fbpx

“كورونا” غزة: معدلات البطالة ترتفع والمساعدات تتوقّف

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

معدلات البطالة في قطاع غزة بلغت في بداية عام 2020 إلى 52 في المئة، ولكنها ارتفعت راهناً لتصل إلى 80 في المئة بعد تعطل كافة القطاعات عن العمل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قبل آذار/ مارس 2020 وعلى مدار سنوات ماضية، كانت السيدة الفلسطينية أم محمد طلبة تجوب محافظات قطاع غزة الأربع، لتجد متسعاً لها في الأسواق الأسبوعية الشعبية، فتفترش الأرض بقطع الملابس، التي تحصل عليها من أصحاب المحلات التجارية، لتحصل في نهاية يوم طويل وشاق على ما يمكنها من الاستقواء على ضنك العيش، وتوفير لقمة العيش لأطفالها، والعلاج لزوجها المريض.

هذه الصورة اليوم توقفت جزئياً، وأصبحت حلماً يراود مخيلة أم محمد، بعد إجراءات مكافحة “كورونا”، لا سيما إغلاق الأسواق الشعبية الأسبوعية، حيث يكتظ عادة الباعة والمواطنون.

تصف المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في قطاع غزة سهير زقوت الوضع الإنساني في قطاع غزة بالخطير والكارثي، بفعل تداعيات الفايروس، التي فاقمت الأزمات القائمة نتيجة الحصار الإسرائيلي.

الحالة البائسة التي تعيشها أم محمد (48 سنة)، نموذج مصغر للمآسي التي يواجهها مليونا فلسطيني يقبعون داخل قطاع غزة المحاصر منذ صيف عام 2007، فتلك البقعة الضيقة على وجه الكرة الأرضية ضربتها أمواج “كورونا” العاتية، الأمر الذي أثر في مناحي الحياة كافة، وأدى إلى ارتفاع معدلات البطالة، المرتفعة أصلاً بفعل تداعيات الحصار.

وبعد تسجيل أول إصابتين في غزة بـ”كورونا”، أعلنت حكومة حماس التي تحكم القطاع حالة الطوارئ كخطوة احترازية ووقائية، لمنع تفشيه بين المواطنين، فأُغلقت المدارس والجامعات وصالات الأفراح والمطاعم والأسواق الشعبية، ومنعت الصلاة داخل المساجد.

وتسبب الفايروس التاجي بزيادة الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة سوءاً، وأدى إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى أعلى مستوياتها منذ سنوات، بعد توقف قطاعات مهمة، أبرزها السياحية والخدماتية والصناعية، إضافة إلى تعطل أعمال أصحاب الدخل اليومي الذين يحصلون على أجرتهم كل يوماً بيومه.

باص نقل عام في غزة

البحث عن فرصة عمل

تقول أم محمد لـ”درج” من داخل منزلها الذي لم تغادره منذ منتصف شهر آذار الماضي، “بعد إصابة زوجي أثناء عمله في البناء لم يعد لدينا مصدر دخل، وأبنائي لا يستطيعون العمل نظراً لصغر سنهم، لذلك بدأت البحث عن فرصة عمل حتى لا نحتاج إلى أحد، فطرقت كافة الأبواب، ولكن من دون جدوى، وبعد ذلك قررت بيع الملابس في الأسواق”.

وتضيف:” المبلغ البسيط الذي كنت أحصل عليه بشكل يومي بعد بيع الملابس، كان يكفي لإطعام أبنائي، وشراء الدواء لزوجي، ولكن في زمن كورونا لا أستطيع توفير ثمن الخبز، والأوضاع زادت سوءاً، ولم أتمكن من بيع الملابس بسبب إغلاق الأسواق”.

بطالة بسبب “كورونا”

محمد أبو دان (28 سنة)، يملك مقصفاً لبيع الطعام في إحدى مدارس غزة، ومع إغلاق المدارس بعد إعلان حالة الطوارئ الشهر الماضي، انضم مع كثيرين إلى صفوف البطالة.

يقول لـ”درج: “هذا المقصف مصدر دخلي الوحيد، إضافة إلى خمسة أشخاص آخرين يعملون معي، ولديهم التزامات، فنحن نعمل لكي نعيش، ونتغلب على صعوبات الحياة، ولكن بسبب الفايروس الذي انتشر في أنحاء العالم، أصبحنا عاطلين من العمل، ولم نستطع توفير الطعام.”

ويتابع:” على رغم تعطل أعمالنا للشهر الثاني على التوالي، إلا أننا لم نتلقَّ مساعدة من أي جهة كانت، سواء من الحكومة أو الأونروا، أو مؤسسات المجتمع المدني، فنحن بحاجة إلى مساندة في ظل الظروف القاسية، إلى حين عودة الحياة إلى طبيعتها”.

ويواجه أبو دان خطر الحبس إلى جانب الفقر والعوز، فهو كان يسدد شهرياً من عائد عمله اليومي أقساط قرض مصرفي حصل عليه من إحدى مؤسسات الإقراض في غزة، لدفع إيجار المقصف، وشراء البضائع والاحتياجات اللازمة للعمل.

أحمد سمارة خريج جامعي أجبرته ظروف غزة القاسية على العمل نادلاً في أحد المطاعم، بدلاً من العمل في مجال دراسته، أي القانون، وذلك لتأمين قوت يومه.

