطة الاتحادية بإلقاء القبض على هؤلاء الجناة وتسليمهم إلى قيادة الشرطة لاتخاذ الإجراءات القانونية حسب السياق المتبع في القضية”.

وبين حربية أنَّ زوج الضحية قدم شكوى فقط ضد الفاعل وليس ضد المصور الذي تبين في ما بعد أنه تناوب مع شريكه على اغتصاب المرأة.

المقاتل في “الحشد الشعبي” ابراهيم محمد شاكر – أحد منفذي الاعتداء

الضحية تنتمي إلى القومية الكردية، وزوجها تركماني، والجناة عرب، وهذا الأمر في كركوك لا يمكن أن يمر من دون جدل طائفي وقومي، وبالفعل حدث ذلك، وأخذ الأمر أبعاداً سياسية وإثنية، وعلى إثره تتالت ردود الفعل من أعلى المستويات في إقليم كردستان، إذ أصدر الرئيس السابق لإقليم كردستان ورئيس “الحزب الديموقراطي الكردستاني” مسعود بارزاني بياناً شديد اللهجة دعا فيه حكومتي العراق وإقليم كوردستان إلى إجراء تحقيق مشترك في جريمة الاعتداء على “امرأة كوردية” في كركوك.

البارزاني قال في بيانه:”هذه الجريمة ظلم كبير يتعرض له المواطنون الكورد المحرومون في ظل الإدارة والواقع العسكري المفروضين في كركوك، ومنذ البداية تعودت هذه السلطات على معاداة المواطنين الكورد وحقوقهم بشتى الطرائق”.

المتحدث باسم شرطة محافظة كركوك العميد أفراسياو كامل، قال لشبكة “رووداو الإعلامية الكردية” إن: الشخصين أحدهما شرطي أعيد للخدمة مؤخراً وهو متزوج ولديه أطفال والآخر قدم طلباً بالانضمام للحشد وهو نازح من بغداد يسكن في بردي وقد اعترفا بارتكابهما الجريمة”.

أحرقها وقال لهم: هذه ابنتكم خذوها!

في الجنوب لا يختلف الوضع كثيراً من حيث السوء والعنف ضد المرأة، فهناك وتحديداً في مدينة النجف (المدينة المقدسة عند الشيعة) ضجَّت “السوشيل ميديا” العراقية بخبر حرق الفتاة ملاك حيدر الزبيدي (20 سنة) من قبل زوجها وعائلته.

سارة الزبيدي، شقيقة ملاك، نشرت على حسابها في “فايسبوك” صوراً لشقيقتها في المستشفى، وصوراً أخرى لها قبل أن يُشَوَّه وجهها وجسدها، كما نشرت صوراً لزوجها وعائلته وكتبت: “العقيد حميد المياحي وأولاده أحرقوا أختي، وتركوها في المستشفى، وقالوا لنا: هذه ابنتكم خذوها”.

ملاك قبل وبعد الاعتداء عليها وحرقها

تضيف سارة أن محمد المياحي زوج ملاك يمنعها منذ 8 أشهر من زيارة أهلها، ويمنع أهلها وصديقاتها من زيارتها، وأكدت أنَّ بحوزتها رسائل من الزوج تثبت تهديداته لهم ولزوجته ملاك، وتثبت أيضاً تعرضها للضرب والعنف من قبل زوجها وعائلته.

في فيديو مصور تظهر ملاك وهي تصرخ من الألم في مستشفى الصدر، وتطلب إعطاءها أدوية تخدير لأنها لا تتحمل وجع الحروق، بينما تحاول عائلتها تخفيف آلامها بتشجيعها على التحمل والصبر.

محمد المياحي، زوج ملاك، كتب روايته عن الحادثة، وقال إن زوجته هي أحرقت نفسها، وأنَّهم (هو وعائلته) نقلوها إلى المستشفى، من دون أن يذكر الزوج الأسباب الحقيقية التي دعت الفتاة إلى الإقدام على هكذا خطوة انتحارية، وبرر ذلك بأن والدها ووالده (عقيد في الشرطة) بينهما خلافات شخصية، وقد تواصلنا مع الزوج من أجل توضيح التناقض في الروايتين لكنه لم يرد علينا.