عمل أحمد 7 سنوات في مطعم، واستطاع الشاب الذي يبلغ من العمر 31 سنة أن يتزوج، ولكن الرياح تأتي بعكس ما تشتهيه السفن، فبعد زواجه بأشهرِ قليلة، أغلقت المطاعم والفنادق في القطاع، مع إعلان حالة الطوارئ، وأصبح بلا عمل.

يقول لـ”درج”: “أصبحت بلا عمل، وبالتالي لا أستطيع دفع إيجار منزلي، وفي حال استمرار حالة الطوارئ المعلنة في القطاع، سوف ينتهي بي الحال أنا وزوجتي في الشارع”.

ويضيف: “نحن المياومين نشعر بالقلق على مستقبلنا، ونطالب الحكومة والمؤسسات العاملة في القطاع، بضرورة مساندتنا، وتقديم المساعدات العاجلة لنا، لتعويضنا بعدما تعطلت أعمالنا، وجلسنا في بيوتنا جراء حالة الطوارئ المعلنة نتيجة الوباء العالمي”.

” المبلغ البسيط الذي كنت أحصل عليه بشكل يومي بعد بيع الملابس، كان يكفي لإطعام أبنائي، وشراء الدواء لزوجي، ولكن في زمن كورونا لا أستطيع توفير ثمن الخبز”

حالة الطوارئ التي يعيشها قطاع غزة راهناً، أصابت القطاع السياحي بشلل كامل، فتراكمت الأعباء المالية والديون على أصحاب المشاريع السياحية والفنادق والمطاعم، وذلك بحسب نائب رئيس هيئة المطاعم والفنادق والخدمات السياحية في غزة أمين سكيك.

وبفعل الجائحة العالمية توقفت 200 منشأة سياحية في غزة عن العمل، التزاماً بحالة الطوارئ لمواجهة فايروس “كورونا”، وبذلك فقد حوالى 3000 شخص مصدر دخلهم.

يقول سكيك لـ”درج”: “جائحة كورونا عمقت الأزمات المالية التي يشهدها القطاع السياحي منذ سنوات، بفعل الحصار الإسرائيلي، والخصومات على رواتب الموظفين، فهذا القطاع من أكثر القطاعات الخدماتية التي تأثرت بفعل الأزمة الراهنة، فقد تكبد خسائر مالية تقدر بملايين الدولارات، وإن طال الأمر سوف ينهار بشكل كامل”.

أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزة معين رجب يرى أن “قطاع غزة يعاني من أزمات اقتصادية خانقة منذ سنوات، بفعل الحصار الإسرائيلي، وجاءت جائحة كورونا لتزيد الأمور سوءاً، فقد أثرت في كافة القطاعات في غزة، وانعكست سلباً أكثر على أصحاب الدخل اليومي الذين يعتمدون بشكل أساسي على حركة المواطنين”.

زيادة نسبة الفقر

سجلت غزة أثناء الفترة الأخيرة أعلى نسبة فقر في العالم، لتصل إلى 53 في المئة، ومع استمرار حالة الطوارئ المعلنة لمواجهة الفيروس التاجي، من المتوقع أن يعاني سكان القطاع جميعاً من الفقر، وتصل النسبة إلى أكثر من 90 في المئة، في ظل تعطل القطاعات، وغياب الدعم الدولي وانشغال الدول المانحة بالفايروس الذي أصابها.

ويشير رجب إلى أن معدلات البطالة في قطاع غزة بلغت في بداية عام 2020 إلى 52 في المئة، ولكنها ارتفعت راهناً لتصل إلى 80 في المئة بعد تعطل كافة القطاعات عن العمل.

من جهة أخرى، تصف المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في قطاع غزة سهير زقوت الوضع الإنساني في قطاع غزة بالخطير والكارثي، بفعل تداعيات الفايروس، التي فاقمت الأزمات القائمة نتيجة الحصار الإسرائيلي.

وتحذر زقوت من تقليص المساعدات الدولية المقدمة لأهالي القطاع، خلال الفترة المقبلة، مع استمرار أزمة “كورونا”، مشيرة إلى أن ما يزيد عن 80 في المئة من الغزيين يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الدولية.

وتنوه زقوت إلى أن اقتصاد غزة الذي وصفته بالهش، لن يحتمل المزيد من الأزمات، بخاصة لاعتماد الكثير منهم على العمل وفق نظام” المياومة”، وقد توقفت أعمالهم بسبب الإجراءات الاحترازية، وعدم وجود مخزون كافٍ من السلع الأساسية في القطاع للاعتماد عليها خلال تلك الأزمة.

وتابعت المتحدثة باسم الصليب الأحمر الدولي في غزة، أن القطاع يفتقر إلى نظام صحي متكامل، إذ لا يوجد عدد كافٍ من العاملين في العناية المركزة، وأجهزة التنفس الصناعي، إضافة إلى الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، واعتماد المستشفيات على المولدات الكهربائية، والنقص الحاد بالأدوية، وأجهزة الفحص، الأمر الذي سيجعل النظام الصحي عاجزاً على التعامل مع أكثر من 100 حالة مصابة بالفايروس.

وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة عن تسجيل 13 إصابة بفايروس “كورونا”، لأشخاص عائدين من الخارج ومخالطين لهم، إذ شفي 8 منهم، فيما المصابون الآخرون في مراكز الحجر الصحي.