رواية الزوج هذه تتناقض مع رواية أخرى له، قال فيها إن جهاز الطبخ انفجر على زوجته، ما أدى إلى احتراقها، لكنَّ سارة الزبيدي تنفي كلا الروايتين، وتؤكد أنَّ الزوج وعائلته قاموا بإحراق ملاك ولم يطفئوا جسدها إلا بعدما توسلت إليهم وأخبرتهم أنَّها لن تتهمهم مقابل أن ينقذونها، وتضيف: “ظلت تصرخ عليهم وتتوسل إليهم أنَّها لا تتحمل هذا الألم”.

والدة ملاك، تقول إنَّ زوجها كان يضربها باستمرار، ويمنعها من زيارتهم (عائلتها) وقالت في حديث لقناة الشرقية العراقية إنَّ ملاك أخبرتها أنَّ زوجها كان كلما حدثته بخصوص زيارة أهلها يعنفها ويضربها بشكل وحشي، حتى وصل بها الحال أن هددته بإحراق نفسها.

مجلس القضاء العراقي ذكر في بيان له أنَّ الفتاة سجلت شكوى أمام محكمة تحقيق النجف ضد زوجها بداعي قيامه بضربها وقيامها بحرق نفسها جراء استخدام العنف ضدها ولم يقم زوجها بإطفائها وأن والد زوجها هو الذي نقلها إلى المستشفى بعد أن قام بإطفائها.

https://youtu.be/NsbUE84cyyA
والدة ملاك تروي مأساة ابنتها

الحادثة أثارت استياءً كبيراً في الشارع العراقي، وعلى إثرها وجه محافظ النجف لؤي الياسري بتشكيل لجنة تحقيقية لكشف ملابسات الحادثة، وكذلك دخل على خط الأزمة وزير الداخلية ياسين الياسري الذي أمر قائد شرطة النجف العميد فائق الفتلاوي بمتابعة القضية بشكل شخصي وإطلاعه على كافة تفاصيلها.

هذا التطور يأتي بعد أن هددت قبيلة زبيد (قبيلة الفتاة) باتخاذ التدابير التي تمليها العادات والتقاليد العشائرية في حال لم تُسلم قبيلة المياحي (قبيلة الزوج) زوج ملاك لها.

قبيلة زبيد ومن خلال شيخها العام في مدينة النجف علي الزبيدي لوَّحت باستخدام السلاح أو بما يُعرف بالعُرف العشائري في العراق بـ “العَطْوة” وهي أن تقوم القبيلة بمهاجمة بيت الخصم من القبيلة الأخرى ورشقه بوابل من الرصاص تحذيراً وتهديداً.

https://youtu.be/theIBUJCEkk
عشائر النجف تتحدث عن قضية ملاك

القبائل في العراق قد تخوض معارك حقيقة من أجل المرأة بداعي “الشرف” كما أنها قد تستخدم المرأة فدية أو تقدمها بمثابة جِزية من أجل حل نزاعاتها التي تستخدم فيها الأسلحة المتوسطة والثقيلة أحياناً.

على سبيل المثال لا الحصر، وفي عام 2015 اندلع خلاف بين عشيرتين في محافظة البصرة جنوبي العراق، تطور سريعاً إلى معركة كبيرة استخدمت فيه العشيرتان أنواع الأسلحة حتى الثقيلة منها، وسقط قتلى وجرحى في صفوف العشيرتين؛ ولإنهاء هذه الحرب كان على العشيرة المعتدية تقديم 40 امرأة من ضمنهن فتيات قاصرات “تعويضًا” للعشيرة الأخرى، حيث يجري تزويجهنَّ بالإكراه لرجالٍ من القبيلة الخصم.

بالأرقام… العنف ضد المرأة العراقية

في القانون الجنائي العراقي وكذلك في الدستور، لا يوجد أي بند أو نصّ يحمي المرأة من العنف الأسري، والبرلمان العراقي فشل حتى كتابة هذا التقرير في تشريع قانون العنف الأسري. وفي مذكرة أرسلتها منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى رئيس البرلمان العراقي بتاريخ 19 آذار / مارس 2017 قالت إن على البرلمان تحديد عقوبات خاصة بجرائم العنف الأسري، وإلغاء البنود التي تقدّم الصلح على العدالة، مع تعزيز تدابير الحماية الخاصة بالضحايا في مشروع قانون مناهضة العنف الأسري.

المنظمة أوضحت في مذكرتها أنَّ تفعيل قانون وطني وإنفاذه لمكافحة العنف الأسري يستوفي المعايير الدولية خطوة لا غنى عنها لمنع الانتهاكات والتعامل معها. وتعتبر “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” (سيداو) التي صادق عليها العراق عام 1986، أنَّ العنف ضد النساء هو من أشكال التمييز القائم على الجنس.

وفي أيار/ مايو عام 2014 كشفت ممثلة هيئة الأمم المتحدة لشؤون المرأة في العراق فرانسيز كاي خلال حديث مع وكالة “المدى برس” أنَّ 60 في المئة من النساء في العراق تعرضن للعنف من قبل الأزواج، وأضافت أن نسبة النساء المتعلمات في العراق خلال خمسينات القرن الماضي كانت نحو 90 في المئة أما الآن فهذه النسبة انخفضت إلى 40 في المئة.

وبحسب هيئة الأمم المتحدة لشؤون المرأة في العراق أيضًا، فإنَّ 14 في المئة فقط من النساء العراقيات يعملن خارج البيت، وهذه النسبة هي الأقل على مستوى العالم، والأخطر؛ إذ تعني أنَّ 86 في المئة من النساء العراقيات لا يتمتعن بالاستقلالية لأنَّهنَّ لا يملكنَ دخلًا خاصًا بهنَّ.

“الذراع الخيرية لشركة تومسون رويترز للأخبار والمعلومات” أجرت عام 2013 دراسة لوضع المرأة في 22 بلداً عربياً، واعتمدت الدراسة في تقييمها على: العنف والحقوق الإنجابية والمعاملة داخل الأسرة والاندماج في المجتمع والمواقف تجاه دور المرأة في السياسة والاقتصاد، وقد حلَّ العراق ثانياً -بعد مصر- باعتباره ثاني أسوأ بلد عربي يمكن أن تعيش المرأة فيه.

الدراسة ذكرت أيضاً أنَّ قرابة 72.4 في المئة من النساء العراقيات في المناطق الريفية، و64.1 في المئة من النساء في المناطق المدنية يستأذنَّ أزواجهنَّ للذهاب إلى العيادة الصحية.

قليلة هي الدراسات التي تخص ظاهرة العنف ضد المرأة في العراق، وإحدى تلك الدراسات أصدرتها “محاكم العنف الأسري” في العراق، وكشفت أنَّ 90 في المئة من قضايا العنف الأسري تكون الضحية فيها امرأة، وذكر تقرير محاكم العنف الأسري أنْ ليس لديها أيّ خصوصية من ناحية القوانين بسبب عدم وجود قانون خاص للعنف الأسري، لا سيما أنَّ هناك نصوصاً تتعارض مع هذا المفهوم منها أنَّ للزوج حق تأديب زوجته.

التقرير عدد أسباب العنف الأسري وعزا معظمها إلى تدهور الوضع الأمني والاقتصادي الذي ينعكس سلباً على الأسرة؛ لكنَّه أشار إلى أنَّ هذه الجرائم لا يقتصر ارتكابها على محدودي التعليم، بل يشمل طبقة المثقفين وأساتذة الجامعات أيضاً.

كريم شفيق - صحفي مصري | 29.03.2024

محمد جواد ظريف… حبال السلطة الصوتية في إيران بين المنع والتسريب!

ظريف، وبحسب التسريب الأخير، قام بعدّة أدوار وظيفية، ربما جعلته يتفادى هجوم الأصوليين، وجاهزيتهم للعنف والاتهامات سواء كانت بـ"الخيانة" أو "العمالة" أو "الجهل".